لاجئة في مخمور: تركيا والحزب الديمقراطي الكردستاني قتلا أحلام طفولتنا

فيان أكار ولدت لاجئة بعيداً عن وطنها بسبب اضطهاد وانتهاكات الدولة التركية في التسعينيات، وعن تجربتها كلاجئة قالت "الدولة التركية والحزب الديمقراطي الكردستاني قتلا أحلام طفولتنا".

نوبلدا دنيز

مخمور ـ كل امرأة في العالم لديها قصة، ورغم كل ما تعرضت له من آلام ومعاناة، عانقت الحياة بروح متفائلة، وعلى وجه الخصوص الكرديات اللاتي أمضين حياتهن في النضال والمقاومة.

من النساء اللاتي لديهن قصص مثيرة للاهتمام نساء مخيم مخمور اللاتي نزحن من وطنهن بسبب اضطهاد وقمع الدولة التركية لهن، شهدن العديد من الأحداث خلال رحلة اللجوء.

لا نحتاج أن نستمع إلى قصص وتجارب تلك الأمهات، فعيونهن فقط تجعلنا نشهد تلك اللحظات، في عيون هؤلاء النساء، نرى لحظات الاعتداء عليهن وقمعهن وجوعهن وعطشهن خلال رحلة اللجوء، حتى النساء اللاتي فقدن أطفالهن، فاطلاعنا على تجاربهن تجعلنا شركاء في آلام ومعاناة هؤلاء النساء، كل أم تتحدث عن تجربتها وقصتها في الحياة، تتحدث عن قصتها بعبارة "يا ابنتي، لقد مررنا بالكثير، عن أياً من آلامنا نتحدث، فلا الساعات ولا الأيام ولا السنوات تكفي لوصف تجاربنا".

إحدى النساء اللواتي سمعنا قصتها وتجربتها هي فيان أكار التي فتحت عينيها على الحياة في بلد اللجوء، وهي فقط واحدة من بين هؤلاء الأشخاص الذين لم يعيشوا طفولتهم، وبدأوا رحلة حياتهم بمصاعب حياة اللاجئين. 

ولدت فيان أكار في مدينة زاخو، بعيداً عن وطنها، بعد رحلة اللجوء في التسعينيات بسبب قسوة وقمع الدولة التركية لعائلتها، وسمعت عن قصة اللجوء من والديها.

فيان أكار البالغة من العمر 32 عاماً قالت "أنا من مدينة وان، قبل أن أفتح عيني على الحياة، هاجر أمي وأبي إلى مدينة زاخو بإقليم كردستان بسبب قمع واضطهاد الدولة التركية لهما، وبدون أن أعرف موطني، فتحت عيني على الحياة في بلد مختلف، وبعد هجرة عائلتي عام 1990، ولدتُ بعد عامين من ذلك، وبحسب والدتي، فقد مرا بالكثير من المصاعب والقهر والأحداث السيئة، لم يكن لديهما أحد في زاخو، وبسبب الخوف والتهديدات من الدولة التركية، كان عليهما أن يعيشا في الخفاء، وفي عام 1995، ذهبنا إلى مخيم أتروش".

 

"رغم كل الهجمات والحصار، كان هناك ترابط بين الناس"

أوضحت فيان أكار إنهم انتقلوا لاحقاً من زاخو إلى مخيم أتروش، وأنه على الرغم من كل الهجمات والحصار كان هناك تواصل وترابط كبير بين الناس في أتروش "في أتروش هربنا من اضطهاد الدولة التركية لكننا واجهنا هناك اضطهاد الحزب الديمقراطي الكردستاني، كما تم فرض الحصار علينا، في تلك الفترة واجهتنا صعوبات كثيرة وتفشت أمراض مختلفة بيننا، ولم يكن هناك أطباء لتقديم العلاج، أتذكر كالحلم أننا كنا بلا مياه وكان هناك نبع هناك، لكننا لم نتمكن من الذهاب لجلب المياه بسبب خوفنا من بطش الحزب الديمقراطي الكردستاني. لقد قُتل واختفى الكثير من أبناء شعبنا الذين أرادوا الحصول على قطعة خبز، ولا يزال مصير المفقودين مجهولاً، ورغم كل الهجمات والحصار، كان هناك ترابط بين الناس، كان الجميع يتقاسمون خبزهم مع بعضهم البعض وينقذون حياة بعض الناس".

