استمرار مشكلة الجندب الباذنجاني بهورامان؛ آفة أم ظاهرة؟

وسط تقاعس المؤسسات الحكومية لإيران لعدة سنوات متتالية، يواجه أهالي قرى هورامان مشكلة غزو الجندب الباذنجاني، وبعد فقدان الأمل من الجهات المعنية لجأوا إلى الطرق الحيوية للحفاظ على التوازن البيئي والاستغناء عن المبيدات الحشرية الضارة.

واران هورامي

باوه ـ تحل آفة "الجندب ذو البطون الباذنجانية" ضيفة غير مدعوة على قرى هورامان منذ عدة سنوات، وتتزايد أعداد الإصابة بهذه الآفة كل عام، وعلى الرغم من تفاقم الوضع خلال السنوات القليلة، إلا أنه لم يلاحظ أي تحرك فعال من قبل المؤسسات الحكومية ذات الصلة.

تشكل آفة "الجندب ذو البطون الباذنجانية" خطراً على حياة سكان قرى هورامان سواء من الناحية الصحية أو من خلال تغذيها على المنتجات الزراعية، حيث تضيع ثمرة جهد عام كامل من الأهالي، ولهذه الآفة تأثير سلبي على حياة سكان المنطقة في ثلاث مجالات الصحة والزراعة والسياحة.

 

جندب ذو بطن باذنجاني أم جندب زومبي؟

تُعرف هذه الجنادب باسم الجنادب ذات البطون الباذنجانية نظراً لبطونها المنتفخة، ولكن بسبب ظاهرة أكل لحوم البشر الشائعة بينها، تُعرف أيضاً باسم الجنادب الزومبي، حيث يتمتع هذا الجندب بجسم قوي يصل طوله إلى 7 أو 8 سم وهو مقاوم للنقر من قبل الطيور، وقد بدأ غزو هذه الحشرة في السنة الماضية مع نهاية شهر نيسان/أبريل واستمر حتى نهاية أيار/مايو، أما هذا العام فقد استمر تواجدها حتى نهاية حزيران/يونيو الماضي.

 

مواطن أم مهاجر أم ظاهرة؟

بحسب المؤسسات الحكومية المعنية بهذا الأمر فإن هذا الجندب موطنه الأصلي منطقة زاغروس ويختلف عن أنواع الجندب المهاجر الذي يتم استيراد معظمه عبر المحافظات الجنوبية لإيران، ويرفض أهالي هورامان هذا الادعاء ويؤكدون أن هذه الخصائص للحشرة تدل على أنها ظاهرة ناشئة ولم تشاهدها المنطقة إلا في السنوات القليلة الماضية، ويعتقدون أن هذا النوع من الجندب إما أن يكون من الأنواع المهاجرة أو ظاهرة ناشئة.

 

النطاق الجغرافي

خلال السنوات الماضية، واجهت قرى "لاران عليا وسفلى" وعدة أماكن أخرى في قطاع "بينجان" ومنطقة "ماكوان" هذه المشكلة، ولكن الآن في السنوات العديدة المتتالية من استمرار هذه الآفة، أصبح نطاقها متوسع كثيراً، ويمكن مشاهدته في معظم قرى منطقة هورامان الواسعة التي تضم مدن باوه وجوانرود ورافانسار ومقاطعة ثلاث باباجاني.

 

ثلاثة أسباب ذات أرضية مشتركة تسمى تدمير البيئة

في ظل غياب البحث العلمي والخبرة التفصيلية، وهو ما تعجز عنه البيروقراطية والأجهزة الحكومية ذات النفوذ، يذكر أهالي هورامان عدة أسباب لغزو هذه الآفة، وعلى رأسها الصيد العشوائي وانخفاض أعداد الطيور التي لديها القدرة على اصطيادها والتغذي عليها.

وقيل إن جسم هذا الجندب القوي وجلده السميك جعل من المستحيل على أي طائر آخر اصطياده، إلى جانب البناء العشوائي وإنشاء الطرق والسدود والمباني وما إلى ذلك في موطن هذا الجندب، لقد أُجبر على التحرك والهجرة بشكل جماعي.

أما السبب الثالث فقد قال الأهالي أنه يتعلق بالطفرة الجينية للجراد نتيجة الاستخدام المفرط للسموم والأسمدة الكيماوية المستخدمة في المكافحة الزراعية، وبالطبع، ليس من المستبعد أن يكون تضافر كل هذه الأسباب قد أدى إلى مثل هذه الظاهرة، وبطبيعة الحال، كل هذه الحالات تشترك في شيء واحد، وهو تدمير البيئة على يد الإنسان والحداثة الرأسمالية.

 

الفشل في الاعتراف بالأزمة يؤدي إلى عدم الكفاءة

لا يزال تقاعس المؤسسات الحكومية تجاه هذه المشكلة مستمر رغم مرور عدة سنوات على حدوثها، وحلها الوحيد أسهل شيء يمكن هو الرش! حيث قامت مؤسسة مثل جهاد الزراعة بإعطاء بعض المبيدات الحشرية لكل أسرة في قرى لاران العليا والسفلى لحل هذه الأزمة بالرش.

لكن سكان هذه القرى يدّعون أن الرش ليس فعالاً على الإطلاق ولم يقلل حتى من أعداد هذه الحشرة، ومن الواضح أنه طالما لم تتوصل المؤسسات الحكومية إلى الفهم الصحيح للأزمة وأسبابها فلن تتمكن من العثور على الحل المناسب.

وما زالت السلطات لا تدرك أن تدمير النظم البيئية والحيوانية من خلال التلاعب البشري، بما في ذلك هذه السموم الكيميائية، هو أحد أسباب وقوع هذه الأزمة.

 

حل طبيعي وحكيم

سكان قرى هورامان بأنفسهم توصلوا إلى حلول تظهر أنهم متقدمون بالعديد من الخطوات على المؤسسات الحكومية، وقد كان أحد هذه الحلول الفعالة هو تربية الديك الرومي.

وعلى الرغم من أن القرويين في هذه المنطقة يقومون بتربية الدجاج والديوك منذ فترة طويلة، إلا أنهم أيضاً قاموا بتربية الديوك الرومية، بعد أن أدركوا أن هذه الديوك على عكس الدجاج والديكة وحتى الطيور البرية الصغيرة التي كانوا يربونها، كونه لديها القدرة على اصطياد الجنادب ذات البطون الباذنجانية.

وللقضاء على هذه الحشرة قاموا بزيادة أعداد الديوك الرومية، وبهذه الطريقة، تمكنوا من مكافحتها دون تدمير النظام البيئي أو استخدام أي مواد كيميائية، على الأقل تمكنوا من السيطرة على تعداد الجندب حول منازلهم بطريقة طبيعية تماماً.

هذا الحل الحكيم للغاية يستخدم في الواقع ذات آلية الطبيعة للتحكم بتعداد النوع بواسطة نوع آخر، وهذه الطريقة، أُظهرت مرة أخرى أن التنظيم الذاتي والإدارة الذاتية هو بديل خطير بالنسبة للحكومات المركزية.