الساحة التي شهدت رجم نساء باتت نوراً تسطع منه بهجة الحرية

تحت شعار "بوحدتنا ونضالنا دحرنا الإرهاب وسنبني مجتمع حر ديمقراطي" احتفل الآلاف من أهالي مدينة منبج في شمال وشرق سوريا، أمس الأحد 15 آب/أغسطس بالذكرى الخامسة لتحرير المدينة من مرتزقة داعش، في الساحة العامة التي كانت تقتل وترجم فيها النساء خلال سيطرة داعش

منبج - .
في الأول من حزيران/يونيو 2016، أطلق مجلس منبج العسكري حملة تحرير المدينة من مرتزقة داعش التي سيطرت عليها منذ بداية العام 2014، وشاركت في الحملات قوات سوريا الديمقراطية، ووحدات حماية الشعب والمرأة، ولاقت دعماً من قبل الأهالي الذين عانوا خلال سيطرة المرتزقة، وبعد 73 يوماً من المعارك عاد الأمان والحرية للمدينة.
خلال الاحتفالية ألقيت العديد من الكلمات ومنها كلمة باسم تجمع نساء زنوبيا في منبج وريفها، والذي تأسس في الأول من حزيران/يونيو هذا العام بهدف تمكين النساء على كافة المستويات ليكون لهنَّ دور بارز في المرحلة القادمة نحو الحل السياسي في سوريا وإحلال السلام في البلاد.
وألقت الكلمة الناطقة باسم التجمع نسرين العلي التي باركت وهنئت هذا اليوم على أهالي منبج ونساءها "هذا اليوم الذي خلد في ذاكرتنا جميعاً اليوم الذي أشرقت فيه الحرية ورفعت رايات النصر وكسرت شوكة داعش الذي مارس أبشع الأساليب بحق كافة الشعوب والنساء"، وأضافت "تعرضت المرأة لكافة أنواع التعذيب وأشد أنواع العنف الجسدي والنفسي وبيعهنَّ في سوق السبايا، وأصبحت المرأة ضحية جرائم القتل والاغتصاب والرجم والزواج القسري، فمن خلال ممارساتهم هذه أرادو وأد المرأة وطمس تاريخها".
وأشادت نسرين العلي في حديثها بنضال المقاتلين والمقاتلات "بفضل سواعد أبنائنا وبناتنا من كل المكونات المتمثلة بقوات سوريا الديمقراطية ومجلس منبج العسكري تم تخليص الشعب من ظلم داعش بمشاركة المرأة في مقدمة معارك التحرير لإنقاذ النساء من استبداد المرتزقة.
وأضافت "المقاتلات من كافة المكونات سطرنَّ أروع ملاحم البطولة وقدمنَّ العديد من الشهيدات في سبيل الحصول على حريتهنَّ وكرامتهنَّ".
وعقبتها كلمة لحزب سوريا المستقبل ألقتها عضو مجلس الحزب في مدينة منبج وريفها هند داغستاني قالت فيها "في الذكرى الخامسة لتحرير منبج يخشع القلب استذكاراً لتضحيات العظماء الذين بذلوا أرواحهم من أجل حرية الشعوب وتحريرها من نير الاستعباد والظلام، هذه الذكرى الغالية على قلوبنا نستذكرها دوماً بالإصرار على مواصلة البناء والتحرير والعطاء دون كلل وملل، في سبيل شعبنا العظيم وفي سبيل بناء سوريا حرة ديمقراطية تعددية لا مركزية تضمن كرامة الشعب وحريته".
وتخلل الاحتفالية تقديم فقرات دبك وأغاني من قبل فرقة مسرح منبج للغناء، وفرقة الشهيد بوطان تركماني للدبك، وفرقة الشهيدة آرين للدبك، والفرقة الشركسية، وتقديم فقرات غنائية من قبل الفنانة نسرين بوطان.
 
 
وعلى هامش الاحتفالية قالت لوكالتنا رابعة الجاسم من أهالي مدينة منبج "الكلمات لا تسعفنا للتعبير عن فرحنا بهذا اليوم المميز الذي تخلصت فيه منبج من مرتزقة داعش"، مضيفةً "عانينا في ظل سيطرة داعش، وحرمنا من الحرية فكنا لا نجرؤ على الخروج من منازلنا". مؤكدة أن الحال تغير بعد التحرير "الجميع يتحدث ويعبر عن آراءه بكل حرية دون خوف، نحن نتمنى أن يدوم هذا الأمن والسلام على جميع الأهالي".
 
