مكان للعمل والتهميش... أبرز التحديات التي تواجه الصانعات التقليديات

نظمت جمعية "خطوة" بمدينة مراكش المغربية، لقاءاً تواصلياً لتقديم التقرير النهائي لمشروع "الإدماج السوسيو اقتصادي للنساء"، الذي يعد ثمرة تعاون بين الجمعية وبرنامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية المندمجة.

رجاء خيرات

المغرب ـ أكدت المشاركات في اللقاء التواصلي الذي نظمته جمعية "خطوة" بمدينة مراكش المغربية أمس السبت 2 تشرين الثاني /نوفمبر، على أن التمكين الاقتصادي للنساء هو الكفيل بإخراجهن من وضعية الهشاشة والفقر.

‪ذكر منظمو اللقاء أن فكرة مشروع "الإدماج السوسيو اقتصادي للنساء" بمنطقة الحوز جاءت كاستجابة لأهم المشاكل التي تواجه القرويات في فترة ما بعد الأزمات، والمرتبطة أساساً بالعنف المبني على النوع الاجتماعي وكذلك مختلف أشكال التهميش والهشاشة والإقصاء الاجتماعي الذي تواجهه المرأة بالمناطق القروية والنائية، خاصة بالنسبة لنساء الحوز، اللواتي وجدن أنفسهن في واقع أكثر صعوبة وتعقيداً، حيث وجدت المرأة نفسها في مواجهة كل التحديات الاجتماعية والنفسية والقانونية والاقتصادية.

وأشارت المشاركات إلى أن أهم التحديات التي تواجهها النساء بالمناطق المستهدفة بأنشطة المشروع اقتصادية ومشاكل الإدماج الاجتماعي عبر أنشطة مدرة للدخل، على اعتبار أن هذه الفئة من النساء فقدت بعض الموارد التي كانت مصدرا للدخل والعيش كماشية، أراضي فلاحية، ورشات للصناعة التقليدية، محلات صغيرة للأعشاب الطبية والعطرية، آلات للخياطة والتطريز وغيرها.

وأكد المنظمون على أن المشروع استهدف حوالي 100 امرأة في وضعية صعبة بمناطق قروية بإقليم الحوز من خلال المواكبة والتأطير وتبادل التجارب والدعم التقني والترافع من أجل تمويل مشاريع صغيرة لفائدتهن وكذلك تعزيز قدراتهن، عبر مجموعة من المواكبين والمواكبات تم تكوينهم في مجال ريادة الأعمال والمقاولة النسائية وخلق تعاونيات وتسييرها.

وحرص المسؤولون عن المشروع على أن تنتمي المواكبات للقرى التي تقطن بها المستفيدات من المشروع حتى يتم ضمان عنصر القرب والثقة المبنية بين فريق المشروع والمستهدفات بشكل مباشر، وهو ما تم تحقيقه من خلال التنسيق مع الجمعيات المحلية بالمناطق المستفيدة، حيث تم تكوين ما يناهز أربعين مواكب ومواكبة رافقوا النساء بشكل يومي طيلة فترة المشروع. 

وذكرت إحدى المواكبات للمشروع فاطمة واعلي على هامش اللقاء إنها رفقةً بالعديد من المواكبين والمواكبات للمشروع استفادت من تدريبات مهمة في المجال التقني والإداري في خلق تعاونيات ومواكبة المنخرطات في هذه التعاونيات من أجل مساعدتهن على تخطي كل المشاكل والتحديات التي تحول دون تمكينهن اقتصادياً.

وأضافت أنها برفقة فريق عملها واكبت تعاونية "أمنصاف" للصناعة التقليدية التي تعمل فيها النساء في مجال نسج الزرابي التقليدية والخياطة والتطريز، وأنها وقفت على أهم المشاكل التي تعاني منها الصانعات، ولخصتها في غياب مكان يمكن تخصيصه للعمل، بعد أن دمر الزلزال المقر السابق للتعاونية ولم تعد النساء تجدن مكاناً للعمل، ثم هناك مشاكل مرتبطة أساساً بصعوبة تسويق المنتوجات، حيث تفاجأت إحدى الصانعات بقطعة (زربية) كانت قد باعتها بمبلغ 300 درهم وهي معروضة في أحد المتاجر بمبلغ 3000 درهم، وهو ما يفسر الاستغلال الكبير الذي تتعرض له الصانعات في هذا المجال من قبل تجار الزرابي والقطع التقليدية.

