الخطف والاختفاء القسري يطال نساء في إدلب دون حسيب أو رقيب

بات تعدد حالات الخطف والاختفاء التي طالت فتيات وبأعمار متنوعة في مناطق متعددة من إدلب، وسط تعتيم إعلامي ومجتمعي، يؤرق السوريين ويجعلهم يعيشون وسط خوف وانعدام أمن مستمرين.

هديل العمر

إدلب ـ تشهد إدلب يومياً عدة حالات اختفاء لمقيمين ونازحين بينهم نساء بشكل كبير، وإن كانت بعض الحالات المختفية تعود إلى منزلها بعد ساعات أو أيام، إلا أن حالات الاختفاء غير المعلومة باتت أكثر بكثير عمّا كانت عليه سابقاً.

قلما يتم الإعلان عن حالات اختفاء لنساء وفتيات نتيجة وصمة العار والعادات والتقاليد الاجتماعية التي سرعان ما تنسج روايات تمس سمعة المختفية بشكل أو بآخر.

ففي 14 تموز/يوليو الجاري خرجت سمر محمود الخطيب (16) عاماً المقيمة في مدينة الدانا باتجاه ملاهي المدينة بصحبة ابنها جود البالغ من العمر تسعة أشهر واختفت دون ورود أنباء عن مكانها أو ما حدث معها حتى الآن.

وفي الخامس والعشرين من نيسان/أبريل الماضي، اختفت الطالبة الجامعية رنا البرو (23) عاماً في ظروف غامضة، أثناء عودتها من جامعة إدلب، دون أن يعرف مصيرها حتى اللحظة.

تقول والدتها وتدعى لمياء العلي (40) عاماً وقد بدا التأثر لحال ابنتها واضحاً على ملامحها الحزينة والقلقة، أن ابنتها تدرس في جامعة إدلب فرع الأدب العربي في السنة الثالثة، وليس لها أي علاقات أو صداقات تتردد عليهم بعد دوامها اليومي، إنما تنطلق من منزلهم الواقع في مدينة إدلب باتجاه الجامعة ذهاباً وإياباً كل يوم.

غير أن ما حدث معها في ذلك اليوم كان غامضاً، حيث انقطع الاتصال بها في طريق عودتها من الجامعة إلى المنزل ولا أخبار عنها حتى الآن، فيما لا تخفي الأم خوفها واضطرابها مما يمكن أن تكون قد تعرضت له ابنتها وفلذة كبدها.

حاولت الأسرة تقديم بلاغ باختفاء ابنتهم لمركز الأمن غير أن تلك الدعوة لم تسفر عن نتائج إيجابية حتى اليوم بحسب والدة الشابة المختفية.

وتعددت حالات الخطف والاختفاء التي طالت فتيات وبأعمار متنوعة في مناطق متعددة من إدلب، وسط تعتيم إعلامي ومجتمعي، إذ تنقطع أخبار الكثير من النساء فجأة أثناء انتقالهن من مكان لآخر ليُكتشف في وقت لاحق أنهن إما خطفوا من أجل فدية أو قتلن، في حين يبقى مصير عدد كبير منهن مجهولاً، الأمر الذي بات يؤرق السوريين ويجعلهم يعيشون وسط خوف وانعدام أمن مستمرين.

ففي الخامس من آذار/مارس 2022 اختفت الفتاتين القاصرتين ريمة وصبا أثناء توجههما لمركز الدورات التعليمية في مدينة الدانا شمال إدلب، واستمر اختفاء الفتاتين لأكثر من شهرين لتتمكن فيما بعد الشرطة العسكرية في مدينة الباب من إلقاء القبض على الفاعلين الذين تبين أنهم فعلوا ذلك بغية الانتقام وطلب فدية مالية من ذويهم.

تقول والدة صبا وتدعى مروى الحسين (42) عاماً، أن الجناة كانوا على خلاف شخصي مع زوجها وفعلوا ما فعلوه ليطلبوا المال ويرضخوا العائلة لطلباتهم.

لم تشأ العائلة إعلان اختفاء الفتاتين تحت وطأة الوصمة والعار الذي يمكن أن يلحق بالعائلة، واستمروا بإخفاء خبر اختفائهما عن الجميع ريثما تم العثور عليهما بتنسيق بينهم وبين الجهات الأمنية التي استطاعت إنقاذ الفتاتين.

ووفق مكتب شؤون الجرحى والمفقودين فإن حالات الاختفاء المسجلة لديهم تزداد بشكل ملحوظ مع تقدم الوقت، كما تنوعت أسباب الاختفاء ونوعه، والملفت للنظر كثرة حالات اختفاء النساء وهي من أكثر الحالات التي قلما تعود لمنزلها خلال ساعات قليلة أو يعرف مكان تواجدها لاحقاً.

وتلعب ظروف الحرب وارتداداتها الاجتماعية والاقتصادية على الأُسر السورية، دوراً كبيراً بتزايد حالات الاختفاء والفقدان اليومية، فهناك العديد من حالات الاختفاء التي سببها خلافات عائلية ومجتمعية، إضافة لظروف الحياة الصعبة التي زادت من حالات الاختفاء والفقدان الأخيرة، وفق ما قالته المرشدة الحقوقية مرام القاضي (39) عاماً.

وأشارت إلى أن الوضع الأمني يعد من أخطر أسباب الاختفاء والفقدان بإدلب إذ أن "حالات الاختفاء وطلب الفدية تغيب لفترات في إدلب ثم تعود بشكل ملحوظ، وللأسف هذا ما حصل في الآونة الأخيرة، حيث إن هناك عدة حالات اختفاء وخطف لنساء لابتزاز أهاليهن أو أزواج تلك النساء".

وأكدت على أن شبكات الخطف والإخفاء تعمل متنقلةً بين إدلب ومناطق عفرين، وتعمل على خطف وإخفاء النساء ونقلهن من إدلب إلى عفرين لأسباب كثيرة كطلب الفدية أو الانتقام، وهنالك معلومات عن شبكات تجارة أعضاء بشرية لم يتم التأكد منها بشكل موثق بعد.