حملة "جنسيتي حق لي ولأسرتي" يقدم اقتراح قانون للقضاء على التمييز في قانون الجنسية
اعتبرت مشاركات في مؤتمر صحفي، أن المقترح الذي قدمته حملة "جنسيتي حق لي ولأسرتي"، حول تعديل قانون الجنسية، يمثل استجابة ملحة لمعاناة آلاف اللبنانيات وأبنائهن، الذين يحرمون من حقوقهم الأساسية بسبب قانون يميز على أساس الجنس.

سوزان أبو سعيد
بيروت ـ أعلنت حملة "جنسيتي حق لي ولأسرتي" التي انطلقت منذ نحو 22 عاماً للمطالبة بحق اللبنانيات في منح الجنسية لأفراد أسرهن؛ خلال مؤتمر صحفي، تقديمها اقتراح قانون معجل مكرر إلى المجلس النيابي، يهدف إلى إنهاء التمييز القائم في قانون الجنسية اللبناني، وتكريس المساواة بين النساء والرجال في حق منح الجنسية لأفراد الأسرة.
عقدت حملة "جنسيتي حق لي ولأسرتي" أمس الأربعاء 15 تشرين الأول/أكتوبر مؤتمراً صحفياً في نقابة الصحافة اللبنانية تحت عنوان "من أجل المواطنة والحق بالجنسية، خطوة نوعية نحو العدالة والمساواة"، تم خلاله الإعلان عن خطوات مستقبلية لإدراج الاقتراح على جدول أعمال مجلس النواب ليأخذ مساره التشريعي نحو التصويت والإقرار.
وشهد المؤتمر الصحفي الذي نظمته حملة "جنسيتي حق لي ولأسرتي" مداخلات متعددة من نائبات برلمانيات وناشطات وحقوقيات، أكدن خلالها أن الهدف الأساسي من اللقاء هو الإعلان عن تسجيل اقتراح قانون معجل مكرر لتعديل المادة الأولى من قانون الجنسية اللبناني، بحيث تنص على أن "يُعتبر لبنانياً كل من وُلد لأب لبناني أو أم لبنانية"، وأوضحن أن هذا التعديل، رغم بساطته في الصياغة، يحمل دلالة عميقة باتجاه تحقيق العدالة والمساواة والمواطنة الكاملة بين اللبنانيين واللبنانيات، وأن اعتماد صيغة المعجل المكرر يعكس حجم الاستعجال، إذ لم يعد الواقع يحتمل المزيد من الانتظار، في ظل استمرار معاناة النساء اللبنانيات من قانون مجحف يحرمهن من حق منح الجنسية لأبنائهن، ويجعل هؤلاء الأبناء غرباء في وطن أمهاتهم.
وأشارت الكلمات إلى أن الحملة سبق أن قدمت اقتراحات قوانين عادلة وشاملة لتعديل قانون الجنسية منذ سنوات، لكنها بقيت معلقة في اللجان النيابية بسبب غياب الإرادة السياسية وتراكم التعقيدات، وأكدت المتحدثات أن إقرار هذا التعديل يُعد تطبيقاً مباشراً للمادة السابعة من الدستور اللبناني التي تنص على أن "كل اللبنانيين سواء لدى القانون، ويتمتعون بالحقوق ويتحملون الفرائض دون فرق بينهم"، مشددات على أن السلطات اللبنانية لا تزال تتعامل مع المرأة كمواطنة منقوصة الحقوق، إذ يتمكن الرجل اللبناني المتزوج من أجنبية من منح جنسيته لأبنائه تلقائياً، بينما تُحرم المرأة اللبنانية من هذا الحق الطبيعي، وكأن انتماءها الوطني أقل شأناً.
واعتبرن أن هذا التمييز يتعارض بشكل واضح مع نصوص الدستور، سواء الفقرة (ج) من مقدمته التي تؤكد على العدالة الاجتماعية والمساواة، أو المادة السابعة التي تنص على المساواة التامة أمام القانون. وأجمعن على أن "لا وطن حر بلا نساء حرائر، ولا مساواة حقيقية من دون إنصاف المرأة"، وفي ختام المداخلات، أكدت المشاركات أن هذا الحق لا يرتبط بالسياسة، بل هو حق دستوري وإنساني، ومكفول في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، وعلى رأسها اتفاقية سيداو التي تسمو على القوانين المحلية. ودعت النائبات والناشطات اللبنانيات إلى محاسبة المرشحين الذين لا يتبنون هذا الحق في برامجهم الانتخابية، عبر مقاطعتهم في الاستحقاق النيابي المقبل، مشددات على أن حملة "جنسيتي" باتت رمزاً لنضال طويل من أجل حق أساسي وطبيعي لكل امرأة لبنانية في منح جنسيتها لأسرتها.
دعوات لتعديل قانون الجنسية نحو مساواة كاملة
وعلى هامش المؤتمر الصحفي قالت كريمة شبو مديرة الحملة وعضوة في التحالف العالمي للمساواة في قوانين الجنسية "مؤتمرنا اليوم يتمحور حول تسجيل قانون معجل ومكرر بقلم مجلس النواب بطريقة رسمية، يقضي بتعديل المادة الأولى في قانون الجنسية لكي تستطيع الأم اللبنانية إعطاء الجنسية لأسرتها، لتصبح القاعدة (يعتبر لبنانياً من ولد من أب لبناني أو أم لبنانية)"، مضيفةً "في هذا المؤتمر تحدثنا عن كل التداعيات والفرص المتاحة الآن في ظل هذا العهد بعد أن خرجنا من الفراغ الرئاسي ومن فراغات حكومية وغيرها، فكافة القوى موجودة اليوم، التشريعية والتنفيذية ورئاسة الجمهورية من أجل العمل لتحقيق المواطنة التي نادت بها كافة القوى، إن كان في بياناتهم أو خطاباتهم".
