تقرير مغربي يكشف أرقاماً مخيفة حول العنف ضد النساء
كشف تقرير مغربي صدر أمس الأربعاء21 نيسان/أبريل، أرقاماً ومعطيات صادمة حول ظاهرة العنف الممارس ضد المرأة في البلاد.

المغرب ـ
سلطت المذكرة الحديثة التي صدرت عن المندوبية السامية للتخطيط وهي الهيئة المكلفة بالإحصاء في المغرب، الضوء على الاختلافات الرئيسية المتعلقة بتجليات العنف عند النساء والرجال في المغرب، وكذا تصورات الرجال حول العنف من أجل فهم أفضل لظاهرة العنف بمختلف مجالاتها وأشكالها.
وبينت نتائج البحث الوطني حول العنف ضد النساء والرجال لسنة 2019، أن 50 بالمئة من السكان الذين تتراوح أعمارهم بين (15ـ 74) سنة قد تعرضوا إلى فعل عنف واحد على الأقل خلال الاثني عشر شهراً التي سبقت البحث، 57 بالمئة منهم نساء، و42 بالمئة رجال.
النساء عرضة للعنف في جميع فضاءات العيش وبمختلف أشكاله
يعتبر الفضاء الزوجي هو الفضاء المعيشي الأكثر اتساماً بالعنف وذلك بالنسبة لكل من النساء والرجال، حيث أن 53 بالمئة من جميع أشكال العنف التي تتعرض لها النساء و39 بالمئة من جميع أشكال العنف لدى الرجال مرتكبة من طرف الشريك/ة.
كما أن من بين جميع أشكال العنف، يبقى العنف النفسي هو الشكل الأكثر انتشاراً، حيث يمثل 54 بالمئة من جميع أشكال العنف التي تتعرض لها النساء و73 بالمئة من العنف الذي يعاني منه الرجال.
ويُظهر تحليل العنف، بشكل عام، أن النساء يتعرضنَّ أكثر للعنف في جميع فضاءات العيش وبمختلف أشكاله. وهكذا وحسب نوع العنف، فإن الفارق بين معدلات انتشار العنف الذي تتعرض له المرأة والرجل هو 13 نقطة بالنسبة للعنف الاقتصادي، و12 نقطة بالنسبة للعنف الجنسي، و10 نقاط بالنسبة للعنف النفسي، ونقطتان بالنسبة للعنف الجسدي.
وحسب مجال العيش، يصل هذا الفارق إلى 16 نقطة في الفضاء الزوجي، و11 نقطة بالنسبة لمؤسسات التعليم والتكوين، و7 نقاط في الفضاء العائلي و3 نقاط في الأماكن العامة. أما بالنسبة لمكان العمل، فإن معدل انتشار العنف بين الرجال يفوق بنقطة واحدة معدل انتشار العنف بين النساء.
ووفق نتائج المذكرة الحديثة فإن هناك فرق كبير بين أشكال العنف الذي تعاني منه النساء والرجال وذلك في مختلف فضاءات العيش.
ويتوزع العنف الممارس ضد النساء على أشكال مختلفة؛69% نفسي، 12% اقتصادي، 11% جسدي، 8% جنسي. كما أن النساء المتزوجات هنَّ الأكثر معاناة من العنف الزوجي بجميع أشكاله.
أما بالنسبة للفضاء العائلي، فيمثل العنف النفسي، الذي يحتل المرتبة الأولى في جميع فضاءات العيش، ما يقرب من ثلاثة أرباع مجموع العنف الذي يعاني منه كل من النساء والرجال. ويختلف توزيع أشكال العنف الأخرى حسب الجنس، حيث يعود المركز الثاني في هذا الفضاء للعنف الاقتصادي بالنسبة للنساء وذلك بنسبة 17 بالمئة من مجموع أشكال العنف الممارس ضد المرأة (مقابل 6 بالمئة عند الرجال).
