'هذا الجيل سيستبدل ظلمة الديكتاتور بنور الحرية'
يرافق المعلمين/ات وحتى الإداريين الطلبة المحتجين ليدعموا الجيل الجديد في إيران الذي أثبت للعالم أنه لا يمكن قمعه، وكان من بين هؤلاء الإداريين فهيمة شريفي التي أكدت أن جيل اليوم لديه فهم عميق للأحداث.
لارا جوهري
مهاباد ـ تلعب الطالبات دور بارز جداً في الانتفاضة الأخيرة التي اندلعت في إيران وشرق كردستان وتناضلن من أجل حريتهن وحرية مجتمعهن، ووقف المعلمين/ات والإداريين إلى جانب الطالبات والطلاب لحمايتهم ومساندتهم الأمر الذي تسبب في إيقاف بعضهم عن العمل والبعض الآخر تم اعتقالهم.
أجرت وكالتنا حوار مع فهيمة شريفي (اسم مستعار) لمديرة في إحدى المدارس الثانوية للبنات في العاصمة الإيرانية طهران، لتبين لنا دور الطلاب والطالبات في الانتفاضة الأخيرة.
ما هو تأثير انتفاضة جينا أميني على رغبة الطلبة وخاصة الطالبات في الحرية؟
الجيل الموجود في المدارس والجامعات اليوم هو جيل مختلف تماماً ومستنير يتمتع بفهم عميق جداً للأحداث. قبل انتفاضة جينا أميني، أظهر الطلاب وخاصة الطالبات حريتهم/ن من خلال المواجهة، ولم تكن فقط مواجهة القواعد التي تحكم المدرسة فقط، بل كافة القواعد والقيود التي تمارسها الجمهورية الإسلامية ضد الشعب، وحاولوا تغييرها من أجل مجتمع أكثر ازدهاراً. انتفاضة جينا أميني أشبه بالزيت الذي يسكب على نار متوهجة فيجعل ألسنتها تشتعل أكثر.
هؤلاء الطلبة هم الشباب الذين يربون الجيل القادم ليكونوا أكثر شجاعة وأكثر مقاومة من أنفسهم، ولا يمكن لأي حكومة قمعهم بعد الآن. رغم كل التعذيب والاعتقالات والضغوط، تستمر الاحتجاجات، ولا أرى أي فتاة في المدرسة ترتدي الحجاب، وهذا أكبر تحدي لحكم الديكتاتور، والتي ربما لم تجرؤ الأجيال السابقة على ذكرها. هذا الجيل لا يستهدف الحكومة فقط بالشعارات، بل يقولون لها علانية أنهم غير راغبين بها، كما أنهم يعصون قواعد الديكتاتور. لا شك أن هذا الجيل سيبدل ظلمة الديكتاتور بنور الحرية، وفي يوم من الأيام سيكون لحركة تحرير المرأة تأثير.
ما هي الأنشطة التي يقوم بها الطلاب والطالبات داخل المدارس وخارجها خلال انتفاضة جينا أميني؟، وكيف يدعمهم المعلمون/ات؟
كانت أولى أنشطة الطالبات هي نزع الحجاب وتضامنا معهن من خلال السيطرة على خدمات النقل بالكامل بحيث لا تقعن في مأزق لعدم ارتداءهن الحجاب، وكان أجمل مشهد رؤية الشعر الجميل للفتيات في المدرسة بدون الحجاب الإلزامي.
ومزقت الطالبات صور الخميني وخامنئي التي كانت معلقة على جدران المدرسة وتلقينا بها على الأرض، ولم نعد نرى تلك الصور بعد الآن، كما أنني أزلت تلك الصور من مكتبي أيضاً.
وكتبن الشعارات على الجدران داخل المدرسة وخارجها دون أن نمنعهن من فعل ذلك، وقمت بكتابة الشعارات تضامناً معهن كغيري من المعلمين والمعلمات اللواتي أصبحن تذهبن إلى المدرسة بدون الحجاب.
وخلال الاجتماع الذي عقدناه مع إدارة التعليم، أعلنا أنه لا ينبغي السماح لقوات الأمن بدخول المدرسة تحت أي ظرف من الظروف، وكانت جميع الحلول التي قدمها المعلمون والإداريون تقريباً ضد الحكومة، ما عدا اثنان من الإداريين اللذان قالا إنه من الضروري قمع الطالبات اللواتي مزقن الصور وهو الأمر الذي قوبل باحتجاج أغلبيتنا.
هل اعتقل طلابكِ الذين شاركوا في الاحتجاجات؟ وكيف كان تأثير الاعتقال عليهم بعد خروجهم من السجن؟
شارك العديد من طلابي في الاحتجاجات وأخبرتهم بأن يغطون وجوههم ولا يذهبون بمفردهم بل بشكل مجموعات كبيرة. بعد إغلاق المدرسة واجهنا الكثير من المخاطر وكان علينا أحياناً أن نكون دروع بشرية للطلاب مع زملائي وزميلاتي ليتمكن الطلاب من الاحتجاج وترديد شعاراتهم دون تدخل قوات الأمن ودون إلحاق الضرر بهم. كما تلقيت حالتين لطلاب اختطفتهم قوات الأمن عندما كانوا يرددون شعارات وهم في طريقهم إلى المنزل. تم اعتقال العديد من الطلاب خلال الاحتجاجات وما زلنا لا نعرف عددهم.
الحالة العقلية للطالبات اللواتي تم إطلاق سراحهن من السجن ليست جيدة على الإطلاق. إحدى الفتيات أصبحت في حالة نفسية سيئة جداً، ومنهن من حاولن الانتحار، فقمنا بإحالة هؤلاء الطالبات إلى طبيب نفسي.
وقالت لي إحدى الطالبات إنه خلال فترة اعتقالها كانت تجلس وهي تحتضن ركبتيها ويديها مقيدتين معاً لمدة 24 ساعة في غرفة مظلمة وطوال هذا الوقت تسقط قطرات المياه على رأسها وأنها حاولت أن تصمد إلا أنها لم تعد تسيطر على نفسها، وفي اليوم الثالث أجبرت على توقيع تعهد وأطلق سراحها. قد يبدو هذا التعذيب بسيطاً لكن له تأثير كبير على الحالة النفسية.
ألم تواجهكِ أي مشاكل خلال الانتفاضة التي لا تزال مستمرة؟
تلقيت مكالمتين من المخابرات وتعرضت لضغوط من أجل تسليم الطلاب المتظاهرين، لكن إذا مارسوا هذا الضغط عدة مرات، فلن أسمح لهم بإيذاء الطلاب.
لدينا زملاء معتقلون الآن أو موقوفين عن العمل ولا يتقاضون رواتب. نحن مجموعة من المعلمين نخصص مبلغ من المال للمعلمين الموقوفين ونرسله إلى عائلاتهم لمساندتهم.
وفي الآونة الأخيرة، هاجمت الحكومة الطالبات بالغاز السام في محاولة منهم لقمع الاحتجاجات، ومع اشتداد الهجمات، أضرب الطلاب والطالبات والمعلمون/ات عن الدراسة وكانت الفصول خالية.