خلود السوالمة: لم تحظى المرأة الفلسطينية بتغطية إعلامية منصفة وشاملة
يعتبر الإعلام بجميع وسائله من العوامل المؤثرة نحو تغيير المجتمع في كافة نواحي الحياة بصورة إيجابية، وحقق تأثيراً واضحاً وملموساً في صنع وتهيئة الساحة لقضايا المرأة ودعمها والسعي بمطالبها من خلال توضيح صورتها ونشر القصص ومنحها مساحة من الحرية للتعبير عن آرائها وأفكارها
نغم كراجة
غزة ـ .
مديرة المشاريع الإعلامية في المركز الإعلامي المجتمعي في غزة، خلود السوالمة (40) عاماً، تقول وهي تعرف الإعلام "الإعلام بالنسبة لنا هو صورة ومعلومة وثقافة بجميع وسائله المقروءة والمكتوبة والمسموعة، وهي الرسالة التي تحملها أي جهة لتوصليها للمجتمع، فالإعلام يعتبر واجهة لنقل صورة المرأة للمجتمع الفلسطيني، ولكن يجب أن يكون لدى الصحفي الذي سينقل صورة المرأة حساسية للنوع الاجتماعي وقادر على أن ينقل الصورة بشكل إيجابي وأن يصيغ محتوى وخطاب إعلامي نسوي، ويعبر بصور منصفة للمرأة أمام المجتمع الفلسطيني في كل مناحي ومجالات الحياة".
وتوضح خلود السوالمة أنه ليس بالضرورة أن تكون صورة المرأة في الإعلام فقط لمجرد أنها صانعة قرار أو صاحبة مناصب قيادية، بل يكفي أن تُنقل صورة إيجابية للمرأة محافظاً على مشاعرها، "يجب منح صورة حقيقية لواقع المرأة في المجتمع الفلسطيني، وأيضاً مراعي وحساس للنوع الاجتماعي أي عدم انتهاك خصوصية المرأة بأي شكل من الأشكال".
وتؤكد أن الإعلام يعد السلطة الرابعة "يجب أن يلتفت الإعلاميين وأصحاب المؤسسات والوكالات الإعلامية إلى كيفية نقل صورة المرأة وانتقالها عبر المجتمع، حتى لا نخلق جيل يكرر نفسه لا يراعي النوع الاجتماعي ويسعى لتثبيت الهيمنة الذكورية في مجتمعنا الفلسطيني".
وقد برز دور الإعلام بفلسطين في خلق بيئة للسعي بمطالب المرأة الفلسطينية ونهضتها ودعمها وحمايتها من العنف بحسب خلود السوالمة "الإعلام له دور كبير في إبراز قضايا المرأة الفلسطينية ودعمها في كافة الاتجاهات، لا نريد التركيز فقط على موضوع النضال السياسي للمرأة لأن هذا الأمر من المفترض أن يدركه الجميع، حيث لا يعد الواجهة الوحيدة لها، بل المرأة مبدعة في كافة المجالات".
وتتساءل "لماذا الإعلام لا يبرز قضايا وشؤون المرأة وكل ما يتعلق بها ويحصرها في اتجاه واحد ودور معين في المجتمع؟"، وتتابع "المرأة قادرة أن تصنع فارق وتبدع في كافة مجالات الحياة، يجب على الإعلام أن يثبت ذلك ويؤكده من خلال تناوله لقضاياها. يكمن دور الإعلام الأساسي في إيصال فكرة للمجتمع أن المرأة ليس كيان ضعيف بل يجب مساندتها ودعمها ومساعدتها جنباً إلى جنب في كل المسارات، فهي مبدعة في المجال السياسي والتكنولوجي، الطبي، الثقافي، التجاري والنفسي وغيرها".
تمكنت المرأة الفلسطينية من حصد العديد من الإنجازات والنجاحات في مجالات الحياة كما قالت خلود السوالمة، "لقد حققت المرأة العديد من الإنجازات، ولكن من الغريب أن النساء الفلسطينيات يتم تكريمهن خارج البلاد، ويظهر مناحي الإبداع في الدول الأخرى"، وأشارت إلى أنه "من المفترض أن نبحث عن قصص النساء الفلسطينيات وإبداعاتهن ونشجعهن على سرد قصص نجاحهن للإعلام لتعزيز دورهن ووجودهن في المجتمع الفلسطيني للقضاء على الهيمنة الذكورية".
وترى أن المرأة لم تأخذ حقها من التغطية في الإعلام الفلسطيني رغم تطور تقنياته وأساليبه "لا أعتقد أن المرأة الفلسطينية حظيت بتغطية إعلامية منصفة وشاملة، فقد اقتصر على تناول قضايا المرأة في المناسبات كيوم المرأة العالمي وحملة الـ 16 يوم فقط، وركزت تغطية قضايا المرأة في هذه المناسبات على المؤسسات الأهلية بالدرجة الأولى".
واعتبرت أن تغطية قضايا المرأة في الاعلام موسمية ولا يتم تسليط الضوء على حقوق وشؤون المرأة، وأوعزت السبب إلى "قصور الإعلام في الاهتمام بقضايا المرأة وعدم منحها الأولوية، كون القضايا السياسية والتغطية الإخبارية للأحداث التي نشهدها من حصار وعدوان هي التي تحدث الصدى وتسمع".
وعن دور المركز الإعلامي المجتمعي في غزة قالت "لقد قدم المركز الإعلامي المجتمعي عدة حملات إعلامية في إطار حماية المرأة من العنف والسعي بمطالبها، حيث نعمل منذ عام 2007 على قضايا النساء والفتيات وكل ما يصب في صميم احتياجاتهن والمتعلقة بحقوقهن بشكل مكثف".
