تضامن وسط الدمار... السويداء تنهض بسواعد نسائها

لعبت نساء السويداء دوراً محورياً في مواجهة تداعيات التصعيد الأخير، فلم تقتصر مشاركتهن على الدعم المعنوي، بل امتدت إلى الميدان الطبي واللوجستي، حيث ساهمن في إنقاذ الجرحى وتنظيف المشافي وتوزيع الأدوية وسط ظروف قاسية وروائح الموت.

روشيل جونيور

السويداء ـ تشهد مدينة السويداء السورية انتهاكات مأساوية وصادمة، عقب مواجهات بين فصائل محلية درزية ومجموعات مسلحة تابعة لجهاديي هيئة تحرير الشام، حيث كشفت صور وتقارير ميدانية حجم الدمار البشري والمادي، في ظل تحذيرات من كارثة إنسانية وبيئية وشيكة.

بالرغم من تصاعد الانتهاكات التي أثقلت كاهل مدينة السويداء السورية وخلفت وراءها الحطام والمآسي، حملت النساء مسؤولية النهوض بمجتمعهن وسط الأنين وروائح الموت، وفي قلب الفوضى والدمار برزت مشاهد لافتة من التكاتف الشعبي والتضامن الإنساني، حيث جسدت النساء أسمى معاني الشجاعة والعطاء، رافضات الوقوف على الهامش، بل تقدمن الصفوف بإرادة لا تعرف الانكسار.

 

"من دورة تمريض إلى خط المواجهة الأول"

من داخل المشفى الوطني، حيث يمتزج الألم بالأمل تحدثت لوكالتنا رشا كشور لم تأتِ إلى المشفى كمساعدة طبية، بل كمواطنة تنقل أخاها المصاب، لكن ما رأته دفعها للتخلي عن فكرة المغادرة، فقررت البقاء لتكون جزءاً من الفريق المنهك في ساحة المواجهة، وتقول "قدمت إلى المشفى الوطني بسبب إصابة أخي في اليوم الأول من الأحداث، إذ قمت بإسعافه، فشعرت بحاجة المشفى كله للمساعدة. منذ اليوم الأول بدأت بمساعدتهم في الإسعافات الأولية رغم أني لم أدرس التمريض، فقط خضعت لدورة".

وأوضحت "في اليوم الثاني، قمت بتأمين الدواء من سيرومات وسيتامول وأدوية التهاب، كما شاركت بتفريغ سيارات الهلال الأحمر وتنظيف المشفى".

 

 

"هربنا من الموت... ووجدنا الموت في الطريق"

القصة الأخرى كانت لـ سماهر شيا التي غادرت قريتها سميع في الريف الغربي للسويداء، خوفاً من القذائف حاملة رعب النزوح، وجراح الحرب، والولادة المنتظرة.

تسرد سماهر بمرارة تفاصيل المأساة "عندما تناهى إلى أسماعنا أنهم سيدخلون قريتنا بالدبابات، هربت من بيتي مع زوجي وبناتي الثلاث، وأنا حامل بالشهر الأخير كنا ننتظر أي سيارة لمساعدتنا للهروب خارج القرية، وإذ بطيارة مسيرة تقصفنا واصاب زوجي، عشنا لحظات رعب وخوف خاصة أطفالي، بصعوبة وصلنا إلى السويداء لإدخال زوجي إلى المشفى، وبقينا هناك 11 يوماً، عند وصولنا المشفى رأينا الجثث بأعداد كبيرة، والروائح كانت قوية جداً. الوضع كان سيئاً ومأساوياً وشعرنا بالضيق الشديد".

وأضافت "الآن نحن مشردون، بيوتنا سرقت واحترقت، ولم يتبق لنا شيء من أملاكنا وعندما نخرج من المشفى لا ندري إلي أين نتجه".

 

 

"نحن خنساوات السويداء"

منال الحناوي رئيسة جمعية الجوهرة الخيرية لم تنتظر دعوةً رسميةً لتقديم يد العون، بل بادرت هي وزميلاتها إلى حمل معاناة أبناء السويداء على أكتافهن تقول "منذ يومين بدأنا العمل في المشفى، جئنا بدافع الفزعة لأهلنا في ظل هذه الظروف القاسية التي ألمّت بالسويداء. نحاول المساعدة قدر المستطاع. بالأمس نقلنا المساعدات الطبية، واليوم قمنا بتنظيف المشفى الذي كانت تفوح منه رائحة الموت".

وأكدت "نحن في السويداء جسدٌ واحد؛ تقاسمنا الماء والخبز، كنا سباعها وخنساواتها، سنكون يداً واحدة لا تنكسر، ولن نتخلَّ عن أحد".