فجعتها الحرب بأبنائها الأربعة... وتكفلت بتربية حفيدتها اليتيمة
فُجعت جميلة علي عبروش بأبنائها الأربعة في يوم واحد، وتحملت مسؤولية تربية حفيدتها التي لم تبلغ من العمر سوى أيام، وبالرغم من هذه المعاناة تواصل العيش في دكان صغير، محرومة من كافة مقومات الحياة
سيبيلييا الإبراهيم
منبج ـ .
قصصُ ومآسي عديدة خلفتها الأزمة السوريَّة منذ بدايتها في عام 2011 وحتى اليوم، فكان الأهالي والمدنيين هم الوقود لنار الحرب الدّائرة في المنطقة، وللمرأة النّصيب الأكبر من تبعات هذا الصّراع، فهي الأرملة والأم الثُّكلى والمهاجرة من بلدها والضّحية الأولى لعمليات الاختطاف والاغتصاب والقتل.
جميلة علي عبروش (80) عاماً، من أهالي قرية مزرت العامودا في مقاطعة كوباني، توجهت نحو مدينة دمشق منذ أكثر من عشرين عاماً، وتقطن في منبج منذ ما يقارب التسع سنوات، ولديها إحدى عشر أبن وابنة، ولقي أربعة من أبنائها حتفهم في قصف للطيران.
تقول "قبل اندلاع الأزمة السّورية كانت الأمور جيدة، وتزوج أبنائي في دمشق، ولكن مع اشتداد الصَّراع ذاقوا الأمرين، وكنت أريد الخُروج من هذه البلاد إلا أن ابني البكر أحمد رفض ذلك، متعللاً بأن الموت لا يأخذ الإنسان قبل موعده".
وعن وفاة أبنائها الأربعة منذ تسعة أعوام، تصف الحادثة "في ذلك اليوم ذهبت إلى المُستشفى من أجل ولادة زوجة ابني، وأخذت الطَّفلة لثقب أذنيها، ولكن عندما عُدت وجدتُ أن المنزل ومعمل البلوك الذي كانوا يعملون فيه تعرضا للقصف".
وتشير إلى أن هذه الواقعة حدثت في ذات اليوم الذي قُصفت فيه (قبة السَّيدة زينب) "لم أنسى ذلك المشهد فالدمار في كل مكان، ولم أصدق ما تراه عيناي، وبعد عامين من الحادثة عرفت أن الجيران جمعوا أشلاء أبنائي ودفنوهم في مقبرة جماعية بدمشق".
وتقول جميلة علي عبروش أنها بعد أن فُجعت بأبنها لم تكن في وعيها من الصّدمة، وبدأت بنبش الرّكام بحثاً عنهم، ومن هول ما حدث أصيبت بالعديد من الأمراض كالضّغط، والسّكري، واليوم تعيش على الأدوية.
وجميع أبناء جميلة علي عبروش الذين فقدتهم كانوا متزوجين باستثناء واحد، فأحمد هو أب لطفلين، وعلي لديه ابنة واحدة تقطن معها بعد إجبار عائلة والدتها على التخلي عنها، وفاروق أب لثلاث أبناء وبنت واحدة "بدأت زوجات أبنائي بالعمل في المعامل لإعالة أطفالهنَّ، وبقيت عليا لدي فقمت بإعطائها البابونج لأن عمرها أيام معدودة، وكان من الصّعب تربيتها وأنا في هذا السن".
وتضيف "يقدم النّاس لنا يد المُساعدة من طعام وملابس، واليوم تبلغ عليا من العمر تسع سنوات، وأرسلتها إلى المدرسة للتعلم".
ويعاني ابنها الذي بقي حياً من مشاقٍ عدة، إذ قام مرتزقة داعش باعتقاله وزجه في السّجن لمدة عام، مارسوا خلالها شتى أنواع التَّعنيف والتَّعذيب، وأصيبت يده وقدمه، وبعد خروجه كان عليه العمل لإعالة أسرته، في ظل صعوبة تأمين القوت اليومي، وبناتها تزوجنَّ وهاجرت كل منهنَّ إلى بلد مختلف، كما تبين.
وتعيش في مدينة منبج منذ تسعة أعوام تقريباً "مكثنا في الشّوارع لأيام، وتمكنا بعدها من استئجار منزل، وحرمنا أنفسنا من الطّعام والشّراب وجمعنا المساعدات المالية التي نحصل عليها لتأمين أجرته، فأنا غير قادرة على العمل في هذا العمر، ولا سيما أنني أجريت عملية استئصال رحم قبل عشرة أعوام أثرت على جسدي".
وتقطن جميلة عبروش في دكان صغير فيه غرف غير مؤهلة للعيش "كمساعدة مجانية أعطانا أحد الأهالي دكانه لنقطن فيه، ولم تساعدنا المنظمات الإنسانية".
وتتساءل جميلة علي عبروش عن المكان الذي ستذهب إليه في حال طردت من مكان سكنها، ولا سيما أنها لا تملك معيلاً "زوجي يُعاني من الشَّلل، فلا يستطيع السّير، على الرّغم من إجراء العديد من العمليات في رأسه نتيجة تجمع الدماء فوق المُخ، وهو بحاجة لإجراء عملية لاستئصال كتلة في قدمه".
وتناشد جميلة علي عبروش المُنظمات الإنسانية بمد يد العون، ومساعدتها لإجراء عملية استئصال اللوز لحفيدتها (عليا عبدو) وعملية أخرى لزوجها (إبراهيم عبدو الصَّحي).