مطالب ومناشدات لإنهاء العنف الجنسي خلال الحروب

بحث مجلس الأمن خلال جلسة مفتوحة العنف الجنسي في حالات النزاع، والثغرات والتحديات المستمرة أمام التصدي لهذه الجريمة

مركز الأخبار ـ ، وكيفية تقديم المساعدة والدعم للناجيات والضحايا.
بعد تزايد حالات العنف الجنسي في مناطق النزاع دعت الأمم المتحدة، وعدد من الدول والشخصيات، مجلس الأمن لفرض المزيد من العقوبات على مرتكبي هذه الجرائم، وذلك خلال الجلسة السنوية لمجلس الأمن حول آفة العنف الجنسي.
وبحث مجلس الأمن خلال جلسة افتراضية مفتوحة أمس الأربعاء 14 نيسان/أبريل حملت عنوان "المرأة والسلام والأمن: العنف الجنسي في حالات النزاع"، برئاسة فيتنام، العنف الجنسي الذي تشهده مناطق الصراع، في كلاً من إثيوبيا وليبيا والكونغو الديمقراطية ودارفور بعد أن زاد في السنوات الأخيرة بشكل كبير.
ووضع المجتمعون بعين الاعتبار مخاطر جائحة كورونا التي بدأت بالانتشار في العالم منذ أواخر العام 2019، وقالوا إنها أدت لتفاقم الأزمات العالمية المتداخلة.
 
ازياد حالات العنف الجنسي وانخفاض نسبة التبليغ عنه 
ذكّرت الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالعنف الجنسي في حالات النزاع براميلا باتن في التقرير الاخير حول الموضوع، وجاء فيه أن 52 جيشاً ومجموعة مسلحة يشتبه بارتكابهم انتهاكات جنسية والتي تعد سلاح حرب، وأشارت إلى أنهم مصنفون على قائمة الأمم المتحدة السوداء منذ 5 أعوام أو أكثر، لكن لم يتم اتخاذ تدابير جماعية بحقهم. 
وشددت براميلا باتن على أهمية فرض العقوبات والالتزام بتنفيذها "إذا تم فرضها في الوقت المناسب وبطريقة متسقة، يمكن لها أن تغير طريقة تفكير الجناة الذين يفترضون أن الاغتصاب مجاني، وحتى مربح في الحروب التي يتم فيها الاتجار بالنساء، عبر مبادلتهنَّ وبيعهنَّ".
معتبرةً أنه من الضروري ضمان أكبر قدر من الانسجام بين الإدراج على القائمة السوداء وبين فرض العقوبات.
وقالت "تفاقمت العديد من هذه الثغرات والتحديات خلال العام الماضي بسبب جائحة كورونا، هناك حاجة إلى جهود متضافرة لضمان عدم إخفاء الناجيات من العنف الجنسي تحت الظل الثقيل الذي تلقيه هذه الأزمة غير المسبوقة".
وأضافت "تتطلب الجائحة نقلة نوعية: إسكات البنادق، تضخيم أصوات النساء، الاستثمار في الرفاهية العامة بدلاً من أدوات الحرب".
وغطى تقرير العنف الجنسي في حالات النزاع المقدم للأمين العام للأمم المتحدة 18 حالة قطرية، ووثق أكثر من 2.500 حالة تم التحقق منها من قبل الأمم المتحدة خلال العام الماضي 2020. بحيث أن 96 بالمئة من هذه الحالات ارتكبت ضد نساء وفتيات.
واستناداً على هذا التقرير قالت براميلا باتن "كما هو الحال في السنوات الماضية، استهدفت الغالبية العظمى من هذه الحوادث النساء والفتيات، وتم تسجيل تقارير عن العنف الجنسي ضد الرجال والفتيان، مع حدوث معظمها في أماكن الاحتجاز".
ويدعو التقرير للتعاون بين جميع الدول لوضع حد للعنف الجنسي والإتجار بالبشر، وإلى تقديم الرعاية الصحية الجنسية والإنجابية واعتبارها من الحقوق الأساسية، خاصة في المناطق النائية التي لا تتمتع النساء فيها بهذه الحقوق، فالنساء اللواتي يتعرضنَّ للاغتصاب هنَّ ضحية للإصابة بالأمراض الجنسية كنقص المناعة المكتسبة "الإيدز" وكذلك للحمل الغير مرغوب به.
كما أكدت براميلا باتن أن النساء والفتيات في المناطق الجبلية في شمال ووسط إقليم تيغراي شمالي إثيوبيا والذي يشهد صراعاً منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2020 يتعرضنَّ للعنف والقسوة "يفوق الإدراك".
وكانت قد صدرت تقارير دولية تشير إلى أن أشخاصاً أجبروا على اغتصاب أفراد من عائلاتهم تحت تهديد السلاح، وتقارير أخرى قالت إن النساء يتعرضنَّ للابتزاز الجنسي مقابل الحصول على مواد غذائية. 
وأضافت براميلا باتن أن الوضع في جمهورية الكونغو الديمقراطية والصومال وجنوب السودان ليس بأفضل حالاً "الميليشيات استخدمت الاغتصاب والزواج القسري، والاستعباد الجنسي كسلاح حرب".
ورغم ذلك حالات الإبلاغ عن الاعتداءات الجنسية قليلة بسبب وصمة العار "ثمة نقص مزمن في الإبلاغ بسبب وصمة العار، وانعدام الأمن والخوف من الانتقام ونقص الخدمات من خلال تدابير احتواء فيروس كورونا".
 
