تربية المواشي في إدلب... مشاريع لنازحات في مواجهة الفقر وانعدام فرص العمل

اتخذت الكثير من النساء النازحات في إدلب من تربية المواشي والزراعات الشتوية مشاريع يعتمدن عليها في مواجهة ظروف الفقر والغلاء وقلة فرص العمل

سهير الإدلبي
إدلب ـ .
رغم أن مشاريع تربية المواشي والزراعات الشتوية لم يكن من السهولة العمل بها وخاصةً على النساء ممن لا يمتلكن الخبرات، إذ تحتاج تربية المواشي إلى الكثير من المصاريف اليومية علاوةً على بذل الكثير من الجهد والمتابعة، إلا أنهن استطعن وبفترة قصيرة تعلمها والعمل بها بكثير من العناية والإتقان وتحدي الصعوبات.
قالت نجوى حاج سليمان (٣٨) عاماً أنها لم تجد بداً من البحث عن عمل تعيل به أبنائها الستة وتساعد زوجها العاطل عن العمل بعد نزوحهم الأخير من بلدتهم خان السبل واستقرارهم في مخيمات باريشا شمال إدلب، فاعتمدت على مهنة تربية المواشي.
وعما دفعها لاختيار تلك المهنة تضيف "كان لدي بعض المصوغات الذهبية أردت بيعها لأصنع من ثمنها مشروعاً ما قبل أن نضطر لصرف كل ما لدينا من مال ونغدو على حافة الفقر والإفلاس، ولأنني لا أملك شهادات أو خبرات أخترت شراء عدد من الأغنام للاستفادة من حليبها وألبانها وتكاثرها".
بدأت مشروعها مستفيدةً من وجودهم على مقربة من فسحات حراجية، وسعة المكان ساعدهم على إنشاء خيمة خاصة بالأغنام فاشترت ست رؤوس من الأغنام وراحت تعتني بها وترسل أبنائها لرعيها في الأيام المشمسة في الأراضي الجبلية القريبة.
بعد مضي سنتين على مشروعها تكاثرت الأغنام وتضاعف عددها، ولم يعد بإمكانها الاستغناء عن مهنتها التي شكلت مصدر رزقهم الوحيد، لكنها تشكو قلة دعم مادة الأعلاف والرعاية الصحية الخاصة بالمواشي وقلة المراعي "أسعار الأعلاف مرتفعة مقارنة بسعر الحليب واللبن، ونحن لا نجد دعماً من منظمات المجتمع المدني بما يخص دعم الثروة الحيوانية رغم أهميتها".
ولمواجهة غلاء الأعلاف عمدت نازحات إدلب لدعم مشاريعهن في تربية المواشي بالزراعات البعلية الشتوية كالقمح والشعير لتكون عوناً لهن في تغذية المواشي على مدار العام بعد حصاد المحصول وجمعه.
عن عملها في الزراعة الشتوية تقول عائشة الحسين (٤٥) عاماً أنها تلجأ لضمان إحدى الأراضي الزراعية في كل عام بمبالغ معينة وتتعاون أسرتها في فلاحة الأرض وزراعتها وحصادها.
وتشير إلى أنها اختارت زراعة الشعير كونه من المحاصيل الوفيرة التي لا تحتاج إلى سقاية وإنما تعتمد على مياه الأمطار لتنمو، ويقتصر عملهم في الزراعة على تنظيف المحصول من الأعشاب الضارة التي تنمو بين السنابل ريثما يصبح المحصول جاهزاً للحصاد مع بداية فصل الصيف.
تملك ثلاث بقرات يشكلن مصدر رزق العائلة الوحيد بعد نزوحهم من ريف إدلب الجنوبي واستقرارهم في بلدة بنش شمال إدلب.
وتعيش عائلتها المؤلفة من زوجها وخمس أبناء على ما تنتجه الأبقار من ألبان وأجبان في حين تعمل على تأمين الأعلاف عن طريق الزراعة البعلية الشتوية لتساهم في الاكتفاء الذاتي في ظل غلاء الأعلاف والحبوب التي لم تعد تتناسب مع القدرة الشرائية لمربي الماشية في إدلب.
المهندسة الزراعية رغداء العلي تشجع النازحات على العمل في مشاريع تربية المواشي والزراعات البعلية التي من شأنها أن توفر مردوداً ودخلاً يساعدهن في تأمين متطلبات عوائلهن في ظل ما تواجهه المنطقة من حرب وغلاء وقلة فرص العمل. 
وتؤكد أن تلك المشاريع من شأنها دعم الاقتصاد المحلي المتدهور جراء الحرب التي ألقت بظلالها على مختلف القطاعات في المنطقة بما فيها القطاع الاقتصادي الأكثر تضرراً بعد انحسار الأراضي الزراعية وامتداد العمران وزيادة أعداد المخيمات التي قلصت من الأراضي الزراعية بشكل كبير، عدا عن نفوق أعداد كبيرة من القطعان جراء القصف والأمراض وقلة العناية والدعم.
ومع ضعف المساعدات المقدمة لقطاع الزراعة بشقيه النباتي والحيواني تزداد حالة الأمن الغذائي في سوريا سوءاً بسبب فقدان البلاد نصف ثروتها الحيوانية وفق تقرير منظمة الفاو الخاص بالوضع في سوريا.