شقيقتان أرمنيتان تناضلان ضد الإبادة الجماعية

تؤكد الشقيقتان أنكيرا أنوس ولوسين هاكوبيان، المنضويتان تحت راية كتيبة نوبار أوزانيان الأرمنية، أن هجمات الإبادة الجماعية مستمرة منذ زمن العثمانيين "نحن على استعداد لحماية شعبنا في كل مكان".

سورغول شيخو

الحسكة - تعرض الأرمن في شمال كردستان وتركيا لإبادة جماعية من قبل العثمانيين عام 1915، وإلى اليوم يواصل الشعب الأرمني مواجهة الإبادة الجماعية بالكفاح والنضال من أجل حماية الشعب وثقافته وهويته.

تأسست كتيبة الشهيدة نوبار أوزانيان للأرمن في شمال وشرق سوريا عام 2015، بهدف حماية الشعب الأرمني وثقافته وتاريخه ووجوده وهويته، وتحدثت وكالتنا مع شقيقتان أرمنيتان انضمتا إلى الكتيبة.

 

الأحفاد سينالون حق أجدادهم المسلوب

تحدثت أنكيرا أنوش عن الحقائق التي نقلها أجدادها حول الإبادة الجماعية التي ارتكبها العثمانيون بحقهم، "لطالما كانت جدتي تخبرنا عن المذبحة حيث كانت تقول لن أنسى أبداً 24 نيسان 1915-1916، ألقيت عظام موتانا في الشوارع، تم شنق وقتل العلماء والمثقفين والطلاب، قتل مليون ونصف من النساء والأطفال وكبار السن واختفت مئات الآلاف من النساء وجزء كبير منهم انصهروا ضمن الكرد والعرب والترك، قتلوا عند ضفاف الأنهار واختلطت دمائهم بمائها، لم يكتفوا بذلك فحسب فقد قام العثمانيون باغتصاب النساء، ووضعوا علامة على يد المرأة المغتصبة، بحيث يمكن بيعها مرة أخرى ولكن بثمن بخس وبقيت هذه العلامة لسنوات ولكي لا تنسى ما حصل لها طالما بقيت على قيد الحياة، هذا الألم لا يمكن نسيانه، كانوا يقتلون العالمات والمثقفات، وعلى امتداد شمال كردستان وشمال وشرق سوريا وحلب تعرض الأرمن لمجازر جماعية، وبعد مئات السنين تستمر نفس المجزرة ولكن بأسماء أخرى على نفس الجغرافيا وضد العديد من الشعوب التي يقطنونها".

 

"لا يمكنهم إخفاء هذه المذبحة"

أكدت إن الدولة التركية تبني وجودها على إبادة الأمم الأخرى، "بسبب تقدم الشعب الأرمني والروم، ولأنهم كانوا علماء ومثقفين قام العثمانيون بقتلهم في ذلك الوقت، إنهم عنصريون وقوميون للغاية ولا يقبلون سوى بعلم ولغة ودين واحد، وعندما حدثت الإبادة الجماعية لم تكن هناك قوة قوية للرد على هذه الاعتداءات، خاصة من جانب النساء، ففي هجمات الإبادة الجماعية التي حدث في القرن العشرين، تم التعتيم وتزوير التاريخ بشكل كبير، ولكن مع ثورة 19 تموز عرّفت نفسي كامرأة وبهويتي الأرمنية، وحملنا على عاتقنا حماية كافة النساء ومن جميع المكونات، حتى يعرف الجميع أن الأرمن ما زالوا موجودين، ومهما فعلت الدولة التركية لا يمكن لأحفاد العثمانيين إخفاء هذه المذبحة، إذا لم تقم النساء اليوم بالدفاع عن بعضهن البعض، فلا أحد من الخارج سيأتي لحمايتهن، والنساء يجب أن يعرفن واجبهن ومهامهن".

