العنف ضد المرأة يحظى بمباركة عرفية عشائرية في العراق
ظاهرة العنف ضد المرأة من القضايا التي ما تزال مثار جدل بين شرائح المجتمع العراقي، فما بين مستنكر يطالب بوضع حد له ومتقبل يجده حقاً من حقوق الرجل تحول العنف إلى تهديد خطر على حياة النساء
غفرا ن الراضي
بغداد - ، فيما تدعو الناشطات النسويات للتعامل بجدية مع قانون العنف ومحاربة أسبابه ودوافعه.
تقول (أ. س) ٢٢عاماً "في كل مرة كنت أهرب فيها من طليقي، وألجأ إلى عائلتي بسبب اعتداءه عليَ بالضرب المبرح، كان والدي يرغمني للعودة الى بيت الزوجية؛ بحجة المحافظة على عائلتي ومكانتي الاجتماعية، رافضاً أن أحظى بلقب مطلقة".
وتضيف عن الطريقة التي تخلصت بها من كابوس الاعتداء الجسدي المستمر، والذي سبب لها كدمات جسدية بالغة "لم اتخلص من ذلك الكابوس إلا بعد أن طردني وطلقني، وعلى الرغم من أن طلاقي يعتبر تعسفياً إلا أنني كنت مضطرة للتنازل عن حقوقي كاملة؛ من أجل الاحتفاظ بابني بعيداً عن المحاكم والخلافات العشائرية التي تعطي للأب حضانة الطفل".
وتقول عن فترة زواجها "كانت أصعب ما مررت به في حياتي وأقسى ما عشته، فعلى مدى خمس سنوات كنت أشعر بأنني سأموت في كل مرة ينهال فيها عليَ بالضرب، مر على طلاقي ثلاثة أشهر ولا زلت أعالج الجروح التي تركها على جسدي".
لكن الحال مختلف لدى (ب. ح) ٤٥ عاماً، وهي ربة منزل، فما تزال تعيش مع رجل يعنفها باستمرار، تقول عن زواجها "تزوجت قبل ١٥ عاماً ولم أكن أعرف معنى أن أكون مسؤولة عن تفاصيل كثيرة إلا بعد أن كسرت كأساً، بعد زواجي بشهرين فغضب زوجي لذلك وصفعني فأنهرت بالبكاء هنا شعرت بمدى قسوة الحياة لا قسوته فقط".
وتضيف عن صعوبة الحياة مع رجل يتعامل بعنف مع زوجته وأمام أطفاله "أخاف على أطفالي مما يشاهدونه من قسوة والدهم معي، حتى أنني أحاول أن أفعل المستحيل حتى لا يغضب، ومع ذلك يصب غضبه علي حتى وإن لم أكن أنا السبب".
أما عن سبب استمرارها بهذا الزواج فتوضح "لا توجد خيارات لدي ففي مجتمعنا يبدو ذلك طبيعياً، إلا أنني أفهم أن ذلك خطأ وخلل كبير في شخصية الرجل الذي يتعامل بعنف. لكن لدي خمسة أطفال ليس بإمكاني التخلي عنهم، وحتى أن انفصلت وتزوجت من رجل آخر هناك نسبة كبيرة من الرجال الذي يعنفون زوجاتهم، لا أقول إنني استسلمت لكن هي نظرتي الواقعية لما يحصل".
تقول الناشطة في الدفاع عن حقوق المرأة مها عامر (٤١) عاماً حول تعامل القوانين مع العنف الممارس ضد المرأة "حكم العشيرة أقوى وأسرع من حكم القانون. للعشيرة الكلمة الأولى والأخيرة في النزاعات العائلية، والاعتداء على المرأة غالباً ما ينتهي بالصلح بين الرجال بدون أي اعتبار لكرامة المرأة".
وأكدت مها عامر أن سبب سطوة الرجل في المجتمع تعود إلى أسس التربية "تمييز الأهل بين البنت والولد وتربيته على أنه الرجل وصاحب القرار بما يراه مناسب. والتمييز حتى في المسؤوليات المنزلية البسيطة بجعل الفتاة هي من توفر لأخيها كل ما يحتاجه في حين بإمكانه خدمة نفسه بنفسه، كل ذلك يؤسس لظاهرة التعنيف ضد المرأة".
وتضيف "على الرغم من خطورة العنف الجسدي على المرأة ومسار حياتها وحالتها النفسية والصحية، وتأثير ذلك أيضاً على الأطفال إلا أن بعض الأهالي يرفضون رغبة بناتهم بالطلاق، ويعتبرونه سبباً غير كافٍ للانفصال".
بينما تجد الناشطة والباحثة في مجال حقوق المرأة ابراج هاشم (٣٢) عاماً أن مجلس النواب بأغلبيته الذكورية نفسه يحمل أفكاراً خاطئة تسيطر على تشريع القوانين الخاصة بالعنف الأسري لحماية المرأة والطفل.
وأضافت "للأسف وجدنا أعضاء مجلس النواب العراقي يقفون عثرة في تشريع القوانين الخاصة بالمرأة وحقوقها، وتثبيت قانون العنف الأسري، الذي يمثل ورقة التصحيح البيضاء لواقع العنف ضد المرأة".
بينما عبرت الإعلامية والناشطة في مجال حقوق المرأة منى سامي عن أسفها لما وصل إليه حال المرأة العراقية من اضطهاد، "نتابع ما تعيشه النساء من عنف واضطهاد وإيذاء نفسي ولفظي لا يحاسب عليه القانون، ولا يعتبره المجتمع جريمة حتى وصل الحال لتداول مقاطع فيديو لمشاهد مخيفة لقتل وترويع نساء من قبل ازواجهنَّ أو اخوتهنَّ، لأسباب أقل ما يقال عنها أنها تتعلق بمرض نفسي لرجل يصب جام غضبه على امرأة لا حول لها ولا قوة".
وأضافت "ستكون لنا وقفة نسوية لتعديل وتشريع القوانين التي من شأنها تصحيح وضع المرأة الاجتماعي؛ لتنال حقوقها الإنسانية من خلال الضغط على مجلس النواب بدورته القادمة".