قضايا المرأة المصرية تناقش حماية الناجيات وأطر الدعم القانوني والنفسي في مائدة حوارية

في إطار التزامها المستمر بدعم قضايا النساء والفتيات في مصر، نظّمت مؤسسة قضايا المرأة المصرية مائدة حوارية بحضور نخبة من المتخصصين في القانون والطب النفسي، وممثلين عن منظمات المجتمع المدني والمؤسسات المعنية بمناهضة العنف ضد المرأة.

أسماء فتحي

القاهرة ـ أكدت المشاركات في المائدة الحوارية التي نظّمتها مؤسسة قضايا المرأة المصرية على ضرورة تبني نهج تكاملي يجمع بين الدعم النفسي والقانوني لحماية الناجيات من العنف، داعيات إلى الإسراع في إقرار مشروع القانون الموحّد لمناهضة العنف ضد النساء.

في توجه لتبنّي رؤية تكاملية بين الجانبين القانوني والنفسي في التعامل مع قضايا العنف، بما يضمن حماية فعّالة ودعماً شاملاً للناجيات، عقدت مؤسسة قضايا المرأة المصرية أمس الخميس 30 تشرين الأول/أكتوبر، مائدة حوارية بعنوان "بين القانون والطب النفسي.. حماية الناجيات مسؤولية مشتركة".

وناقش المشاركون في المائدة الحوارية أبرز التحديات التي تواجه النساء والفتيات في مراحل الإبلاغ والتقاضي المتعلقة بجرائم العنف، إلى جانب ما تخلّفه تلك الجرائم من آثار نفسية واجتماعية طويلة المدى، كما تم تقديم تقريراً شاملاً حول الثغرات التشريعية القائمة وأهمية إقرار مشروع القانون الموحّد لمناهضة العنف ضد النساء الذي أعدّته المؤسسة.

كما أكد التقرير على ضرورة تطوير النصوص القانونية لتوفير حماية حقيقية وفعالة للناجيات "إن غياب التنسيق بين الجهات القانونية والطبية يؤدي إلى تعطيل العدالة ويضاعف من معاناة النساء".

وتناولت الدكتورة منى فتح الباب، الأخصائية في علم النفس الإكلينيكي التأثيرات النفسية العميقة التي تعاني منها الناجيات نتيجة التعرض للعنف، مشددةً على أهمية توفير الدعم النفسي المتكامل أثناء وبعد الإجراءات القانونية، بما يضمن مسار تعافٍ آمن ومستدام، مؤكدةً أن التعاون بين الأطباء النفسيين والجهات القانونية يُعد ركيزة أساسية لتحقيق الحماية الفعلية، داعيةً إلى إدماج البعد النفسي في جميع مراحل التعامل مع قضايا العنف ضد المرأة.

وأدارت الجلسة استشارية التدريب والمديرة التنفيذية لمبادرة المرأة الريفية لمياء لطفي، التي أكدت أن هناك مسارات كثيرة من العمل والتي تحتاج لتكاتف بين جمع المعنيين بملف المرأة من أجل إيجاد مساحة آمنة للناجيات من العنف واللاتي تتعرضن لأنماط مختلفة من التهديد والوصم الاجتماعي.

كما حرصت لمياء لطفي على إدارة الحوار في أجواء تفاعلية جمعت بين الخبراء والحضور، حيث تم تبادل الرؤى حول أفضل الممارسات لتحقيق التكامل بين القانون والطب النفسي.

 

دمج الخدمات النفسية مع القانونية بات ضرورة

وقالت المحامية أمل محمود، أن العمل على مساحات الدعم النفسي ودمجها بالجانب القانوني هام للغاية لأنه يساعد في التعرف أكثر على أدوات التعامل مع الناجيات والوقوف على المساحات الفضلى من تقديم الدعم لهن خاصةً أن عدداً كبيراً من الحضور لهن علاقات مباشرة مع الضحايا والناجيات بطبيعة عملهم.

وأوضحت أن القانون يحمي الناجيات وقد تجدن به طوق النجاة، إلا أن الأزمة الفعلية تكمن في التعافي النفسي والخلاص من توابع الأزمة التي تجعل الكثيرات مكبلات بويلاتها لأعوام طويلة وقد لا تتعافين من الصدمة وهو الأمر الذي يتطلب تعاون وتكاتف بين جميع مقدمي الخدمات من مختلف المؤسسات والجهات المعنية بالملف حتى يتم تقديم المساعدة الحقيقية لهن.

