فعاليات نسائية تدعو إلى إصدار قانون ينظم الوساطة العائلية في المغرب
دعت مجموعة من الفعاليات النسائية إلى تجويد النصوص القانونية ذات الصلة بالوساطة الأسرية في المجتمع المغربي، مؤكدة على ضرورة إصدار قانون شامل ينظم الوساطة العائلية والأسرية، مع ملاءمة القوانين الوطنية مع المواثيق الدولية
![](https://test.jinhaagency.com/uploads/ar/articles/2021/06/20220306-44590-jpgab8d49-image.jpg)
المغرب ـ .
للحفاظ على استقرار الأسرة وإيجاد آليات لحل المنازعات بطرق بديلة بدون اللجوء للقضاء في حالة وجود خلافات بين الزوجين، وبهدف تخفيف العبء الذي أصبح يثقل كاهل القضاة والموظفين بسبب كثرة القضايا المعروضة على مختلف المحاكم، أكدت مجموعة من الفعاليات النسائية في المغرب، خلال ندوة نظمت أمس الجمعة 25 حزيران/يونيو، في العاصمة الاقتصادية مدينة الدار البيضاء، على تجويد النصوص القانونية التي لها علاقة بالوساطة الأسرية في المجتمع المغربي.
وأوضحت رئيسة الجمعية المغربية لمناهضة العنف ضد النساء فاطمة الزهراء الشاوي، في مداخلة لها أن المغرب تبنى الوساطة الأسرية التي تهدف إلى تحقيق العدالة المنصفة، والتي تعد من أنجح الوسائل البديلة لإدارة النزاعات العائلية، وإدارة الصراع بين أطراف الخصومة، وإيجاد حلول ودية، وأوضحت الناشطة الحقوقية خلال الندوة التي نظمت تحت شعار "الوساطة الأسرية بين تحديات الواقع والآفاق المستقبلية"، أنه لا وساطة مع العنف، مشيرة إلى أن أغلب الوافدات على مراكز الاستماع لا يرغبن في الزج بأزواجهن في السجن، وإنما يسعين إلى إيجاد حلول توافقية.
وأكدت فاطمة الشاوي على ضرورة إيلاء أهمية لهذه الوسيلة على صعيد النظام القضائي، وإدراجها في إطار قانوني، وتوفير آليات تفعيلها على أرض الواقع، كما نوهت إلى أن الجمعية أعدت حملة ترافعية للمطالبة بإصدار قانون خاص بالوساطة العائلية، حيث عقدت لقاءً سابقاً مع وزير العدل، فيما ينتظر عقد لقاءٍ ثانٍ مع وزيرة الأسرة المغربية على أساس الشروع في وضع الحملة أمام الجسم التشريعي بعد الدخول السياسي المقبل.
وأشارت إلى أن اليوم الدراسي الذي تشارك فيه، يتمثل في العمل على تعميم تقنيات الوساطة في أصولها، وكذا الشروط المفروضة في الوسيط، لتفادي العشوائية في التعاطي مع الوساطة من جهة، والحد من الضغط المتزايد على المحاكم من جهة أخرى.
وانطلاقاً من التجارب التي راكمتها الجمعية منذ عام 2004، وقبل إنشائها لمركز الوساطة الزوجية المبنية على النوع الاجتماعي، ترى فاطمة الشاوي أن هذا اليوم الدراسي يعد فرصة سانحة لتقاسم هذه التجارب مع مختلف الجمعيات والفاعلين والفاعلات في المجال، لأن الوساطة الأسرية هي آلية ووسيلة من الوسائل البديلة لفض النزاعات الأسرية.
ومن جهتها تقول رئيسة مصلحة الأسرة بوزارة التضامن والأسرة والتنمية الاجتماعية والمساواة كريمة حليوتي، إنه هناك العديد من التحديات التي تواجه الأُسر بالمغرب؛ من بينها تقلص مساحة الحوار، والانتقال إلى الأسرة النووية، ومحدودية نجاعة مسطرة الصلح في حل النزاعات بالمحاكم، وارتفاع نسب الطلاق.
