تعاونية لصناعة الحلويات في المغرب تحقق استقلالية النساء

وجهتنا كانت إلى وادي زم؛ مدينة تقع بوسط المغرب بجهة بني ملال خنيفرة بإقليم خريبكة، بين محور الدار البيضاء، بني ملال ومحور الرباط، مراكش؛ بهذه المدينة الصغيرة تتواجد تعاونية وادي زم للحلويات، وهي من بين عشرات التعاونيات النسوية في هذه المنطقة التي تقوم بإعداد وتحضير الحلويات المغربية التقليدية والعصرية

حنان حارت
المغرب - ، وذلك بناء على طلب الأسر المغربية التي ترغب في إقامة حفلات الزفاف وأعياد الميلاد وغيرها من المناسبات.  
 
تأسيس التعاونية
خلال زيارتنا لتعاونية وادي زم للحلويات، كانت الأجواء تبدو حماسية وأحاديث النساء صاخبة، فيما كنَّ منهمكات في إعداد طلبية تتكون من مجموعة من أشكال الحلويات المغربية التقليدية والعصرية، التي سيتم تقديمها في حفل عيد ميلاد لإحدى العائلات بالمدينة.
تقول لطيفة الحطابي رئيسة التعاونية إن أنشطة التعاونية تتمثل في تأهيل النساء في وضعية هشاشة في مجال إعداد وتحضير الحلويات المغربية والتقليدية، وخلق فرص تشغيل لهذه الفئة لتحقيق الاستقلال المادي.
وتكشف رئيسة التعاونية عن بدايات خلق تعاونية وادي زم للحلويات قائلة "تأسيس التعاونية كان سنة 2018، وبفعل إصرارنا وإمكانياتنا الذاتية حاولنا خلق فضاء لنساء كنَّ يمكثنَّ فقط في المنزل بدون دخل، فأصبحنَّ اليوم في وضعية يمكن القول إنها أفضل مما كنَّ عليه سابقاً، ورغم أن مدخولهنَّ ما زال بسيطاً إلا أنها تشكل مورد رزق لهنَّ.
 
تأثيرات كوفيد 19 
تقول لطيفة الحطابي عن تأثير الإغلاق بسبب فيروس كورونا "الانطلاقة كانت صعبة، لكن عزيمة النساء وإيماننا بالمشروع جعلنا نتطلع للأحسن، استطعنا أن نكسب ثقة الزبائن، وبعد استئناف التعاونية لعملها، بعد أكثر من سنة على توقيف الأنشطة بسبب (كوفيد 19)، تسير التعاونية اليوم في الطريق الصحيح".
وتؤكد "نجتهد لإيجاد حلول عملية لاسترجاع دينامية إنتاج التعاونية، الذي توقف خلال هذه المدة، ومانتج عن ذلك من آثار سلبية، بسبب غياب المعارض التي تعد السبيل الأساسي لتسويق منتوجات التعاونية". 
وتابعت "التعاونية تشغل 10 نساء؛ اليوم هنَّ يلبينَّ متطلبات حياتهنَّ، كما نتطلع إلى تطوير عمل التعاونية ما سيسمح بتوسيع استفادة نساء أخريات". 
 
تقاسم الأرباح  
تتقاسم المنخرطات في التعاونية جزءاً من الأرباح، فيما جزء منه يتم به شراء بعض الأدوات المخصصة لصناعة الحلويات "ما يتم جنيه بالكاد يغطي النفقات، ويتم توزيع الباقي على المنخرطات، فيما لا ندخر أي شيء، لكن نأمل في المستقبل أن تزداد الطلبيات أكثر حتى نتمكن من تطوير رأس مال للتعاونية".  
وتشير لطيفة الحطابي "فضلنا إنشاء تعاونية بدلاً من الجمعية، لأن هذه الأخيرة تهتم بتنفيذ نشاطات اجتماعية بدعم من أطراف خارج الجمعية، من دون حصول أعضائها على مقابل مادي، في حين أن التعاونية عبارة عن عمل اجتماعي يدر دخلاً".
وأوضحت أنها تسعى لتصبح تعاونيتها مثل المقاولة ومن ثم العمل على استثمار قدراتها الإنتاجية والرفع من مردوديتها داخل الاقتصاد الوطني، مما يجعلها قادرة على مواجهة المنافسة وتحديات السوق وبالتالي خلق الثروات وتوفير فرص الشغل لفائدة النساء في وضعية هشة.
 
