عام على تأسيس ملحق المرأة في صحيفة يني يشام

هجران أورون رئيسة تحرير جريدة يني يشام، التي تحاول أن تكون صوت النساء والمواطنين والمكونات الدينية والعرقية والشعوب المختلفة وتلتزم بتراث الإعلام الحر، أجابت على أسئلة وكالتنا

صحيفة يني يشام، التي بدأت النشر بهدف حماية حرية الصحافة في ظل جميع أنواع الرقابة والشروط والأوضاع، تسعى إلى إبراز لون المرأة من كل زاوية، ابتداءً من مركز الأخبار وحتى مرحلة التوزيع. هجران أورون رئيسة تحرير ملحق المرأة في صحيفة يني يشام، تصف البنية السياسية وكيفية نشر الصحف على هذه البنية بالقول "هناك سياستان رئيسيتان للحكومة، الكرد وعداء المرأة. ووسائل الإعلام الكردية تتصدى لهذا الأمر".
 
سوهام أكمان
مركز الأخبار -
 
"الإعلام الكردي هو الهدف الرئيسي للحكومة"
 
 أكمل ملحق المرأة في صحيفة يني يشام عامه الأول. تمر تركيا بأصعب سنواتها في مجال الصحافة. أنتم أيضاً أحد وسائل الإعلام التي تعاني أكبر قدر من هذه الضغوط. العديد من الأسماء سواء من الإداريين إلى الموظفين لديكم، يخضعون لرقابة القضاء. كيف تقيمون هذه الفترة؟ وما سبب كل هذا؟ وما هو تعليكم على ذلك؟
بعد عام 2013 على وجه الخصوص، اتبعت تركيا سياسة الضغط والتخويف المتزايدة ضد جميع أصوات المعارضة. وعليه فإن إعلام المعارضة هو الأكثر تأثراً بهذه السياسات. لكن هذه ليست أمور جديدة على الصحافة الكردية. تاريخ اضطهاد الكرد والصحافة الكردية طويل جداً. لا تزال فترة التسعينيات التي كان الصحفيون والكادحين يعتقلون أو يقعون ضحايا جرائم قتل لم تُحل، والفترة التي يتم فيها إغلاق الصحف وتفجيرها مستمرة حتى اليوم. هذه السياسات التي كانت تُطبَّق في السابق على الإعلام الكردي، ما زالت تُطبَّق اليوم على المعارضة وعلى جميع وسائل الإعلام المعارض في تركيا. اليوم تم إغلاق العديد من المؤسسات الإعلامية، وملاحقة الصحفيين وإغلاق الصحف.
في الحقيقة يصبح دور الصحافة الحرة مهما للغاية في مثل هذه الأوقات. في أوقات التوتر الشديد، من المهم جدا أن يكون الناس قادرين على التحدث وإيصال الحقائق. لأن الوصول إلى صوت الكرد والمجتمعات من مختلف الأديان والشعوب والكادحين وربما معظم النساء، هو الرد المناسب على هذه الضغوط. أقول على وجه الخصوص لأن ازدياد عنف الدولة يؤدي إلى ازدياد عنف الذكور أيضاً.
بالعودة إلى سؤال لماذا يحدث ذلك؟ هناك حكومة في تركيا تحمي وجودها من خلال الفوضى والحرب. تحرض الحكومة دائماً على العنصرية والعداء تجاه المرأة. ويعتبر الإعلام أهم أداة لفرض ذلك على المجتمع. لذا فإن الخطر الأكبر على هذه السياسات هم الصحفيون الذين يفضحونها ويكشفون الحقائق. لذلك فإن وسائل الإعلام المعارضة والصحافة الكردية هي الهدف الأساسي للحكومة.
 
