انقطاع الإنترنت والاعتقالات في إيران... شكل آخر من القمع
بعد سبعة من تصاعد التوترات بين القوات الإسرائيلية وإيران، أثار تصاعد الاعتقالات والاستدعاءات الجماعية الأخيرة وانقطاع الانترنت في إيران قلقاً واسعاً بشأن تدهور أوضاع حقوق الإنسان والحريات المدنية في البلاد، والتي باتت تشكل انتهاكاً جديداً لحقوق الإنسان.

مهاباد ـ أعربت المنظمات الحقوقية والمحللون عن قلقهم من استخدام قطع الإنترنت والاعتقالات كأدوات قمع، مشككين في صحة الاتهامات الموجهة للمواطنين العاديين، خاصة في ظل تعقيد العمليات المنسوبة لإسرائيل، والتي ستترك تأثيرات على سلامة المواطنين وحقوقهم الأساسية، في ظل غياب الشفافية وتقييد الوصول إلى المعلومات.
مع بدء الصراع بين القوات الإسرائيلية وإيران، قامت السلطات الإيرانية بتقييد الوصول إلى خدمة الإنترنت في البلاد، وفي بعض المحافظات تم قطعها بشكل كامل، وأكدت منظمة "نتبلوكس" التي تراقب حالة الوصول إلى الإنترنت حول العالم، انقطاع الإنترنت بشكل كامل في إيران أمس.
وأشارت المنظمة إلى أن "البيانات المباشرة تظهر انقطاعاً شبه كامل للإنترنت في جميع أنحاء إيران، ويأتي هذا في أعقاب الانقطاعات الطفيفة السابقة، وفي ظل التوترات العسكرية مع إسرائيل بعد أيام من الاشتباكات العسكرية المتبادلة".
وفي العديد من المدن في محافظة أرومية، بما في ذلك مهاباد، بيرانشهر، وبوكان، سردشت، شنو، وغيرها، لا يتوفر الوصول حتى عند استخدام كاسرات الفلتر، كما أن المواقع المحلية وحتى خدمات جوجل غير متاحة.
وأفادت مصادر محلية، إن الخدمات المصرفية مثل تحويل الأموال والمشتريات باستخدام البطاقات المصرفية، وحتى بعض الشؤون الإدارية والطلابية، قد تعطلت بشكل كبير، يأتي ذلك في الوقت الذي تُعقد فيه امتحانات نهاية الفصل الدراسي في بعض الجامعات، مثل جامعة "آزاد"، حيث أدى الانقطاع إلى حرمان العديد من الطلاب من أداء امتحاناتهم.
وأدى الانقطاع أيضاً إلى حالة من القلق بين السكان بشأن ممارسة شؤونهم اليومية وحتى كسب لقمة العيش، خاصةً مع عدم توفر السيولة المالية في معظم المدن الإيرانية، فقبل الصراع قيدت السلطات استخدام السيولة بشدة وكان السكان يزاولون شؤونهم اليومية باستخدام البطاقات المصرفية.
وأكدت تقارير حقوقية أن السلطات الإيرانية تستخدم قطع الإنترنت كأداة لقمع واسع النطاق، في ظل تصاعد التوترات الأمنية والاعتقالات الجماعية، ووفقاً لمصادر إعلامية، فإن الخوف من تسريب المعلومات إلى الخارج يُعد أحد الأسباب الرئيسية وراء هذا الانقطاع، الذي ترافق مع موجات جديدة من الاستدعاءات والاعتقالات، ما يزيد من احتمالية وقوع انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في ظل التعتيم الإعلامي.
وأشارت التقارير إلى أن السلطات تبرر هذه الإجراءات بذريعة الحفاظ على الأمن القومي، في حين يرى مراقبون أن الهدف الحقيقي هو إسكات أصوات المواطنين ومنع نقل معاناتهم إلى المجتمع الدولي، ويُعد قطع الإنترنت بحسب المنظمات الحقوقية، شكلاً من أشكال القمع الممنهج الذي يهدد حرية التعبير ويزيد من عزلة الشعب الإيراني عن العالم الخارجي.
تزايد الاعتقالات مع تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل
وأفادت تقارير صادرة عن مصادر حقوقية، بأن السلطات الإيرانية نفذت حملة اعتقالات واسعة طالت ما لا يقل عن 150 شخصاً، من بينهم ناشطون مدنيون، أساتذة جامعات ومدراء الشبكات الاجتماعية، وتأتي هذه الاعتقالات في سياق تصاعد التوترات الداخلية، وسط مخاوف متزايدة من انتهاكات ممنهجة لحقوق الإنسان.
وقالت منظمات حقوقية وعدد من السكان، إن العدد الحقيقي للمعتقلين في إيران قد يكون أعلى بكثير من الأرقام الرسمية المعلنة، وذلك بسبب اعتماد هذه الإحصاءات على مصادر تخضع لرقابة السلطات الحكومية، مؤكدةً أن غياب الشفافية وتقييد الوصول إلى المعلومات يجعل من الصعب التحقق من حجم الانتهاكات، خاصة في ظل تصاعد حملات الاعتقال والاستدعاءات الأمنية.
وتشمل التهم الموجهة لمن تم اعتقالهم "التعاون مع الموساد"، و"دعم وسائل الإعلام الإسرائيلية"، و"الإخلال بالنظام العام بنشر معلومات عبر شبكات التواصل الافتراضي"، في الوقت التي أشارت فيه بعض المصادر إلى أن المعتقلين أُجبروا على الاعتراف تحت الضغط، في الوقت التي أثارت فيه موجة الاعتقالات المتزايدة المخاوف بشأن حالة حقوق الإنسان والحريات المدنية في البلاد.
في غضون ذلك، أعرب بعض المحللين المستشهدين بالتقارير المنشورة عن هجمات استخباراتية وعسكرية إسرائيلية داخل إيران، عن شكوكهم في نسب هذه الأعمال إلى مواطنين عاديين، ووفقاً لهذه المصادر فإن تعقيد العمليات التي نُفذت لا يرقى إلى مستوى يُعزى إلى تعاون مدنيين وأفراد لا يشغلون مناصب استخباراتية رئيسية.
وفي الوقت نفسه، تزايد القلق العام بشأن التأثيرات المزدوجة للصراعات المعلوماتية بين إيران والقوات الإسرائيلية على حياة وأمن المواطنين.