مسرحية "جوا وبرا"... قصص وتجارب لعدة فتيات

تمكنت مجموعة فتيات من جنسيات مختلفة من كتابة وإخراج مسرحية "جوا وبرا" التي تجمع بين الزمان والمكان، وتعبر عن تجارب مختلفة مررن بها، في محاولة لاكتشاف النفس والآخر.

سوزان أبو سعيد

بيروت ـ بالتعاون مع منظمة "النساء الآن من أجل التنمية"، قامت منظمة "سيناريو" للفنون والتعليم، بجمع 14 فتاة من جنسيات مختلفة لبنانية وسورية وفلسطينية تقطنَّ في لبنان، لتدوين ما يخطر على بالهن من مواقف وتجارب مررن بها بعد تدريبهن على مدى شهور، لابتكار وارتجال نص وتمثيل مسرحية تحت عنوان "جوا وبرا".

عرضت مسرحية "جوا برا" التي تبحث في قضايا خاصة بالمرأة، على مسرح "غولبنكيان" في الجامعة اللبنانية الأميركية خلال يومي 1 و2 أيلول/سبتمبر الجاري.

 

"جوا وبرا" عمل مسرحي مستوحى من قصص النساء

قالت أستاذة المسرح في الجامعة اللبنانية والمخرجة رويدا الغالي لوكالتنا "مسرحية "جوا برا" هي تجربتي الأولى في الإخراج مع منظمة "سيناريو"، وهي تجربة جميلة ومميزة، استطعنا من خلالها خلق لحمة بيننا وبصورة سريعة، وعملت مع الفتيات على ثلاثة مستويات، الأول هو التقني والجسدي وكيفية التعرف على تقنية الحركة والتعبير بالجسد".

وأضافت "أما المستوى الثاني فكان التعبير بالكتابة، وقمنا بعدها بكتابة النصوص ليكون هناك تراتبية معينة ليصبح لها معنى في العرض وفي تداخلها مع بعضها البعض، وأردت ألا تكون الكتابة لمجرد التعبير عن وجدانيات، بل لخلق علاقات، فالمسرح بشكل أساسي هو كيفية قدرة الممثل على التفاعل مع الآخر وكيف يجيبه، حيث تشمل عملية التمثيل على ردود الأفعال مهمة، والإنصات للآخر والرد، وقد كانت الكتابة جزءاً أساسياً، ودفعت المجموعة للذهاب إلى حدود أبعد في فهم أنفسهن والآخر".

وعن المستوى الثالث أوضحت رويدا الغالي أنه تمحور حول "العمل الفني، فقد عملت مع الفتيات لمدة ثلاثة شهور على المراحل الأولى والثانية، ولكن في المرحلة الثالثة عندما بدأنا بالعمل الفني كانت تجربة رائعة وأتمنى أن تتكرر؛ لأنها تمنح الشخص مساحة أكبر وتضع الفرد كأساس في العمل".

أما عن القضايا التي حاولت المسرحية إبرازها فقالت "حاولنا معالجة قضايا تتعلق بالفتيات عبرن عنها بالكتابة والتمثيل، وما عالجناه على المسرح لا يتجاوز ربع ما جمعناه من مواد، وكنا انتقائيين، فبحثنا في قضايا المشردين الذين يعيشون في الطرق وتزايد أعدادهم، قضية المعنفات، وغيرها الكثير من القضايا".

وأشارت إلى أن "هناك حالة تمحورت حول الانغلاق على النفس، حيث لا تتمكن من التعامل مع المجتمع، بالمقابل هناك عكس هذه الحالة وهي الانفتاح على المجتمع، وهناك حالة الأشخاص الذين يطلقون الأحكام ويحاسبون أنفسهم دوماً، وهناك حالة الذكريات في الماضي، والتي نتحدث عنها اليوم، وتؤثر في المستقبل، لذا بالمجمل فهي قصة الزمن، الماضي والحاضر والمستقبل".