 

"تعالوا لنلتف معاً حول تاريخنا وثقافتنا وهويتنا"

أنهت أنكيرا أنوش حديثها بدعوة المكون الأرمني للوقوف ضد الإبادة الجماعية، قائلة "كنساء، يجب علينا أن نسير على درب الحرية، وأن ننظم أنفسنا، وأن نستخدم قوتنا الداخلية لخدمة شعبنا وقضيتنا، وهذه الدعوة لا أوجهها إلى النساء فقط، بل يجب تنظيم الرجال أيضاً، نحن نكمل بعضنا البعض، الآن نحن أعضاء في كتيبة الشهيد بوبار أوزانيان، نحن سد منيع ضد كل الهجمات التي تستهدف شعبنا والمنطقة، نحن مدافعون عن التاريخ والثقافة والهوية، عندما نسمع بوجود أفراد من المكون الأرمني في مكان ما، نذهب إلى هناك للتعرف عليهم وإعادة تنظيمهم، دعونا نحيي تاريخنا معاً ونحمي شعبنا ونجدد ثقافتنا، نحن موجودون وسنبقى هنا، وسوف نزداد قوة مع الوقت".

 

توأم...وفكر واحد وكفاح من أجل كل نساء العالم

تتحدث لوسين هاكوبيان، وهي توأم أنكيرا أنوش، عن هدفها من الانضمام إلى الكتيبة "هدفي من الالتحاق بالكتيبة أن يكون لي دور ورسالة كامرأة في الأسرة والمجتمع، كما يجب ضمان المساواة بين الرجل والمرأة فيه، أن المرأة تستطيع التفكير والتحدث والتعبير عن نفسها دون خوف وتؤمن بقوتها، كانت لدي رغبة في الانضمام إلى القوات العسكرية ولكن بسبب صغر سنّي لم يتم قبولي، تأثرت كثيراً بشجاعة المرأة الكردية، شاركت في نشاطات ثقافية، وقوى الأمن الداخلي، ثم انضمت إلى الكتيبة، ويوماً بعد يوم كانت آمالنا ورغباتنا تكبر معنا، عندما نناضل اليوم فلسنا نناضل فقط من أجل النساء الأرمنيات، لكن نناضل من أجل آمال وأهداف جميع نساء العالم".

 

اختارت درب النضال ليكون حياة جديدة لها

أكدت لوسين هاكوبيان "اعتاد المجتمع على أن المرأة لا تقوم بشيء من أجل ليس تقاعساً منها بل لأنه هو من وضعها في هذه الإطار وقيدها، لقد وجهها للزواج والإنجاب والتربية وأعمال المنزل فقط، ولكن اليوم وفي وقتنا هذا نحن نحتاج للمرأة في ميادين أخرى، لقد خلقنا حياة جديدة من خلال نضالنا، والجدير بالذكر أنه عندما بدأت الثورة شارك أبي وأمي أيضا في الخنادق الأمامية وفي صفوف النضال".

وأضافت "كانت والدتي تخبرني أنها عندما كانت صغيرة أرادت أن تصبح مقاتلة، لكن في ذلك الوقت لم تتح لها الفرص لتحقيق حلمها، واليوم عندما أقول إنني سأصبح مقاتلة في المستقبل ولأدافع من أجل حقوق جميع الشعوب، فإن والدتي تشعر بالفخر والاعتزاز، لأنني سأحقق حلمها الذي لا طالما تمنت تحقيقه، استمد قوتي وإرادتي من والدتين سأناضل لتغيير عقلية المجتمع بأسره، وحتى تحرير جميع النساء".

وأنهت لوسين هاكوبيان حديثها "أحد الفلاسفة قال إذا مررت من مكان ورأيت العظام، فاعلم أن العثمانيين مروا من هنا، والسلطة الحالية تسير على خطى العثمانيين ونهجهم، والوحشية التي تعامل بها العثمانيون مع المكون الأرمني تتبعها تركيا اليوم مع المكون الكردي وكل المكونات التي تقف بوجهها، ولكن بأسماء ووجوه ووسائل جديدة، لهذا السبب نحن اليوم نواصل كفاحنا من أجل حماية هذه الشعوب، تستمر هجمات الإبادة الجماعية، سواء في أرمينيا أو في شمال وشرق سوريا وأينما وجد الأرمن وكل الشعوب المناضلة، ونحن مستعدات لحماية نسائنا وشعبنا أينما طُلب منا، وفي أي جزء من العالم".