منظمة العفو الدولية: الهجوم الإسرائيلي على سجن إيفين يشكل جريمة حرب

وصفت منظمة العفو الدولية الهجوم الإسرائيلي على سجن إيفين في العاصمة الإيرانية طهران بأنه "انتهاك خطير للقانون الإنساني الدولي"، مؤكدة على ضرورة التحقيق في الهجوم وملاحقته باعتباره "جريمة حرب".

مركز الأخبار ـ أصدرت منظمة العفو الدولية، اليوم الثلاثاء 22 تموز/يوليو، تقريراً مفصلاً جاء فيه أن الغارات الجوية المتعمدة التي شنتها القوات الإسرائيلية على سجن إيفين في طهران، والتي وقعت في 23 حزيران/يونيو الماضي، تشكل انتهاكاً خطيراً للقانون الإنساني الدولي، ويجب التحقيق فيها ومقاضاة مرتكبيها كجريمة حرب.

بناءً على تحقيقات منظمة العفو الدولية المُفصّلة، وصور الأقمار الصناعية، ومقاطع الفيديو المُوثّقة، والمقابلات مع شهود عيان، وعائلات السجناء، والمدافعين عن حقوق الإنسان، تبيّن أن القوات الإسرائيلية شنّت عدة غارات جوية على أجزاء مُختلفة من سجن إيفين، أسفرت عن مقتل وإصابة عدد كبير من المدنيين، ودمار واسع النطاق في ستة مواقع على الأقل داخل مُجمّع السجن، ووقعت الهجمات أثناء ساعات العمل، وفي وقت كانت فيه أجزاء مختلفة من السجن مليئة بالسجناء والزوار.

ووفقاً للتقارير الرسمية، قُتل ما لا يقل عن 80 مدنياً، بينهم نساء ورجال وطفل في الخامسة من عمره، في الهجمات، وتعرضت مبانٍ هامة، بما في ذلك البوابة الرئيسية، والمبنى الإداري، وقسم الحجر الصحي، والعيادة الطبية، والمطبخ المركزي، وقسمي احتجاز السجناء الرجال والنساء، بالإضافة إلى زنازين الحبس الانفرادي في القسم 209، حيث يُحتجز السجناء الخاضعون لإشراف وزارة الاستخبارات، لأضرار بالغة.

وذكرت منظمة العفو الدولية في تقريرها أن الهجوم وقع خلال ساعات العمل، عندما كانت معظم أقسام السجن مكتظة بالمدنيين. وبعد ساعات قليلة من الهجوم، أكدت القوات الإسرائيلية أنها استهدفت السجن، وعبّر عدد من كبار المسؤولين الإسرائيليين على وسائل التواصل الافتراضي عن رضاهم عن هذا العمل.

وقام كبار المسؤولين الإسرائيليين على مواقع التواصل الافتراضي بالتعبير بفخر عن هذا الهجوم، واصفين إياه بأنه "ضربة موجّهة إلى رمز القمع ضد الشعب الإيراني". وذكر وزير الدفاع الإسرائيلي في حسابه الشخصي أن القوات الإسرائيلية نفذت هجمات بـ"قوة غير مسبوقة" ضد أهداف تابعة للنظام ومؤسسات قمعية في قلب طهران، من بينها سجن إيفين.

كما أشار وزير الخارجية الإسرائيلي، من خلال نشره لفيديو يبدو أنه تم التلاعب به رقمياً، إلى أن هذا الهجوم كان بمثابة "رد على أعمال الجمهورية الإسلامية الإيرانية" ضد المدنيين.

كما أكدت القوات الإسرائيلية الهجوم في بيان، مدعيةً أن سجن إيفين كان مكان احتجاز وتعذيب "أعداء النظام"، وأن عمليات استخباراتية ضد إسرائيل نُفذت فيه، إلا أنه وفقاً للقانون الإنساني الدولي، فإن وجود سجناء متهمين بالتجسس أو عملاء استخبارات في سجن لا يُضفي عليه شرعية عسكرية.

وأضافت منظمة العفو الدولية في تقريرها "بموجب القانون الإنساني الدولي، تعتبر السجون ومراكز الاحتجاز أماكن مدنية، وفي هذه الحالة، لا يوجد دليل موثوق يجعل سجن إيفين هدفاً عسكرياً".

قالت إريكا جيفارا روساس، المديرة العليا للبحوث والسياسات والحملات في منظمة العفو الدولية "تُظهر الأدلة أن الجيش الإسرائيلي استهدف المباني المدنية عمداً وبشكل واضح"، مضيفة "استهداف المنشآت المدنية محظور تماماً بموجب القانون الإنساني الدولي، ويُشكل تنفيذ مثل هذه الهجمات بشكل متعمد ودقيق جريمة حرب".

كما جاء في تقرير منظمة العفو الدولية "يُعتقد أن وقت الهجوم، كان هناك ما بين 1500 و2000 سجين محتجزين في سجن إيفين، بمن فيهم مدافعون عن حقوق الإنسان، ومتظاهرون، ومعارضون سياسيون، وأفراد من جماعات عرقية دينية مضطهدة، ومواطنون مزدوجو الجنسية أو أجانب، وكثيراً ما يُحتجزون كوسيلة ضغط دبلوماسي، وكان مئات المدنيين الآخرين موجودين أيضاً في مجمع السجن وقت الهجوم".

ولفتت إلى أنه "كان ينبغي للقوات الإسرائيلية أن تعلم أن أي غارة جوية على سجن إيفين قد تُلحق أضراراً مدنية واسعة النطاق. يجب على المدعين العامين حول العالم ضمان محاكمة جميع المسؤولين عن هذا الهجوم المميت، بما في ذلك من خلال تطبيق مبدأ الولاية القضائية العالمية. كما يجب على السلطات الإيرانية الاعتراف باختصاص المحكمة الجنائية الدولية لمقاضاة جميع الجرائم المنصوص عليها في نظام روما الأساسي، والمرتكبة داخل الأراضي الإيرانية أو انطلاقاً منها".

ويؤكد تقرير منظمة العفو الدولية أن "مختبر الأدلة التابع لمنظمة العفو الدولية حلل صور الأقمار الصناعية قبل الهجمات وبعدها، وتحقق من 22 مقطع فيديو و59 صورة. تُظهر هذه الأدلة دماراً وأضراراً جسيمة في ستة مواقع في الأقسام الجنوبية والوسطى والشمالية من مجمع سجن إيفين".

كما قامت منظمة العفو الدولية بمراجعة البيانات الصادرة عن السلطات الإسرائيلية والسلطات الإيرانية، وأجرت مقابلات مع 23 شخصاً داخل إيران وخارجها، بما في ذلك سبعة من أقارب السجناء، ومقيم بالقرب من السجن شهد الهجوم، ومصدران على علم باثنين من القتلى، وصحفيان، و11 سجيناً سابقاً، بما في ذلك المعارضون السياسيون والمدافعون عن حقوق الإنسان، الذين تلقوا معلومات من السجناء وعائلاتهم وموظفي السجن وعمال الإغاثة.

وذكرت المنظمة في تقريرها أنها حصلت أيضاً على ملفات صوتية لأربع مكالمات هاتفية بين السجناء الأربعة وعائلاتهم، والتي أجريت بعد ساعات قليلة من الهجوم.

وقالت منظمة العفو الدولية في بيانها إنها أرسلت أسئلة بشأن الهجوم إلى وزير الدفاع الإسرائيلي في 3 تموز/يوليو، لكنها لم تتلق رداً حتى وقت نشر هذا التقرير.