مؤسسة "قضايا المرأة" تطلق تدريب حول العنف الممارس ضد النساء
فرض الواقع حالة من الجدل الكبير حول العنف الممارس على النساء وسبل مناهضته، وهو الأمر الذي دفع عدد من المؤسسات للعمل على التوعية والتدريب من أجل نشر المبادئ العامة الخاصة بتلك القضية على مستوى الحقوق والمكتسبات.
أسماء فتحي
القاهرة ـ العمل من أجل الإسراع في إصدار قانون لمواجهة العنف بات مطلب جماعي عقب قتل نيرة أشرف التي أثارت غضب الجميع، وكان المشهد الأشد قسوة هو بحث البعض عن أسباب للجاني منتهكين المساحة الشخصية للضحية في محاولةٍ لإلقاء اللوم عليها، وهذا ما جعل العمل من أجل وضع قانون رادع لتلك الانتهاكات ضرورة ملحة.
عقدت مؤسسة "قضايا المرأة" في مصر، أمس الأحد 26 حزيران/يونيو، لقاء تدريبي لمناقشة حالة العنف الممارس على النساء والانتهاكات التي تحدث لهن سواء كانت ختان أو تزويج قاصرات أو غيرها، كما عرضت مقترح مشروع قانون لمناهضة العنف ضد المرأة، فضلاً عن سرد أبرز المواد الموجودة به وتأثيرها على معالجة الوضع الراهن كواحد من أهم أدوات المواجهة والتعامل مع واقع العنف المتصاعد.
ومشروع القانون تم إعداده من قبل مجموعة عمل رئيسية وهم "مركز تدوين لدراسات النوع الاجتماعي، والنديم لمناهضة العنف والتعذيب، ومؤسسة قضايا المرأة المصرية، ومؤسسة المرأة الجديدة، ومبادرة المحاميات المصريات لحقوق المرأة، ومؤسسة القاهرة للتنمية والقانون".
رغم وجود القوانين هناك عنف مستمر ضد المرأة
قالت عضو مجلس الأمناء بمؤسسة قضايا المرأة المصرية سهام علي، إن هناك عدد من الاعتداءات على النساء مازالت مستمرة ومنها الختان والذي يصعب إلى حد كبير معرفة ما إن كان القيام به قديماً أو حديثاً، ورغم وجود قانون مشدد للعقوبة إلا أنه مازال مستمراُ، وكذلك الأمر بالنسبة لتزويج القاصرات الذين لم تحول القوانين دون ارتكاب الأهالي لتلك الجريمة، وعادةً ما يتم التحايل عليها بعدة طرق منها الزواج العرفي على سبيل المثال.
واعتبرت أن القوانين وحدها لا تكفي وتحتاج لعمل مجتمعي مصاحب لها من أجل إحداث تغيير حقيقي وجذري وإن طال الأمر لسنوات ولكن التأثير سيحدث يوماً ما، مشيرةً إلى أنهم قرروا العمل على التوعية من أجل تغيير الثقافة المجتمعية المرتبطة بممارسة العنف على النساء من خلال برنامج تدريبي للشباب حتى سن الـ 35 عاماً لتغطية السلبيات الموجودة في الزواج المبكر والختان على مستوى الصحة الإنجابية ومناقشتهم في التأثير التالي لتلك الجرائم على أجساد النساء وقدرتهن على ممارسة حياتهم بشكل طبيعي.
قضية "مريم" نموذجاً
مجموعة من الانتهاكات التي غيمت سماء المجتمع بتدافع نحو العنف بصور متعددة خلال الفترة الأخيرة والتي أثبتت الاحتياج الملح لصدور قانون موحد للعنف بشكل واضح منعاً لسيل العنف الذي وصل لحد القتل كما حدث في واقعة الطالبة نيرة أشرف، وغيرها من الحالات سعياً لتحقيق الردع العام حتى تصبح مثل هذه القضايا لها الأولوية دون الضرورة لتسليط الضوء عليها عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو غيره.
وواحدة من الأزمات التي عملت عليها مؤسسة "قضايا المرأة المصرية" مؤخراً تمثلت في قضية العنف الواقع على الطالبة مريم والتي تدرس بواحدة من كليات جامعة الأزهر حيث تقدمت بشكوى سردت خلالها وقائع تعرضها للتعذيب والإيذاء على يد أبيها وأخيها الأكبر، وكانت في حالة إعياء شديد وإصابات ظاهرة.