وبالنسبة لفضاءات العيش الأخرى، تمثل نسبة العنف الجنسي 21 بالمئة من مجموع أشكال العنف المرتكب ضد المرأة في مكان العمل، و37 بالمئة في مؤسسات التعليم والتكوين و42 بالمئة في الأماكن العامة.
ووفقاً لتصورات الرجال، فالأماكن العامة هي التي شهدت زيادة ملحوظة للعنف على مدى السنوات الخمس الماضية إذ يعتقد أكثر من 78 بالمئة منهم أن العنف ازداد بنسبة (79 بالمئة في الوسط الحضري و75 بالمئة في الوسط القروي).
ويأتي السياق الزوجي في المرتبة الثانية من حيث زيادة العنف حسب 58 بالمئة من الرجال (59% في الوسط الحضري و55% في الوسط القروي). ويُلاحظ تزايد العنف الزوجي، بشكل خاص، من قبل الرجال المطلقين (64%) والذين تتراوح أعمارهم بين 45 و59 سنة (61%).
وتُعزى هذه الفجوة بين تجارب وتصورات العنف أساساً، إلى الجانب العام للعنف في الأماكن العامة وتغطيته الإعلامية المتزايدة عبر شبكات التواصل الاجتماعي مما يجعله أكثر وضوحاً وبالتالي أكثر لفتاً للانتباه، على عكس العنف المنزلي والمؤسساتي المتميزان بطابعهما الخاص أو الذي يعاش في صمت.
المرأة أكثر عرضة للعنف
ينظر إلى النساء على أنهنَّ الفئة الاجتماعية الأكثر عرضة للعنف من قبل 42 بالمئة من الرجال، بينما ينظر إلى فئة الرجال على هذا النحو من قبل 6 بالمئة فقط منهم.
وفيما يتعلق بتطور العنف خلال السنوات الخمس الماضية، فقد ازداد العنف ضد المرأة حسب تصور 55 بالمئة من الرجال وازداد العنف ضد الرجال حسب 49 بالمئة منهم وضد الأطفال حسب 48 بالمئة من الرجال.
بالإضافة إلى ذلك، يعتقد 64 بالمئة من الرجال أن العنف الجنسي قد ازداد ضد النساء ويعتقد 52 بالمئة أنه قد ازداد ضد الأطفال خلال السنوات الخمس الماضية.
الفقر والصراعات ذات الطابع المادي وانعدام التواصل أهم أسباب العنف الزوجي
بغض النظر عن خصائصهم الاجتماعية والديموغرافية، يعزي الرجال حدوث العنف، قبل كل شيء إلى العوامل المادية والاجتماعية والاقتصادية كالفقر والبطالة وكذلك إلى مشاكل في التواصل. ويوجد بالتأكيد اختلافات وفقاً لخصائص معينة ووفقاً للمجالات المدروسة.
فيما يتعلق بالعنف الزوجي، تذكر الصراعات ذات الطابع المادي كأسباب رئيسية لحدوث العنف من قبل 39 بالمئة من الرجال الحضريين. أما في الوسط القروي، فيُشار إلى الفقر بالدرجة الأولى من قبل 44 بالمئة من الرجال.
ويمثل هذان العاملان مجتمعان، عوامل الخطر الرئيسية للعنف الزوجي بالنسبة لأكثر من 74 بالمئة من الرجال (73% في الوسط الحضري و77% في الوسط القروي).
ويعزي أكثر من 6 بالمئة من الرجال حدوث العنف الزوجي إلى مشاكل التواصل؛ 9 بالمئة بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين (15 ـ 24) سنة وكذلك بين الرجال الحاصلين على مستوى تعليمي عالي.
وبغض النظر عن خصائصهم الاجتماعية والديموغرافية، تم ذكر ثلاثة عوامل رئيسية لحدوث العنف في الفضاء العام من قبل الرجال، ويتعلق الأمر بالفقر (40%)، تعاطي المخدرات والكحول (21%)، المستوى التعليمي والثقافي المتدني لمرتكبي العنف (8%).
