زواج القاصرات... تقليد مترسخ يغتصب الطفولة
رسخت الذهنية الذكورية والنظم الرأسمالية ظاهرة زواج القاصرات التي انعكست سلباً على حياة الفتاة والمجتمع، على اعتباره من وجهة نظرهم تحصين وحماية لها من الانحراف
مركز الأخبارـ .
الفتاة ضحية الذهنية الذكورية والتقليد الأعمى
المجتمع الشرقي ذو ذهنية ذكورية قائم على التحكم بمصير النساء، كما أن هذه الذهنية تقدّس العائلة على حساب حياة الفرد، وبالتالي العائلة ذاتها هي المسؤولة عن تزويج بناتها، كما وتعمل على تعشيش هذه الفكرة في مخيلة الفتاة في أول حياتها دون إدراكهم بأنها ما تزال صغيرة في السن، ولن تتمكن من تحمّل أعباء ومسؤولية إدارة منزل بأكمله من "زوج وحمل وإنجاب وتربية"، إلى جانب ذلك فإن الكثير من الفتيات تلجأن للزواج في سنٍ مبكرة في ظل ضغوطات عائلية على أمل الحصول على حياة جديدة.
يساند الموروث الاجتماعي المحكوم بالذهنية القبلية التقليدية هذا النوع من الزواج، ويكون اتمامه خاضع لرغبة أولياء الأمور (رجال العائلة) دون إعارة أي اهتمام للفتيات ورغباتهن وكرامتهن وحقهن في الاختيار فهو من وجهة نظرهم تحصين لها من علاقات غير شرعية وبالتالي حمايتها من الانحراف.
وأدى الجهل إلى انقياد المرأة وخضوعها لمفاهيم هذا المجتمع مع تكيّف وعيها ليتوافق مع ذهنية المجتمع الذي ينتقص منها، كما وجرّدها من ذاتّها ومعرفتها بدورها الحقيقي، حتى ولو كانت الفتاة تمتلك الوعي الكافي لخطورة زواجها وهي طفلة، إلا أنها لا تستطيع مجابهة تقاليد مجتمعها والوقوف ضده، بل يجب أن ترضخ لمفاهيمه دون رفع صوتها.
ولا يخفى الأمر، بأن المحرك الأساسي وراء تهميش دور المرأة هي النظّم المدنية الرأسمالية القائمة على السلطة والقوة وفرض هيمنتها واخضاع المجتمع لظروف اقتصادية صعبة، ودعم الأفكار التي تستهدف المرأة. ناهيك عن الانتهاكات التي تعاني منها مناطق النزاع والحروب من خطف واغتصاب أدى إلى زرع الخوف لدى الآباء من أن يلحق الأذى بالنساء، فيكون خيارهم هو تزويج الفتاة بذريعة الحفاظ على شرفها.
وسائل التواصل الاجتماعي تسهل زواج القاصرات
تعتبر شبكات التواصل الاجتماعي أداة فعالة في تشكيل أصدقاء وتسهيل التواصل وبدورها تساعد في نشر الثقافة إلى جانب العادات والتقاليد والتي من شأنها نشر ظاهرة الزواج المبكر للفتيات، إلى جانب ذلك تفتح الأبواب في تكوين العلاقات القائمة على أساس بناء أسرة، وجعل الفتاة القاصر تحت ظل تلك الأفكار والآراء، ويعد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل خاطئ ذا تأثير سلبي على القاصرات كونه يقنعهن بالزواج المبكر.
اغتصاب الطفولة بأبعادها النفسية والجسدية والاجتماعية
نظراً لجهل الآباء والأمهات وغياب الوعي يعتبر تزويج الفتيات بأعمار صغيرة تكون أحياناً أقل من 15 عاماً طريقة للحفاظ على شرف العائلة والمقصود به في المجتمعات العربية والشرق أوسطية جسد المرأة.
ويخلف هذا الزواج العديد من الكوارث الاجتماعية ومنها الانتحار أو الهروب وسببه عدم رضا الفتاة على الواقع المعاش، والأسوأ هو رضوخ الفتاة لهذه الزيجة والتي لا تعرف حقوقها وتقبل بدور هامشي في المنزل والحياة حيث أن الزوج يتعامل معها وكأنها مملوكة له.
تتبدل حياة الفتيات من الطفولة واللعب إلى المسؤولية والعيش حياة زوجية مختلفة تماماً عن حياة الطفولة التي عشنها قبل زواجهن، كما يلعب فارق العمر بين الفتاة وبين زوجها والذي يكبرها سناً قد يصل إلى ضعف عمرها في أقل تقدير أحد أبرز المشاكل التي تواجهها، وهناك حالات يكون فيها الزوجين أطفالاً لم يبلغا 18 عاماً بعد.