وأضافت "لقد كثفنا عملنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي أيضاً، فقد نظم المركز حملات إلكترونية خاصة بالمرأة الفلسطينية، دعت إلى ضرورة إقرار قانون حماية الأسرة، وحملة خاصة بالأمان الرقمي للشابات، وقد لاقت صدى كبير، وأيضاً حملة بعنوان الزواج المبكر، كانت هذه الحملة مميزة لاستقطابها العديد من صناع القرار والمعنيين بهذه القضية من خلال استعراض فيديوهات ووسوم قوية عبر الانترنت".
وحول الهدف من الحملات التي يطلقها المركز تقول "كافة حملاتنا تهدف لتوعية المجتمع من أجل نبذ العنف ضد المرأة، وتحمل رسالة بإنصاف المرأة ومنحها حقوقها وصون كرامتها فمن حقها أن تستقر وتتمتع بحياة كريمة عادلة".
وأشارت خلود السوالمة إلى أن المركز الاعلامي المجتمعي قام بإعداد مجموعة من الخدمات الإعلامية لصالح المرأة الفلسطينية سعياً لإنصافها وتعزيز وجودها كما ذكرت "لدينا برنامج أبحاث ودراسات ننتج من خلالها مجموعة من الأفلام الوثائقية والدراسات والحلقات الإذاعية والتلفزيونية، ونقوم بنشرها عبر صفحاتنا الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي وكذلك عبر الفضائيات والإذاعات المحلية".
كل تلك البرامج تنادي بضرورة نبذ العنف ضد النساء في المجتمع الفلسطيني وتوصل رسالة لصناع القرار أن يأخذوا بعين الاعتبار قضايا المرأة على سلم أولوياتهم وأجندتاهم كقضايا أساسية ومجتمعية خلال التخطيط الاستراتيجي في كافة الوزارات والأطر الحكومية، وتضيف "كما نقوم خلال حملاتنا التوعوية بالوصول إلى الناس في كافة مدن قطاع غزة للتأكيد على أهمية وجود وتقدير المرأة ومناصرتها".
واستعرضت خلود السوالمة حالة من الحالات التي قام الإعلام بدعم قضيتها وهي قضية "إسراء غريب"، ضحية العنف الأسري الأكثر شهرة، حيث أثارت القصة صدى كبير عبر مواقع التواصل الاجتماعي مما حول القضية لرأي عام، وتقول "رغم تسليط الضوء على القضية واستنفار المجتمع من هذه الجريمة إلا أن قضية إسراء غريب لم تُنصف نظراً لأن القانون مجحف بحق النساء، نحن بحاجة هامة لتكثيف الجهود لإقرار قانون حماية الأسرة".
وتتابع "نحن لا نستقطب النساء فقط في برامجنا التوعوية بل أيضاً الرجال وبفئات عمرية مختلفة، حيث من الأفضل أن نجمع بين الجنسين، لأن الرجل هو الذي يمارس العنف فيجب توعيته بأن المرأة لها حقها سواءً كانت والدته، أخته، زوجته، ابنته، ومن الضروري أن نتوجه للنساء ونوضح الصورة لهن بأن الواقع عليها من أذى وضرر هو عنف وليس من المفترض التستر عليه تحت أي سبب كان، ومهما كانت مدى صلة القرابة أو العلاقة بينها وبين الذي يقوم بتعنيفها"، مؤكدة على أن "الصمت على العنف سيتوارث من جيل لجيل لآخر، ونحن دائماً نؤكد في الورشات والمؤتمرات التي نقيمها أن لا للعنف ضد النساء ومعاً لتحقيق المساواة والعدالة الجندرية".
وحول الصعوبات والتحديات التي واجهت الإعلام بكافة أصعدته خلال طرح قضايا المرأة ودعمها تقول "لا شيء يأتي على طبق من ذهب، واجهنا مصاعب كثيرة في عملنا أثناء طرح قضايا المرأة، أولاً العادات والتقاليد وهي العامل الأساسي والمسيطر، على سبيل المثال نواجه هجوم صارخ وتعليقات سلبية خلال حملاتنا الإعلامية التي نطلقها دعماً للمرأة وحفاظاً على حقوقها، وذلك يؤكد أكثر على أن المجتمع ذكوري، ويدعون أننا ندعم الفكر الغربي ولسنا بالمجتمع الفلسطيني، ثانياً الفكر الذكوري المتوارث وهذا من أبشع ما نواجهه من مصاعب حيث نحتاج وقت طويل لتغيير الفكر المجتمعي وتوضيح الصورة لهم وتوعيتهم، ثالثاً نحتاج مدة زمنية طويلة للوصول لكافة شرائح المجتمع لنتحدث في قضايا العنف ضد النساء والمطالبة بحقوقهن وتلبية احتياجاتهن".
ولابد للإعلام أن يكون داعماً للمرأة بشكل سلمي دون أن يمسها الأذى والخوف ومراعياً لمعايير المجتمع كما أوضحت "عندما نوثق قصص وقضايا حقيقية للمرأة الفلسطينية وبالتحديد قطاع غزة لا نذكر اسمها ونكتفي بذكر رموز الاسم أو وضع اسم مستعار ونقوم بسرد القصة كاملة، ونؤكد من خلال طرحنا للقصة ضرورة حماية المرأة ومناصرتها، وبذلك نحافظ على خصوصية المرأة وحياتها، وعندما نقوم بنشر فيديوهات وثائقية نقوم بأخذ الموافقة من صاحبة القصة حتى لا يمسها ضرر أو أذى، ومراعاة العادات والتقاليد فالمجتمع الفلسطيني غير سلمي حال استعراض النساء قصصهن".