يلدا كوجاك: الانتخابات التركية القادمة حاسمة ومصيرية

أكدت المحامية النسوية يلدا كوجاك عضوة منصة المرأة للمساواة EŞİK، على أن أكثر حركات المعارضة مقاومة في البلاد هي الحركة النسائية، مشيرةً إلى أن الانتخابات القادمة حاسمة ومصيرية.

روجدا كيزجين

مركز الأخبار ـ لم يتبقى سوى أيام قليلة على الانتخابات في تركيا، واستمراراً لسياساتها في تهديد مكاسب المرأة، قامت حكومة حزب العدالة والتنمية ""AKP بالتحالف مع الحزبين المتطرفين للإسلام السياسي، حزب الرفاه من جديد "YRP" وحزب الدعوة الحرة ""Hüda-Par، ومن خلال برنامجه الذي يتضمن هجوماً واضحاً ومباشراً على حقوق ملايين النساء، تم ضم الحزبين في "تحالف الشعب".

تواصل آلاف النساء مقاومتهن مع مختلف المنظمات ضد "تحالف الشعب" المعادي للنساء، ومن إحدى هذه المنظمات هي منصة النساء للمساواة EŞİK، تضم المنصة أكثر من 300 منظمة غير حكومية ورابطة وأحزاب سياسية ونساء مستقلات، وتستمر المنصة في رفع صوتها في مواجهة التهديدات التي تتعرض لها مكاسب المرأة.

إن النساء هن من تضمن الخروج والخلاص من هذا "النظام" القائم الذي يشكل تهديداً على الحياة، كما تردن إدارة البلاد من خلال التمثيل المتساوي في الانتخابات التي من المقرر إجراؤها في الرابع عشر من أيار/مايو المقبل.

أوضحت المحامية النسوية يلدا كوجاك عضوة منصة المرأة للمساواة EŞİK، خلال حوار مع وكالتنا، أن مطالبة النساء بـ "التمثيل المتساوي" ليس برجاء، مشيرةً إلى أن المرأة تمثل في مستويات متدنية بشكل مريب في جميع الأحزاب باستثناء حزب الشعوب الديمقراطي (HDP).

 

ما التهديدات التي تتعرض لها منصة المرأة للمساواة "EŞİK"؟

أننا كمنصة المرأة للمساواة EŞİK، قمنا بعقد منتديات في تشرين الأول وتشرين الثاني وكانون الأول حول التهديدات التي تنتظرنا، حتى قبل إعلان بدء الانتخابات في تركيا وانطلقنا بعنوان "منتديات الحياة المتساوية الخالية من العنف"، وقمنا بتحديد وإحصاء هذه التهديدات، وبينما كنا لا نزال نواصل عمل منتدياتنا قدم حزب العدالة والتنمية AKP تعديلاً دستورياً، كان هدفهم استهداف بنود المساواة، فيما مضى كانت هناك مادة حول حماية الأطفال من الاعتداء الجنسي ومعاقبة المستغلين الجنسيين المنصوص عليها في المادة ١٠٣ من قانون العقوبات، أراد حزب العدالة والتنمية تغيير هذه المادة لسنوات عديدة، ويهدف إلى العفو عن المعتدين، وهناك أيضاً حق المرأة في النفقة، إن حزب العدالة والتنمية وأنصاره يريدون إلغاء هذا الحق أيضاً، وقامت فعلاً بالانسحاب من توقيع اتفاقية اسطنبول ومازالت الإجراءات القانونية الخاصة بها مستمرة.

لكن اتفاقية اسطنبول لم تكن كافية، فهم يريدون إلغاء القانون رقم ٦٢٨٤ الخاص بمكافحة العنف ضد المرأة، جعل هذا أكثر فاعلية تحت مسمى التنقيح والتعديل، هناك محاولة ابتزاز فعلية قام بها حزب العدالة والتنمية لسنوات عديدة ضد كافة مواد القانون المدني التي تنظم المساواة في الميراث، وفي حضانة الطفل، وإجراءات الطلاق، وحتى تقسيم الممتلكات المشتركة في الأسرة، إننا نناضل لوضع حد لمحاولات الانتهاك هذه، وفي شهر آب توافقت مؤسستنا على هذا الأساس.