الفتاة القاصر لم يكتمل نمو جسدها فهي غير مهيأة للحمل والإنجاب، وهذا الأمر يعرضها في كثير من الأحيان لحالات الإجهاض المتكررة، عدا المشاكل المرافقة للحمل وتكون الولادة غير طبيعية في معظم الأحيان.
حيث تبيّن أن السبب الرئيسي للوفاة بين الفتيات من الفئة العمرية (15 ـ19 سنة) هو مضاعفات الحمل والولادة، وانعدام الوعي الصحي اللازم للاهتمام بصحتهن خلال هذه المرحلة من تكوين الجسم، بحسب منظمة الصحة العالمية.
وقد تتعرض الفتاة القاصر إلى الكثير من المخاطر كاضطرابات الحمل والسكري والضغط. وقد أشارت الدراسات إلى وجود نسبة كبيرة من المواليد ذوي التشوهات الخلقية بسبب صغر سنّ الأم، هذا بالإضافة عن ولادة الأطفال الخُدّج، عدا النسبة العالية من موت الأطفال قبل الولادة، ووفاة الأم خلال الولادة.
يقود زواج القاصرات إلى العديد من المشاكل الاجتماعية كاختلاف وجهات النظر والآراء مما يؤدي إلى اتباع الزوج عدّة طرق كـ "التعنيف والطلاق أو تعدّد الزوجات". إضافة إلى العديد من المشاكل النفسية كالاكتئاب الشديد والإحباط وانعدام الثقة بالنفس.
حرمان الفتاة من الفرص المتساوية
يؤثر هذا الزواج سلباً على حياة الفتاة العملية فتُحرم من أبسط حقوقها في التعليم والحياة وممارسة دورها في المجتمع، فجراء الواجبات المنزلية والزوجية الملقاة على كاهلها تفقد طموحاتها وتطلعاتها نحو تحقيق أهدافها بالحياة تصبح بعيدة المنال، وهذا ما يُعتبر انتهاكاً لحقها ومنعها من اكتساب المهارات المهنية والحياتية.
نظرية غير عادلة حين يتولى الرجل ممارسة دوره في الحياة العلمية والعملية، بينما المرأة تتولى شؤون المنزل والتربية والأولاد ولا يحق لها ممارسة أبسط حقوقها في الحياة والتعليم على مبدأ مقولة "المرأة هي الأم والزوجة".
يمثل زواج القاصرات حرمان الفتاة من الفرص المتساوية في التعليم والتطور، كما هو محدد في وثيقة حقوق الطفل، ويعني الانعزال عن الحياة العامة والمشاركة المجتمعية.
الزواج المبكر للفتاة مؤشر على الفجوة بين الرجل والمرأة بحيث لن يفتح لها المجال لتطوير مهاراتها وإمكانياتها المعرفية واكتشاف ذاتها ومعرفة مدى قدرتها على تحمل المشاكل العامة والعائلية، وبذلك تصبح أسيرة المنزل وتُحرم من المشاركة في الحياة الاجتماعية.
آراء ما بين التشريع والتحريم
عرفت ظاهرة زواج القاصرات باسم "زواج الأطفال" أو "الزواج المبكر"، وقد انقسمت الآراء بشكل واضح إلى فريقين ما بين التشريع والتحريم.
ووجد الفريق الرافض لزواج القاصرات أن فيه ظلم للفتاة فهو يحرمها من كافة حقوقها في التعليم والحماية ويعرضها لكافة أشكال العنف بما فيه "العنف الأسري، والعنف الجسدي، والنفسي، والجنسي".
ايدت الديانة المسيحية تجريم زواج القاصرات معتبرة أنه جريمة، وعلى ذلك منعت الكنيسة الأرثوذكسية تزويج الفتاة دون سنّ الـ 18 عاماً. واختلف علماء اليهود في زواج القاصرات فمنهم من شجعه ومنهم من رفضه وذلك بحسب طوائفهم.
