تقريران دوليان يدعوان للمساواة بين الجنسين في لبنان
دعت هيئة الأمم المتحدة للمرأة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي في لبنان، إلى اتخاذ إجراءات عاجلة بشأن حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين، لتجنب الخسارة الفادحة في مكاسب النساء وحقوقهن
![](https://test.jinhaagency.com/uploads/ar/articles/2021/11/20220306-5-11-202111-jpg620178-image.jpg)
مركز الأخبار ـ .
في ظل الأزمة المتعددة الأوجه التي تمر بها لبنان، أصدرت هيئة الأمم المتحدة للمرأة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي، أمس الخميس 4 تشرين الثاني/نوفمبر، تقريرين خلال حلقة نقاشية استضافتها المنظمات الثلاث، أكدوا فيهما أن تلك الأزمات أنتجت معاناة إنسانية هائلة في كافة أنحاء لبنان.
وعقدت حلقة النقاش بحضور ممثلين عن الحكومة اللبنانية، وممثلي الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة الأمريكية والنرويج وكندا والمملكة المتحدة، بالإضافة إلى نساء رائدات وناشطات من مختلف مكونات المجتمع المدني.
وركزت الجهات الثلاث في التقريرين على الفرص الاقتصادية والسياسية لجميع النساء في البلاد، مؤكدين أن لبنان يواجه تراكم أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية، تفاقمت جميعها بسبب جائحة كورونا، معتبرين أن هذه الأزمات أنتجت معاناة إنسانية هائلة في أنحاء لبنان كافة.
وأشار التقريران إلى أنه وبالرغم من التقدم الذي أحرزه لبنان على صعيد المساواة بين الجنسين في قطاعي الصحة والتعليم، إلا أن النساء أكثر عرضة وبشكل كبير للبقاء دون عمل مقارنة بالرجال، وأنهن أقل قدرة على امتلاك المدخرات، ويتمتعن بفرص أقل لإدارة الأعمال، "النساء يقضين أكثر من خمس ساعات في اليوم لإنجاز الأعمال المنزلية ورعاية الأطفال، أي أكثر من ضعف الوقت الذي يخصصه الرجال لأعمال مماثلة".
ونوه التقريران إلى أن معدل تمثيل النساء في السياسة الرسمية في لبنان لا يزال من بين أدنى المعدلات عالمياً، مع تمثيل محدود للغاية في مجلس النواب والمجالس البلدية ومجلس الوزراء.
ودعا التقريران كل من الشركاء المحليين والدوليين إلى الاعتراف بمركزية حقوق النساء وعدالة النوع الاجتماعي في جهود التعافي والإصلاح كافةً، ووضع خارطة طريق للتحرك العاجل.
ويتضمن التقرير الأول الذي جاء تحت عنوان "المرأة في لبنان: قدرتها على الاختيار ومكانتها من الفرص الاقتصادية وتراكم رأس المال البشري"، تقييماً حول النوع الاجتماعي في لبنان مبني على معطيات البنك الدولي وهيئة الأمم المتحدة للمرأة.
ويشير التقرير إلى أن معظم النساء في لبنان عاطلات عن العمل، حيث تبلغ نسبة النساء غير الناشطات اقتصادياً 75%، وأن البطالة بين النساء في سوق العمل في تزايد مستمر.
وأكد التقرير أن الأُسر التي تعيلها نساء أكثر فقراً مقارنة بالأسر التي يعيلها رجال، وأقل دخلاً واستهلاكاً للغذاء، مما يعني أن تفكيك المكونات القائمة على النوع الاجتماعي والمكونات الأسرية يبقى أمراً حاسماً لتطوير وتوسيع نطاق السياسات والبرامج لصالح إدماج النساء اقتصادياً واجتماعياً.
بينما جاء التقرير الثاني الذي استند على معطيات التقرير الأول، مشتركاً بين هيئة الأمم المتحدة للمرأة والاتحاد الأوروبي، تحت عنوان "تحليل الاتحاد الأوروبي القطاعي القائم على النوع الاجتماعي: مراجعة قطاعية معمقة للحقوق النسوية والنسائية في لبنان".
