منارات إكمال مشروع حرية المرأة... زهرة وهبون وأمينة -2

بيّنت زوزان بكر عضوة تنسيقية مؤتمر ستار في مقاطعة الفرات بإقليم شمال وشرق سوريا أنهم أكملوا مشروعهم مع رفيقات وناشطات مثل زهرة بركل، هبون ملا خليل، وأمينة ويسي، وأحبطوا هجمات الدولة التركية على مشروع حرية المرأة والمجتمع.

برجم جودي

كوباني ـ القوى المهيمنة التي أخفتت عبر التاريخ نجم كل شخص ومجتمع وأيديولوجية هددت وجودها، أظهرت النهج ذاته تجاه القائد عبد الله أوجلان وأنصاره، كونه صاحب مشروع ورؤى تحث على الديمقراطية والسلام.

كما ذكرنا في الجزء الأول من ملفنا، كانت النساء أكثر الموالين والمخلصين لمشروع القائد عبد الله أوجلان وأيديولوجيته، وهو ما يؤكده أيضاً في العديد من تقييماته ووجهات نظره، لذلك، بعد اعتقاله في سجن إمرالي، واصل الشعب الكردي والمرأة نضالهما وكثفاه تحت شعار "لا يمكن لأحد أن يحجب شمسنا"، لهذا السبب، عندما رأت هذه القوى أن اعتقاله لا يزيل الخطر عنهم ولم يمنع تحقيق مشاريعه، طوّرت مؤامرات مختلفة، وصفت إحداها بالمؤامرة المشتركة، تجسدت بالهجمات على ثورة المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا.

وفي محاولة لقمع أحد أهم مشاريع القائد أوجلان، قُتلت مئات النساء القياديات والرئيسات المشتركات والإداريات والسياسيات والصحفيات والشابات والأمهات، كما حصل في مجزرة حلنج 23 حزيران/يونيو 2020، حيث استهدف طائرات مسيّرة تركية منزل عائلة وطنية في قرية "حلنج" شرق مدينة كوباني، وبذلك ارتكبت الدولة التركية مجزرة بحق المنظمة النسائية، راح ضحيتها كل من عضوة تنسيقية مؤتمر ستار زهرة بركل، وإدارية مؤتمر ستار في بلدة شيران هبون ملا خليل، وصاحبة المنزل أمينة ويسي وهي عضوة تنسيقية مؤتمر ستار.

ولكن إلى أي مدى حققت هذه الهجمات هدفها؟، وما هو الإرث الذي تركته هؤلاء النساء اللواتي عملن بجدّ وضحين بحياتهن لتحقيق مشروع حرية المرأة؟ كل ذلك أجابت عنه زوزان بكر عضوة تنسيقية مؤتمر ستار في مقاطعة الفرات بإقليم شمال وشرق سوريا.

 

"مجزرة حلنج كانت بداية مخطط كبير"

بينت زوزان بكر بأن مجزرة حلنج كانت بداية مخطط شنيع لتدمير ثورة المرأة "في شخص شهداء مجزرة حلنج، نستذكر جميع المناضلات اللواتي ضحين بحياتهن من أجل استكمال مشروع حرية المرأة وبناء مجتمع ديمقراطي ومتساوٍ، بعد انتصار مقاومة كوباني ارتكب داعش مجزرة وحشية بحق أهالي في 25 حزيران 2015، راح ضحيتها العشرات من الأطفال والنساء، وفي الوقت الذي لم تلتئم فيه جراح هذه المجزرة بعد، واجه أهالي كوباني مجزرة أخرى وقعت في 23 حزيران 2020، استشهدت فيها ثلاث نساء كنّ رائدات في سبيل حرية المرأة، وكافحن بلا كلل من أجل بناء مجتمع ونظام ديمقراطي متساوٍ، كانت هذه هي المرة الأولى التي تستخدم فيها الدولة التركية هذا الأسلوب في هجماتها على المنطقة، وقد أظهرت الهجمات بواسطة الطائرات المسيّرة عجز الدولة التركية أمام مقاومة وإصرار شعب ونساء إقليم شمال وشرق سوريا، حيث طوّرت أساليب أكثر وحشية بهدف إبادة ثورتنا والقضاء عليها".

 

"ثلاث نساء رسمن لنا طريق النضال وتحقيق الحرية"

ولفتت زوزان بكر الانتباه إلى النساء الثلاث اللواتي استشهدن في هذه المجزرة "كانت أمينة ويسي أماً فتحت قلبها ومنزلها لأعمال وأنشطة المرأة، ودعمت مؤتمر ستار بشكل خاص، وبذلك أدت واجبها تجاه ثورة المرأة، بالإضافة إلى ذلك، ربّت جميع أطفالها على هذه المبدأ والمفهوم، حيث كان كل واحد منهم يؤدي مهمته في مختلف مجالات العمل".

وأضافت "كذلك، زهرة بركل، التي تُعتبر قدوة في السعي للحرية والشجاعة والعمل الجاد، كرّست حياتها لنصرة قضايا المرأة، وأينما ومتى استطاعت الوصول إليها ناضلت من أجل دعمها وإيجاد حلول لها وتغيير مجتمعها للأفضل، ومثّلت عملية استشهادها مشروع حرية المرأة بشخصيتها، وسعت جاهدة لترسيخه في المجتمع، وشكل رمز من رموز مقاومة كوباني، فعلى الرغم من حالتها الصحية، عملت بنفس الروح في كل ناحية وقرية من كوباني لبناء مجتمع ديمقراطي وبيئي قائم على قيم المرأة".