 

لقد قمتم بإعداد تقارير متابعة تتضمن ما تم إنجازه وما لم يتم القيام به فيما يتعلق بحقوق المرأة والمساواة بين الجنسين في البرلمان، هل لديكم أي عمل مستمر على تمثيل المرأة في الأحزاب السياسية؟

أجل لقد قمنا ببث تصريح صحفي حول "التمثيل المتساوي"، وهذا لا يعني رجاءً أبداً، لقد كان هناك بيان صحفي طالبنا فيه من كافة الأحزاب السياسية قائلين إننا نريد تمثيلاً متساوياً، نريد تطبيق نظام التكافؤ، وهو نضال وإنجاز المرأة منذ سنوات، قبل كل شيء أود أن أقول إن هذا التصريح الصحفي قيم ومهم للغاية، أوضحنا في مضمونه أيضاً سبب وجود النساء اليوم في قلب الانتخابات في تركيا.

إننا أمام تحالف يضم أكثر الأمثلة تطرفاً وفق أيديولوجية الإسلام السياسي والتي اجتمعت معاً على انتهاك وإحلال حقوق المرأة، هناك تحالف كاره للنساء ومعادي لهن بشكل مباشر، أنضم حزب الدعوة الحرة وحزب الرفاه من جديد إلى تحالف الشعب، لقد قاموا بتشكيل تحالف ضدنا بمطالب تستند إلى تفسيرات معينة في دين الإسلام، بشروط المشاركة مثل إلغاء القانون ٦٢٨٤، إلغاء حق النفقة، فرض التعليم القرآني على المدارس الابتدائية، فتح المدارس الدينية، الأمر الذي سوف يعمق عدم المساواة بشكل أقوى والذي سيخرج المرأة من الحياة الاجتماعية.

 

"نتابع عمل المجلس عن قرب مع الحراس الليليين"

كان هناك مثل هذا التحالف من قبل، وتجسد الآن في تحالف الشعب، ومع ذلك فقد قمنا بتذكير كافة الأحزاب السياسية بحق المرأة في التمثيل المتساوي، أي أن الحقوق المكتسبة للمرأة لا ينبغي المفاوضة عليها للتحالفات، وفي هذا التصريح الصحفي الأخير أصدرنا بياناً ذكرنا فيه بأنه سيظهر في النتائج أنها لم تحصل على أصوات من النساء، لكننا بشكل عام لدينا مجموعة تسمى "حراس الليل" ضمن منصة المرأة للمساواة EŞİK ونتابع عمل المجلس عن كثب، ليس فقط خلال النشاط التشريعي الذي تناقش فيه القوانين في البرلمان، إننا نقوم بمتابعة كافة أعمال النواب بشكل عام.

 

راقبنا جميع النواب لمدة ٣ أشهر

حتى قيامهم باتخاذ قرار الانسحاب من اتفاقية اسطنبول، كنا نقوم بمتابعة كافة النواب في البرلمان التركي لمدة ٣ أشهر، أين توقفوا في المدن التي زاروها، وهل عقدوا اجتماعات في أماكن لا يوجد فيها سوى الرجال، أو هل زاروا أماكن تتواجد فيها النساء، وهل تحدثوا معهن، وهل تحدثوا عن مشاكلهن، أو هل أوصلوا هذه المناقشات والمشاكل إلى البرلمان، هل حقاً خطوا وفق اتفاقية اسطنبول، أو عندما نوقش موضوع يتعلق بالمرأة في المجتمع قاموا بالتعبير عن مشاكل المرأة في البرلمان، هل قدموا مشروع قانون أو قدموا اقتراحاً، قمنا بمتابعة جميع النواب في إطار عناوين ومواضيع مختلفة كالقيام بإعداد استبيان برلماني وشاركنا النتائج مع الأهالي.