وأكد التقرير الذي سعى لملء الثغرات المعرفية عبر استخدام تحليل تقاطعي لاحتياجات النساء في لبنان، أن "القوانين التمييزية وتحديداً قانون الأحوال الشخصية، تعزز من انتشار العنف المبني على النوع الاجتماعي في لبنان، في وقت تعجز فيه البلاد عن توفير الحماية القانونية الملائمة وسبل الانصاف للنساء، خاصةً الفقيرات منهن والمهاجرات واللواتي هن عرضة للانتهاكات".
ويغوص التقرير في مسائل العدالة الجندرية ويشدد على الحاجة الملحة لاستثمار واسع النطاق لمشاركة المرأة الاقتصادية، وتولي النساء مراكز قيادية ومشاركتهن في الفضاء العام والحياة السياسية، وتعزيز الحماية من العنف ضد النساء في القانون، المجتمع، والمؤسسات، ويدعو إلى زيادة الدعم بشكل كبير لحقوق النساء والجهات النسوية الفاعلة عبر المجتمع المدني.
وأشارت رئيسة مكتب هيئة الأمم المتحدة للمرأة في لبنان، راشيل دور ـ ويكس، خلال حلقة النقاش إلى أنه "من أجل تعافي لبنان وبناء أسس الاقتصاد والمجتمع المستقرين، ينبغي لنا أن نقبل ونعمل على إدراك أن أجندة حقوق النساء وأجندة الإصلاح في لبنان هما في الحقيقة أجندة واحدة".
فيما قالت رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية كلودين عون، "ندرك جيداً المخاطر التي تهدد إنجازات النساء في بلادنا، خصوصاً إذا ما استمرت الأزمة في التفاقم وإذا تباطأت الحلول"، مؤكدةً أن البلاد شهدت خلال العقد الماضي "تقدماً إيجابياً في نظرة المجتمع للنساء في مسائل متعددة، خصوصاً بين الشبان والشابات".
وقد أكد المدير الإقليمي لدائرة المشرق في مجموعة البنك الدولي ساروج كومار جاه، أنه "في فترات الهشاشة والأزمات، تواجه النساء أفدح الخسائر المترافقة مع عواقب غير مباشرة وطويلة الأمد على مستويات متعددة"، مشيراً إلى أن "لبنان يحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى معالجة الثغرات في فرص النساء الاقتصادية".
وأوضح أن البنك الدولي يعيد تأكيد التزامه بالأجندة الأساسية ويدعو الشركاء الدوليين إلى التكاتف في دعم الجهود الهادفة إلى تمكين النساء اللبنانيات وتفعيل دورهن في المجتمع.
بينما قال نائب رئيس الحكومة اللبنانية سعادة الشامي، "إن الحكومة تلتزم بخلق مجتمع أكثر عدالة، حيث تتوفر للنساء فرص المشاركة الكاملة في أجندة الإصلاح الاقتصادي"، مشيراً إلى أن الجهود المشتركة لجميع الجهات المعنية حاسمة لترجمة هذه الرؤية إلى إجراءات ملموسة يمكن أن تساعد في معالجة العوائق التي تحول دون المساواة بين الجنسين، وتتيح للمرأة تحقيق إمكاناتها الاقتصادية الكاملة.
وكان قد أوضح مرصد الأزمة في الجامعة الأميركية في بيروت العاصمة، وهي مبادرة بحثية تهدف إلى دراسة الأزمات في لبنان ورصد تداعياتها واقتراح طرق لمقاربتها، أن الوضع في لبنان يتجه إلى مزيد من التدهور على مستويات عدة.
وحدد مرصد الأزمة، خمسة تداعيات كبيرة من المتوقع أن تشهدها البلاد، منها ارتفاع كبير في معدلي البطالة والفقر، والذي سيؤدي لارتفاع معدلات العنف والجريمة، بالإضافة إلى زيادة الهجرة، وأزمة في القطاع الصحي، وتدهور مستوى التعليم، وأرجع ذلك إلى عدم وجود سياسة متكاملة لمواجهة الأزمة الاقتصادية، إلى جانب غياب الإرادة السياسية الحقيقية للحل والمواجهة.