فریشه مرادي: لماذا يعتبر القتال ضد داعش مساوياً للحرب ضد الدولة الإيرانية؟

أعلنت الناشطة في مجال حقوق المرأة فریشه مرادي، من خلال نشر دفاعها، عن رفضها حضور الجلسة الثانية للمحكمة، احتجاجاً على حكم الإعدام الصادر بحق الناشطتين شريفة محمدي وبخشان عزيزي.

مركز الأخبار ـ نشرت الناشطة في مجال حقوق المرأة المعتقلة في سجن إيفين، فریشه مرادي بياناً دفاعياً أشارت فيه إلى أنه احتجاجاً على حكم الإعدام الصادر بحقها وبحق الناشطة العمالية بخشان عزيزي وشريفة محمدي التي رفضت حضور جلستها الثانية في المحكمة، والتي كان من المفترض عقدها اليوم الأحد 4 آب/أغسطس في الفرع 15 من محكمة الثورة الإسلامية في طهران.

 

فيما يلي النص الكامل لدفاع وریشه مرادي:

"إن الأحكام الجائرة بإعدام الناشطتين في أقل من شهر هي اعتراف من الجمهورية الإسلامية بعدم كفاءتها السياسية وعجزها، إن التظاهر بأن الحكومة الجديدة قوية، وتثير الرعب وتنشر القمع عشية ثورة Jin Jiyan Azadî ليس أكثر من خيال كاذب وفي هذا الصدد، تم اتهامي بأنني بسبب جريمة كوني امرأة وأسعى إلى حياة حرة وحتى الآن، وبعد عام من الاعتقال المؤقت، أنتظر في الطابور لجلسة المحكمة الثانية في الفرع 15 من محكمة الثورة الإسلامية برئاسة القاضي سلفاتي في 4 آب ورغم أنني أعلم أن عدم المثول أمام المحكمة قد يفسر على أنه عدم رغبة في الدفاع عن نفسي، ولكن كدليل على الاحتجاج على حكم الإعدام لن أذهب إلى المحكمة، ولن أفعل ذلك لن اذهب إلى مثل هذه المحكمة حيث لن يصدر حكم عادل.

لقد قدمت دفاعي مرات عديدة في ظل ظروف الاستجواب والتحقيق الصعبة، ولكن هذه المرة رسالة دفاعي التي أكتبها إلى الشعب والمجتمع الذي هو دائماً يقظ وواعي ومحب للحرية أريدهم أن يحكموا عليّ وعلى أنشطتي وفقاً للعدالة الاجتماعية، إن العيش في القرن الحادي والعشرين في الشرق الأوسط، حيث تحاول قوى الهيمنة العالمية والدول القومية الدكتاتورية في المنطقة اغتصاب القيم والثقافات وتريد استعادة هيمنتها عليها، يعني العيش في جغرافية لها تاريخ طويل، لقد تحولوا إلى تراب ودماء ويشهدون الإبادة الجماعية كل يوم، والاستيعاب والاندماج إلزامي، العيش في كردستان يعني أيضاً الحياة دون ضمانات قانونية واقتصادية وسياسية وتعليمية وغيرها، وبعبارة أخرى يعني البطالة والفقر والتمييز والاعتقال والتعذيب والإعدام وقتل الكولبرت (شهداء الخبز)!

إن هوية الإنسان والظروف التي يعيش فيها بشكل مباشر هي خير حافز ودليل للعثور على مصدر الظلم وغيره من المظلومين، والعمل معهم لتغيير الأوضاع وإيجاد حلول للقضايا والمشاكل، كامرأة كردية، اعتمدت على تاريخي وثقافتي وهويتي، في حين كانوا يشكلون الظروف دائماً في اتجاه الاغتراب عن هويتنا والهروب من هويتنا، شعب تعرض للاستغلال والتمييز الناشئ عن النظام القومي والجنسي والديني وفي حالة تقديم هوية ومعتقد وخطاب جديد في المنطقة تم قمعه واتهامه بمسميات كاذبة وأمنية وتم اعتقاله، سجن وتعذيب وإعدام، وهذا الوضع يشملني والعديد من أمثالي الذين يعيشون في ظروف اجتماعية واقتصادية وسياسية وتعليمية غير متكافئة، في حين أننا -كأفراد وكمجتمع -أردنا التغيير من التشييء وفي نفس الوقت أن يكون لنا وجود وبالطبع فإن التعبير عن هذه الأمور لا يعني التحيز الأعمى لمسألة الهوية بالاعتماد على شكل القومية، بل الوعي بالهوية؛ لأنني أعلم أن القومية المتطرفة تقود الجميع إلى الفاشية، هذا هو بالضبط الواقع المرير الذي واجهناه؛ نحن نعتبر أشياء لا تستطيع التعبير عن وجودنا وسنواجه الإقصاء إذا عبرنا عن هويتنا الاجتماعية.