 

"بضمان هوية المرأة ووجودها سيتغير عالمنا"

ولفتت زوزان بكر إلى خصوصية أيديولوجية المرأة التي جعلتها هدفاً لقوى الدولة القومية "استهدفت هجمات القوى المهيمنة ووعي الدولة الذكورية التي تسعى منذ آلاف السنين إلى تعزيز قوتها وعظمتها، هؤلاء النساء الرائدات، وإذا قيّمنا هذه القضية تقييماً صحيحاً، يمكننا التأكد أن هذا النظام يخاف من هوية ووجود وذكاء وتنظيم المرأة، كما تعلم هذه القوى أنه مع تطور المرأة ووجودها، ستطرأ تغييرات على وضع النساء مما سيقود المجتمعات والعالم إلى نظام بديل".

وأوضحت أن "الصراعات والحروب الدائرة حالياً في الشرق الأوسط والعالم كلها تخدم مصالح هيمنة هذه القوى، لكن العالم والنظام الذي تُناضل من أجله النساء، بل وتُضحي بحياتها من أجله، هو حياةٌ ووعيٌ بالعدالة والسلام والديمقراطية والمساواة والحرية، وبالطبع، نستند في نضالنا هذا إلى أيديولوجية القائد أوجلان، لذلك، ازدادت مخاوف القوى المهيمنة بما فيها الدولة التركية، عندما رأت جدية النساء وإصرارهن في نضالهن، أدركت أنهن سينجحن في تنفيذ واستمرارية مشاريع القائد أوجلان لتحرير المرأة وبناء أمة ديمقراطية، وسيُمهدن الطريق ويقدن عملية بناء مجتمع سلمي وديمقراطي يحتضن جميع الأمم".

وأشارت زوزان بكر إلى أن المرأة جزءٌ أساسي من تنفيذ مشاريع القائد عبد الله أوجلان "إن تطوير وتنفيذ مشاريعه يعني فشل هذه الأنظمة، فبسبب وعي الدولة القومية، أصبح من غير المقبول أن يكون لأحدٍ أي تأثير على المجتمع سوى هيمنة هذا الوعي وسلطتهـا في المقابل، فإن أيديولوجية القائد أوجلان، بكل ما تحمله من سمات تُعارض هذه الحداثة، كونه بدأ نضاله على هذا الأساس جاعلاً المرأة جزءاً فاعلاً وأساسياً من نضاله، ولذلك، في الرسائل الأخيرة المرسلة منه إلى مركز أبحاث علم الجنولوجي، يقول إن مشروعي لتحرير المرأة، الذي كان غير مكتمل قد أكتمل الآن ولم يبقَ سوى تنفيذه العملي".

 

"إن إكمال المشروع رد على مئات المجازر التي استهدفت النساء"

أعربت زوزان بكر عن فخرها بتقييمات القائد عبد الله أوجلان على مجال نضال المرأة "إن تقييماته في هذه المرحلة تعني أنه على الرغم من كل الظروف وهجمات وجهود نظام الدولة الذكورية لتدمير مشروع حرية المرأة والقضاء عليه، والذي هو في الواقع تدمير لإنجازات المرأة، هي أيضاً إبطال وإفشال لنضالات ومشاريع القائد أوجلان، حيث بدأت الدولة التركية بقتل زهرة بركل وهبون ملا خليل وأمينة ويسي، ونفذت عشرات الهجمات لنفس الهدف في السنوات الأخيرة، وهذا يُظهر أن هناك أعداءً كثر لمشروع حرية المرأة والأمة الديمقراطية، ويريدون تدمير هذه المشاريع باستهداف النساء على وجه الخصوص، لذلك جاءت رسائل القائد أوجلان رداً على عشرات المجازر التي وقعت، وبفضل إيمانه وإصرار النساء وعزيمتهن ومقاومتهن، أُحبطت مخططات هذه القوى، واكتمل مشروعنا".

 

"اكتمل مشروع حرية المرأة وبدأنا بتطبيقه"

اختتمت زوزان بكر تقييمها بهذه العبارات والرسائل "أتذكر أنه في كثير من الأحيان، لم تتمكن النساء من الوصول إلى اجتماعاتهن وتدريباتهن وأماكن عملهن بسبب تحليق الطائرات المسيّرة، إلا أنهن تمردن على هذه العوائق، ودفعن الثمن ولم يتراجعن".

وأشارت إلى أنه "لا تزال النساء تعملن في جميع مجالات الحياة، من الكومينات إلى المجالس، والسياسة، والدفاع، ومختلف الأنشطة، وكنساء وشعب كوباني، أؤكد لكم أن إرادتنا وعزيمتنا أصبحت أقوى، وفقدان قائدات الحركة النسائية شكل سبباً عظيماً لمواصلة مسيرة زهرة بركل وهبون ملا خليل وأمينة ويسي، وبالمثل، عززنا جهودنا التنظيمية والأيديولوجية لنرد على أعداء المرأة بالشكل المطلوب من خلال تنظم المرأة مقاومتها ومشاريعها على هذا المستوى حتى تتمكن من المشاركة في بناء مستقبل سوريا بهويتها الحقيقية وآرائها وأفكارها".