الخياطة... المهنة الأكثر أهمية لنازحات ومعيلات في إدلب

اتجهت العديد من النساء النازحات والمعيلات في إدلب لتعلم مهنة الخياطة في ظل غياب الفرص وقلة الوظائف المتاحة

سهير الإدلبي
إدلب ـ ، لامتهان المهنة واتخاذها فرصة عمل تعينهن على مواجهة ظروف حياتهن الصعبة.
تتأمل فاطمة حاج علي (٢٣) عاماً واجهة إحدى محلات الألبسة النسائية في مدينة سلقين وتتمعن بالموديلات المعروضة من أجل خياطة ألبسة مشابهة لها لزبوناتها بعد تعلمها مهنة الخياطة مؤخراً.
تقول فاطمة حاج علي "ضاقت بي السبل بعد وفاة زوجي تاركاً لي طفلين بت المسؤولة الوحيدة عن إعالتهما، وكان علي التحرك بسرعة لإيجاد عمل يساعدني في تأمين احتياجاتهما وتغنيني الحاجة والعوز".
وتضيف فاطمة حاج علي وهي نازحة من بلدة الفطيرة أنها سارعت لتعلم مهنة الخياطة في مركز التمكين النسائي في مدينة سلقين، والتي استغرق تعلمها أكثر من ثلاثة أشهر ليتم تخريجها مع أخريات بعد إكمال تعلمهن فنون المهنة بكل خلفياتها.
حبها لمهنة الخياطة منذ طفولتها ساعدها على الإبداع فيها وراحت تخيط مختلف الموديلات الحديثة التي نالت إعجاب النساء اللواتي رحن يترددن إلى منزلها لخياطة الفساتين المتنوعة الصيفية منها والشتوية، وتتقاضى فاطمة حاج علي التي غدت من أشهر الخياطات في المنطقة أجرة خياطة الفستان مبلغ ٤٠ ليرة تركية كحد أدنى ماعدا سعر التكلفة.
وتنصح بتعلم مهنة الخياطة لكل النساء الباحثات عن مهنة، فتعلمها لا يتطلب الكثير من الوقت ولا يحتاج البدء بالعمل بها إلى رأس مال كبير، فكل معداتها عبارة عن آلة خياطة وبعض الأقمشة والخيوط الملونة.
ازداد اعتماد الكثير من النساء على مهنة الخياطة في إدلب خاصةً مع ارتفاع أسعار الملابس الجديدة الجاهزة بشكل خيالي والذي حول اهتمام الغالبية العظمى من النساء للاعتماد في تأمين الملابس على الخياطات اللواتي يصنعن الأثواب وفق الطلب وبأسعار مقبولة ومنافسة.
سكن رهام الكركي (٤٣) عاماً في إحدى مخيمات مدينة سرمدا العشوائية والمنسية لم يمنعها من ممارسة مهنة الخياطة التي راحت تعتمد عليها في تأمين متطلبات عائلتها المؤلفة من زوجها المريض بالكلى وأطفالها الأربعة.
تقول رهام الكركي أن معظم زبائنها هم من قاطني المخيم وهي تخيط لهم الملابس المتنوعة سواء الجديدة أو إعادة التدوير لمن هم غير قادرين على شراء القماش الجديد.
وتعتمد في عملها على آلة للخياطة تعمل على ألواح الطاقة الشمسية لذا تستغل ساعات النهار لإنجاز عملها، لتنتهي منه مساء مع غروب الشمس حين تشارف بطارية الكهرباء المتواجدة لديها على النفاذ، "صحيح إن ما أحصل عليه من أجور هي قليلة نوعاً ما ولكنها تبقى أفضل من لا شيء، فالغلاء عقد المعيشة ويأس الناس بكيفية تأمين قوت أبنائها، إن عملي هذا ساندني كثيراً في أوقاتي الصعبة".
زهيدة المحمد (٤٥) عاماً إحدى مدربات الخياطة في مراكز تمكين المرأة في إدلب تقول إنه يفترض على النساء في الوقت الراهن الاتجاه إلى تعلم المهن وخاصةً أن الحرب أتت على كل ما يملكونه ووضعت معظمهن موضع المعيل والمسؤول عن العائلة.
ومن هنا فهي تنصح بتعلم مهنة الخياطة كونها الأكثر ملائمة للنساء ويستطعن ممارستها حتى في منازلهن، الأمر لا يحتاج إلى الكثير من التعقيدات كبقية المهن الأخرى.
وتؤكد زهيدة المحمد أن هنالك إقبالاً كبيراً من قبل النساء على تعلم المهنة التي باتت فرصة عمل الكثيرات للاعتماد عليها في ظل نزوحهن وافتقارهن المعيل وانعدام فرص العمل.
وأكثر ما لفت انتباه زهيدة المحمد هي المهارة التي أظهرتها أولئك المتدربات من خلال ابتكار وابداع الموديلات المميزة والجميلة والتي غدت محط إعجاب الجميع من خلال المعارض التي أقامتها لهن مراكز التدريب، والتي من خلالها حصلن المتدربات على عروض عمل وطلبات لإنجاز المزيد منها سواء لأشخاص أو لمحلات الألبسة الجاهزة.
وتحاول نساء إدلب التأقلم مع ظروف الحرب، والاستقرار في حياتهن بالشكل الطبيعي رغم كل التحديات المحدقة بهن وبعملهن، ويحاولن قدر الإمكان مساعدة عوائلهن بنفوس لا تعرف اليأس من خلال الاستمرار والمضي قدماً.