أما في الإسلام فإن التيار المتشدد يؤكد على ضرورة زواج القاصرات كونه يحفظ المجتمع من الفتنة كما يعتقدون ويعتبرونه طبيعياً لا لُبس فيه، مستشهدين بعادات أهالي الجاهلية في شبه الجزيرة العربية (منبع الإسلام) والذين كانوا يزوجون الفتيات والفتية بعمر صغيرة، ويفتي معظم المشايخ بعدم جواز تحديد سنٍ له كونه لا يوجد مستند شرعي في الفقه الإسلامي يمنع هذا الزواج، بل على العكس تماماً، فمن منظورهم يرون أن فكرة تحديد سنّ الزواج جاءت من الغرب وهي تخالف عقيدتهم ومنهجهم، معللين قولهم بزواج الرسول محمد من السيدة عائشة وهي في سنّ التاسعة.
القرآن لم يُشر صراحة إلى زواج القاصرات، ولكنه وضع شروطاً أهمها قبول الفتاة وعلى ذلك فإن الفتاة التي لم تبلغ 18 عاماً لا تملك الوعي الكافي لتقرر الزواج، كما أن القرآن حدّد ضرورة التكافؤ بين المرأة والرجل، وعلى ذلك فإن الفتاة أقل من 18 لن تكون كفئ لأي رجل.
في الهند التي يشكل فيها زواج القاصرات ظاهرة فإن الكتاب المقدس "فيدا" والذي يتبعه الهندوس شرع قانون الزواج للفتاة بعد ثلاث سنوات من بداية سنّ البلوغ.
الاستثناءات... انتكاسة لحقوق المرأة وانتهاكاً للقوانين الدولية
بالرغم من أن السنّ القانوني للزواج في معظم الدول هو 18عاماً، إلا أن أغلب القوانين تسمح باستثناءات للقُصّر مع قبول وموافقة قضائية للآباء، ومثل تلك القوانين يتم سنّها في دول الشرق الأوسط، وفي بعض الدول الأخرى تكون هناك صلاحية قانونية للزواج الديني، ويمتنع نفس الأمر عن الآخرين، فالأعراف الاجتماعية أغفلت كل القوانين والاتفاقيات الدولية من خلال التحايل، في وقت كان يجب فيه أن تعامل المرأة على أنها جزء من تنمية المجتمع بمشاركتها في كافة المجالات والأصعدة.
ففي المملكة المتحدة يُسمح بزواج القاصرات من عمر الـ 16 عاماً مع موافقة قضائية للآباء في إنجلترا وويلز وإيرلندا الشمالية، وحتى بدون موافقة قضائية في اسكتلندا.
وفي إندونيسيا، كشفت تقارير إن بعض رجال الدين يتزوجون العديد من الفتيات القُصّر، وبعضهن أقل من سنّ الـ 12، حاول ممثلو الادعاء الإندونيسيين وقف هذه الممارسة من خلال المطالبة بأحكام السجن لهؤلاء، ومع ذلك أصدرت المحاكم المحلية أحكاماً مخففة.
كما أن قوانين تزويج الفتيات القاصرات دون سنّ الـ 18، كانت سارية في بعض البلدان العربية ففي البحرين يحدّد السنّ الأدنى للزواج وفق القانون البحريني بالنسبة للفتيات في الـ 15 بينما الذكور في الـ 18. وفي الكويت حدد السنّ القانوني للزواج كحد أدنى بالنسبة للإناث في الـ 15 وللذكور في الـ 17.
وكانت المملكة العربية السعودية تسمح بقبول صكّ الزواج إذا بلغت الفتاة سنّ العاشرة، ولكن البلاد غيرت كثيراً من القوانين ومنها زواج القاصرات، ففي عام 2019 اصدرت وزارة العدل تعميماً يمنع زواج من هم أقل من 18 عاماً.
كما أن قطر سمحت بتزويج الفتاة في عامها الـ 16، وفي العراق كان الحدّ الأدنى لزواج الفتيات 15 عاماً مع ضرورة موافقة ولي الأمر.
القاصرات... ضحية النزاعات والتهجير
تشهد مناطق النزاع والصراعات أعلى معدلات انتشار لهذه الظاهرة، ففي سوريا كانت نسبة زواج القاصرات قبل اندلاع الثورة عام 2011 نحو 7%، لكن كارثة الصراع الداخلي والتدخلات الخارجية أدت إلى ارتفاع وزيادة نسبتها، ووصلت في أخر إحصائية لعام 2018 نحو 13% ويمكن اعتبارها نسبة غير دقيقة على الإطلاق، وخصوصاً ما يحدث في مخيمات النازحين ومختلف مناطق نزوح السوريين بشكل عام حيث سجلت نسبة حالات زواج اللاجئات السوريات القاصرات في الأردن نحو 35%، وفي لبنان نحو 32%، وفي مصر نحو 25%.