 

"لم نعش طفولتنا"

عن الصعوبات التي واجهتها النساء قالت فيان أكار إن "الأشياء التي عشناها هناك كأطفال كان لها أثر كبير على حياتنا، وكان هذا سبباً لعدم عيش طفولتنا، كان هناك دائماً خوف كبير لدينا، لم نتمكن من عيش طفولتنا مثل الأطفال الآخرين، عشنا في الخيام، ولم يكن لدينا أي حماية، وكنا محاطين بالعقارب والثعابين، كانت أمهاتنا الحوامل تفقدن أطفالهن أو تفقدن حياتهن بسبب نقص الأطباء، وفي بعض الأحيان كان يولد الأطفال مبكراً ويفقد بعضهم حياته، الدولة التركية وعائلة البارزاني قتلا أحلام طفولتنا".

 

"استخدمنا الطين لصنع الأفران والمنازل"

كما بينت فيان أكار أنه بعد الانتقال بين ثمانية مخيمات استقروا أخيراً في مخيم مخمور "لقد مررنا بنفس الأشياء في نينوا، كنا نذهب إلى مكان ونقول إننا سنبني فيه حياة لأنفسنا، لكننا كنا نهاجر مرة أخرى، وبعد تغيير ثمانية مناطق قصدنا مخيم مخمور، حيث كان هناك أيضاً العطش والجوع والمرض، عندما كنا نلعب في طفولتنا، كنا نصنع الأفران أو ما يسمى التنور وبيوتاً من الطين، لأننا كنا بأمس الحاجة للخبز والبيوت، كنا نجلب المياه من البركة ونصنع الطوب لبناء المنازل، كان هناك الكثير من المشاركة بيننا، فالروح التشاركية كانت موجودة بيننا في كل الأشياء".

وقالت إنه على الرغم من كل الهجمات، استمروا في تثقيف وتعليم أنفسهم "بعد مرور بعض الوقت، بدأوا في بناء مدرسة لنا، كان جميع الأطفال سعداء ومتحمسين، لأننا كنا نتلقى التعليم في الخيام، درس عدد كبير من الأطفال في المدرسة من خلال تشارك مستلزماتهم الدراسية مع بعضهم البعض، وفيما بعد، أزداد عدد المدارس تدريجياً وأصبح المتعلمون معلمين وأطباء".

 

"أصبحت أماً في سن السادسة عشرة"

فيان أكار تزوجت في سن الخامسة عشرة، حيث قالت عن زواجها "درست لمدة 5 سنوات فقط، تزوجت وعمري 15 سنة، دون أن أعرف ما هو الزواج وكيف يتم، أصبحت عروساً قبل أن ألعب بلعبتي، بعد أن تزوجت، لعبت سراً بالألعاب، أردت أيضاً الذهاب إلى المدرسة مع أصدقائي واللعب معهم، أصبحت أماً في سن 16 عاماً، لم أكن أعرف ما هي الأمومة ولم أعرف كيف أعتني بالأطفال، عندما يتزوج الشخص في سن مبكرة، فإنه يتأثر كثيراً من الناحية النفسية".

وفي ختام حديثها قالت "بعد تأسيس مجلس عشتار والعديد من المؤسسات في المخيم، قامت النساء بإدارة أنفسهن بأنفسهن، من خلال التنظيم والتثقيف في موطن اللجوء وخلقن الوجود من العدم".