سياستان رئيسيتان: الكرد والعداء للمرأة 
 
لماذا تصبحون هدفاً لهم؟ بماذا تختلفون عن وسائل الإعلام الأخرى؟ برأيكم ما هو الأمر الذي لا يتم قبوله؟
كما قلت الآن، في مكان تقوم فيه بفضح سياسات الحكومة وتتحدث ضدها، من الطبيعي أن يتم استهدافك. لكن يمكنني أن أقول هذا عن الإعلام الكردي: القضية الكردية من أهم القضايا وأكثرها حيوية في تركيا. هي السبب الجذري للفوضى والقمع والأزمات الاقتصادية اليوم. في نفس الوقت هناك النظام الأبوي والعداء للمرأة الذي يغذي الفوضى كل يوم. بعبارة أخرى هناك سياستان رئيسيتان للحكومة الحالية، الكرد والعداء للمرأة. هنا تتصدى الصحافة الكردية لهذا الأمر. إنها لا تفضح سياسات العداء للكرد وعداء النساء فقط، بل هي مناهضة للحكومة وتقوم بفضح هذه الجماعات، وتسعى إلى إيصال هذه الحقائق إلى الرأي العام. لذلك تصبح أيضاً الهدف الأول. يمكننا تلخيص ذلك بهذا الشكل: الصحافة الكردية باعتبارها استمرار لميراث الصحافة المناهضة للهيمنة والعداء ضد النساء، تفضح اضطهاد وخطاب وسياسات هذه الجماعات، ولذلك فإنها أصبحت على الدوام هدفاً للنظام.
 
هل المناخ السياسي في تركيا يضغط عليكم؟ أو دعونا نقول الرقابة التلقائية. هل تفكر يني يشام مرتين قبل ان تضع عنواناً رئيسياً، من أجل حماية نفسها؟ بصفتك محررة ملحق المرأة ما هي المواضيع أو العناوين التي تركزون عليها؟ 
بالطبع إنه يؤثر. يتم إغلاق صحفنا، ويتم القبض على زملائنا أو اعتقالهم. لا أتذكر عدد الدعاوي التي تم فتحها ضد صحيفتنا حتى الآن. إنها كثيرة. لكن في مثل هذه الأوقات، من المهم أن يكون المرء قادراً على الوقوف على قدميه ومواصلة النشر، لأن القراء بحاجة إلى أن يكونوا على دراية بالحقائق. لذلك، في بعض الأحيان تكون هناك مناقشات حول المصطلحات التي سنستخدمها أو في بعض الأحيان حول الصور. لكننا لا نتردد في نشر الأخبار تحت أي ظرف من الظروف، وإلا فإننا لن نجسد روح الصحافة الحرة. 
 
لماذا يكون "الإرهاب" هو الموضوع الرئيسي للمحاكم؟ ما الذي يتعرض له الصحفيون في ميدان العمل؟ ما هي التهم التي توجه إليكم؟
لا يوجد زملاء لنا لم يتعرضوا للاعتقال سواء في الميدان أو في مكتب التحرير أو أثناء توزيع الصحف. تمت مقاضاتنا جميعاً تقريباً، ولا يزال بعض زملائنا في السجن. قبل أيام قليلة في الثالث من تشرين الثاني تمت إعادة محاكمتنا مع 6 من زملائنا في دعوى قضينا فيها عاماً في السجن. على الرغم من أن جميع لوائح الاتهام تتعلق بأخبار الصحف، فإن الجريمة دائماً هي جريمة "الإرهاب".
 
برأيكم لماذا تكون التهمة الرئيسة للمحاكم هي "الإرهاب"؟
الحكومة التي لا ترغب أن تكشف للرأي العام المحلي والدولي أنها تقوم بمقاضاة الصحفيين، تجد أسهل طريقة لإقناع الرأي العام تهمة "الإرهاب". لا يتم التحدث في الإعلام الرسمي عن القضايا التي تمت مقاضاتنا بسببها، وإذا تم التطرق إليها لا يتم تسميتنا بالصحفيين بل يطلق علينا "إرهابيون" ويتم التلاعب بالمجتمع والرأي العام الدولي بهذه الطريقة. سياسة الحكومة تسير بهذا الشكل، حيث يتم اتهام أي شخص غير مؤيد بـ "الإرهاب" ويحاولون إقناع المجتمع بذلك.
 
