"صورة المرأة في الكاريكاتير العربي" دراسات وأبحاث مرتقبة تناقش رجعية هذا الفن وتأثيره
هناك مجموعة من العناصر تؤثر على ثقافة المجتمعات تجاه المرأة، وترسخ ما هو مشاع عنها من تنميط وأهمها الفنون بمختلف أنواعها، ويحتل الصدارة منها الكاريكاتير العربي بشكل عام.
أسماء فتحي
القاهرة ـ تحتاج صورة المرأة في الكاريكاتير العربي لقدر من المراجعة خاصةً أنها تأصل لمجموعة من الأفكار الأقرب للرجعية والتي تساهم في التطبيع مع تنميط دور المرأة الاجتماعي والاقتصادي والسياسي لما لهذا الفن من تأثير قوي في نفوس محبيه وقربه بشكل عام من مختلف الطبقات والفئات الاجتماعية المتنوعة.
تنبهت منظمة المرأة العربية للجانب الثقافي والإعلامي ودوره القوي في التأثير على المجتمعات التي يخاطبها خاصةً فيما يتعلق بالمرأة فأعدت مناقشة ثرية حول "صورة المرأة في الكاريكاتير العربي" شارك بها عدد ليس بالقليل من الرموز الثقافية من عدة بلدان لبحث مدى رجعية هذا الفن، وسبل تفادي تأثيره السلبي على المهتمين والمحبين له تمهيداً لدراسة مرتقبة، وكذلك عمل بحثي وخطة عمل للاستفادة من التأثير المباشر لهذا الفن على جمهوره في محالة لاستخدامه على نحو أفضل لصالح النساء والأطفال مستقبلاً.
وتناولت الجلسة النقاشية التي نظمت عبر تقنية الزوم الممهدة للدراسة والبحث في تلك القضية ما يقدمه ذلك الفن من خدمة رمزية للمرأة وسبب اعتبارها مادة ثرية للسخرية، وسبل تحويل مسار هذا اللون المميز لخدمة قضايا النساء، وما إن كانت هناك إمكانية في زيادة معدل الوعي والحساسية الجندرية لدى صانعيه بما لا يتعارض مع حرية التعبير والإبداع الفني المرغوب من هذا اللون.
لهذه الأسباب اتجهت منظمة المرأة العربية للتعاطي مع تلك القضية الحيوية
قالت المديرة التنفيذي لمنظمة المرأة العربية فاديا كيوان، لوكالتنا إن بحث "صورة المرأة في الكاريكاتير العربي" يأتي في إطار اهتمامهم بالموضوع الثقافي والإعلامي والتربوي نتاج ما تم لمسه من خلال الدراسات والأبحاث وتصريحات المسؤولين، من دور قوي له في التأثير على قضايا المرأة، وتحديداً في تبديل الصور النمطية الشائعة حول الجنسين.
واعتبرت فاديا كيوان أن الثقافة السائدة لها مساهمة واضحة إما في إعادة إنتاج أدوار نمطية أو تطوير السلوكيات الاجتماعية باتجاه تقبل المساواة بين الجنسين، مضيفةً أن المنظمة لديها مجموعة من الأنشطة في الاتجاه الثقافي الإعلامي منها ورشة العمل التي تمت حول صورة المرأة في الكاريكاتير العربي.
وأكدت على أن المشاركة كانت واسعة وغنية وفيها رسامين كاريكاتير من عدة دول عربية وبعض الكتاب الذين يمارسون النقد الأدبي والفني، معتبرةً أنها جعلت ذوي الصلة يفكرون بشكل جدي بتأثير هذا اللون الفني الساخر على المجتمعات والبعض قام بنقد ذاتي في الاتجاه نحو تصويب الموقف الراهن والشائع.