 

"الوضع في جميع الأحزاب مريب جدا ماعدا حزب الشعوب الديمقراطي"

بينما كان هناك نواب ومناطق وأحزاب خالية من النساء، كان هناك أحزاب أخرى أوضاعها أفضل جزئياً أو حتى جيدة جداً، والآن هنا يجب أن يؤخذ هذا في عين الاعتبار، من حيث تمثيل المرأة في البرلمان، في الواقع البرلمان في حالة تراجع من حيث تمثيل المرأة، عدد النائبات قليل جداً، إن حزب الشعوب الديمقراطي (HDP) ومن خلال جهوده لتحقيق المساواة في تمثيل المرأة، ساهم في بلوغ نسبة النساء في البرلمان 17.8%، هذه النسبة المرتفعة تعود إلى فضل جهود حزب الشعوب الديمقراطي في إدخال النائبات إلى البرلمان.

 

كنساء ما هي توقعاتكم بشأن نتائج الانتخابات؟ ما هو نوع البرلمان الذي يمكن أن يكون فعالاً في حل مشاكل المرأة؟

في بعض الأبحاث التي أجرتها الجامعات تظهر أن غالبية المجتمع وخاصةً النساء لديهم ثقة كبيرة في المنظمات النسائية، ويمكن القول بعبارة أخرى، أن النساء تثقن في المنظمات النسائية والحركة النسوية أكثر من أي مؤسسة حكومية أو أي حزب سياسي.

بالنظر إلى السنوات الـ ٢٠ الماضية، وبالأخص السنوات ٤ أو ٥ منها في بلدنا، كان هناك هجمات عنيفة وحصار ضد المعارضة بالفعل، ولكن مرة أخرى أكثر حركات المعارضة مقاومة هي حركة النساء، بغض النظر عن مستوى إعاقتها وعدد الهجمات التي تعرضت لها، ومحاولات انتهاك مكاسبهن القانونية، وبالرغم من كل شيء كانت النساء مقاومات جداً وصامدات. نعتقد بأن التحالفات التي تتقدم إلى الانتخابات باستراتيجية تقف ضد مكاسب المرأة ستخسر، لن تترك النساء الأمر وشأنها. إن كانت المرأة محجبة أو بدون حجاب، إن كانت شخصية محافظة أو لا، فإن النساء لن تتنازلن عن الحقوق التي منحها لها القانون المدني، ولا الحقوق المنصوص عليها في قانون مكافحة العنف رقم ٦٢٨٤، فهي تريد استخدام هذه الحقوق على أكمل وجه، لأنها حقوقنا الحيوية، فهي قيمة لنا بمقدار قيمة حياتنا، وبالطبع نريد وجود آلية تقوم بحمايتنا عند تعرضنا للعنف أو عندما نتلقى تهديدات بالقتل، والكل يطالب ويريد هذا الأمر، و لهذا السبب أعتقد أن تحالف الشعب الذي دخل الانتخابات بوعوده في إلغاء هذه الحقوق سيخسر وسيعاني من ندبات شديدة، لن تسمح النساء لهم ولن تمنحهم الدعم على هذا.

 

مع اقتراب موعد الانتخابات هناك قلق بشأن أمن الانتخابات، بصفتكم منصة المرأة للمساواة ما الذي ستقومون به فيما يتعلق بأمن الانتخابات؟

منصة المرأة للمساواة EŞİK عبارة عن منصة واسعة تضم أكثر من ٣٠٠ جمعية ومنظمة غير حكومية وأحزاب سياسية ونساء مستقلات، إن شبكة منصتنا واسعة للغاية، حيث يتم تنظيم النساء في أماكن مختلفة، ونظراً لأننا المنصة التي تجتمع فيها المؤسسات، فإننا ننظم في جمعية نسائية، وفي حزب سياسي أيضاً هناك نسبة كبيرة جداً من النساء المنظمات، ولهذا السبب يتوجب علينا التخطيط من أجل مراحل عديدة ولكن مع أخذ وضعنا الخاص بعين الاعتبار.