طوال السنوات التي عرفت فيها نفسي، لم أتمكن ولم أرغب في أن أكون غير مبالية بالأعراف الاجتماعية، فضلت البقاء في سفوح زاغروس، حيث نشأت، على أن أتركها وأعيش حياة براقة في الغرب، أصبت بجروح كثيرة ووضعت مرهماً على جروح كثيرة، كان أمامي طريقان للمضي قدماً إما أن أتقبل الكائن الموجود وأتحمل الحياة مع الظلم دون أي مقاومة، أو أن أجد حقيقة وجودي، فبدلاً من "أن ألعن الظلام، أشعلت شمعة!".

كنت رياضية في بداية مسيرتي الطلابية، إن محاولتي للعيش بالمعرفة والوعي وضعتني على طريق أعطي فيه الأولوية للمنفعة الجماعية على المنفعة الفردية، عملت في جمعيات ومنظمات غير حكومية ومجموعات طلابية للنساء والأطفال والمراهقين وضحايا المخدرات ومحبي الرياضة في الطبقات المحرومة من التعليم، أثناء كوني مدربة وداعمة، تعلمت المقاومة من طلابي كما أدى النشاط مع مختلف المجموعات إلى المزيد من الاعتراف الواضح بأنواع التمييز وأبعاده وفهم أكبر لحقيقة أن أصل كل أنواع العبودية يكمن في عبودية المرأة ووضعها الاجتماعي وأصبح هذا الموضوع حافزاً لمحاولة قدر الإمكان تحسين مستوى الوعي بالذات والآخرين، والتعرف على مشاكل الأسرة والمجتمع وتحليلها بشكل صحيح، وفي نفس الوقت محاولة حل المشكلة.

وبعد مرور بعض الوقت، تعرفت على فكرة دفع صاحبها ثمن البحث عن "كيفية العيش" لمدة 25 عاماً من خلال العيش في عزلة تامة في سجن الشخص الواحد بجزيرة إمرالي، فكر يبحث عن حل للتعبير عن هوية الفرد ومجتمعه الخفي، ليس بالقومية والكراهية والحدود، بل ببناء مجتمع ديمقراطي وحماية الهويات المرفوضة والتعايش السلمي بين الشعوب، فكرة نبعت من قلب حقيقة المجتمع وكشفت طبقات القهر وتتحدث الآن عن بديل، لقد اخترت نموذجاً للحياة لا يؤمن ويعتمد على الحدود السياسية غير المرنة، أحادية اللغة، وأحادية القومية، وأحادية الثقافة، وأحادية الدين، والتفسير المباشر للتاريخ، بل يعبر بدلاً من ذلك عن مجتمعات تعددية تعبر عن وجودها، مع مراعاة جميع الاختلافات والمعتقدات والشعوب.

بالمعرفة التي اكتسبتها من "الفكر والفلسفة للقائد عبد الله أوجلان"، أكملت أنشطتي وأبحاثي بأن أصبحت عضوة في جمعية المرأة الحرة لشرق كردستان (كيجار).

وفي هذا الصدد، تناولت القضية الاجتماعية للمرأة في أماكن من الشرق الأوسط، أدركت أن النساء لديهن جروح مشتركة، لذلك يمكن أن يكون مسار تحررهن متسقاً ومشتركاً ويمكنهن القيام بأنشطة مشتركة.

إن هجوم داعش على روج آفا (شمال وشرق سوريا) جعلني أفهم أكثر عن غرض وسبب تصرفات قوى عبادة الظلام في الشرق الأوسط من ناحية، ومن ناحية أخرى، اكتسبت فهماً أكثر دقة لـ الوضع الجيوسياسي في الشرق الأوسط وعلاقات القوة بين القوى السياسية النشطة في المنطقة، وباعتباري ناشطة نسائية، فإنني أفهم الحاجة إلى مشاركة نشطة ومتعددة الأطراف من أجل إرساء الاستقرار والسلام والديمقراطية في المنطق، ولذلك توجهت إلى مدينة كوباني حيث كانت قوات داعش الإرهابية تتحدث عن صلاة عيد الفطر في مسجدها.