خلية نحل
تربط العضوات علاقة جيدة، ما يجعلهنَّ قادرات على العمل بشكل جماعي، إذ تبدو السعادة على محياهنَّ، حينما يكنَّ منشغلات بعجن الحلويات وتصفيفها في آنيات استعداداً لإدخالها للفرن.
وعند إعداد الحلويات لا يوجد فرق بين رئيسة التعاونية أو المنخرطات أو النساء المستفيدات، فالكل يعمل؛ المهم لديهنَّ هو أن يتم تجهيز الطلبية في الوقت المحدد الذي تم فيه الإتفاق مع الزبائن.
وبمجرد ما تلج المطبخ الذي تخصصه رئيسة التعاونية لإعداد الحلويات المغربية، ترى النساء كخلية نحل، كل واحدة تتكلف بمهمة؛ بدءاً من إزالة الشوائب من السمسم وتحميصه، وتنقية اللوز وطحنه وعجن الخليط، وتشكيل الحلويات ووضعها في الأواني الخاصة وإدخالها للفرن، وبعد الطهي تأتي مرحلة التزيين.
تتوقف لطيفة الحطابي للحظات لأخذ أنفاسها، وتقول "عندما أتفق مع الزبائن، أعلم باقي العضوات حتى يستعددنَّ وينضممنَّ إلى مقر التعاونية التي نقوم فيها جميعاً، بالتعاون على إعداد الطلبية من أجل إنهائها في التاريخ المتفق عليه مع الزبائن، نشتغل بحماس ونحرص على الجودة في المنتوجات التي نعدها؛ فالجودة هي ما يميز تعاونيتنا". 
وعن كيف تعلمت لطيفة صناعة الحلويات تفصح "مدرستي الأولى والدتي، إذ بدأت تحضير الحلويات في سن مبكرة، منذ أن كنت أدرس في المستوى الابتدائي، وبحكم أني كنت صغرى أخواتي كانت كلما تزوجت واحدة كنت أساعد والدتي"، وتضيف "تمكنت من صناعة الحلويات بعد فترة من التجارب، فشلت مرات عدة قبل أن أنجح وأتمكن من معرفة أسرار الصنعة".  
 
صعوبات التسويق 
وعما إذا كانت هناك صعوبات تواجه التعاونية في تسويق المنتجات، تقول لطيفة الحطابي إن التسويق على مستوى مدينة وادي زم لا يشكل عائقا لهنَّ، إذ أن الطلب على منتجاتهنَّ كبيراً، "نأمل في تسويق منتجاتنا إلى باقي المدن المغربية"، وتضيف بابتسامة "ولم لا تسويق منتجاتنا دولياً أيضاً". 
ومن جهتها تؤكد روقيه حسونة، وهي إحدى المنخرطات في التعاونية أن "التعاونية تسير في الاتجاه الصحيح، وقد استطاعت تحسين مستوى نساء مدينة وادي زم اللواتي يعانين أوضاعاً معيشية صعبة، فكل واحدة من العاملات لها أسرة ومسؤولة عنها وأمامها مجموعة من التحديات، وترى أن التعاونية طريق نحو التشغيل الذاتي الذي يعتبر تحدياً أمام النساء لتحقيق ما يرغبنَّ به". 
واعتبرت أن التعاونيات المحلية عموماً، بحاجة إلى مواكبة حقيقية لتحفيز أصحابها على تسويق منتجاتها على الصعيد الوطني، وخلق مزيد من فرص الشغل لهذه الفئة من النساء.