لا رادع للجناة 
وأوضحت الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالعنف الجنسي في حالات النزاع براميلا باتن أن الهوة بين القرارات والواقع اتسعت بشكل كبير "على الرغم من ارتكابه على يد الجماعات الإرهابية على نطاق واسع ومنهجي لم تتم مقاضاة العنف الجنسي في سياق محاكمات مكافحة الإرهاب".
من جهته قدم الطبيب الكونغولي دينيس موكويغي والمتخصص بعلاج النساء اللواتي تعرضنَّ للاغتصاب الجماعي وهو حائز على جائزة نوبل في عام 2018، إحاطة أمام مجلس الأمن وقال إن العنف الجنسي يمثل جائحة حقيقية لكنها لا تحظى بالاستجابة أو التمويل الكافي إضافة للإفلات من العقاب.
وقال "نحن نقترب من وضع خط أحمر فيما يخص استخدام الاغتصاب والعنف الجنسي كاستراتيجية للحرب والهيمنة وبث الذعر في النفوس"، مضيفاً "على ذلك نحن نناضل بشكل مستمر من أجل عالم يكون لكل امرأة وفتاة الحق في العيش بعيداً عن العنف".
وأشار إلى أنه ومنذ إنشاء ولاية الممثل الخاص للعنف الجنسي المتصل بالنزاعات في عام 2010، لم يُستهدف أي شخص أو كيان ارتكب هذه الأعمال "هذا الخط الأحمر لا بُد أن يترجم إلى قوائم سوداء وعقوبات اقتصادية ومالية وسياسية وملاحقات قضائية، ضد من يقومون بهذه الجرائم أو يحرضون عليها".
 
في جنوب السودان أعلى معدلات للعنف الجنسي
من جنوب السودان قدمت مديرة شبكة نساء جنوب السودان لذوات الإعاقة كارولين أتيم إحاطة حول الوضع هناك بلغة الإشارة وقالت عبر المترجم "على الرغم من اتفاق السلام، لا يزال جنوب السودان يعاني من عنف قبلي وإثني وسياسي مسلح، ويستخدم العنف الجنسي بشكل متعمد كأداة لإذلال النساء والفتيات".
واندلعت الحرب الأهلية في 15كانون الأول/ديسمبر عام 2013، بين القوات الحكومية وقوى المعارضة.
وبحسب ما قالته فإن أكثر من 65 بالمئة من النساء في جنوب السودان تعرضنَّ للعنف الجنسي وهذا الرقم ضعف المتوسط العالمي ومن بين الأعلى "بسبب إفلات الجناة من العقاب، وبسبب تجذر التفاوت والتمييز لا يعتبر العنف الجنساني بما في ذلك العنف الجنسي ضد النساء والفتيات جريمة".
وأشارت إلى تعرض النساء للاغتصاب قبل اندلاع النزاع وكذلك إلى تزويج القاصرات، الذي تفاقم بعد انتشار فيروس كورونا "تجبر الناجيات على الزواج من مغتصبيهنَّ".
وتتعرض النساء من ذوي الاحتياجات الخاصة لعنف مضاعف بحسب ما أشارت له كارولين أتيم "المغتصب يعتبرهنَّ فريسة سهلة، ويفلت من العقاب، هؤلاء النساء يواجهنَّ صعوبة في الحصول على المعلومات القانونية والصحية الضرورية، والجائحة فاقمت هذه الظروف؛ بسبب تدابير الإغلاق وتوقف الخدمات".
وأضافت أن النساء الحوامل والأطفال الناتجين عن الاغتصاب تلاحقهم وصمة العار والتمييز والإقصاء من المجتمع، ويفتقرون للموارد المطلوبة، ويعانون من صدمات نفسية وجسدية طويلة الأمد.
واختتمت بالتأكيد على ضرورة إنهاء العنف الجنسي في مناطق الصراع "السبيل الوحيد لمعالجة مأساة هؤلاء النساء والفتيات يتمثل في معالجة أوجه التفاوت، وحماية حقوقهنَّ الأساسية في حالات النزاع".
ورغم أهمية تشديد العقوبات الدولية على مرتكبي جرائم العنف الجنسي في مناطق الصراع، إلا أن قلائل من أيدوا هذا المطلب، خلال الجلسة الافتراضية.