"يوم المرأة المصرية وتعزيز الحماية التشريعية في مواجهة العنف"... محور مائدة مستديرة

تتوالى الاحتفالات في آذار/مارس من كل عام، فهو بجدارة شهر المرأة بداية من الاحتفاء باليوم العالمي للمرأة في 8 آذار ويوم المرأة المصرية في 16 من الشهر ذاته

أسماء فتحي

القاهرة ـ تتوالى الاحتفالات في آذار/مارس من كل عام، فهو بجدارة شهر المرأة بداية من الاحتفاء باليوم العالمي للمرأة في 8 آذار ويوم المرأة المصرية في 16 من الشهر ذاته، هذه الاحتفالات المتعددة تفتح المجال بشكل أكبر لطرح قضايا النساء وأزماتهم، من أجل التوعية بحقوق النساء من جهة والعمل على وضع ما ينقصهم من تشريعات والإعلان بوضوح عن أزماتهم واحتياجاتهم من جهة أخرى.

مؤسسة قضايا المرأة سلكت مسار مختلف لتحتفي بيوم المرأة المصرية بعقد مائدة مستديرة تحمل عنوان "يوم المرأة المصرية وتعزيز الحماية التشريعية في مواجهة العنف"، لتطرق أبواب الأزمة المعقدة في المجتمع وهي العنف الذي يتم ممارسته على النساء بتعدد ألوانه وصوره طارحة خطط عمل لمشروعها المناهض لهذه الظاهرة كخطوة جديدة في مسيرتها التي خاضتها لسنوات في تلك القضايا على وجه التحديد وغيرها.

 

مشروع مناهضة العنف ضد الفتيات والنساء

قالت مسؤولة برنامج مناهضة العنف ضد المرأة بمؤسسة قضايا المرأة المصرية نورا محمد، أن المشروع تم على عدد من المحاور جاء في مقدمته التوعية بالآثار الجانبية الغاية في الخطورة للزواج المبكر وختان الإناث أو تشويه أعضائهن التناسلية وما يتبع ذلك على المدى الطويل من أزمات، فضلاً عن فتح حوار مجتمعي حول سبل تعزيز الثقافة الجنسية والصحة الانجابية بما يسمح لخلق جيل أكثر وعياً بالأزمات والمشاكل القائمة وعلى رأسهم المقبلين على الزواج.

وأكدت نورا محمد أن مدة المشروع عام ويستهدف الحد من العنف الموجه ضد النساء، ومن المقرر أن يتطرق إلى عدد من الجوانب في مقدمتها سبل الحد من العنف خاصة في قضايا الزواج المبكر والختان، كما سيتم خلاله فتح حوار حول الثقافة الجنسية والصحة الإنجابية.

وعن خطة العمل في المشروع قالت نورا محمد أنه يستهدف عمل سلسلة من الحملات التوعوية ومجموعة من الموائد المستديرة وسيصدر عنه منتجات إعلامية وغيرها من الأدوات التي سيتم من خلالها العمل في هذا المشروع إضافة إلى عمل تدريبات للشباب والشابات، وثلاث مسارح تشاركية في القاهرة الكبرى تعمل على توصيل المعلومات بشكل أبسط للفئات المستفيدة، كما سيتم عقد مؤتمر ختامي للمشروع قد يتزامن مع حملة الـ 16 يوم لمناهضة العنف.

 

تاريخ طويل لـ "قضايا المرأة" في العمل على مواجهة العنف

وأضافت نورا محمد أن المشروع الأخير المعلن عنه ليس العمل الأول للمؤسسة في تلك القضايا المستمر منذ التسعينيات، مشيرة إلى أن المؤسسة عضو في عدد من التحالفات الإقليمية والدولية، كما أن لها صفة استشارية في الأمم المتحدة، وساهمت في تعديل مقترحات القوانين التي كان بها قصور في قضايا العنف.

وأشارت إلى أن مؤسسة قضايا المرأة شاركت في عام 2008 مع مجموعة أخرى من المنظمات الغير حكومية بحملات تستهدف اعتماد قانون الطفل الجديد الذي يحمل رقم 126 لسنة 2008 والذي تضمن تجريم بعض الانتهاكات ضد الفتيات ومنها تشويه الأعضاء التناسلية وزواج الأطفال، وعملت أيضاً لسنوات على هذه القضايا في محافظات الصعيد، وأنشأت أول اتحاد نوعي لمكافحة العنف ضد المرأة بكل صوره وفي مقدمة ذلك زواج الأطفال والختان.

وعن الأدوات التي تم استخدامها في مواجهة العنف الواقع على النساء أكدت نورا محمد، أنها متعددة ومنها المسارح الشعبية التي قام بها مجموعة من الشباب والتي سهلت توضيح حجم الأزمة والتواصل مع الآخر بشكل أسرع، كما تم فتح حوار مع وزارة الأوقاف وعقد تدريبات متخصصة مع الأئمة لتطوير الخطاب الديني في قضايا الختان والزواج المبكر وغيرها من الظواهر المساء فهمها مجتمعياً.