وعن السبب وفق ما ورد في استغاثة "قضايا المرأة" بوحدة العنف في وزارة الخارجية فقد كانت لأنها "بتلبس بنطلون بدل الجيبة وقلعت الحجاب، وأهلها بيربوها لأنها ناقصة تربية"، وتمكنت مريم من الهروب واللجوء للمؤسسة لـ "تسهيل ايداعها في إحدى دور الرعاية واستضافة المعنفات التابعة لوزارة التضامن يوم الاثنين الموافق ١٣ حزيران/يونيو ٢٠٢٢ بخطاب تحويل وفي الرابع عشر من الشهر ذاته، توجه محامي المؤسسة إلى دار الرعاية واصطحب مريم وتوجهوا إلى قسم الشرطة الكائن لتحرير محضر بواقعة الضرب، ولكن قسم الشرطة رفض تحرير المحضر بحجة عدم الاختصاص، وأن واقعة الضرب كانت في محافظة أخرى، وبعد رفض القسم تحرير محضر فتم الاتصال بالخطوط الساخنة التابعة لوحدة مكافحة العنف ضد النساء بوزارة الداخلية وأرقام الشكاوى الخاصة، وتحرير شكوى ببيانات مريم ومحامي المؤسسة بامتناع القسم عن عمل محضر حتى يتسنى إثبات الحالة وعمل تقرير طبي بالإصابات على كافة أنحاء جسدها".
وبتاريخ 16 حزيران/يونيو 2022 توجه المحامي مرة أخرى إلى دار الرعاية المستضيفة لمريم واصطحبها لعمل تقرير طبي وتم عمل تقرير طبي مثبت به الإصابات اللي تعرضت لها نتيجة للضرب المبرح، وبعد ذلك تم عمل تليغرافات وبلاغات للنائب العام ووزير الداخلية ووحدة مكافحة العنف ضد النساء بوزارة الداخلية باسمها ورقمها القومي.
ولأن مريم كانت في الامتحانات اصطحبها المحامي حتى أبواب الجامعة لضمان سلامتها وعدم تعرض أحد لها وأثناء وجدودها في الجامعة تم تسليمها للوالد المعتدى عليها الذي اصطحبها لبيته مرة أخرى وقام بحبسها، وهنا جاءت استجابة وحدة مكافحة العنف بوزارة الداخلية للاستغاثة وحددت اللواء نشوى محمود رئيسة قسم مكافحة جرائم العنف ضد المرأة بمديرية أمن القاهرة، أسرع ميعاد لمواجهة الأب بما ارتكبه من عنف لطفلته ونتيجة ذلك مريم الآن لا تتعرض للعنف وتنعم بحياة هادئة بعد تأكد أسرتها أن قضيتها تحظى بالمتابعة من الجهات المسؤولة وخوفها من تبعات أي اعتداء عليها.
أدوات الوقاية في مشروع القانون
جاء الباب السابع والأخير من مشروع مناهضة العنف ضد المرأة تحت عنوان الوقاية، والذي احتوى على عدد من المواد والبنود الهامة منها "تقوم الحكومة وبشكل منتظم، وعلى المستويات كافة، بحملات أو برامج توعية، وبالتعاون مع الهيئات المختصة في مجال المساواة وحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني خاصةً المنظمات النسائية، من أجل توعية الرأي العام حول كل أشكال العنف المشمولة في هذا القانون، وانعكاساتها السلبية على المجتمع وضرورة الوقاية منها".
وأنه "على الوزارات المكلفة بالتربية والتعليم والثقافة والشأن الاجتماعي والصحة والشباب والرياضة والإعلام والعدل والداخلية، اتخاذ كل التدابير الكفيلة بالوقاية من جرائم العنف ضد المرأة ومكافحته، وإنشاء مراكز لحماية ضحايا العنف حكومية أو عبر مؤسسات المجتمع المدني تقوم بتقديم المساندة والدعم لضحايا العنف مادة".
فضلاً عن ضرورة أن "تنشئ الحكومة مساكن آمنة للنساء مناسبة على أن تتوفر فيها خدمات دعم متخصصة فورية، كما تنشئ الحكومة مركز لتأهيل مرتكبي العنف، بهدف الوقاية من ارتكاب أعمال العنف ضد المرأة"، وأن يكون "للضحايا الحق في طلب التعويض من مرتكبي الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون سواء أفراد عاديين أو من رجال السلطة العامة".
فضلاً عن "إنشاء صندوق خاص للحماية ويتولى إدارة أعمال هذا الصندوق مجلس إدارة خاص به على أن يتم اختيار أعضائه عن طريق التعيين من عدة جهات ووزارات متنوعة"، على أن "يكون للجمعيات غير الحكومية المعنية بالعنف ضد المرأة الحق في حضور الإجراءات القضائية في جميع مراحلها بواسطة ممثل عنها بصفة مراقب، كما يكون لهذه الجمعيات حق التمثيل في الدعوى المثارة من طرف النيابة العامة المختصة وتقديم الطلبات المدنية التي تحفظ حقوق الأطراف المتضررة".