وفي اليمن، لم تسلم الفتيات من تداعيات الحرب التي وصلت إليها بكل وسائلها، وزادت من ارتفاع نسب هذا الزواج، وبحسب المعطيات تزايدت النسبة منذ عام 2009، وأن ما لا يقل عن 60% من الفتيات اليمنيات تتزوجن قبل بلوغهن 18 عاماً، في حين تتزوج أخريات قبل بلوغهن سن الـ 15 وتتراوح النسبة ما بين (30 ـ40%)، وتتفاوت هذه النسب باختلاف أماكن تركز تزويج القاصرات من منطقة إلى أخرى، فهي منتشرة في الأرياف بكثرة والتي يعيش فيها 70% من السكان.
بينما في ليبيا لا توجد إحصائية رسمية مسجلة نظراً لكثرة عدد المحاكم ولعدم وجود توثيق لها، وبسبب حالات الفوضى والانقسام السياسي داخل البلاد. لكن تم تسجيل عدد حالات هذا الزواج بمجمع المحاكم ما بين عامي (2011ـ2017) فمن بين 186 عقد زواج في طرابلس كان 36 عقداً بين طفلين لا يتعدى سنّ الفتى فيها 16 عاماً بينما الفتاة 14 عاماً.
أما بالنسبة إلى العراق، فتكمن المشكلة في القانون الذي يحدد سنّ الزواج بين (15ـ18) عاماً وما فوق والذي لا يلتزم به أحد، وحددت نسبة القاصرات المتزوجات بـ 24%، ووفق القانون العراقي فإنه حتى لو تم تزويج القاصر رغماً عنها فإنه يتوجب عليها الانتظار لسنّ الرشد كي تتمكن من إلغاء الزواج.
وتصل نسبة الزواج في الأردن بنحو 13،4% لكنها نسبة غير دقيقة في ظلّ الحديث عن الارتفاع الكبير في أعداد القاصرات المتزوجات خلال السنوات الثلاث الماضية، ونزوح الفتيات السوريات إلى مخيمات الأردن.
وفي مصر، وعلى الرغم من تحديد القانون المصري الحد الأدنى للزواج بـ 18 عاماً، فإن 18% من المتزوجات لم يبلغن السن القانوني، وينتشر في مصر زواج المتعة أو ما يعرف بالزواج المؤقت وأغلب ضحاياه من القاصرات ففي عام 2019 بلغ عدد حالات زواج القاصرات 18 مليون حالة غير مسجلة في المحكمة بحسب الباحثة في شؤون المرأة عبير سليمان. ووفق آخر احصائية للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء هناك أكثر من 117.2 ألف طفل متزوجون أغلبهن فتيات.
وفي لبنان، الذي يحكمه قانون طائفي فيعود الأصل في تحديد سنّ الزواج إلى المحاكم الدينية وليست المدنية، فالمسلمون يحددون سنّ الزواج بـ 18 سنة لدى الفتية وبين (14ـ 17) سنة لدى الفتيات، أما لدى المسيحيين فيتراوح سن الزواج لدى الفتيات بين (14ـ18) عاماً وبين (16ـ18) سنة لدى الفتية، لكن لا التزام بكل هذه القوانين، وقد انتشر زواج القاصرات اللواتي لم يبلغن العاشرة خصوصاً في الأرياف.
وأشارت الأبحاث التي تم اجراؤها في تركيا إلى أن نسبة زواج القاصرات تصل إلى 28%، تقريباً واحدة من كل ثلاثة، تنطوي على فتيات دون سن الـ 18. كما تتراوح النسبة في إقليم كردستان بنحو 30%، ضمن الفئة العمرية (15ـ20) سنة.
وفي أفريقيا تتزوج 4 من كل 10 فتيات قبل بلوغهن 18 عاماً، وفي جنوب آسيا تتزوج 3 من كل 10 فتيات قاصرات.
معدلات عالية في بلدان مستقرة
تتصدر الهند المرتبة الأولى عالمياً بعدد حالات زواج القاصرات بالرغم من الهدوء الأمني داخلياً وخلوها من حالات النزاع، حيث تجاوز العدد 10 آلاف فتاة قاصرة.
وتحتل منطقة الخليج العربي حصة كبيرة من ظاهرة تزويج القاصرات فهذا النوع من الزيجات مرتبط بالعادات والتقاليد والموروث الديني كذلك، كما أن القوانين ليست صارمة لمنع زواج القاصرات.
