ثورة المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا... المرأة تحمي إنجازاتها (2)

نظمت نساء إقليم شمال وشرق سوريا ثورة المرأة وحققن إنجازات مختلفة خلال 12 عاماً، وعهدن بثورتهن إلى فلسفة "Jin jiyan azadî" وقوانينها ونظام الرئاسة المشتركة وضمنت تنظيمها المستقل.

برجم جودي

كوباني ـ يعمل نظام وعقلية دولة الرجل ضد المرأة منذ خمسة آلاف عام، وقد أبعدها عن طبيعتها وحولها إلى أداة لتحقيق مصالح الحداثة الرأسمالية حيث أصبحت النساء لا تستطعن اتخاذ قرارات بشأن أجسادهن وحياتهن ومصيرهن، فالنساء اللواتي تتعارضن مع هذه العقلية تتعرضن للتشهير أو القتل من قبل المجتمع، وعلى الرغم من نضالات وتمرد المرأة عبر التاريخ، إلا أن هذه الحقيقة لا تزال واضحة.

في مواجهة كل الضغوط والعنف والعبودية التي تواجهها النساء، في هذا القرن، يمكن للمرء أن يكون على يقين من أن النساء مدركات الآن وأن هناك جهوداً تبذل من جميع الجهات لتحرير أنفسهن من القيود التقليدية لنظام الدولة الذكورية وهذا الجهد والنضال أكثر وضوحاً في إقليم شمال وشرق سوريا من أي مكان آخر.

إن النساء اللواتي قدن ثورة 19 تموز واستطعن الانتفاض ضد نظام الدولة ووعي المجتمع، أنرن أيضاً الطريق إلى الحرية لنساء العالم فالمرأة خططت ونظمت وناضلت وثارت كالبركان. واليوم، يتجلى هذا الانفجار في الأفكار في العديد من جوانب الحياة التي يمكن للناس رؤيتها من بعيد ومن قريب.

ومن إنجازات ثورة المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا إحياء أيديولوجيا "Jin jiyan azadî". هذه الفلسفة، التي تشكل حالياً الجزء الأكثر أهمية في جدول أعمال المرأة، كانت أساس أيديولوجيا المرأة في النجاح والإيمان والمثابرة لمدة 12 عاماً وكانت النساء اللواتي اعتمدن على هذا الاعتقاد رائدات في تطبيق أول نظام للإدارة والتمثيل المتساوي. لقد فتح نموذج الرئاسة المشتركة، المعمول به منذ عام 2014، الباب أمام المرأة لتحديد مصيرها حيث تأخذ زمام المبادرة في بناء مجتمع ديمقراطي وحر وبيئي من خلال تطبيق أسلوب الرئاسة المشتركة، ومن أجل حماية وحصول المرأة على حقها في المشاركة في النضال، أصدرت المرأة وأقرت القوانين الرسمية.

هذه الإنجازات التي ذكرناها أصبحت حلاً لتحرير المرأة والإنسانية، فالنساء اللواتي عملن ليلاً ونهاراً كن دائماً تناضلن من أجل حماية إنجازاتهن وحتى وضعن حياتهن على المحك. إن نظام دولة ـ الرجل يهاجم باستمرار ويحاول تدمير إنجازات المرأة، والتي ستكون أساس تدمير الحداثة الرأسمالية.

 

"نضال المرأة له أساس تاريخي"

ولفتت الناطقة باسم تنسيقية مؤتمر ستار لمقاطعة الفرات زوزان بكر، إلى نضال المرأة المرتكز على أيديولوجيا القائد عبد الله أوجلان "إذا استطاعت المرأة اليوم ضمان وجودها في كافة مجالات الحياة، فهذا يقوم على كفاحها عبر التاريخ وكما بقيت السلطة حتى يومنا هذا، فقد أظهر نضال النساء ضد ذلك أنهن لم تستسلمن أبداً للعبودية وقد نقلت المرأة هذا النضال خطوة بخطوة إلى الأجيال الجديدة، قام القائد أوجلان بتحليل ودراسة علم اجتماع المجتمع، وخاصة المراحل التي عاشتها المرأة بطريقة جيدة وقدم الحلول وفقاً لذلك، وقد جاء هذا الحل في إطار مفهوم "Jin jiyan azadî" وهو المجال الذي بين إلى أي مدى فكر القائد أوجلان ونفذ هذه الفلسفة. نظمت المرأة نضالها بهذه المعرفة والأيديولوجية حيث نرى الآن كل النساء يجتمعن حول هذه الأيديولوجية".

وعرّفت زوزان بكر أيديولوجيا "Jin jiyan azadî" وذكرت أنهم اتخذوا من هذه الفلسفة أساساً في ثورتهم "لقد اختار القائد أوجلان للمرأة أيديولوجيا "Jin jiyan azadî" لنواصل نضالنا في هذا السياق فهذه الفلسفة عميقة جداً وذات مغزى، وستخلق حياة حرة. طالما أن النساء عبيد، فلن تكون هناك حرية في المجتمع. إن عبودية المرأة تجلب معها عبودية الأسرة والمجتمع والطبيعة. إذا كانت هناك مشاكل مختلفة في العالم اليوم، فإن ذلك يعتمد على قوة السلطة والذهنية الذكورية، وهذا أيضاً يؤكد تقييمات القائد أوجلان التي تؤكد أن المرأة تتمتع بطبيعتها بالعدالة والضمير والرحمة ولهذا طرح القائد أوجلان هذه الفكرة، لأنه يعلم أن المرأة ليست معادية للطبيعة والكون، ويمكن للمرأة أن تأخذ زمام المبادرة في حماية واستعادة وتصحيح المجتمع والتاريخ".