ولفتت فاديا كيوان إلى أن العمل سيستمر بالقطاع الثقافي التربوي بما فيه الإعلام بالتعاون مع الآليات الوطنية في الدول الأعضاء، وكذلك منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية على اختلافها للعمل على تطوير المفاهيم والإدراك والسلوكيات الاجتماعية بصورة خاصة، مشيرةً إلى أن وضع التشريعات لا يكفي منفرداً بدون العمل على الثقافة المتأصلة لدى الشعوب المختلفة تجاه المرأة ودورها في المجتمع.
وأضافت أن هناك مواقف شجاعة في الكثير من الدول تجاه التشريعات ومنها الحكومة المصرية على سبيل المثال التي أبدت إرادتها السياسية الحاسمة والواضحة في مجال نصرة المرأة وتذليل كل العقبات أمامها، ولكن هذا الأمر يجب أن يستكمل بتطوير السلوكيات الاجتماعية والسعي للتأثير في المضامين المتداولة التي تجعل الشعب نفسه يفكر بطريقة مختلفة.
رغم الجهود المبذولة 20% فقط من النساء تعملن في المجال الاقتصادي
بذلت العديد من الجهود من أجل إتاحة المجال أمام المرأة والضغط من أجل منحها فرص التعلم والاختيار وكذلك المشاركة السياسية وكان للمجتمع المدني بالتعاون مع المؤسسات الحكومية والمنظمات الدولية دور هام ومحوري في هذا الأمر.
ومع كل ذلك أكدت فاديا كيوان على أن معدل مساهمة النساء في المجال الاقتصادي لا تتجاوز 20% في الوطن العربي رغم الجهود التي لا اختلاف على ارتفاع معدلها في الآونة الأخيرة بمختلف البلدان.
وترى أن فن الكاريكاتير واحد من ألوان التعبير التي عليها قدر من المسؤولية تجاه الصورة التي يقوم بتناولها عن المرأة قائلةً "لا يجب أن تصبح النساء محط المهزلة والسخرية والاستهزاء"، مطالبة المبدعين بمراعاة حساسية الجندر أثناء تناول هذا الأمر، وكذلك العمل على تغيير الثقافة السائدة حول المرأة وتبني قضاياها.
توصيات منظمة المرأة العربية بشأن "صورة المرأة في الكاريكاتير العربي"
استعرضت أستاذ الإعلام المساعد بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في مصر أسماء فؤاد، نتائج دراسة "صورة المرأة في الكاريكاتير العربي" والتي استهلتها بنسبة ظهور المرأة في الرسوم التي تعبر عن الجانب الاجتماعي والمقدرة بنحو 36.9%.
وأكدت على أن السمات السلبية الخاصة بالنساء في الرسوم قدرت بنحو 21 سمة بتكرار يقدر بنحو 1166 مقابل نحو 9 فقط، بتكرار يقدر بنحو 503، مضيفةً أن السمات السلبية دليل واضح على استخدام المرأة كمادة للسخرية في تمييز نوعي واضح وتنميط نقده بعض المشاركين المعنيين بالأمر بل وأكدوا أنه يحتاج فعلياً لإعادة تفكير وتصويب إن استلزم الأمر ذلك.
والجدير بالذكر أن منظمة المرأة العربية أصدرت توصياتها عن الحلقة النقاشية في بيان رسمي صادر عنها جاء فيه "أنهم سيعملون على تنفيذ إصدار رسمي للحلقة النقاشية، وذلك لتضمين جميع الآراء التي تضمنتها مداخلات ومناقشات الحضور".
كما قررت المنظمة "القيام بعمل بحثي حول فن الكاريكاتير ليس فقط في دولة واحدة بل في العالم أجمع لأن تلك القضية عامة، فضلاً عن التفكير في إطلاق جائزة لمجموعة كاريكاتير تكون أكثر دلالة على أمور يحملها المستقبل لكي يكون أكثر تنوراً بالنسبة للمرأة والفتاة، وكذلك التوجه للأطفال والناشئين بإنتاج يحترم إبداع الفنانين ويحمل رسالة ولا يعكس البيئة فقط إنما يدفع نحو التطور".