غضب في المغرب بسبب مقطع فيديو تحرش جنسي بفتاة
خلق مقطع فيديو مدته ست ثوان، تم تداوله أمس الثلاثاء 14 أيلول/سبتمبر عبر تطبيقات التراسل الفوري، يوثق إقدام شاب على رفع ملابس فتاة كانت تمر في الشارع وضربها على منطقة حساسة من جسدها ثم يلوذ بالفرار
حنان حارت
المغرب - خلق مقطع فيديو مدته ست ثوان، تم تداوله أمس الثلاثاء 14 أيلول/سبتمبر عبر تطبيقات التراسل الفوري، يوثق إقدام شاب على رفع ملابس فتاة كانت تمر في الشارع وضربها على منطقة حساسة من جسدها ثم يلوذ بالفرار، غضباً وردود فعل قوية لدى المنظمات النسائية التي نددت بهذا السلوك وأكدت على حرية لباس المرأة والحرية الفردية.
في تفاعل سريع من قبل السلطات المغربية، اعتقلت الشرطة في مدينة طنجة، شمال البلاد، مساء أمس الثلاثاء قاصر يبلغ من العمر 15 سنة، وذلك للاشتباه في تورطه بالمشاركة في الإخلال العلني بالحياء والتحرش الجنسي بفتاة.
وحسب بلاغ السطات الأمنية، فإن الأبحاث والتحريات التي باشرتها مصالح الأمن بخصوص الواقعة تم تسجيلها بمنطقة "بوخالف" بمدينة طنجة، لم تشكل موضوع أي إشعار أو شكاية من طرف الضحية، فيما أسفرت عمليات التشخيص لشريط الفيديو عن تحديد هوية المشتبه به الرئيسي، وتم توقيفه.
وقالت لوكالتنا الفاعلة الجمعوية ورئيسة مؤسسة يطو لإيواء وإعادة تأهيل نساء ضحايا العنف نجاة إيخيش، أن هذا السلوك مشين بحق الفتاة "أدين هذه الممارسات وأعتبر ما وقع هو عنف جسدي مورس على الفتاة".
وأوضحت أن هذه السلوكيات نابعة من عقليات محافظة تجعل من النساء مجرد جسد للمتعة الجنسية، مشيرةً أن امتداد هذا الفكر لدى البعض منح هؤلاء الشباب كل الصلاحيات للانقضاض على جسد المرأة في الشارع وكأنها فريسة.
وأضافت الفاعلة الجمعوية "كفعاليات نسائية نطالب بإيجاد قوانين صارمة توقع بأقصى العقوبات على كل من سولت له نفسه فعل ذلك". ودعت لاحترام النساء كافة، ونبذ هذه التصرفات، لأنها دخيلة على المجتمع المغربي الذي يؤمن بالتسامح، مشددةً على أن كل شخص يجب عليه من موقعه محاربة مثل هذه السلوكيات بالتبليغ عنها، وألا يقفوا في موقع المتفرج.
وبينت نجاة إيخيش أن "الفتاة لم تفعل شيئاً مشيناً ومن حقها إرتداء ما تراه مناسباً لها، إلا أن سلوك هؤلاء الشباب هو ممارسة تدوس على كرامة المرأة والمجتمع ككل، وبالتالي الحركة النسائية في المغرب لابد لها أن تدفع باتجاه خلق قوانين صارمة جداً، فبدون ذلك لا يمكن حماية النساء، وإلا سنكون أمام تكريس العنف بكل أشكاله".
ومن جهتها قالت الناشطة الحقوقية والنسائية بشرى الشتواني، "إن الثقافة المغربية مبنية على التسامح والانفتاح والتحرر، حيث تتعايش كافة الأطياف بشكل سلمي، وللمرأة المغربية الحق في ارتداء ما أرادت"، مشيرةً إلى أن ما وقع بمدينة طنجة المغربية، هو ضريبة 12 سنة التي كان فيها الحزب الإسلامي يقود الحكومة، والذي كان يمرر خطابات تكرس التمييز، كما كرست أيضاً أن الفضاء العمومي هو ملك للرجل.
وقالت في تصريحها "لهذا لا أستغرب مثل هذه السلوكيات ضد النساء في الشارع، فإذا حاولنا التدقيق في سن هؤلاء الشباب سنرى أن أعمارهم أقل من 12 سنة عندما صعدت حكومة الإخوان، وبالتالي فإنهم عاشوا في وسط ثقافي رجعي، ولا يعرفون تاريخ المجتمع المغربي الحقيقي المبني على التسامح والتحرر".
وأكدت بشرى الشتواني أنه لابد من تظافر الجهود، لإرساء المزيد من التوعية لدى الشباب الصاعد وتقريبه من الثقافة المغربية المبنية على التسامح.
