التقدم في السن لم يقف عائقاً أمام عملهن

تكبر نساء الريف بالسن لكنهن معتادات على تحمل المسؤولية وتحرصن على الاستفادة من مختلف المواسم ومنها موسم الربيع في جني العديد من النباتات وإعالة أنفسهن وأسرهن.

سيبيلييا الإبراهيم 
الرقة ـ
تقاوم المرأة الريفية الظروف المعيشية الصعبة والمليئة بالمشقة في سبيل تحقيق الاكتفاء الذاتي، وتقصد النساء الحقول من أجل جني بعض النباتات في سبيل إعالة أسرهن.
في شارع الكورنيش بالقرب من جسر الرقة القديم في إقليم شمال وشرق سوريا تجلس عدة نساء على الرصيف وأمامهن أكياس مليئة بالجنيبرة أو المعروفة أيضاً باسم القنيبرة، تقول ولفا رحيل (47) عاماً وهي النازحة من مقاطعة دير الزور "دمر منزلي جراء الحرب ونزحت إلى هنا، وأجد في فصل الربيع فرصة للعمل من خلال جني نبتة الجنيبرة لأتمكن من إعالة أطفالي فأنا أرملة وأتحمل مسؤولية كبيرة".
وأضافت "نقصد الحقول منذ ساعات الصباح الباكرة للبحث عن أنواع مختلفة من النباتات التي تعد من المأكولات الشعبية لدى العديد من العائلات، ثم نقوم بتنظيفها وغسلها جيداً وبعدها نضع ما تم جنيه على أرصفة الطرقات منتظرات أن يباع جميع ما جنيناه، لكن مردودها قليل".
لا يخلو أي عمل من الصعوبات لكنها تختلف من عمل إلى آخر "اتجه إلى الحقول البعيدة مشياً على الأقدام للبحث عن أماكن تواجد هذه النبتة، وأنقل الأكياس على ظهري لمسافات طويلة تصل إلى العديد من الكيلومترات"، لافتةً إلى أنه "أشعر بالتعب جراء تقدمي بالسن لكن لدي مسؤوليات علي تحملها".  
لا يمكن التعويل على هذا العمل من أجل حياة جيدة ومصاريف إضافيةً فولفا رحيل تحتاج لإجراء جراحة "أعاني من مشكلة في قرنية العين وبحاجة ماسة لإجراء عملية لكن ليس لدي الإمكانيات فنحن نعمل طيلة النهار لتأمين قوت يومنا فقط".
ورغم ذلك تبدو راضية عن عملها وتقول أنه أفضل من طلب الصدقات "رغم كل المشقة لكن افتخر أنني اعتمد على نفسي وأحاول بكافة السبل عدم الاعتماد على أحد"، مشيرةً إلى أن "هذه ليست حالتي فقط فكل النساء في الريف تعشن نفس المشقة، فحياتنا ليست سهلة كحياة النساء في المدن يقع على كاهلنا عبء إضافي دائماً". 
وأضافت "أن يعمل المرء خيراً من أن يمد يده لطلب المساعدة من أحد، وعلى النساء خاصةً أن تعتمدن على ذواتهن لتحقيق اكتفائهن الذاتي". 
خرمة الحمد ذات (55) عاماً أيضاً نازحة من مقاطعة دير الزور وتقيم في ريف المقاطعة بعد أن سيطرت قوات حكومة دمشق على مدينتهم تقول "نحن النساء العربيات في الريف نقوم بكافة الأعمال الشاقة كتربية المواشي وجني النباتات التي تؤكل ونطبخ ونخبز على التنور والصاج، فكل الأعمال التي تعود إلى بداية تأسيس البشرية لا زلنا نحافظ عليها". 
وأضافت "منذُ 25 عاماً وأنا مسؤولة عن عائلتي بعد وفاة زوجي"، لافتةً إلى أنه "أقوم بجنى النبتة ومن ثم تنظيفها من الأعشاب الضارة والأتربة وأبيعها في السوق أو هنا على الرصيف".
وأشارت إلى أنه "بعد أن كبر أبنائي وتزوجوا ما زلت مسؤولة عن نفسي والاعتماد على جهدي، وهذه الفترة تعتبر موسماً مهماً رغم أن عمل يوم كامل لا يكفي لشراء ربطة خبز، والتعب كبير على امرأة بسني إلا أنني أفضل الاعتماد على نفسي ولا أطلب الصدقة من أحد من أحد".