الغلاء يمنع نساء إدلب من تحضير المؤن المنزلية هذا الموسم

تتجه نساء إدلب في ظل الوضع الاقتصادي الصعب إلى الاكتفاء الذاتي من ناحية توفير متطلباتهن ومتطلبات أسرهن الأساسية من خلال تأمين المؤونة المنزلية التي تغطي البيت لسنة وأحياناً أكثر، لكنها باتت حلماً بالنسبة للكثيرات

سهير الإدلبي
إدلب ـ .
راحت تواجه نساء إدلب ارتفاعاً واضحاً في أسعار كافة أصناف الخضار المتنوعة وسط عدم محاولات لضبطها ما منع الكثيرات منهن من تحضير المؤن هذا العام.
بينما تتأمل قوائم أسعار الخضار في سوق الدانا شمال إدلب قالت سعدة الحبوش (٣٠) عاماً، إن الأسعار مرتفعة بشكل جنوني وخاصة بعد استبدال العملة السورية بالتركية، وتتساءل "كيف لي صنع المؤونة وقد زادت الأسعار أكثر من الضعف، فالبندورة ارتفع سعرها من ليرتين إلى ٦ ليرات تركية أي ما يعادل ١٥٠٠ ليرة سورية للكيلو غرام الواحد وكذلك الحال بالنسبة للباذنجان والملوخية والفليفلة الحمراء والخضراء وغيرها من الخضراوات"، مشيرة إلى أن تحضير المؤن أصبح من الرفاهيات ومحصور بالفئات الغنية فقط بعد أن عجز الفقراء ومحدودي الدخل عن تأمينها.
كانت تعتمد سعدة الحبوش وعائلتها في فصل الشتاء على المؤونة التي تقوم بتحضيرها في فصل الصيف، لكنها محتارة بكيفية تدبير أمورها هذا العام بلا أنواع المؤن المتعددة، وفق تعبيرها.
وساهم قرار منع دخول الخضراوات إلى مناطق الشمال السوري بحجة حماية المنتج المحلي ودعم المزارعين على الزراعة والإنتاج الزراعي، برفع الأسعار مجدداً والتي لم يعد بإمكان شريحة واسعة من المدنيين مجاراتها، ولم تعد تساعد القدرة الشرائية المنخفضة والدخول المتدنية معظم أهالي إدلب على التلائم مع الأسعار المرتفعة.
الخمسينية صبحية الأنور تنتقد ارتفاع الأسعار وعدم ثباتها وتباينها بين محل وآخر وعدم وجود من يساهم في مراقبتها أو ضبطها وتقول "التجار لا يرحمون العباد، وراح كل منهم يبيع وفق مزاجه ويستغل البائسين لزيادة أرباحه، وتختلف أسعار المنتج أكثر من عشر مرات بين سوق وآخر وبائع وآخر، وبتنا نحن الفقراء في حيرة من أمرنا بكيفية تأمين قوت يومنا فكيف بتحضير المؤن التي تحتاج لمبالغ كبيرة نعجز عن تأمينها".
تستذكر صبحية الأنور حرصها في السنوات الخالية على صنع كافة أنواع المؤن من "خضراوات متنوعة، نباتات، زهورات، مربيات، بقوليات، مخللات، مكدوس، لبنة، جبنة، ورق عنب، عصير التوت، الزعتر، معجون الطماطم والفليفلة"، وتقول عن المؤن إنها "تراث قديم لطالما حافظنا عليه، لم نكن نخشى الجوع والفقر في الشتاء حين يقطع الثلج الطرقات وتقل مصادر الرزق مع وجود ما يسد الرمق داخل كل منزل، بيد أن منازلنا ستكون خالية الوفاض هذا العام".
دفع ارتفاع الأسعار في إدلب بالكثيرين للاستغناء عن الكثير من السلع والمواد الغذائية لا سيما المؤونة التي تعتبر من أهم مقومات الحياة الشتوية بالنسبة للفقراء.
من جهتها حملت خريجة كلية الاقتصاد ليان عبد الحميد (٣٠) عاماً، المسؤولية بارتفاع الأسعار في المنطقة على "حكومة الإنقاذ التي آخر همها النظر في ارتفاع الأسعار وضبطها ومحاولة تخفيضها قدر الإمكان ليتسنى للفقراء الحصول على ما يحتاجون إليه من الخضراوات على الأقل"، وتوضح أن الحرب ساهمت بتردي الأوضاع المعيشية للكثيرين بسبب النزوح وخسارة أراضيهم وأرزاقهم، فمن كان غنياً في السابق غدا فقيراً هذه الأيام التي أتت على كل ما يملكه المدنيين وجعلتهم تحت خط الفقر.
وتضيف "فلا بد من دوريات رقابية وتشديد الأحكام الجزائية على التجار والغير ملتزمين بالأسعار وكل من تسول له نفسه استغلال لقمة عيش من ضاقت بهم الحياة وانقطعت بهم السبل".
يعيش 90% من السوريين تحت خط الفقر في سوريا بحسب آخر إحصائيات منظمة هيومن رايتس ووتش عن الاقتصاد السوري والذي جاء في تقريرها السنوي لعام 2020، وقالت المسؤولة الأممية منظمة الصحة العالمية في سوريا، أكجمال ماجتيموفا، أن تسعة ملايين و300 ألف شخص في سوريا يفتقرون إلى الغذاء الكافي.
فيما حذرت المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، إليزابيث بايرز، من أزمة غذاء غير مسبوقة في سوريا، بسبب تفشي فيروس كورونا.