ومن جهتها عزت الصحافية وعضو جمعية شابات من أجل الديمقراطية هدى سحلي هذه السلوكيات التي مورست بحق فتاة طنجة إلى تراجع المؤسسات الاجتماعية عن القيام بوظائفها، موضحةً أن المدرسة لم تعد تقوم بدورها التربوي والتثقيفي وبناء الإنسان، فيما انحصر دور المؤسسة الأسرية في توفير الجانب المادي فقط.
وأوضحت "هذا السلوك المشين يجعلنا أمام أزمة مجتمعية، تتطلب أولاً إعادة النظر في المنظومة التعليمية والنموذج التربوي داخل الأسرة، وثانياً إعادة النظر في جودة الإعلام والمنتوج الإعلامي والرفع من مستواه، وإبراز الدور الثقافي والفني في جميع المؤسسات وخاصة المدارس".
ردود فعل واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي
وأثار انتشار شريط الفيديو أيضاً ردود فعل واسعة من الفعاليات النسائية والناشطين في وسائل التواصل الاجتماعي الذين نددوا بـ "الاعتداء الصارخ على الحريات الفردية".
وعبرت رئيسة جمعية "التحدي للمساواة والمواطنة"، بشرى عبدو، في تدوينة لها على "فيسبوك"، عن رفضها الاعتداء على النساء في الأماكن العامة، مشيرةً إلى أن "الفتاة التي تعرضت للاعتداء، لم تمس أحداً ولم تضايق أحداً ولم تعنف أحداً بل هي فقط امرأة رغبت أن تلبس ما تشتهيه بدون أن تمس بحرية الآخر".
من جهتها دونت القيادية في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والبرلمانية السابقة حنان رحاب، على صفحتها، قائلة "إن اللباس حرية فردية واختيار خاص، وأن كل من يبرر الاعتداءات على المواطنين والمواطنات ويربطه بطبيعة اللباس فهو يدعم جريمة الاعتداء والعنف" وأكدت أن "لا تساهل مع هذا الإجرام".
فيما كتبت الناشطة السياسية، فدوى الرجواني، على صفحتها في الفيسبوك "الأمر أكبر من تحميل المسؤولية للعائلات وسوء تربيتهم للأبناء، ومن مساءلة المستوى الثقافي للمتحرش أو المغتصب. الأمر أعمق بكثير، غارق في تركيبة إنسان القرن 21، ترسبات ثقافية/دينية قديمة تضع المرأة وجسدها في رتبة ما دون الإنسان، شيء مستباح، سهل المنال بل من الواجب التدخل في كل اختياراته، كل هذا اصطدم مع التكنولوجيا وما تمنحه من إمكانيات الاطلاع على عالم ما بعد الحداثة دون أدنى قدرة على مواجهته".
وأشارت في تدوينتها "اليوم وفي حالتنا المغربية لا بديل عن إعمال القانون بكل الصرامة الممكنة وعلى نفس القدر من قسوة العمل الإجرامي".
يشار إلى أن القانون المغربي يعرف مرتكب جريمة التحرش الجنسي بأنه "كل من أمعن في مضايقة الغير في الفضاءات العمومية أو غيرها، بأفعال أو أقوال أو إشارات ذات طبيعة جنسية لأغراض جنسية، أو بواسطة رسائل مكتوبة أو هاتفية أو إلكترونية أو تسجيلات أو صور ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسية".
فيما يحدد القانون المغربي العقوبات التي تنتظر المتحرشين بالمغرب بالسجن من شهر واحد إلى ستة أشهر، وغرامة مالية تبدأ من ألفين إلى عشرة آلاف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وتكون العقوبة مضاعفة إذا كان المتحرش زميلاً في العمل أو من الأشخاص المكلفين بحفظ النظام والأمن في الفضاءات العامة وغيرها.
في حين تتضاعف العقوبة في عدد من الحالات، حيث ينال المتحرش الجنسي 3 إلى 5 سنوات سجناً وغرامة مالية تصل إلى 50 ألف درهم/خمسة آلاف دولار، إذا ارتكب التحرش الجنسي من طرف أحد الأصول أو المحارم أو من له ولاية أو سلطة على الضحية، أو مكلفاً برعايته أو كافلاً له، أو إذا كان الضحية قاصراً.
ويعاقب بالسجن من ستة أشهر إلى سنتين وغرامة من ألفي درهم /200 دولار إلى 20 ألف درهم/ألفي دولار، أو بإحدى هاتين العقوبتين، من خرق تدبير المنع من الاتصال بالضحية أو الاقتراب منها أو التواصل معها بأية وسيلة أو رفض الخضوع لعلاج نفسي ملائم.