إبقاء الحقيقة في ظلام... مساعي السلطات المستهدفة للصحافة الحرة

استهداف الصحفيات وإغلاق شركة الإنتاج الإعلامي في إقليم كردستان في وقت تتعرض فيها شعوب المنطقة لحرب خاصة وتضليل إعلامي، يؤكد عدم التزام المجتمع الدولي بالمواثيق التي تحفظ حقوق الصحفيين.

سيبيلييا الإبراهيم

الرقة - تشهد العديد من دول الشرق الأوسط خاصة تلك التي تدور فيها نزاعات وحروب، تضليلاً إعلامياً بهدف إيقاع مجتمعاتها ونسائها في دائرة الحرب الخاصة.

تتبع السلطات الاستبدادية سياسات ممنهجة لتحقيق أجنداتها وتمهيد الأرضية لتحقيق أهدافها وذلك من خلال الحرب الخاصة وتحريف الحقائق، وإثارة القلق والخوف في تلك المجتمعات المستهدفة، فحتى المؤسسات الإعلامية التي تكشف هذه الحقائق للمجتمع والتي تتبع نهج الصحافة الحرة، تتعرض للانتهاكات والإغلاق دون إشعار مسبق أو في إطار قانوني.

وما تشهده مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، مثال على ذلك، فقد شهدت مقاطعة الرقة كغيرها من مقاطعات إقليم شمال وشرق سوريا في الآونة الأخيرة تضليلاً إعلامياً، والتي سعت لإثارة الفتنة بين مكونات المنطقة وخلق نعرات طائفية مستغلين مواقع التواصل الرقمي، وهو ما لم يتحقق، فأهالي المنطقة كانوا واعين لما يحصل من حولهم، خاصة مع بدء سيطرة الجهاديين على السلطة وسقوط النظام السوري السابق وشن هجمات من قبل تركيا ومرتزقتها على غيرها من المناطق.

وحول ذلك تقول عضوة مجلس تجمع نساء زنوبيا في المقاطعة كرم الحمد "تسعى تلك الفتن إلى ضرب مكتسبات ثورة روج آفا والنيل من إرادة المرأة الحرة، وعرقلة مسيرة الثورة"، لافتةً إلى أن الشعب يقظ لما يدور من حولهن والحرب الخاصة التي تمارس ضدهم "نحن مدركين للافتراءات والأكاذيب التي يتم تداولها، ولن ننجر ورائها، ونسعى لكشف حقيقة الأخبار المضللة، لن يستطيعوا بهذه الأساليب نئينا عن إكمال مسيرتنا نحو الحرية".

 

 

وفي سياق تسارع الأحداث في الشرق الأوسط أقدمت السلطات في مدينة السليمانية بإقليم كردستان دون إشعار رسمي، على إغلاق عدد من المؤسسات من بينها شركة "كازنغى باربيانى" التي تعمل منذ 7 سنوات هناك، وأصبحت صوت المرأة في المنطقة، وتقوم بإعداد البرامج لقناة JIN TV وهي أول قناة نسائية في المنطقة، ويأتي ذلك في ظل ازدياد الهجمات على الصحافة الحرة والنسوية بشكلٍ خاص، حيث تعرضت مؤخراً الصحفية جيهان بلكين والصحفي ناظم دشتان اللذان كانا يعملان على كشف الاحتلال التركي ودعمها للمرتزقة، في هجومها على سد تشرين وجسر قرقوزاق ومنبج، وهو ما اعتبرته الصحفية في تلفزيون المرأة سعاد محمد دليل على خشية السلطات التركية من قوة وقدرة الصحافة الحرة على كشف حقيقتها وأجنداتها في المنطقة.

واستنكرت إغلاق شركة الإنتاج التي تعد برامج خاصة لتلفزيون المرأة الذي يمثل صوت الحق ويعمل على إظهار حقيقة الذهنية الذكورية السلطوية المتجذرة في مجتمعات الشرق الأوسط، لافتةً إلى أن الاستهداف الممنهج الذي طال الصحفيتين كلستان تارا وهيرو بهاء الدين في مدينة السليمانية بإقليم كردستان، ومؤخراً استهداف الصحفيين جيهان بلكين وناظم داشتان في جنوب كوباني بإقليم شمال وشرق سوريا، أثناء تغطيتهم لانتهاكات الاحتلال التركي ومقاومة قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية المرأة ومجلس منبج العسكري".

وحول الدور الذي لعبته شركة الإنتاج ليكون صوت الحقيقة في ظل التغيرات التي تشهدها المنطقة تقول "شركة كازنغى باربيانى عملت بجهد كبير في سبيل إظهار حقيقة السياسات التي تمارس بحق الشعوب والمرأة تحديداً"، مشيرةً إلى أن إغلاق شركة الإنتاج يأتي في إطار اسكات صوت الحقيقة ومنع كشفه للراي العام العالمي.

وعن الأسباب الكامنة وراء استهداف الصحفيات في إقليم كردستان وإقليم شمال وشرق سوريا توضح "الأنظمة الاستبدادية تخشى من النساء المناضلات وخاصة الصحفيات اللواتي تكشفن الحقائق بأقلامهن وكاميراتهن، فتلفزيون المرأة يعتبر الأول من نوعه من حيث المحتوى الذي يتم بثه من خلال البرامج والتقارير والحوارات التي يقدمها بفكر وإرادة المرأة الحرة، ويكشف العنف الذي تعاني منه النساء ويسعى لتوعيتهن"، ولفتت إلى أن تلفزيون المرأة لعب دوراً بارزاً في ثورة الـ 19 من تموز التي عرفت بثور المرأة في روج آفا، كما كان له دور كبير في نشر فلسفة Jin Jiyan Azadî وهو الشعار الذي تم ترديده في انتفاضة نساء إيران وشرق كردستان.

ونوهت إلى أنه هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيه استهداف الصحفيات العاملات في تلفزيون المرأة أو وسائل الإعلام النسوي اللواتي ينتهجن خط الصحافة الحرة، أي أن الهجمات تتم بشكل مباشر وممنهج على الرغم من وجود قوانين ومواثيق دولية تنص على حماية الصحفيين أثناء النزعات والحروب.

ومن جانب آخر تطرقت إلى الاعتقالات التي تتعرض لها الصحفيات "كافة الأنظمة الاستبدادية تحارب الناشطات والحقوقيات والصحفيات اللواتي يظهرن الحقيقة، فشهدنا على اعتقال العديد منهن في إيران وكذلك تركيا والعراق وجميعهم مشتركين في تلك الانتهاكات ولكن كلاً بأسلوب مختلف"، مشددة على ضرورة التقيد بالمواثيق الدولية التي تحفظ حق الصحفيين.

وفي ختام حديثها طالبت بالتراجع عن إغلاق شركة كازنغى باربيانى، وناشدت الجهات المعنية بمحاسبة الدول التي تنتهك حقوق الصحافة وعلى رأسهم الاحتلال التركي وفتح تحقيقات بشأن الجرائم التي تستهدف الصحفيين، مؤكدةً على أن هذه الجرائم لن تخيفهم ولن يتوانوا عن السير على نهج الصحافة الحرة.