"مع تصاعد الفاشية ازداد البحث عن العدالة"
 
هل تحاولون الوصول إلى القراء وتعريف أنفسكم بهذه الطريقة؟ ما ردود أو انطباعات القراء حولكم؟
أستطيع أن أقول إنه حتى أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين كان هناك اعتقاد عام بأن انتهاك حقوق الإنسان والعدالة هي مشكلة الكرد فقط. لذلك كان قرائنا الرئيسيون هم الشعب الكردي. طبعاً يتم متابعتنا أيضاً من قبل الشرائح المؤيدة للديمقراطية والحرية، لكن يمكنني القول إن العديد من الشرائح المختلفة تتابعنا اليوم، خاصة مع انتشار القمع وانتهاكات حقوق الإنسان في غرب تركيا، ونحن متضامنون مع هذه الشرائح. مع انتشار الفاشية، يزداد البحث عن العدالة أيضاً. نحن، كإعلام كردي، نهدف إلى إيصال أصوات الكرد الذين يتعرضون للعنصرية، وأصوات الكادحين الذين تُنتهك حقوقهم، والنساء اللائي يقعن ضحايا عنف الذكور وجميع الفئات المهمشة. 
 
عندما تبتكرون لغة الأخبار الخاصة بكم، فإنكم تحافظون على موقفكم فيما يتعلق بالمساواة بين الجنسين... خاصة في الأخبار الخاصة عن المرأة، ما الذي تسعون إلى قوله أو تقديمه؟
نحن امتداد للميراث الذي خلفته غربتلي أرسوز، أول محررة نسائية في تركيا. بالطبع مشكلة المرأة، وبصورة أدق، عنف الرجل والمشاكل التي أوجدها النظام الأبوي هي القضايا التي نتعامل معها في المقام الأول. نبني أيضاً أخبارنا من هذا المنطلق؛ من ناحية نفضح عنف الرجل والدولة ومن ناحية أخرى نحاول إيصال وإبراز نضال وصوت المرأة.
يتزايد عنف الرجال يوماً بعد يوم في تركيا بسبب سياسات الحكومة المعادية للمرأة. يتم قتل 3 نساء كحد أقصى على يد رجال كل يوم. يتم حظر وإغلاق المنظمات التي تناضل من أجل حقوق المرأة، ويتم اعتقال السياسيات والناشطات، والاستيلاء على الإنجازات القانونية للمرأة من قبل الحكومة. إن إلغاء اتفاقية اسطنبول هو أوضح مثال على ذلك. لكن رغم كل هذه الضغوط، هناك مجموعتان يمكنهما النزول إلى الشوارع اليوم وقول كلمتهما دون تردد: الكرد والنساء. كانت السياسية الكردية عائشة كوكان، التي حُكم عليها الأسبوع الفائت بالسجن لمدة 30 عاماً، تقول: نحن نساء، نحن كرد، نحن هنا. في الواقع، نحن الكرد والنساء مجموعتان تناضلان من أجل وجودهما في تركيا. والجهة التي تعمل على إيصال صرخة هؤلاء النساء والكرد "نحن هنا" هي الإعلام الكردي.
 
