بحضور نسائي لافت مراكش تحتفي بالتراث عبر المهرجان الوطني للفنون الشعبية
تميز المهرجان الوطني للفنون الشعبية في دورته الـ 51، بالحضور النسائي داخل الفرق الفلكلورية التي قدمت عروضاً متنوعة عبر مختلف الفضاءات والساحات.
آيت عبد الله
مراكش ـ عاشت مدينة مراكش عاصمة السياحة والفنون بالمغرب، على مدى خمسة أيام على إيقاعات المهرجان الوطني للفنون الشعبية في دورته 51، والذي يحمل هذه السنة شعار "أغاني وإيقاعات خالدة".
نظم المهرجان الوطني للفنون الشعبية في دورته الواحدة والخمسون في الأول من تموز/يوليو إلى غاية الخامس منه، بعد توقف اضطراري لمدة سنتين بسبب ظروف جائحة كورونا، وهو يعد من أقدم مهرجانات المملكة، حيث كانت أولى دوراته سنة 1959.
أكثر من 30 فرقة فلكلورية من مختلف مناطق المغرب جاءت لتمتع الجمهور المراكشي المتعطش للفن والثقافة بعروض فنية متنوعة توزعت على أربعة فضاءات هي المسرح الملكي وحديقة الحارثي وساحة جامع الفنا التي صنفتها منظمة اليونسكو كتراث شفاهي للإنسانية، وكذلك الفضاء التاريخي "قصر البديع"، حيث كان للمراكشيين موعد مع الفنون الشعبية التي تعكس عراقة البلد وأصالته الممتدة عبر التاريخ.
تميزت هذه الدورة بمشاركة أكثر من 600 فنان من بينهم 200 ينتمون إلى مدينة مراكش لوحدها، حيث ساهمت فرقة "الدقة المراكشية" بشكل مميز في إغناء العروض المقدمة، وكذلك فرقة "اللعابات".
فرق متنوعة مثل "أحواش" و"أحيدوس" و"عبيدات الرمى" و"كناوة" و"الركبة" و"الكدرة" وغيرها من الفنون الشعبية التي تعكس التنوع الثقافي والتراثي للمغرب بمختلف مكوناته الأمازيغية والجبلية والصحراوية الحسانية والعربية، أغنت العروض المقدمة طيلة خمسة أيام متتالية، عاش خلالها المراكشيون وزوار المدينة أجواء احتفالية أخرجتهم مما خلفته ظروف الجائحة.
واحتفت هذه الدورة بفرقة إسبانية كضيفة شرف للمهرجان، معتبرةً أن الفنون الشعبية تلتقي في رمزيتها وتعبيراتها في ثقافة بلدان الجوار، حيث تعد الثقافة أحد الركائز الأساسية لبناء علاقات مع باقي الدول.
وكان للمرأة حضور مميز ضمن الفرق الفلكلورية التي قدمت عروضاً متنوعة عبر مختلف الفضاءات والساحات، سواء من خلال التعبير الجسدي (الرقص) أو الغناء، مما يدل على أن النساء يساهمن بشكل فعال في إنتاج الموروث الثقافي الذي يعكس روح الانسجام والتعاون بين الجنسين منذ القدم، وقد حظيت بعض النساء بمكانة متميزة، ولا أدل على ذلك من أن إحدى النساء تترأس فرقة فلكلورية تسمى "أحواش هوارة" وهي "الريسة" فاطمة الشلحة التي تقدم رقصة الأفعى الشهيرة وهي المرأة الوحيدة وسط فرقة جميع أعضائها رجال.
وحرص المهرجان الوطني للفنون الشعبية منذ تأسيسه الحفاظ على الموروث الثقافي كتراث لا مادي للإنسانية، باعتباره يعكس روح الهوية المغربية، من خلال هذا التنوع الثقافي الذي تتميز به كل مناطق المغرب.
كل مساء يتوافد جمهور غفير للتمتع بعروض كوريغرافية في موعد لم يخلفوه، منذ الدورات السابقة، مع فرق متنوعة جاءت لتثبت مرة أخرى أن الهوية المغربية المبنية على التعدد الثقافي لا تستقيم إلا في حضن التراث الشعبي الذي يعكس روح الانتماء غلى هذه المناطق.
ولم يغفل المهرجان تكريم بعض الوجوه الفنية التي أغنت التراث بعطاءاتها، حيث حظي ثلاث رؤساء فرق شعبية بالتفاتة من الجهات المسؤولة عن الشأن الثقافي بالمدينة، اعترافاً لهم بما أسدوه خدمة للتراث وحفاظاً عليه من الاندثار، عبر تعليم الأجيال الناشئة وتلقينهم لهذه الفنون حتى تحفظ من الاندثار.