أهالي السويداء يتصدون والطلاب في مرمى الانتقام

مقال بقلم الصحفية روشيل جونيور

في زمن تتبدل فيه المفاهيم، تشوه فيه الحقائق، تقف السويداء شامخة، لا لأنها تملك جيشنا، بل لأنها تملك كرامة جماعية لا تشترى ولا تقهر. 

ما يجري اليوم ليس مجرد اشتباك، ولا مجرد أزمة أمنية، بل هو حرب معنوية تشن على مدينة رفضت أن تكون تابعة فدفعت الثمن من دم أبنائها، ومن خوف نسائها، ومن صمت العالم.

من المفارقات أن يطلق على الجهة التي تزرع الرعب في المدن اسم "الأمن العام" هذا الجهاز، الذي كان يفترض أن يحمي، تحول إلى شريان الإرهاب الرسمي يقتحم البيوت، يعتقل بلا مذكرات، ويزرع الخوف بدل الأمان.

لكن في السويداء، فشل. لم يستطع الدخول، لم يستطع فرض سلطته، لأن الأهالي وقفوا، بكل ما يملكون، وقالوا لا.

وحين تفشل السلطة في كسر الجبهة، تبحث عن الحلقة الأضعف. وهنا، كان السكن الجامعي هدفاً جديداً.  طلاب من السويداء، بعيدون عن أهلهم، بلا حماية، يستهدفون فقط لأنهم ينتمون إلى هذه الأرض، أو إلى هذه الطائفة.

أي منطق يجعل من طالب جامعي هدفاً لتصفية حسابات سياسية؟ هل أصبح الانتماء الجغرافي جريمة؟ هل أصبح الدفاع عن البيت تهمة؟

من الخطأ اختزال السويداء في طائفة، أو في جغرافيا. السويداء اليوم تمثل موقفاً إنسانياً وأخلاقياً يحتذى فيها التاريخ، شعب رفض الذل ودافع عن الأرض وحماية المدنيين، رفض تحويل المواطن إلى تابع، وهذا الموقف، هو ما يحارب اليوم.

السويداء لا تطلب حماية دولية لأنها ضعيفة، بل لأنها تحاصر بالقوة والافتراء، الطلاب لا يطلبون شفقة، بل حقهم في الأمان والتعليم، والنساء اللواتي يسحبن أمهاتهن من تحت القصف لا يحتجن إلى تصفيق، بل إلى عدالة.

السويداء لا تكسر،  قد تحاصر، قد تُستهدف، لكنها لا تنكسر… لأنها تعرف من هي، وتعرف لماذا تقاتل.