كان تكبيرهم يذكرنا بـ "رؤوس النساء والأطفال المقطوعة"، وكان هتافنا يذكرنا بـ  Jin Jiyan Azadî كنا في الواقع نقاتل جنود الآلهة في الأرض، واسمهم هذه المرة داعش! قوة كانت مهمتها تمهيد الطريق لتنفيذ خطة جهنمية للقرن القادم في الشرق الأوسط وكانت أداة لتدمير الأمل الوحيد للتغيير الذي تشكل في الشرق الأوسط الذي مزقته الحرب، هذه القوة الإرهابية، بطريقة القرون الوسطى، (بطريقة رجعية) رفعت دعوتها الإسلامية المزعومة، ودمرت حياة الناس لإقامة خلافتها وحكومتها الإسلامية، ولم تواجه أي حكومة هذه القوة الإرهابية.

ودعماً كاملاً لقوات تنظيم داعش، فتحت الحكومة التركية حدودها لإرسال الإمدادات اللوجستية والعسكرية إليهم، قوات التحالف التي كانت واثقة من انتصار داعش حتى اللحظة الأخيرة وحتى احتلال كوباني زقاقاً زقاقاً، كانت تتفرج، شاهدت الإبادة الجماعية لأهالي كوباني و(شنكال)، تماماً كما يحدث في غزة! قتل داعش الآلاف من النساء الإيزيديات، وأسر آلاف النساء الأيزيديات وباعهن كغنائم حرب ولكن بجانب صمت الدول القومية، شهدنا صرخة القوى الشعبية المحبة للحرية في جميع أنحاء العالم الذين وقفوا في انسجام مع كوباني وشنكال، وذهبوا إلى هناك في فترة قصيرة من الزمن وشاركوا في القتال ضد داعش، وفيما بعد، اضطرت القوى المهيمنة إلى استخدام قناع الإنسانية وتظاهرت بأنها المسيح المعاصر، وهو ما يبدو أنه صرخة الشرق الأوسط وسكانه! غير مدرك أن هذا القناع قد أزيل منذ زمن طويل وأن طبيعته قد خففت من آلامه.

إن القرن الحادي والعشرين هو قرن مطالب المجتمع وتحقيق التغيرات الجوهرية في بنية وعقلية الدولة القومية، التي تستطيع أن تحقق هدفها بالتحول الديمقراطي والثورة، لقد انتهى عصر ذاتية الحكومات والمجتمعات، ولم يعد تاريخ الدولة وثقافتها قادراً على جعل المجتمعات تشعر بالدوار بسبب الأيديولوجيات القومية والدينية والجنسية والوضعية، لقد انتهى عصر رعاية الحكومة وانحطاط المجتمع، تعتبر روج آفا (شمال وشرق سوريا) اختباراً أظهر ديناميكية المجتمع وإرادته الأصيلة، لكن هذا الاختبار كان نتيجة سنوات من الجهود المبذولة لرفع مستوى وعي المجتمع، وخاصة النساء.

المرأة المطلعة تعني مجتمعاً مستنيراً، والمجتمع المستنير يعني التشكيك في مقدسات الرأسمالية، أي مشاركة إرادة الشعب الأصيلة في مراحل السلام وإيجاد الحلول، أي الحضور الفاعل للمجتمع في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والسياسية وغيرها، وهنا أدركت فهماً أعمق وجود المرأة في الحياة وعلاقتها بالحرية وتزامن تواجدي في الخنادق ضد داعش مع الأيام التي استخدم فيها هذا التيار كل قوته لاحتلال كوباني.

عندما بنى الناس درعاً بشرياً على الحدود بين تركيا وسوريا، كنت واحدة من آلاف الأشخاص الذين انجذبوا إلى هناك بكونهم "أطفال الشرق الأوسط" وبعد إصابتي، لم أعد قادرة على المشاركة في بيئة القتال هناك، فعدت إلى شرق كردستان وكيجار لمواصلة الأنشطة التعليمية والبحثية والاجتماعية، وذلك في حين أن القتال ضد داعش أدى إلى وضع اسمي على قائمة الاغتيالات لقوات المخابرات التركية (MIT)، وبالتالي فإن وجودي في روج آفا أو إقليم كردستان كان يعادل التهديد بالاغتيال من قبل الحكومة التركية.

خلال السنوات الأخيرة في كيجار، ومن خلال العمل في مجال علم اجتماع المرأة ودراسة التاريخ غير المكتوب للمرأة في الجغرافيا السياسية لإيران، كنت أبحث عن آثار المجتمع الموجه نحو الأم وأجد إجابة لسؤال لماذا ازدادت حالات الانتحار والقتل للنساء في مكان كان يوماً ما مكاناً للآلهة؟

