غزنة... أرض الحضارة في أفغانستان

على الرغم من كافة الصعوبات والتحديات التي تواجهها ولاية غزنة بأفغانستان، شهدت الولاية العديد من المسيرات النسوية المناهضة لقوانين طالبان المعادية للمرأة.

بهاران لهيب

غزنة ـ تقع ولاية غزنة في جنوب شرق أفغانستان وهي إحدى الولايات التي تحتوي على أكثر من 300 معلم ومقابر تاريخية لكن دُمر معظمها بسبب الحروب وإهمال الحكومات لها، وبالرغم من أنها تُعتبر من أغنى الولايات بمناجم الليثيوم والذهب والنحاس والفضة والرصاص والأحجار الكريمة الأخرى، إلا أن سكانها لا يزالوا يعيشون في فقر وبطالة، كما هو الحال في أجزاء كثيرة من البلاد.

قبل سيطرة طالبان على أفغانستان بأكملها، كانت غزنة تُعتبر من أكثر الولايات انعداماً للأمن بسبب الحرب بين قوات الحكومة السابقة وطالبان في مناطقها وقراها طمعاً بثرواتها والمعادن الثمينة، كما دُمرت كل الجسور والقناطر المؤدية إليها إبان الحرب التي كانت دائرة بين حكومة أشرف غني وطالبان، وكذلك بسبب تسليم السلطة لطالبان.

ويعمل سكان هذه الولاية في الغالب بالزراعة لخصوبة تربتها ووفرة الأمطار والثلوج فيها، وفي الوقت نفسه، لديهم أيضاً الماشية للنهوض بحياتهم. قبل حكم طالبان، كما هو الحال في الولايات الأخرى، كان معظم شبابهم قد انضموا إلى صفوف الجيش والشرطة والأمن القومي، والآن بسبب المشاكل الأمنية التي خلقتها حركة طالبان، لجأوا إلى ولايات أخرى أو إحدى الدول المجاورة، وشهد أهالي هذه الولاية مجزرة حيث تم إطلاق النار على نسائهم وأطفالهم وكبار السن والشباب من قبل طالبان.

وبحسب الإحصائيات التي قدمتها وزارة التربية والتعليم في الحكومة السابقة، هناك 635 مدرسة للبنين والبنات في ولاية غزنة، إلى جانب ذلك، كان هناك العديد من المعاهد والجامعات حيث تدرس 200 فتاة في مختلف المجالات. مع حكم طالبان الذي سيطر على البلاد منتصف آب/أغسطس 2021، لم يعد يحق للفتيات فوق الصف السادس مواصلة تعليمهن كما لا يحق للطالبات الالتحاق بالجامعة.

وتجمع وزارة "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" ملالي المساجد مرة في الشهر ويطلبون منهم عدم السماح للنساء في منطقتهم بالخروج من المنزل وإذا خرجن فيجب عليهن الالتزام بالحجاب، فإذا رأوا امرأة في السوق بلا حجاب، فسوف يضربونها ويعتدون عليها، وفي بعض الأحيان، يذهبون إلى رجال الأسرة بعد أن يضربوا النساء، ويحذرونهم من خروج إحدى نساء العائلة بدون حجاب.

وكان أهالي هذه المحافظة يواجهون مرافق صحية هزيلة خلال العشرين سنة الماضية، لكن الوضع الآن أسوأ من ذي قبل، لأن بعض الأطباء أجبروا على مغادرة البلاد.

وفي السابق، كانت هناك عدة شركات تنتج المياه المعدنية وغيرها من المشروبات الغازية وتنتج جميع أنواع الحلويات في ولاية غزنة، التي انخرط فيها الكثير من الناس، ولكن مع حكم طالبان انهارت كل شركات الإنتاج هذه وأصبح الكثير من الأهالي عاطلين عن العمل.

ويعيش في الولاية أعراق دينية وقومية مختلفة، مثل الهزارة والبشتون والطاجيك والهندوس، ولا توجد مشكلة بينهم. خلال أكثر من أربعين عاماً، حاول الحكام في أفغانستان خلق الانقسام بين هذه المجموعات العرقية، والآن تستخدم طالبان نفس الأساليب لخلق الانقسام بين هذه المجموعات.  

وعلى الرغم من كل الصعوبات، فقد شهدت الولاية العديد من المسيرات النسائية التي عارضت قوانين طالبان المناهضة للنسوية ولم تستسلم النساء لأفكار طالبان، وواصلن نضالهن بثبات.