تقرير سنوي يكشف عن تعرض الصحفيات للاعتداء ويؤكد على تراجع حرية الصحافة
كشف التقرير السنوي لواقع الحريات الصحفية عن نسبة الاعتداءات على الصحافيين والصحافيات في الفترة الممتدة بين 1أيار/مايو2021 و30نيسان/أبريل2022 التي وصلت214 اعتداءً، والتي تعد الأقسى منذ خمس سنوات.
زهور المشرقي
تونس ـ أكدت مشاركات في الندوة التي نظمت خلال مسيرة الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة أن تراجع حرية الصحافة في تونس في ظرف وجيز يُعتبر نكسة في المسار الديمقراطي الذي تعيشه تونس وهو مؤشر خطير يؤثر على حرية الوصول إلى المعلومة.
كشف التقرير السنوي لواقع الحريات في تونس الذي أعدته وحدة الرصد، بمركز السلامة المهنية بالنقابة الوطنية التونسية للصحافيين، عن واقع مرير تعيشه نساء ورجال الإعلام، حيث كشفت الأرقام التي تضمنها التقرير عن تحرشات جنسية تعرضت لها صحافيات بالإضافة إلى اعتداءات جسدية.
غلبت مشاعر الخيبة والإحباط، أجواء المسيرة، التي نظمتها إعلاميات وإعلاميو تونس، أمس الخميس 5 أيار/مايو، وهم يحتفلون باليوم العالمي لحرية الصحافة، حيث عبروا عن سخطهم على الأوضاع الاجتماعية الهشة والمتردية.
وفي ظلّ تراجع ترتيب تونس في مؤشر حرية الصحافة، رفعوا شعارات "سلطة رابعة لا خاضعة"، ودعوا إلى تكريس الحرية كمبدأ للعمل الصحفي وإتاحة النفاذ إلى المعلومة.
وقالت عضو وحدة الرصد بمركز السلامة المهنية التابعة للنقابة الوطنية للصحفيين خولة شبّح، في مداخلة لها، خلال الندوة التي عقدتها النقابة الوطنية للصحافيين التونسية، على هامش المسيرة، أن الوضع بات مزرياً ولا يمكن الصمت إزاء الاعتداءات المتكررة، التي عرقلت عمل الصحافيات والصحافيين وعطّلته.
وشدّدت خولة شبّح على أن الصحافيين عاشوا عاماً صعباً بفعل الاعتداءات العنيفة خاصة في شهر كانون الثاني الماضي، مشيرة إلى أنّ الإشكالية الحقيقية تكمن في استحالة الوصول إلى المعلومة، حيث سجلت نسبة 49 % من الاعتداءات لهذا السبب.
وكشفت عن نسبة الاعتداءات على الصحافيين والصحافيات في الفترة الممتدة بين 1أيار/مايو2021 و30نيسان/أبريل2022 التي وصلت214 اعتداءً، واصفة هذه الفترة بالأقسى منذ خمس سنوات.
وتحدثت على تأثير الفترة الاستثنائية التي تعيشها تونس منذ 25 تموز/يوليو على واقع الحريات الصحفية في تونس خاصة الملاحقات القضائية للصحافيين في قضايا أمن الدولة وقضايا إرهابية على خلفية محتويات إعلامية، كما تواصلت أزمة الحصول على المعلومة وتواتر وضع العوائق غير المشروعة في عمل الصحفيين وجهودهم في كشف الحقائق ونقل مختلف وجهات النظر.
وقالت خولة شبح أن هذه المضايقات تأتي ضمن الممارسات نتيجة جملة من الإجراءات والتدابير التي اتخذتها السلطة في إطار التضييق على حق الحصول على المعلومات والنفاذ إليها وكان أخطرها وأشدها وقعاً على الصحافيين ونتج عنه تسجيل عمليات حجب لأول مرة، لبعض وسائل الإعلام في تونس خلال الخمس سنوات الأخيرة، وهو ما قامت به رئاسة الحكومة بإصدار المنشورين 19 و20 حيث وضعت الحكومة عوائق أمام تمكّن الصحافيين من المعلومة من الإدارة التونسية عبر منع الموظفين والوزراء من التصريح.