وللمؤسسات النسوية دور كبير في توفير الإطار النفسي خاصة أن كلفته المالية باتت مرتفعة ولا تستطيع الكثيرات الحصول عليها، مؤكدةً أن الفترة الأخيرة شهدت تطور ملحوظ في هذا الملف واهتمت عدد من المؤسسات الفاعلة من توفير مساحات دعم للناجيات مع غيرها من الخدمات التي يسرت عليهن القدرة على التخطي والعودة للحياة مجدداً.

 

تواصل المؤسسات النسوية مع أعضاء مجلس النواب

وأكدت نيفين الشاعر محامية النقض وعضوة لجنة المرأة بشمال القاهرة، أنه في الوقت الراهن تعاني النساء من ويلات الضغوط من مختلف الاتجاهات خاصة فيما يتعلق بمساحات الأمان التي تمكنهن من تجاوز ما مروا به من أزمات.

ولفتت إلى أن أجهزة الدولة المختلفة بالتعاون مع عدد كبير من مؤسسات المجتمع المدني تقدمن أقصى دعم ممكن  للنساء المعنفات في صور عديدة منها الدعم القانوني والنفسي وهناك محاولات لتقليل تلك الممارسات من خلال جلسات التوعية المستمرة، مضيفةً أن وجودها في المحاكم جعلها ترى عن قرب أثر العنف على النساء وكيف يحول مسار حياتهن ويجهض الكثير من آمالهن.

واعتبرت أن الواقع تغير كثيراً عما كان فتمكنت الكثيرات من الحصول على حقوقهن وكسر الصورة النمطية حول عملهن ودراستهن وتنقلاتهن وغير ذلك، موضحةً أن التواصل الذي يتم بين المؤسسات النسوية ومنها قضايا المرأة المصرية والنائبات البرلمانيات أمر هام للغاية لأنه يساعد في إيصال صوت المواطنين واحتياجاتهم خاصة في ملف التشريعات.

واختُتم المؤتمر بتوصيات شددت على أن حماية الناجيات من العنف هي مسؤولية مجتمعية مشتركة تتطلب تكامل الأدوار بين الدولة ومؤسسات العدالة والقطاع الصحي واختُتم المؤتمر بجملة من التوصيات التي أكدت على ضرورة الإسراع في إصدار وإقرار مشروع القانون الموحّد لمناهضة العنف ضد النساء، باعتباره خطوة محورية نحو سد الثغرات التشريعية القائمة وتوسيع نطاق الحماية القانونية لتشمل مختلف أشكال العنف الجسدي والجنسي والنفسي والرقمي.

وشدد المشاركون والمشاركات على أهمية تطوير آليات الإبلاغ والتبليغ السريع عبر إنشاء وحدات متخصصة لاستقبال بلاغات العنف داخل أقسام الشرطة والنيابات، وتفعيل منظومة إحالة متكاملة تربط بين الجهات القانونية والطبية والنفسية والاجتماعية لضمان استجابة شاملة ومنسّقة.

وطالب الحضور بضرورة إنشاء وحدات دعم نفسي متخصصة في المستشفيات والمراكز المجتمعية لتقديم خدمات علاجية وتأهيلية للناجيات من العنف، مع إتاحة برامج دعم نفسي جماعي وتأهيل مهني تساعدهن على استعادة الثقة والاندماج الاجتماعي.

 كما شدد المشاركون على أهمية إنشاء محاكم ووحدات متخصّصة في جرائم العنف ضد النساء داخل المدن المختلفة، بما يحقق سرعة في التقاضي وعدالة ناجزة.

وفي ختام المؤتمر، أكدت مديرة الجلسة لميا لطفي على كون الحماية الحقيقية للناجيات من العنف لن تتحقق إلا عبر تكامل الأدوار بين مؤسسات الدولة والمجتمع المدني والإعلام، إلى جانب إطلاق حملات توعوية وطنية تهدف إلى تغيير ثقافة اللوم والوصمة تجاه الناجيات، وتعزيز قيم التعاطف والمساندة.

 كما دعت مؤسسة قضايا المرأة المصرية إلى إنشاء قاعدة بيانات وطنية ترصد أنماط العنف وأسبابه، بهدف توجيه السياسات العامة وتقييم أثر التدخلات المستقبلية، مؤكدةً على استمرار المؤسسة في جهودها لبناء مجتمع آمن وعادل تُصان فيه كرامة النساء وحقوقهن الإنسانية.

وأجمع المشاركون على ضرورة رفع الوعي المجتمعي بقضايا العنف ضد المرأة، وتوفير خدمات متخصصة تراعي الجوانب القانونية والنفسية والاجتماعية في آن واحد، كما أكدت مؤسسة قضايا المرأة المصرية التزامها بمواصلة جهودها في هذا المجال، سعيًا نحو بيئة أكثر عدلًا وأمانًا لجميع النساء.