 

 

بدورها أشارت إحدى المستفيدات من المشروع ورئيسة تعاونية "أمنصاف" خديجة الزداني (قرية تمكونسي إقليم الحوز) أن المواكبة التي قدمتها جمعية خطوة يعود لها الفضل في تعليم المنخرطات بعض التقنيات في مجال التسويق التي كن تجهلنها، حيث تنتج النساء الصانعات قطعاً تقليدية لكنهن تعجزن عن بيعها في الأسواق بحكم البعد عن المدينة.

وأضافت أن من بين المشاكل التي تواجهها الصانعات داخل التعاونية عدم توفر مقر للعمل وضعف المواد الأولية التي تدخل في الصناعة، لافتةً إلى أنه بفضل المشروع الذي جلب ثلاث آلات للخياطة تمكنت النساء من تجاوز بعض المشاكل، لكن يبقى على رأسها مشكلة التسويق، حيث تنتج النساء دون أن يتمكن من بيع ما ينتجنه من منسوجات مختلفة.

 

 

وتحدثت مسيرة تعاونية "صانعات بنات بلادي" سعيدة الهميري إحدى المستفيدات من المشروع بمنطقة الويدان عن المواكبة التي قدمتها جمعية خطوة للمنخرطات في التعاونية اللواتي استطعن خلال السنوات الماضية أن تطورن مهاراتهن في مجال الخياطة والتطريز وتحققن بذلك مشاريع صغيرة مدرة للدخل.

وأكدت أن التعاونية تواكب الفتيات اللواتي انقطعن عن الدراسة وقد استطعن أن تتدرجن مهنياً إلى أن بلغن مستوى عال من المهنة، معتبرةً أن "الصنعة إذا لم تغنيك تسترك".

وعن المشاكل والتحديات التي تواجه الصانعات لفتت إلى أن أكبر تحدي يواجهن إيجاد مقر لمزاولة نشاطهن بعيداً عن البيت والأسرة، وهو مشكلة تعاني منه أغلب الصانعات داخل التعاونيات، حيث أغلبهن تتخذن من بيوتهن مقرات للعمل.

 

 

من جهتها أشارت إحدى المستفيدات تدعى فاطمة بوحديش بالمنطقة القروية "أغواطيم" إلى أن النساء ترغبن في تعلم المهنة بشتى أشكالها، لكن المشاكل التي تواجهنها انعدام مقر العمل وضعف المواد الأولية، حيث أغلبهن بالمناطق القروية لا تحصلن على إمكانيات تخول لهن شراء المواد التي تطلبها المهنة، كما أن الحصول على مقر يعد أمراً صعباً، وهو ما يدفع بالكثير منهن إلى العمل في بيوتهن مع فئة قليلة من زبونات أغلبهن من العائلة.

 

 

وناشدت رئيسة تعاونية "رؤيا شو" رشيدة لبيد الجهات المسؤولة عن القطاع بأن تولي أهمية للصناعة التقليدية لأنها تمثل الوجه السياحي للمدينة، معتبرةً أن الصانعة التقليدية هي من تمثل ثقافة المدينة وهويتها، ومع ذلك فالصانعات التقليديات تعانين من الفقر والهشاشة، خاصة مع انتشار الوسائل البديلة في الصناعة كالآلات التي أصبحت تنتج عشرات القطع في وقت وجيز وبأسعار زهيدة، وهو ما حوّل القطع التقليدية المشغولة باليد إلى سلعة لا تجد مكانها في السوق نظراً لثمنها المرتفع نسبياً.

وتأسفت لكون الزبائن أصبحوا يفضلون اقتناء منسوجات رخيصة لا تتوفر فيها شروط الجودة وينفرون من الصناعات التقليدية الأصيلة.