 

 

من جانبها أكدت مساعدة المخرجة ومنسقة العمل رنا جلخ على دور المسرح في مساعدة النساء والفتيات على التعبير "إنها تجربتي الأولى في المسرح كمساعدة مخرجة، لم يكن عملنا سهلاً لضيق وقت التدريب، كما أن الممثلات غير محترفات"، مضيفةً "الهدف من المسرحية هو تشجيع الفتيات على أن يروين قصصهن وتحويلها لمسرحية لتصل للناس أجمع".

وأشارت إلى أن "هناك عدد من الفتيات تعملن معنا للمرة الثانية، ولعل المميز أن إحداهن كانت خجولة لدرجة أنها لا تتكلم ولا تشارك، وها هي على خشبة المسرح، تمثل وتصرخ، وهناك الكثير من التفاعل، كما أن هناك البعض منهن مهمشات، وساهمت المسرحية في إطلاق أصواتهن، وهناك العديد من الفتيات اللواتي تعملن معنا كموظفات وكميسرات لتنفيذ العديد من المشاريع، وهو أمر يساهم بدعمهن في المستقبل".

 

 

ممثلات من العمل

تقول مايا البشتاوي البالغة من العمر21 عاماً، عن مشاركتها في المسرحية "كان دوري الأساسي في المسرحية أن أعبر عن الأمور التي لا أحبها في نفسي والتي أخجل منها أمام الجميع وعلى خشبة المسرح، لكي أتوقف عنها، فأنا أحياناً لا أواظب على الدراسة، ولا أعتني بشكلي، وقد اعترفت بها على المسرح".

وأضافت "أما أدواري غير الأساسية في المسرحية فكانت عبارة عن تمثيل أفلام الكرتون والشق المتعلق بالمرأة، فقد كانت النصوص مكتوبة من قبل زميلاتي وأحببت مشاركتهن فيها، مثلاً قصة الطبيب النسائي كوني طبيبة بيطرية، وأفلام الكرتون تناسبني كون شكلي يشبه الأطفال"، لافتةً إلى أن هذه تجربتها الثالثة في التمثيل.

 

 

وبدورها قالت فاطمة الرجوب إحدى المشاركات في المسرحية "تكلمت في المسرحية عن حياتي التي عشتها قبل 12 عاماً في بلدي سوريا حول استعادة ذكرياتي مع العائلة المجتمعة في منزل جدي وكيف افترقنا وكل شخص أصبح في بلد مختلف، وهو ما أثر بي جداً، وأتمنى العودة إلى سوريا".

 

 

وأوضحت الممثلة آية محفوظ (24) عاماً "على الرغم من أنه ليس لدي خلفية في مجال التمثيل المسرحي، إلا أن انضمامي للمسرحية غير نظرتي للمسرح والكثير من الأمور، منها الثقة بالنفس، فقد كنت أعاني من الانغلاق على النفس نتيجة مشكلة مررت بها، وكنت مترددة كثيراً في البداية، لكن الآن أصبحت اجتماعية واتمتع بالثقة بالنفس".

وعن دورها في المسرحية تقول "دوري عبارة عن شخصيتين، أولهما بائعة الورد، لقد كنت سعيدة للغاية لأنه كان من كتابتي، وكان أمراً صعباً للغاية للتوصل إلى هذه الشخصية التي استمتعت بتمثيلها وأحببتها كثيراً، أما الشخصية الثانية تدور حول فتاة مصابة بالوسواس القهري وبعيدة عن الناس ومنغلقة على نفسها كما كنت سابقاً، وهذه الشخصية هي الجزء الثاني من قصتي، وآمل أن تكون قد وصلت للناس".

 

 

وقد تركز برامج منظمة "سيناريو" المختلفة على أهداف التنمية المستدامة التي حددتها الأمم المتحدة وبشكل خاص على الهدف الرابع "التعليم الجيد والنوعي"، والهدف الخامس "المساواة الجندرية"، والهدف الثامن "العمل اللائق والنمو الاقتصادي"، والهدف العاشر "الحد من أوجه عدم المساواة".

وتأسست منظمة "سيناريو" في عام 2015، ووصلت إلى أكثر من 86 ألف طفل/ة وفتاة وشاب، كما وصل ابتكار "سيناريو بلايكت"، وهي وسيلة تعليمية مبتكرة تجمع بين اللعب والقصص والموسيقى، إلى أكثر من 43 ألف طفل/ة.