تجمع نساء عدن يقيم وقفه احتجاجية ثانية يندد باستمرار انهيار العملة المحلية
نظم تجمع نساء عدن وقفة الاحتجاجية ثانية في العاصمة عدن، للتنديد باستمرار التدهور الاقتصادي وانهيار العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية
نور سريب
اليمن ـ .
يشهد اليمن الذي يعيش مرحلة حرجة من التدهور الاقتصادي والمعيشي وانهيار العملة الناتج عن حالة عامة من عدم الاستقرار الاقتصادي الكلي، احتجاجات واسعة تندد بالتقاعس عن إيجاد الحلول الفورية، في الوقت الذي حذرت فيه الأمم المتحدة من أن استمرار هبوط قيمة العملة المحلية يزيد من تفاقم أزمة الجوع ويرفع أسعار السلع الغذائية إلى الضعفين.
وندد تجمع نساء عدن الذي يطالب بإصلاحات وخدمات تعد حق طبيعي ومشروع ومن أساسيات الحياة الكريمة، خلال الوقفة الاحتجاجية النسائية الثانية التي نظمت الثلاثاء 5تشرين الأول/أكتوبر، بالتدهور الاقتصادي المستمر الذي أصبح يهدد كل نواحي الحياة.
مخاطر انهيار العملة
وعلى هامش الوقفة الاحتجاجية قالت يسرى محمد لوكالتنا "الانهيار الاقتصادي أثر على الجميع وأنا كتربوية أصبح مرتبي اليوم يساوي مائة وخمسون ريال سعودي يعني خمسون دولار، وهذا مبلغ لا يساعد أي إنسان على عيش حياة كريمة في أي بلد".
وعن مدى تأثر الطلاب والتعليم بانهيار العملة قالت "انهيار الاقتصاد في البلاد تسبب في فقر العديد من العائلات، هناك حالات إغماء بين الطالبات في المدارس نتيجة سوء التغذية، فهم يقضون معظم وقتهم في المدرسة دون تناول شيء لأنهم لا يملكون المال، فلكم أن تتخيلوا أن الطالبات تذهبن إلى المدرسة وهن يتضورن جوعاً بسبب اختلال ميزانية الأسر التي لم تعد الأجور التي تتقاضاها تكفي لتأمين قوت العائلة".
وأضافت يسرى محمد "هذه بعض الحالات التي شاهدناها، هناك العديد من الطلاب حرموا من الزي والأدوات المدرسية نظراً لارتفاع أسعارها، فعائلاتهم لم تكفيها قدرتها المالية على شراء الزي لأطفالها"، مشيرةً إلى أن كل ذلك انعكس على سير عملية التعليم.
وتخشى يسرى محمد أن يصلوا لمرحلة يتوقف الكثير من الطلاب عن ارتياد المدرسة بسبب عدم قدرتهم على تحمل تكاليف احتياجات الدراسة في ظل ارتفاع العملة وتدهور الاقتصاد "لولا أن الدراسة مجانية في المدارس الحكومية ومتاحة للجميع لكانت الأمية افترست الجميع".
وكانت قد حذرت الأمم المتحدة من انهيار كامل في البلاد التي يعاني فيها أكثر من نصف السكان من انعدام الأمن الغذائي الحاد ويقترب خمسة ملايين شخص من المجاعة.
فيما أشار مكتب ممثل منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن في تقرير إن "أسعار المواد الغذائية ارتفعت بنحو 60 بالمئة في بعض أجزاء اليمن منذ بداية العام الجاري، مدفوعة بانهيار الريال اليمني... وتكثيف الاستهلاك الغذائي غير الكافي".
وطالبت يسرى محمد الجهات المعنية الاستعانة بخبراء الاقتصاد لإيجاد الحلول المناسبة والحد من الانهيار الاقتصادي قبل أن يتفاقم الوضع أكثر، "على جميع الأطراف التوقف عن تبادل التهم فيما بينهم، يجب عليهم العمل بشكل متكامل فعدن وأهلها لا يستحقون كل هذا".
ويواجه اليمنيون صعوبات بالغة في توفير احتياجاتهم من الغذاء والدواء وغيرها، مع استمرار العملة المحلية بالانهيار بتجاوزها لمستويات قياسية غير مسبوقة، في ظل تبادل اتهامات بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي المسيطر فعلياً على مدينة عدن العاصمة المؤقتة للحكومة المعترف بها دولياً.
ومن جانبها قالت الاستاذة الجامعية ياسمين باغريب "نعيش أوضاع مأساوية، من غلاء للأسعار وانهيار للاقتصاد وتدهور للعملة"، وعن النتائج الناجمة عن تلك المشاكل تقول "أدى كل ذلك إلى تفاقم الأوضاع المعيشية الصعبة، وارتفاع نسبة البطالة، والتفكك الاجتماعي، بالإضافة إلى انتشار الجريمة والفساد في كافة القطاعات، وتدهور التعليم، وانهيار المنظومة الصحية في ظل انتشار الأوبئة والأمراض المختلفة وعجز المواطن عن إيجاد الحلول لكل الآلام والمعاناة التي يمر بها".
وأضافت "كما أدت إلى ارتفاع نسبة الانتحار والطلاق وتفكك الأسرة وسوء العلاقات الاجتماعية، كل هذا جعلنا نحن كنساء نخرج بوقفة سلمية نطالب بالتغلب على كل المشاكل الناجمة عن الانهيار الاقتصادي".
مطالب وتأييد شعبي
وقد تضمن البيان الختامي للوقفة الثانية عدة مطالب ترتبط بحق الحياة الكريمة وتصب في إطار المصلحة العامة لكافة أهالي المدينة، وحظيت الوقفة الاولى والثانية بتأييد جماهيري مساند للمطالب التي رفعتها النساء في مختلف المواقع والصفحات الالكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي.
ودعا تجمع نساء عدن في وقفته الثانية الجهات المسؤولة إلى تحمل مسؤوليتها وسرعة القيام بالمعالجات الضرورية التي من شأنها أن تخفف من معاناة هذا الشعب ووضعه المعيشي الصعب.
وأدان البيان كل طرق الفساد التي أدت إلى الغلاء الفاحش سواء في المواد الغذائية أو المواصلات والبترول في عدن وغيرها، وطالبوا الحكومة بسرعة إيجاد الحلول لإصلاح منظومة الكهرباء والمياه والصحة والتعليم وغيرها من القطاعات الخدماتية.
كما طالب البيان بإنهاء المظاهر المسلحة ومنع ظاهرة حمل السلاح التي تسببت في انتشار الجريمة بمختلف صورها، وشدد على أهمية وقف التلاعب بسوق الصرف ومنع كل الطرق الغير قانونية التي أدت لتدهور قيمة العملة المحلية.
والجدير ذكره أن الوقفة الاحتجاجية تزامنت مع زيارة المبعوث الأممي الجديد إلى اليمن هانس غروندبرغ الذي وصل لعقد عدة لقاءات سياسية في المدينة، ومن المقرر أن يعلن تجمع نساء عدن في وقت لاحق عن موعد وقفته الاحتجاجية الثالثة لاستمرار الاحتجاجات السلمية.
وتعد أزمة انهيار العملة أحد أبرز انعكاسات الأزمة الاقتصادية التي تعصف باليمن، الناتجة عن الحرب الدائرة منذ عام 2015، وسط انقسام مالي وعدم توفر النقد الأجنبي الكافي جراء توقف تصدير النفط والغاز.