كما أن متطوعو المنصة يولون أهمية كبيرة لهذه الانتخابات، ويقولون بأنهم يريدون أن يتواجدوا في مقدمة ساحة العمل. خلال العملية الانتخابية يتم تنفيذ المهام المتعلقة بأمن الانتخابات من قبل منظمات مراقبة مختلفة، وخاصة الأحزاب المشاركة في الانتخابات، بالطبع سنقوم هنا بتنفيذ الأنشطة اللازمة لضمان أمن الانتخابات وحماية تصويتنا وحتى لحماية حياتنا، لم نصل بعد إلى تلك المرحلة، فعلى سبيل المثال قبل الانتهاء من تحضير القوائم في 9 أيار ووضع اللمسات الأخيرة على القوائم البرلمانية، نعمل على زيادة رفع طلباتنا بوضع النساء في القوائم في النقاط التي يمكن انتخابهن فيها، مع مراعاة نظام التكافؤ، هذا أمر مهم جداً، وهناك فترة محددة للقيام بذلك، فقبل تقديم القوائم إلى المجلس الأعلى للانتخابات، نتوقع ونطالب بأخذ ترشيح النساء بعين الاعتبار، وأن يتخذوا خطواتهم وفق التمثيل المتساوي، كما أننا ننبه الأحزاب السياسية أيضاً في هذا الموضوع.

 

ما الرسالة التي تودين توجيهها للنساء بصفتكم منصة المرأة للمساواة "EŞİK"؟

سنقول لمن ينكر وجود المرأة لمن ينتهك حقوقها "ليس هناك أي أصوات لكم"، وهذا الأمر واضح جداً، فلن نصوت لأولئك الذين يلعبون بحياتنا، أولئك الذين يعرضون حياتنا للخطر، إننا ندعوا كافة النساء إلى عدم التصويت لهؤلاء، هذه الدعوة واقعية للغاية وستتلقى استجابة، أيتها النساء الأعزاء لا تصوتن لمن يقطع وعوداً  في دعم النساء الفقيرات بتقديم النفقة ويقوم بإلغائه بعد انتهاء الانتخابات، لا تصوتن لمن يهدف إلى إلغاء القانون رقم ٦٢٨٤ الذي يقوم بحمايتكن من العنف، لا تصوتن لمن يسعون وراء مشاريع الربح ويعرضون البلاد للنهب والسلب لأبعد الحدود من أجل رأس المال فآنذاك ستظل المرأة تكافح أكثر في ظل البطالة والفقر وانعدام الأمن والمساواة وستظل دوماً محرومة وأفقر.

لقد عانينا من كارثة طبيعية تحولت إلى كارثة كبيرة على يد الحكومة مباشرة، عانينا من زلزال آخر في هذا الزلزال، لقد كانت النساء مرة أخرى الأكثر اضطهاداً في تلك المرحلة، اللواتي تم تجاهل احتياجاتهن الأساسية في تلك الفترات الصعبة، وحتى أولئك الذين لم يتمكنوا من الحصول على الإسعافات الأولية، ومن حيث النقص في عدد الموظفات في مرحلة الإسعافات الأولية كانت النساء هن المتضررات مرة أخرى، وبالإضافة إلى هذه الأمور حملن أعباء كثيرة، حيث لم يتم أخذ الاحتياجات الأساسية على الإطلاق للنساء من الفوط الصحية وغيرها في الأيام الأولى، ولم يتم ضمان سلامة المرأة، لذا يجب علينا أن نأخذ كل هذا في عين الاعتبار، ولنتذكر هذا جيداً وبعدها نتقدم إلى صناديق التصويت.

هذه الانتخابات حاسمة ومصيرية، فالمرأة وقضاياها أساس الانتخابات أكثر من أي وقت مضى، لأن حقوق المرأة يتم التفاوض عليها، ولهذا السبب سنخوض عملية انتخابية نناقش فيها حقوق المرأة ونضالها والتمثيل المتساوي حتى النهاية، أتمنى أن يتم الأمر بسلاسة لجميعنا.