"منبر لإيصال أصوات النساء"
 
نضال المرأة في الشرق الأوسط يلفت انتباه العالم كله. نرى إنكم تقومون أيضاً بنشر هذه الأخبار من خلال صفحاتكم. هل ترى نساء تركيا مقاومة ونضال المرأة في الشرق الأوسط؟
لطالما كان نضال النساء في الشرق الأوسط موجوداً، لكن نمو وبروز هذا النضال حدث في السنوات الأخيرة. لأنه كان هناك رأي عام مفاده أن النضال من أجل حقوق المرأة كان دائماً غربياً. لكن يمكنني أن أقول إن هذا الاعتقاد قد تم كسره بشكل كبير خاصة في السنوات العشر إلى الخمس عشرة الماضية. وهنا بشكل خاص تبرز أهمية المقاومة الكبيرة للمرأة الكردية في روج آفا. نرى اليوم نضال النساء في بلدان مثل تونس ومصر أكثر وضوحاً ويمكن أن يتم توحيد هذا النضال. النضال الذي تتابعه الحركة النسائية التركية والكردية عن كثب هو نضال النساء في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. بالنسبة لملحق المرأة في صحيفة يني يشام، خصصنا موضوع الغلاف في إحدى الأعداد لمبادرة نساء الشرق الأوسط التي تم تأسيسها العام الماضي. مؤتمر نساء الشرق الأوسط الذي تم عقده عقب ذلك تمت متابعته باهتمام ومشاركة كبيرين من قبل النساء اللواتي تناضلن هنا. مثل هذا التكاتف يثير حماس قرائنا. نظراً لأننا نرى أن الشريحة الأكثر ديناميكية للنضال ضد العنصرية والسياسات النيوليبرالية المتزايدة حول العالم، هن النساء. إن توحيد هذا النضال المتصاعد مهم للغاية. من المهم بالنسبة لنا أن نكون منبراً نقف فيه إلى جانب النساء في هذا النضال المشترك والسامي ونجعل أصواتهن مسموعة. إنه يمنح الأمل والحماسة لنا ولقرائنا.
 
"لا تزال هناك أحكام مسبقة"
 
هل يمكن القول أن هناك علاقة بين الصحفية وزميلاتنا في المهن الأخرى؟ من الآن فصاعداً ما هو ندائكم لزميلاتكن الصحفيات؟
بالطبع هناك تماسك وهو يتنامى كل يوم. ولكن هل هذا كافياً أم لا، فهذه مسألة قيد النقاش. مع تصاعد الفاشية يوما بعد يوم وتضخيم الرجولة وتحريضها من قبل الحكومة كل يوم، من الواضح أننا بحاجة إلى الاتحاد والتعاضد. لا تزال هناك بعض الأحكام المسبقة التي لا يمكننا إنهائها وتصورات لا يمكننا كسرها، وأعتقد أن أهم طريقة للتغلب عليها هي أن نتعاون بشكل أكبر. هذا لا ينطبق فقط على الحركة النسائية التركية والصحفيين، ولكن أيضاً على أولئك الذين يسعون للمساواة والحرية في جميع أنحاء العالم. لهذا السبب أقول إن العمل الجماعي يبقينا على قيد الحياة".
 
أنهى ملحق المرأة في صحيفة يني يشام عامه الأول، ما هي كلمتكم للنساء اللواتي شاركن في العمل الشاق خلال هذه الفترة؟
أستطيع أن أقول ما يلي عن النساء العاملات في الصحيفة: بدءاً من تصميم صفحات الجريدة إلى مركز الأخبار، من مكتب التحرير إلى هيئة التحرير فإن معظم العاملين هن من النساء. بالطبع هذا يتيح للمرأة أن يكون لها رأي هام في السياسة التحريرية للصحيفة. في النشر اليومي، لدينا صفحتنا المخصصة للنساء وملحق المرأة الذي ننشره مرة كل 15 يوماً على شكل مجلة على شبكة الإنترنت. ويؤدي هذا إلى بروز وجهة نظر المرأة في صحيفة يني يشام. بمعنى أن عدد النساء أكبر من عدد الرجال العاملين في الصحيفة، على عكس حقيقة أنه في وسائل الإعلام يكون عدد الرجال هو الأعلى، إن بروز المرأة في الإعلام الكردي يؤدي إلى تأثر السياسية الكردية بشكل أكبر بموضوع حرية المرأة.