ففي الإمارات لا توجد إحصائية رسمية توضح نسبة زواج القاصرات، لكن ووفق القانون الإماراتي فإنه يُمنع زواج شخصين يتجاوز عمر أحدهما ضعف عمر الآخر، وفي حال كان سنّ أحد الزوجين أقل من 18 عاماً، هنا يتوجب الحصول على موافقة رئيس محكمة الأحوال الشخصية، ووفق إحصائية اليونيسيف فإن 55% من النساء الإمارتيات اللواتي لم يبلغن سنّ العشرين متزوجات.
بينما في المغرب تحدد سنّ الزواج بـ 18 عاماً منذ عام 2004، ولكن الواقع يؤكد أن الالتزام بالقانون شبه معدوم، وبحسب وزارة العدل المغربية فإنه في عام 2018 تم تسجيل 32.104 طلب تزويج لقاصرات تم الموافقة على 80 بالمئة منها.
وينتشر زواج القاصرات في الولايات المتحدة الأمريكية حيث أن القانون لا يحدد سناً للزواج، فبحسب الاحصائيات الأخيرة تزوجت آلاف الأمريكيات قبل بلوغهن 18 عاماً. فمذ عام 2000 وحتى 2015 تزوجت أكثر من 200 ألف فتاة قاصر.
مبادرات دولية للحدّ من زواج القاصرات
في عام 2012 اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرار "A/RES/66/170" يوم الـ 11 تشرين الأول/أكتوبر من كل عام يوماً عالمياً للفتاة؛ لدعم الأولويات الأساسية من أجل حماية حقوق الفتيات والقضاء على زواج القاصرات، فاختارت الأمم المتحدة قضية مناهضة زواج القاصرات لتكون قضية عام 2012، ففي كل عام تختار الأمم المتحدة قضية شائكة للفتاة وتطرحها للرأي العام للبحث عن حلول لها.
وتمحورت مبادرة عام 2016 حول زيادة فرص حصول الفتيات على خدمات الرعاية الصحية والتعليم، وتوعية الآباء والمجتمعات بمخاطر زواج القاصرات وزيادة الدعم الاقتصادي للأسر وتعزيز وإنفاذ القوانين التي تحدد سنّ الـ 18 عاماً كحدّ أدنى للزواج.
جهود المنظّمات النسوية في التوعية
تحرص كافة الجمعيات والمنظّمات النسوية على التصدي لظاهرة زواج القاصرات، وتدعو إلى فرض العقوبات على كل شخص يزوج ابنته القاصر، ويحرمها من أبسط حقوقها الإنسانية، كالحق في الحياة والتعليم.
وقد ساهمت المنظّمات النسوية الحقوقية والمؤسسات المدنية في شمال وشرق سوريا في سنّ تشريعات مناسبة وقوانين ضابطة للحدّ من هذا الزواج، وضرورة تقيد المحاكم ودوائر عقود الزواج بالقوانين الخاصة بالمرأة، والتي تنصُّ على تحديد سنّ الزواج بالنسبة للجنسين كحدّ أدنى في الـ 18 عاماً.
وعملت اللجان النسوية التابعة للمنظّمات الحقوقية والإنسانية على رفع مستوى التوعية وإقامة برامج ثقافية للأسر في مختلف المدن والقرى التي تنتشر فيها ظاهرة تزويج القاصرات، انطلاقاً من أن العائلة هي الركيزة الأساسية في تسيير هذا الزواج وتدمير الفتاة كلياً، وإحاطتهم بعواقبه وتأثيره على الفتيات، وانتقلت بعدها إلى تعليم الفتيات وتوعيتهن عن طريق الإعلام، ووضع خطط متكاملة لتشكيل النضج الفكري ومناهضة هذا الزواج.
وتحتاج ظاهرة زواج القاصرات لدراسة متمعنة لكشف آثارها السلبية التي تنعكس على المجتمع، كما أنها تحتاج لمعالجة تشريعية دقيقة بشكل علمي وتتبعها مواجهة اجتماعية يتم الاستعانة فيها بالمجتمع المدني والإعلام الذي يقوم بدوره في التوعية والتوجيه.
رسالة الإعلام... نشر الفكر المستنير
يساهم الإعلام في توعية الناس بمخاطر زواج القاصرات والآثار التي يخلفها، عبر توضيح آثاره على حياة الفتاة والمجتمع، وبالتالي يعمل على مواجهة المخاطر المحيطة والتي تعمل على ترسيخ هذه الظاهرة. كما ويعمل الإعلام بشكل عام على غرس الوعي، وإبراز حقوق الفتاة، وتكون رسالته في نشر الفكر المستنير.