النموذج التقليدي لتقاسم الأدوار بين الرجل والمرأة يرفع من نسب العنف
غالباً ما تكون العلاقات المتحيزة للسلطة والقوة بين الجنسين من الأسباب الرئيسية للعنف المرتكب خاصة في مجالات العيش حيث يكون هذا النوع من العلاقات متكرراً ولاسيما في المجال الزوجي.
وتم رصد تصورات الرجال حول علاقات السلطة والسلطة المرتبطة بالنوع الاجتماعي، فيما يتعلق بتقسيم الأعمال المنزلية بين الرجال والنساء، قال ما يقرب من 9 بالمئة من الرجال بشكل قاطع أن "مشاركة الرجل في الأعمال المنزلية تحط من قدره وتقلل من قيمته". وتبقى هذه النسبة أعلى بين الرجال القرويين (12% مقابل 6% من الحضريين) وبين الذين ليس لديهم أي مستوى تعليمي (15% مقابل 5% لمن لديهم مستوى عال) وبين الرجال الذين تبلغ أعمارهم 60 سنة فأكثر (12% مقابل 8% للبالغين من العمر 15 إلى 24 سنة).
وفيما يتعلق بتقاسم السلطة داخل الأسرة بين المرأة والرجل، فإن 15 بالمئة من الرجال يعارضون بشكل قاطع تقاسم السلطة بين الزوجين و10 بالمئة يعارضونها إلى حد ما. ويتم التعبير عن التصورات المعارضة بشكل قاطع لتقاسم السلطة بين الزوجين بالخصوص من قبل الرجال القرويين (18% مقابل 14% بين الحضريين) ومن بين الذين ليس لديهم أي مستوى تعليمي (22% مقابل 11% بين أولئك الذين لديهم مستوى تعليمي عالٍ).
وفي نفس السياق، فإن غالبية الرجال 63 بالمئة والقرويين بالخصوص (70% مقابل 59% من الحضريين) يجدون أنه من الطبيعي أن تكون الكلمة الأخيرة للزوج في جميع المسائل المتعلقة بشؤون الأسرة. وتبلغ هذه النسبة 74 بالمئة بين الرجال دون أي مستوى تعليمي مقابل 45 بالمئة بين الحاصلين على مستوى تعليمي عال.
كما أن هناك جانب آخر للسلطة الذكورية تم التطرق إليه ويتعلق بالتعبير عن الآراء بين الشركاء. وهكذا فإن 33 بالمئة من الرجال لا يقبلون أن تتعارض المرأة مع رأي شريكها حتى لو لم تقتنع به. وترتفع هذه النسبة بشكل خاص بين القرويين (41% مقابل 28% من الرجال في المدن)، والرجال الذين تبلغ أعمارهم 60 سنة فأكثر (38% مقابل 32% بين الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و34 سنة) والرجال الذين ليس لديهم أي مستوى تعليمي (44% مقابل 16% بين الرجال الحاصلين على تعليم عالٍ).
ثلث الرجال مع ضرب الزوج لشريكته
أظهرت نتائج البحث، أن ما يقرب من ثلثي الرجال (64%) يرفضون لجوء الزوج إلى العنف ضد شريكته مهما كان السبب. ومع ذلك، وجد أكثر من 25 بالمئة من الرجال أن للزوج الحق في ضرب وتعنيف زوجته إذا خرجت بدون إذن منه و15 بالمئة إذا أهملت رعاية الأطفال.
ويوافق أكثر من 7 بالمئة على أحقية الزوج في ضرب زوجته إذا رفضت ممارسة الجنس معه و6 بالمئة إذا أهملت العمل المنزلي و6 بالمئة إذا عارضته أو خالفته.
يعتبر سبعة رجال من كل عشرة أن العنف المنزلي مسألة خاصة ويفضل أكثر من ثلاثة من كل عشرة رجال عدم التدخل في حالة العنف بين زوجين بحيث تعكس التصورات الأخيرة آراء متمركزة ذات منظور ذكوري لا تزال مترسخة في المجتمع والتي يمكن توضيحها أيضاً من خلال تصورات الرجال لتقبل العنف الزوجي ومبرراته الاجتماعية، على وجه الخصوص، بعض التصريحات مثل "يجب على المرأة أن تتحمل العنف الذي يرتكبه الشريك للحفاظ على استقرار أسرتها" و "أن تعتبر هذا العنف أمراً خاصاً لا ينبغي الكشف عنه للآخرين".
