أمال موسى: لا بد من البحث عن الأسباب الحقيقية للعنف
أكّدت وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن، أمال بلحاج موسى، على أهمية تكاثف الجهود لمحاربة آفة العنف التي تمسّ النساء وتقتلهن، داعيةً إلى إيجاد مقاربة نقدية لكيفية معالجة الظاهرة
![](https://test.jinhaagency.com/uploads/ar/articles/2021/12/20220306-ggggdhkililu-jpg43581c-image.jpg)
تونس - .
قالت الوزيرة التونسية أمال موسى اليوم الخميس 2 كانون الأول/ديسمبر خلال ندوة مغلقة للوزارة، بخصوص حملة الـ 16 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة إن التمكين الاقتصادي والاجتماعي للنساء والفتيات في تونس من شأنه أن يساهم في مقاومة كل أشكال التمييز والعنف ضد المرأة، مشدّدةً على أن تحقيق ذلك سيكون عبر تكاتف كل الجهود من وزارة وجمعيات نسوية ومجتمع مدني ومنظمات محلية.
واعتبرت أن هذه الاستراتيجية تسعى للقضاء على العنف ضد النساء، معبّرة عن أسفها من إرتفاع غير معقول للنسب خلال السنوات الأخيرة برغم وجود قانون وصفته بـ "ثورة حقيقية في مجال الدفاع عن حقوق النساء".
ولفتت آمال موسى إلى أهمية العمل للوقاية من العنف ووضع مقاربة لمعالجة الظاهرة في إطار الحملة الدولية أو بعدها، معتبرةً أن الوقت مناسب للتأكيد على التزام تونس بحفظ حقوق النساء وكرامتهن في إطار الحرص على تضافر الجهود وحوكمة التنسيق بين مختلف الفاعلين؛ للتصدّي للانتهاكات التي تستهدف النساء والأطفال وكبار السن؛ للتفاعل مع مختلف المكونات للتعمّق في فهم ظاهرة العنف وتفسيرها سببياً، وتقديم التحاليل واقتراح الآليات لتكون المعالجة أكثر فعالية، ووفق المسار الصحيح دون تغييب مقاربة على مقاربات أخرى.
وانتقدت الوزيرة العنف المبني على النوع الاجتماعي باعتباره مبني على جنس المرأة ويستهدفها فقط لكونها "امرأة"، والذي يتسبّب في ضرر نفسي وجسدي وجنسي واقتصادي عليها. معتبرةً أن العنف ضدّ المرأة يعدّ أحد أكثر أنواع الانتهاكات ضد حقوق الإنسان انتشاراً واستمراراً حيث تباينت تمظهراته مع مرور الوقت في مختلف المجتمعات، وغالباً ما ينظر إلى العنف كونه آلية لإخضاع النساء سواءً في المجتمع أو العلاقات بين الجنسين بحيث يبنى على علاقات القوة غير المتكافئة بين النساء والرجال.
وأضافت أن جائحة كوفيد19 أثرت على العلاقات والتواصل بين الأفراد وأحدثت تغييرات ودفعت بتعميق الخلافات التي طالت مختلف الفئات العمرية والمجتمعية "سجلت الجهات المختصة أكثر من 15 ألف مكالمة سنة 2020 أي بارتفاع يقدّر بسبع مرات مقارنة بالسنوات السابقة، ومنذ بداية العام تجاوز عدد المكالمات الواردة الـ 6000 مكالمة حيث تمثل الفئة المتزوجة الضحية الأولى بـ 78 بالمئة من الحالات والزوج هو القائم بالعنف في 74 بالمئة من الحالات بينها مثل الأطفال 12 بالمئة من الضحايا كما أن الفئة العمرية (30 ـ 49) سنة أصبحت من أكثر الفئات عرضة للعنف بنسبة تقدر بـ 58 بالمئة من الإشعارات".
وشدّدت الوزيرة على أن الأرقام المفزعة التي تشير إلى تغوّل الظاهرة تتعارض والرصيد التشريعي الاستثنائي للمرأة التونسية وآخرها المصادقة بالإجماع على القانون الأساسي عدد 58 لسنة 2017 والمتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة.
وأشارت آمال موسى إلى أن كل الجهود المتراكمة منذ سنوات لم تحدّ من ظاهرة تعنيف النساء التي تضاعفت خلال الجائحة وهو أمر قد يدفع في أول وهلة إلى الإحباط ولكن عمق علاقة مشروع الدولة المدنية الحديثة بمسألة المرأة قد يأخذ الدولة ومؤسساتها إلى صياغة فكر نقدي لإيجاد الحلول لتقليص الفجوة بين الترسانة القانونية التي تقرّ بالحقوق وتضمنها والواقع المجتمعي الذي يعاني من تنامي ظاهرة العنف وبالتالي وجب العمل على حسن تطبيق هذه القوانين والتفكير في المشكلات التي تعترضها وتعطّل أحياناً مسارها التطبيقي خاصة فيما يتّصل بالممارسات الاجتماعية التي لاتزال مترددة بين رفض العنف والتسامح معه.
وقالت إنّ المقاربة تشريعية والمهيمن على تفسيرات ظاهرة العنف التفسير الثقافي دون التفكير في الخسائر التي يتكبّدها كل المجتمع بسبب العنف عموماً والعنف القائم على النوع الاجتماعي بشكل خاص، معبرة عن عزم الوزارة القيام بدراسة حول التكلفية المالية والاقتصادية لظاهرة العنف السنة القادمة.
بدورها أفادت الحقوقية هالة بن سالم في مداخلتها بأنه وجب إقرار إجراءات الحماية من خلال القانون الأساسي، مؤكدة على أهمية قرارات الحماية وضرورة المحافظة على صبغتها الاستعجالية، مبيّنة أن تطبيق هذا القانون كان صعباً خلال سنة 2020، لافتةً إلى النقائص والثغرات التي تتعلّق بوجود تباين في تأويل القانون وفهمه لدى القضاة وبالتالي لا يطبق بنفس الطريقة في المحاكم.
من جهتها، قدّمت مفيدة العباسي رئيسة جمعية النساء من أجل البحث والتنمية في مناهضة العنف ضد المرأة، تجربة الجمعية في تسيير مركز الإيواء الذي تم إنشاءه سنة 2016 وكان بذلك أول مركز لإيواء النساء ضحايا العنف، حيث يتم الإصغاء إليهن في مرحلة أولى ثم ينقلن إلى مركز الإيواء إذا تطلب الأمر ذلك ضماناً لسلامة الضحية.
وحول قراءة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية للقانون الأساسي عدد 58 لسنة 2017 المتعلّق بالقضاء على العنف ضد المرأة أفادت راضية الجربي، رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية بأنّ الاتحاد منخرط في الجهود الوطنية للتصدي للعنف من خلال الوقاية والتوعية وتقديم خدمات التعهد، معتبرة أن القانون الأساسي مكسب هام رغم ما يتطلبه من تفعيل من خلال قراءة نقدية واستخلاص الممارسات الجيّدة في المجال القانوني والقضائي.
ودعت إلى ضرورة تغيير المناهج التربوية، وإبراز الدور الهام للإعلام والثقافة لمناهضة كل أشكال العنف ضد النساء والتوعية بمخاطر العنف على المرأة والمجتمع.