 

"للختان والزواج المبكر نتائج يجب أن تعالج مسبباتها أولاً"

قالت المعالجة النفسية الدكتورة نهلة أمين أن ختان الإناث وزواج القاصرات لكلاهما مشاكل مجتمعية مرتبطة بمجموعة من العوامل المتجذرة ثقافياً وللتعامل مع تلك المشكلة يجب التفكير والتدقيق في أبعادها للتعرف على أسبابها ونتائجها وأصل وجودها.

وأكدت الدكتورة نهلة أمين على أن العنف يمارس على الفتاة من قبل أن توضع في رحم أمها، لأن ثقافة بعض الأسر عند الزواج قد تكون ذكورية وبمجرد أن تحمل الأم بفتاة قد ينتهي بها الأمر إلى الخروج من ذلك المنزل فالمرأة مهددة دائماً، وتتوارث النساء الأزمات النفسية الناتجة عن رفضهن والضغط عليهم في مختلف مراحل حياتهن.

وعن شكل الأمراض النفسية التي تعاني منها النساء فبحسب الدكتورة نهلة أمين، يأتي في مقدمتها الاكتئاب، والأمراض النفسية والجسمانية، وبالبحث وراء مسببات تلك الأمراض يتم التأكد من اتصالها بالعنف الواقع على المرأة وفي مقدمته تزويجها مبكراً أو ختانها في الصغر.

واعتبرت المعالجة النفسية الدكتورة نهلة أمين، أن واحد من أهم الحلول لتلك الأزمات هو العمل على التوعية وكذلك التربية الجنسية للأطفال، مؤكدة أن مثلث الأفكار والمشاعر والسلوكيات مشوه لدى المجتمع وهو الأمر الذي يجب أن يعالج من مختلف الجوانب في نفس الوقت لأن كلاً منهم يؤدي للآخر.

 

اقتسام الثروة وحقوق النساء قضايا جديرة بالنقاش

قالت المحامية بالاستئناف العالي ومجلس الدولة، عبير حمدي لوكالتنا أنه وبالتزامن مع يوم المرأة المصرية فالضرورة تقتضي تسليط الضوء على قضاياها والتي يأتي في مقدمتها التعديلات المقترحة على قانون الأحوال الشخصية الذي يتم العمل عليه منذ عام 1925 وحتى الآن، ومازالت هناك الكثير من القضايا عالقة ومنها الطلاق وتعدد الزوجات واقتسام الثروة عند الطلاق.

واعتبرت عبير حمدي أن مناقشة تلك التعديلات ترفع العبء عن المجتمع بأكمله خاصة أن قضية اقتسام الثروة أمر لا يحتمل التشكيك فإجمالي ما تم كسبه أثناء فترة الزواج يجب أن يتم اقتسامه، فخلل كبير أن تقف المرأة بجانب الزوج سنوات عمره حتى يستطيع تحقيق ذاته لتجد نفسها في قبضة قدرته على الطلاق منفرداً وتصبح بلا أي مكتسبات ورهينة للطرد والفقر.

وأكدت عبير حمدي أن المجتمع غير مؤهل لتلك النقاشات والمطالبات الآن ولكنه بات واعياً ولديه معرفة يمكن أن يتم استغلالها للبناء مستقبلاً من أجل ترسيخ تلك الحقوق والحصول عليها ومن ثم اعادة تأهيله.

 

 

16 مارس يوم المرأة المصرية

قال المحامي محمود عبد الفتاح، والخبير الحقوقي في قضايا النوع، أن يوم 16 آذار/مارس هو يوم الخروج العظيم للمرأة المصرية في ثورة 1919، والتي استشهد فيها مالا يقل عن 10 آلاف مصري.

وأضاف محمود عبد الفتاح أن لمساهمة المرأة المصرية في الثورة  دور كبير، ورغم الاستقلال لم تجنى المرأة ثمار معركتها فقد صدر دستور 1923 والذي لا يقر حق المرأة في المشاركة بالحياة العامة أو السياسية مما أدى إلى مزيد من التهميش للنساء.

وأضاف الخبير الحقوقي في قضايا النوع، المحامي محمود عبد الفتاح، أن أهم حدث في ذلك الوقت تمثل في صدور قانون 58 لسنة 1937 "قانون العقوبات المصري"، وواحد من النقاط الهامة التي يجب الوقوف عليها به تتمثل في المادة 17 من قانون العقوبات التي تجيز في مواد الجنايات إذا اقتضت أحوال الجريمة المقام من أجلها الدعوى العمومية رأفة القضاة يجوز تبديل العقوبة.

ولفت محمود عبد الفتاح إلى أن مؤسسة قضايا المرأة المصرية كانت لها السبق في خوض حملة ضخمة على ما يسمى قتل النساء تحت اسم الشرف، وهو أكبر أشكال العنف ضد النساء ولا يجب أن تكون هناك مشروعات لقوانين مناهضة للعنف ضد المرأة دون مطالبة السلطات أو البرلمان بإلغاء هذا النص أو تقييده أو تقنينه بإلزام القضاة بوضع مجموعة من الأسباب والحيثيات الأساسية دون اعطائهم حق مطلق في استخدام هذه المادة.