 

"نضال النساء اللواتي قتلن من أجل الحرية مستمر"

من جانبها ذكرت الإدارية في دار المرأة بمقاطعة الفرات سميرة محمد علي، أن إنجازات المرأة اليوم هي تتويج لنضالها المشترك "مثلما تم قبول 8 آذار بقيادة المرأة، نحن اليوم نخوض نفس الصراع في إقليم شمال وشرق سوريا. لقد لعبنا نحن النساء دورنا في الثورة الوطنية، كما قمنا بثورة منفصلة من أجل استقلالنا. مما لا شك فيه أن هذه الثورة هي نتيجة كفاح الآلاف من النساء اللواتي تزدهرن في كل مجال اليوم، كما تتمتع النساء بمثل هذه القوة التي تمكنهن من اتخاذ القرارات وتثقيف النساء، فهن قادة العصر وتؤثرن على النظام الحالي".

وعن تنظيم المرأة المستقلة، قالت "لا شك أن المرأة حققت العديد من الإنجازات المهمة في هذه الثورة. واليوم، تشارك النساء في رئاسة المجالس فإذا نظرنا إلى المجال المستقل، فسنرى أن هناك مجلس عدالة للمرأة وفي مجال التعليم، تقوم المرأة بعمل الأكاديميات، في حين أن لديها مؤسسات ثقافية وفنية مستقلة، ويمكن للمرء أن يعتبر هذه النقاط كمضمون ووجود إنجازات عظيمة وهذا يجعل الثامن من آذار أكثر أهمية، ولذلك قمنا بتحويل كل أيامنا إلى 8 آذار حتى نتمكن من تنفيذ ثورة المرأة ومنجزاتها بشكل عملي وإثراء مضمونها".

 

"قوانين المرأة تمنع ارتكاب الجرائم ضدها"

بدورها قالت رئيسة مجلس المرأة في مقاطعة الفرات جيهان درويش، إن هناك 40 قانوناً خاصاً بالمرأة في إقليم شمال وشرق سوريا، وهو ما يعتبر إنجازاً كبيراً "في نظام البعث كانت هناك بعض القوانين التي كان من المفترض أن تكون للنساء، لكنها في الواقع كانت تؤذيهن وتخدم سلطة النظام. ومع ثورة 19 تموز، حيث تم استبدال نظام الدولة القومية بالأمة الديمقراطية، تغير وضع المرأة في المجال القانوني أيضاً ففي عام 2014، صُدرت وأقرت قوانين المرأة ولكي يتم تطبيق هذه القوانين في كامل المنطقة، تم تسميتها في عام 2021 بقوانين الأسرة، وقبل صدور هذه القوانين كانت المرأة تواجه عنفاً شديداً نتيجة الوعي المتخلف في المجتمع مثل تزويج الفتيات رغماً عنهن وفي سن مبكرة. ومن ناحية أخرى، تخلت الأسر عن بناتها من أجل الديون، أي لوقف النزاعات، كما كانت هناك مسألة تزويج البدائل وتعدد الزوجات، ومن أجل حل هذه المشاكل الأساسية للمجتمع، أصدرنا قوانين المرأة التي تحرم في بنودها هذه الأوضاع وتقبل حقوق المرأة. ولهذا السبب، يمكن للمرأة اليوم أن تتحدث بسهولة عن حقوقها في الميراث، والمساواة بين الرجل والمرأة، وأن تبحث عن الحرية".

ولفتت إلى نظام الرئاسة المشتركة "مشاكلنا الاجتماعية قائمة على نظام دولة ـ الرجل الأحادية الجانب التي سيطرت على المجتمع لسنوات. من أعلى المستويات إلى الأسرة، تكون إرادة الرجل ورأيه وقراره نافذ، أي من أصغر خلايا المجتمع إلى أكبرها، الرجال هم أصحاب السيادة والسلطة. لقد أدت هذه المسألة إلى اختلال التوازن في الحياة ونتيجة لذلك نواجه الكثير من المشاكل، ومع ظهور فكر القائد أوجلان ونظام الأمة الديمقراطية، يمكننا القول إن التوازن الذي تم تدميره قد عاد إلى الحياة، ويتم ذلك من خلال نموذج الرئاسة المشتركة المعمول به حالياً على مستوى الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني. لقد فتح هذا النموذج الطريق أمام المرأة ليكون لها رأي وقرار وسلطة فاعلة في كل المجالات. وبطريقة طبيعية، ومع التوازن الذي تم تحقيقه، يمكننا مرة أخرى بناء مجتمع ديمقراطي وسياسي".