ندوة حوارية تبحث مفهوم الأمة الديمقراطية وتدعو إلى تمكين المرأة لبناء مجتمع حر
في سياق البحث عن حلول جذرية لأزمات الشرق الأوسط، خلصت ندوة حوارية عُقدت في مدينة الرقة بإقليم شمال وشرق سوريا، إلى مجموعة من التوصيات التي تدعو إلى تبني الأمة الديمقراطية، وتعزيز دور المرأة والشباب في بناء مجتمع حر.

الرقة ـ أكد المشاركون في الندوة الحوارية على أهمية تبني الأمة الديمقراطية كمسار جذري للتخلص من أشكال الدولة والسلطة التقليدية، وذلك من خلال العودة إلى المجتمع الطبيعي وتحليل جذور الآفات الاجتماعية.
في ظل تصاعد الصراعات الإقليمية وتفاقم الأزمات السياسية والاجتماعية في الشرق الأوسط، عُقد في مدينة الرقة بإقليم شمال وشرق سوريا اليوم السبت الثاني من آب/أغسطس، ندوة حوارية نظمها مجلس الشباب والرياضة في إقليم شمال وشرق سوريا، تحت شعار "من أجل مجتمع ديمقراطي، نظم نفسك وكن شخصاً منظماً".
وجاءت هذه الندوة بمشاركة واسعة من شخصيات نسوية وسياسية وشبابية، بهدف مناقشة مفهوم الدولة والسلطة والديمقراطية، وتسليط الضوء على أهمية ترسيخ ثقافة الأمة الديمقراطية كبديل جذري للأنظمة السلطوية التقليدية.
وناقش المشاركون خلال الندوة، العلاقة بين الدولة والسلطة، معتبرين أن الدولة الحديثة تمثل بنية سلطوية نشأت نتيجة الانقسامات الطبقية والدينية، وتقوم على احتكار المجتمعات ونهب مقدراتها عبر سياسات التمييز القومي والعرقي، وقد وُصفت الدولة بأنها "ورم سرطاني" يجب استئصاله، كونها تمثل لعنة تاريخية على الإنسانية.
كما تم استعراض توجيهات القائد عبد الله أوجلان، الذي قدم من خلال فلسفته تحليلاً عميقاً لجذور الأزمات الاجتماعية في الشرق الأوسط، داعياً إلى العودة إلى المجتمع الطبيعي كمدخل لفهم هذه الأزمات وتجاوزها، وقد أكد القائد أوجلان أن النظام الهرمي الذي نشأ عبر التاريخ قد همش المرأة وأفرغ دورها القيادي، مشيراً إلى أن ثقافة الأم تمثل جوهر المجتمع الطبيعي، في مقابل ثقافة الحرب الذكورية التي رسّخت السلطة الأبوية.
وشددت التوجيهات على أن المرأة كانت الأكثر تعرضاً للاضطهاد في النظام الهرمي، وأن إعادة الاعتبار لدورها التاريخي كمربية للأجيال ومؤسسة للقيم الأخلاقية هو ضرورة لبناء مجتمع ديمقراطي متوازن، كما تناولت الندوة أهمية تنظيم وتوعية الشباب، باعتبارهم القوة المحركة لبناء مجتمع حر، مؤكدة أن الأنظمة السلطوية تسعى إلى استغلالهم وإخضاعهم أيديولوجياً.
وفي سياق الحديث عن بناء الدولة، أشار المشاركون والمشاركات إلى أن الدولة عملت على تقسيم المجتمعات إلى دويلات، وتفكيك شرائحها واستدراج الشباب إلى منظومات سلطوية تعزز التسلسل الهرمي والهيمنة الذكورية، وقد تم التأكيد على أن هذا النمط من التنظيم الاجتماعي أدى إلى نشوء ثقافة الحرب والعنف، في مقابل تهميش ثقافة الأم التي تقوم على التعاون والرعاية.
كما تناولت الندوة نقداً للنظام الغربي، الذي اعتُبر الأكثر فعالية في تشويه العقليات والأخلاق من خلال الدعاية، ووصِف بأنه يمثل "عصر العبودية الحديثة" رغم ادعائه الحرية، وأكدت التوجيهات أن العودة إلى المجتمع الطبيعي، الذي نشأ قبل ظهور التسلسل الهرمي، هو السبيل لاستعادة القيم الإنسانية الأصيلة.
وفي ختام الندوة، تم عرض رؤية النظام الكونفدرالي الديمقراطي الذي طرحه القائد أوجلان كبديل للأنظمة السلطوية، حيث يقوم هذا النظام على العقلية الحرة والوعي الجماعي، ويهدف إلى بناء مجتمع قائم على الحقيقة والمشاركة والندية.
وشدد المشاركون والمشاركات على أن بناء هذا النظام يتطلب تغييراً جذرياً في الذهنية المجتمعية، وإعادة ترسيخ دور المرأة والشباب في قيادة التحول السياسي والثقافي.
ومن أبرز توصيات الندوة الحوارية، تبني ثقافة الأمة الديمقراطية كحل جذري لأزمات الشرق الأوسط، وتعزيز دور المرأة كمؤسسة تربوية وقائدة مجتمعية، بالإضافة إلى تنظيم وتفعيل دور الشباب في بناء مجتمع ديمقراطي حر، ورفض التسلسل الهرمي السلطوي والدعوة إلى نظام تشاركي قائم على المحبة والندية، كذلك العودة إلى المجتمع الطبيعي كأساس لفهم وتجاوز الأزمات الاجتماعية والسياسية.