في الثاني من آب 2023، ألقي القبض عليّ في طريق سنندج - كمياران من قبل قوات وزارة الإعلام، إطلاق نار، كسر زجاج سيارات، تعذيب واعتداء جسدي لحظة الاعتقال، حرب نفسية، استجواب في الحبس الانفرادي (التعذيب الأبيض) بعيداً عن أعين الكاميرات لكي لا يتم تسجيل لقاءاتهم واعتداءاتهم عليّ، والضغوطات التي تعرضت لها خلال 13 يوماً من وجودي في مخابرات سنندج هي جزء من الضغوطات التي تعرضت لها فيما بعد فلقد وصفوني بالبربرية وقالوا أنك فقدت أنوثتك! لماذا لا تبكي متى كانت آخر مرة بكيت فيها؟ متى كانت آخر مرة شممت فيها زهرة؟

ثم تم نقلي إلى العنبر 209 بمركز احتجاز إيفين، حيث احتُجزت لمدة أربعة أشهر ونصف أثناء التحقيقات، تحت ضغط كبير، بما في ذلك التعذيب الأبيض، والسيناريوهات المتناقضة والمضللة، والتهديدات بتشويه الشخصية، والاعترافات المنتزعة، وما إلى ذلك أصبت بالصداع الشديد والنزيف المستمر (من الأنف)، وتفاقمت آلام الرقبة والظهر كانت نتيجة أيامي في الحبس الانفرادي، بمعنى آخر، فعلت وزارة المخابرات الإيرانية نفس الشيء الذي كان من الممكن أن تفعله بي قوات المخابرات التركية، في 5 كانون الثاني 2023، تم نقلي إلى سجن إيفين للنساء، وأخيراً، في 10 نيسان، اتُهمت بـ "العضوية في جماعات معارضة" و"الخيانة" في الفرع 15 من محكمة الثورة الإسلامية في طهران، لكن السؤال الأساسي هو "لماذا يعتبر القتال ضد قوة إرهابية مثل داعش مساوياً للحرب ضد الدولة الإيرانية؟!" فأين يتناسب ادعاء الدولة الإيرانية بمحاربة داعش؟! داعش يقطع رؤوسنا والنظام الإيراني يعلق رؤوسنا ولا يمكن لأي معرفة سياسية قانونية أن تحل هذه المفارقة، لذلك دعونا نكون مستيقظين.

خلال عام من الاعتقال المؤقت، لم يكن لي الحق في زيارة عائلتي إلا لمدة ثلاثة أشهر ونصف وقضيت الباقي إما في الحبس الانفرادي أو، كما هو الحال الآن، في جناح النساء، ولكن في ظروف انفرادية، بعد عشرة أشهر من الاحتجاز، بين 25 و27 أيار في سجن إيفين، ودون النظر إلى سجلاتي، وصفوني بالإرهابية والمتواطئة مع داعش، وقالوا إنه من الضروري أن أحظى بحماية الحكومة باعتباري ذهبت إلى سوريا وبحسب هذه التعريفات فإن كل من قاتل داعش على أساس الواجبات الإنسانية يجب أن يكون إرهابياً!

خلال الأشهر الثلاثة الماضية، حاولوا توجيه تهم جديدة لي، بالإضافة إلى سماع ادعاءات سخيفة ووهمية، والاستجوابات الاستقرائية، والإذلال، والتهديد بالإعدام، والتحريض والضغط لإرغامي على الاعتراف، وغيرها من القضايا والتحديات خلال هذه الفترة والآن مر ما يقرب من ثلاثة أشهر على التحقيقات الأخيرة، ولم يكن من حق المحامين إعادة دراسة القضية، ولم يكن من حقي أن أقابل المحامي! وحتى الآن، أعاني من حظر الاتصال والاجتماع.

الآن، بالنظر إلى الماضي والطريق الذي سلكته، أدافع عن خياراتي، لأنني لم أؤذي حياة أي شخص أو ممتلكاته في أي زمان ومكان، وجريمتي الوحيدة هي كوني مسؤولة أمام المجتمع، سأواصل الدفاع عن كفاحي ضد قوى داعش الإرهابية في كوباني، وسأواصل القتال حتى نهاية أي اضطهاد ضد المرأة، من كردستان إلى بلوشستان ومن إيران إلى أفغانستان، وحتى أمثل الحياة والمرأة، ويتم تحقيق الحرية.

وفي النهاية، أعلن أنه خلال العام الماضي لم يكن هناك أي شيء يثير أدنى شك في القيام بواجباتي الإنسانية تجاه المجتمع، وخاصة المرأة، ولن يحدث ذلك أبداً.

أنا امرأة كردية أعيش في الشرق الأوسط ولم تعش لنفسها، لقد فعلت وسأبذل كل ما في وسعي من أجل الحرية الاجتماعية لسكان المنطقة، لأن الحياة الحرة والقيمة تستحق أن تُمنح، يجب إما أن نعيش الحياة بكل معانيها ونتمتع فيها بالحرية أو لا ينبغي أن نعيشها أبداً".