كما انتقدت خطابات التحريض والتشهير عبر وسائل الإعلام وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي، والتي هددت حياة الصحافيين.
ومن جانبها قالت عضو النقابة الوطنية للصحفيين أميرة محمد، وهي تقدم التقرير السنوي لواقع الحريات في تونس التي تقهقرت لتحتل المركز 94 للسنة الحالية، بعد أن كانت في المرتبة 73 العام الماضي، بمعدل تراجع بلغ 21 نقطة، قائلةً "وضع السلطة الرابعة بات مقلقاً اليوم لا سيما مع تراجع ترتيب تونس مقارنة بالسنوات الماضية"، معبّرة عن أسفها من وصول القطاع لهذه الوضعية بعد الثورة التي أهدت الشعب التونسي حرية التعبير التي دافع وضحّى من أجلها التونسيين.
وأكّدت أميرة محمد أنّ تراجع حرية الصحافة في تونس في ظرف وجيز يُعتبر نكسة في المسار الديمقراطي الذي تعيشه تونس وهو مؤشر خطير قد يؤثّر على حرية تدفّق المعلومة والوصول إليها.
ولفتت أميرة محمد الانتباه إلى تهميش قطاع الإعلام منذ2011، مذكّرة بما قامت به الحكومات المنتمية لحركة النهضة لتدمير القطاع بسبب عدم وجود تشريعات واضحة أثّرت سلباً على وضعية أبناء القطاع إضافة إلى عدم وجود مؤسسات قوية تحميه، محمّلة الحكومة السابقة المسؤولية الكاملة في الضرب بالقطاع بسبب عدم تمرير الاتفاقيات التي كانت ستنظم المجال وتقوّيه.
وشيدت أميرة محمد بنضالات الصحافيات والصحافيين إلى اليوم للدفاع عن قطاعهم برغم كل حملات التشويه، مشدّدة على أن المعركة اليوم هي معركة دفاع عن الأساسيات وأبرزها للحق في الوصول والنفاذ إلى المعلومة من قبل كل الجهات في السلطة والدولة وهو حقّ كان من المفترض أن تكون تونس قد تجاوزته، ضمن إطار المنشور عدد 19 والذي يهدف إلى تفسير أحكام القانون الأساسي عدد 22 لسنة 2016 المؤرخ في 24 أذار/مارس 2016 المتعلق بالحق في النفاذ إلى المعلومة، وذلك لضمان حسن تطبيقه وتحقيق مختلف الأهداف التي يرمي إليها والمتمثلة في ضمان حق كل شخص طبيعي أو معنوي في النفاذ إلى المعلومة، بما يمكن أساساً من تعزيز مبدأي الشفافية والمساءلة وتحسين جودة المرفق العام ودعم مشاركة العموم في السياسات العمومية ومتابعة تنفيذها وتقييمها ودعم البحث العلمي.
وذكّرت بأن النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين قد راسلت الحكومة ورئاسة الجمهورية في العديد من المناسبات من أجل تسهيل هذا الحق لكن كل الطلبات جوبهت بعدم التجاوب والتجاهل التام.
وتطرّقت أميرة محمد إلى المشاكل التي تعيشها مختلف المؤسسات العمومية والخاصة، لافتةً إلى أن ما يعيشه قطاع الإعلام في تونس ليس بمعزل عما تشهده البلاد بعد وقبل 25 يوليو، مبرزة أن ما يعيشه القطاع نتيجة حتمية لسياسات تراكمت 10سنوات متتالية من قبل الحكومات المتعاقبة على السلطة.
ومن بين الأرقام التي سجلها التقرير 12 حالة احتجاز تعسفي، و3 حالات تحرش جنسي، و20 اعتداء لفظي، و105 اعتداء بحق الحصول على المعلومات ونقلها، و27 اعتداء جسدي، و26 حالة تحريض.