وحول الأسباب الكامنة وراء عدم السماح للمرأة بمنح جنسيتها لأولادها تقول "هناك خوف من إعطاء هذا الحق للأم بينما الرجل يستطيع منحه لزوجته وأولاده، هذا التخوف نابع من خلفية ذكورية، خلفية تضع النساء في خانة الدرجة الثانية، إذ يعتبرون النساء في موضع التبعية، بالنسبة لهم عندما تلد النساء فهن تابعات ويحملن اسم الأب، والفكرة هنا أن هناك نظرة دونية للنساء، وهذا كله نتيجة العقلية الذكورية والمنمطات الثقافية والقولبة الموجودة، ولكن بالنسبة لنا النساء هن الأساس وهن اللواتي يلدن الرجال".
من جانبها قالت النائبة في البرلمان اللبناني سينثيا زرازير "تقدمنا في البرلمان اللبناني بهذا القانون وقمنا بتدوينه في قلم المجلس، وبما أنه معجل مكرر فهو لا يحال إلى اللجان، ولكن علينا اليوم أن نقوم بضغط شعبي كبير جداً لإدراجه على جدول أعمال الجلسة القادمة، ومن بعدها يتم التصويت عليه من قبل النواب الموجودين في الجلسة".
وأشارت إلى أن العقبة الأساسية أمام هذا القانون هي الحجة المرتبطة بالتوطين، لكن القول إن منح المرأة جنسيتها لأطفالها يؤدي إلى التوطين هو طرح مجحف ومهين، فإذا كان الأمر كذلك فإن الرجل أيضاً يساهم في التوطين، متسائلة "لماذا لا يُطرح التوطين من زاوية الرجل أيضاً؟ إن هذا التمييز غير مقبول"، لافتةً إلى أنه إذا كان هناك فعلاً تخوف على التوازن الديموغرافي في لبنان، فكما يمنح الأب الحق في نقل جنسيته إلى أولاده، يجب أن تمنح الأم الحق ذاته وإذا كانت هناك مخاوف من جنسيات معينة، فليتم وضع ضوابط على الزواج من جنسيات محددة "لا يجوز أن ينتقص من حق المرأة في المساواة".
"والدتي أعطتني كل شيء إلا جنسيتها"
وقالت الناشطة زينة دكاش وهي مخرجة مسرح وأفلام ومعالجة بالدراما "كل القوانين اللبنانية التي ليس فيها حق تستفزني خصوصاً قانون الجنسية، لماذا لا يمكن للمرأة أن تمنح الجنسية لأولادها، ولماذا لا يمكن أن تمنحها لزوجها؟".
وتحدثت عن تجربتها الشخصية مع حرمان أولادها من حق الحصول على الجنسية، قائلة "أنا متزوجة من أردني وابنتي تبلغ من العمر سبع سنوات. إن الأطفال الذين أعرفهم من أمهات لبنانيات متزوجات من جنسيات عربية أو أوروبية، يشكلون عدداً كبيراً وإن لم يكن بعدد أولاد اللبنانيين المجنسين من جهة الأب، هؤلاء الأطفال نشأوا في لبنان، وتعلموا في مدارسه ومن حقهم أن يشاركوا في الحياة العامة، أن ينتخبوا، وأن يكون لهم صوت في هذا البلد، لهم الأولوية تماماً كما لأي طفل من أم وأب لبنانيين، إنني أؤمن وأتمنى من أجل أن يُنظر إلى لبنان كبلد يحترم نفسه، أن يدرج هذا الحق ضمن الأولويات الوطنية".
من جانبها قالت نور الفطايرجي وهي ابنة أم لبنانية من رجل غير لبناني "والدتي أعطتني كل شيء إلا جنسيتها، وهذا أمر من المعيب أن يستمر وأن نظل نطالب به خصوصاً وأن لبنان بلد العدالة والمساواة والكرامة، منذ كنت صغيرة وحتى الآن لا تزال الاعتصامات مستمرة للمطالبة بحقنا".
وفيما يتعلق بحق العمل، أشارت إلى قضية لطالما طالبت بها، وهي أن أبناء الأم اللبنانية يفرض عليهم قيود تحد من خياراتهم المهنية بعد التخرج "أنا واحدة من الذين حُرموا من دراسة اختصاص أحبه، فقط لأنني لا أملك الحق في مزاولة المهنة أو الانضمام إلى النقابة المعنية، بسبب عدم امتلاكي الجنسية اللبنانية، وهناك كثيرون مثلي ولسنا حالات فردية، هذا الواقع يدفع أبناء الأمهات اللبنانيات إلى الهجرة بحثاً عن فرص عمل في الخارج، ما يعني أن لبنان يخسر طاقات وكفاءات نشأت وتعلمت فيه، وكان من الممكن أن تساهم في بنائه وتطوره".