وهكذا، يتفق 40% من الرجال على أن "على المرأة أن تتحمل العنف الذي يمارسه الزوج للحفاظ على استقرار الأسرة"، 15% منهم يتفقون بشكل قاطع و25% يتفقون إلى حد ما. ويبقى هذا التصور أعلى حدة لدى الرجال دون أي مستوى تعليمي (50% مقابل 22% من بين الحاصلين على تعليم عالٍ) ولدى الرجال القرويين (48% مقابل 36% بين الرجال الحضريين) وكبار السن الذين تتراوح أعمارهم بين 60 و74 سنة (46% مقابل 37% بين البالغين 15 إلى 34 سنة).
وفي هذا الصدد، طرح الرجال عموماً أسباباً اجتماعية لتبرير استمرار العلاقة الزوجية مع الشريك العنيف. 72% من الرجال يعزون ذلك بشكل رئيسي إلى وجود الأطفال لدى الزوجين و6% إلى وجود العلاقات العائلية و4% إلى نقص الموارد لدى المرأة.
وبالإضافة إلى ذلك، اتفق 42 بالمئة من المستجوبين (51% في الوسط القروي)، بشكل قاطع، على أن العنف بين الزوجين هو مسألة خاصة لا ينبغي للزوجة الإفصاح عنها بأي شكل من الأشكال، بالإضافة إلى 28 بالمئة الذين اتفقوا إلى حد ما على ذلك. مما يمثل مجموع 70 بالمئة من الرجال الذين يؤيدون هذه الفكرة (76% في الوسط القروي و66% في الوسط الحضري).
أكثر من نصف الرجال لا يعرفون القانون 103-13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء
من ناحية أخرى، أكثر من نصف الرجال (57%) ليسوا على علم بوجود القانون 103-13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء. وتبقى هذه النسبة أعلى في الوسط القروي (695% مقابل 51% في الوسط الحضري) وبين الرجال دون أي مستوى تعليمي (74% مقابل 30% من ذوي المستوى التعليمي العالي).
أما فيما يتعلق برضا الرجال عن هذا القانون، فإن 17% منهم يعتبرونه كافياً لضمان الحماية الكاملة للنساء من العنف مقابل 31% من الرجال الذين يعتبرونه غير كافٍ وخاصةً سكان المدن (35%) وذوي المستوى التعليمي العالي (41%).
خلاصة
يكشف تحليل تصورات الرجال للعنف بشكل عام عن وجود فجوة بين تجربة الرجال وتصورهم لفضاء العيش الأكثر اتساماً بالعنف وشكل العنف الأكثر انتشاراً، فإذا كان الفضاء الزوجي والشكل النفسي يسجلان أعلى معدلات لانتشار العنف، فإنه يُنظر إلى الأماكن العامة كالمجال الأكثر تميزاً بالعنف والعنف الجسدي كالشكل الأكثر شيوعاً.
وبالإضافة لذلك، فعلى الرغم من الوعي الذكوري بتعرض المرأة للعنف، فإن تحليل تصورات الرجال للأدوار الاجتماعية وعلاقات السلطة بين الزوجين يعكس استمرار النموذج التقليدي لتقاسم الأدوار بين الرجل والمرأة في إطار الزواج، وحق الزوج في الإساءة أو ضرب زوجته لأي خطأ واعتبار العنف الزوجي شأناً خاصاً بين الزوجين لا يجب الإفصاح عنه، لاسيما بين الرجال القرويين والأقل تعليماً والأكبر سناً. وتمثل هذه التصورات الذكورية عامل خطر رئيسي للعنف الذي من شأنه أن يساعد على ارتكاب واستمرار العنف ضد المرأة.