وعلقت كريمة حليوتي قائلة "إن وزارة الأسرة المغربية دعمت أكثر من 72 جمعية عاملة في مجال الوساطة الأسرية، إذ تتوفر كل جهات المملكة على مراكز استماع مدعمة من طرف الدولة، مع التركيز على محور الرباط - الدار البيضاء، الذي يعرف نسبة سكان كبيرة، كما كشفت عن العديد من البرامج التي تصب في اتجاه تعزيز الوساطة الأسرية.
كما وأشادت بالجمعيات المغربية الرائدة في مجال الوساطة العائلية خلال فترة الحجر الصحي التي عرفت تفاقماً كبيراً لمشاكل الأزواج المغاربة، مشيرةً إلى أن الوزارة تعول بشكل كبير على الجمعيات، لأنها تجسد قوة اقتراحية مهمة بالبلد من جهة، إضافة إلى عملها في الميدان من جهة ثانية.
واستعرضت كريمة حليوتي نتائج مراكز الوساطة بالمغرب "إن أغلب الوافدين عليها مستواهم الدراسي محدود، بالإضافة إلى أن أغلب أسباب النزاع تتعلق بمشاكل النفقة والطلاق، وأضافت أن عراقيل الوساطة تتجلى في انسحاب أحد أطراف النزاع، أو غياب التواصل، وتزايد العنف الأسري، وإدمان أحد الزوجين على المخدرات، والحاجة إلى المتابعة النفسية، ومشاكل الأملاك، وعدم رغبة الزوجة في الرجوع إلى السكن المشترك.
كما ذكرت كريمة حليوتي بمؤتمر دولي سبق ونظمته الوزارة حول الوساطة الأسرية عام 2015، والذي تم خلاله الخروج بتوصيات من أجل التهيؤ لنموذج مغربي للوساطة الأسرية، في وقت تتجه فيه المساعي إلى إعداد سياسة عمومية لحماية الأسرة، ومن خلالها سيتم تطوير برنامج الوساطة الأسرية وإعداد نص تنظيمي.
أما المحامية والناشطة الحقوقية ورئيسة اتحاد العمل النسائي عائشة لخماس، فأوضحت أن القوانين المنظمة للأسرة المغربية لا تحقق المساواة وتكافؤ الفرص، مشيرةً إلى أن "الدستور المغربي أقر الأسرة كمؤسسة مركزية بخلاف الدساتير السابقة، وتحدث عن ضمانات حمايتها، لكنه في الآن نفسه يقوم بالتمييز بين الأسرة التي تحتاج إلى الحماية، والأسرة الأخرى غير المعترف بها نهائياً".
وأمضت قائلة "إن هناك تمييز بين مكونات الأسرة من داخل مدونة الأسرة بنفسها، ما يعني أن المنطلقات تحتاج إلى إصلاح عميق وشامل، يمنح المساواة بين كل تلك المكونات"، وأوضحت عائشة لخماس في حديثها أن كل طرف من أطراف النزاع يأتي بحمولة متوارثة، وأضافت أن المغرب لا يحتاج إلى وضع قوانين فقط، بل ينبغي تطويرها والعمل بها بشكل أمثل على أرض الواقع، معتبرة أن العلاقة بين الأزواج تتغير بعد الصلح، حيث تتأسس على التضامن والحب بين الأطراف أثناء تدبير الوضعية العائلية.
وتسعى الفعاليات النسوية والمؤسسات العمومية الشريكة إلى العمل على إشاعة ثقافة الوساطة الأسرية باعتبارها السبيل الأفضل لتدبير الخلافات بين أفراد الأسرة، وتطوير التدريب والتكوين في الوساطة الأسرية للارتقاء بأدائها، وبلورة استراتيجية في موضوع الوساطة الأسرية.