 
فيما قالت فاطمة حجي "نعيش اليوم بسلام وأمان بتكاتف مكونات المنطقة من عرب وكرد وشركس وتركمان"، مضيفةً "هذه الاحتفالية كمزهرية ضمت جميع الأزهار بمختلف ألوانها".
وأكدت أن ما ينعمون به من سلام هو بفضل تضحيات قوات مجلس منبج العسكري وقوات سوريا الديمقراطية، "نتمنى التحرير لجميع المناطق المحتلة من قبل تركيا ومرتزقتها وأن يعيشوا بحرية ويحتفلوا كما نحتفل اليوم".
 
 
من جهتها قالت نائبة الأمانة العامة في حزب سوريا المستقبل جميلة أحمد "نهنئ هذا اليوم على من ضحوا بأرواحهم ليزيلوا الظلام الذي خيم على مدينة منبج لنعيش بحرية، فتحرير منبج كان طريقاً لإنهاء داعش من كافة مناطق شمال وشرق سوريا". 
وعن دور نساء مدينة منبج في تحرير المدينة قالت "المئات من نساء مدينة منبج انضممنَّ لصفوف مجلس منبج العسكري وشاركنَّ في تحرير مدينتهنَّ"، مؤكدةً أن المرأة في منبج "كانت ريادية في تحرير باقي المناطق بعد أن أصبحت صاحبة تجربة ونضال". 
أما عن دور المرأة في بناء المدينة بعد التحرير قالت "أثناء تحرير مدينة منبج واستقبال النساء للمقاتلين قطعنَّ عهداً بأنهنَّ سيساهمنَّ ببناء المدينة، وبالفعل كانت المرأة سباقة في تنظيم الإدارات والمؤسسات وتنظيم الشعب، وغدت مثالاً يحتذى به لنساء الطبقة والرقة ودير الزور في جميع المجالات".
وفي ختام حديثها أكدت جميلة أحمد على ضرورة المحافظة على مكتسبات الشهداء "مدينة منبج تحدت العالم الذي قال بأنها لن تتحرر، لكنها تحررت بفضل التضحيات لذا على أهالي منبج أن يكونوا أهلاً لهذه التضحيات وأن يكونوا لائقين بدماء الشهداء".  
 
 
أما نائبة الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي في منبج نورا الحامد فقد اعتبرت تجمع أهالي مدينة منبج ليحتفلوا معاً بذكرى التحرير دليل على تحديهم لكافة القوى الظلامية التي تسعى للنيل من إرادتهم "مشاركة كافة مكونات منبج بألوانهم وأزيائهم الفلكلورية يحاكي التلاحم السائد بينهم، ويحاكي المشروع الذي جمعهم خلال السنوات الخمس الماضية ألا وهو مشروع الأمة الديمقراطية الذي انتهجته الإدارة المدنية في مدينة منبج للحفاظ على حقوق كافة المكونات دون إقصاء أي مكون".
وشددت على أن "تركيا حاولت النيل من مدينة منبج من خلال التهديدات المستمرة، لكنها لن تتمكن من تحقيق أهدافها والنيل من إرادة الشعوب"، مضيفةً "الانتهاكات لم تزد أهالي منبج إلا عزيمة وإصراراً على الاستمرار في المقاومة ضد جميع المحتلين".
 
 
من جهتها قالت عضو تجمع نساء زنوبيا رابعة البكرو عن اختيار الساحة للاحتفال بأن "هذا المكان الذي نحتفل فيه ونرفع راية النصر كان مكاناً لقتل ورجم النساء من قبل مرتزقة داعش، فهذه الساحة تحولت من ساحة القتل إلى ساحة الفرح والاحتفال وتكاتف وتلاحم المكونات"، وأكدت على أن داعش الذي فرض سياساته على المرأة أصبح من الماضي بينما النساء اليوم يحتفلنَّ ويشاركنَّ في ذكرى انتهاءه.
وتجدر الإشارة إلى أن داعش كان يقتل ويرجم أهالي منبج والنساء على وجه الخصوص في الأماكن العامة والدوارات في المناطقة التي تشهد ازدحاماً ومن ضمنها الساحة العامة وسط المدينة التي شهدت قتل ورجم عشرات النساء.