المغرب… لقاء تواصلي يسلط الضوء على تفشي الأمية في صفوف النساء

تحت شعار "أية استراتيجية للحد من الأمية بجهة مراكش، أسفي"، نظمت فدرالية رابطة حقوق النساء بشراكة مع منظمة "أوكسفام" بجهة مراكش أسفي، لقاءاً تواصلياً لتسليط الضوء على ظاهرة الأمية المتفشية خاصة داخل العالم القروي.

رجاء خيرات

المغرب ـ أجمع المشاركون في اللقاء التواصلي بمراكش، على أن ارتفاع نسبة الأمية وسط النساء ظاهرة معقدة وتتطلب تظافر جهود مختلف الفاعلين والشركاء للحد منها.

نظمت فدرالية رابطة حقوق النساء بالشراكة مع منظمة "أوكسفام" بجهة مراكش أسفي، أمس الخميس 16كانون الثاني/يناير لقاءاً تواصلياً سلط الضوء على ظاهرة الأمية المتفشية بالجهة، تحت شعار "أية استراتيجية للحد من الأمية بجهة مراكش، أسفي"، وهو لقاء يندرج في إطار مشروع "لنحافظ على كرامة المتضررين من زلزال الحوز".

 

 

وقالت عضوة فدرالية رابطة حقوق النساء زهرة صديق، إن هذا اللقاء التواصلي يندرج في إطار مشروع "لنحافظ على كرامة المتضررين من زلزال الحوز"، والذي تضمن مجموعة من المحاور والتدخلات من ضمنها محور "محاربة الأمية" خاصة وسط النساء.

وأوضحت أن هذا المحور الذي امتد على مدى عام ونصف كشف عن مجموعة من الإشكالات والحاجيات التي تم الوقوف عليها، من ضمنها ارتفاع نسبة الأمية في المناطق النائية، خاصة في صفوف النساء.

وأشارت إلى أن المغرب وضع مجموعة من المخططات والاستراتيجيات للحد من الظاهرة، لافتة إلى أنه لتسليط الضوء عليها، استضاف اللقاء مجموعة من المؤسسات الرسمية والفاعلين الذين يعملون في مجال تعليم الكبار، و الهيئات الحقوقية المحلية، إضافة إلى جامعة القاضي عياض والمجلس الجماعي لمدينة مراكش والوكالة الجهوية لمحاربة الأمية والأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة مراكش باعتبارهم شركاء أساسيين في هذه البرامج والمخططات.

وأكدت أن الهدف من تنظيم هذا اللقاء هو الوقوف على الظاهرة وتسليط الضوء على أسبابها، واقتراح الحلول المشتركة في أفق الخروج بتوصيات من شأنها المساهمة في الحد من الظاهرة، حيث سيتم العمل على التوصيات لإيصالها للمسؤولين وتعميمها، والعمل من أجل إنجازها وتفعيلها على أرض الواقع، لأن رهان التنمية لا يمكن بلوغه إلا بتحقيق المساواة الفعلية بين النساء والرجال، وبالقضاء على الأمية لأنها من بين أهم أسباب الهشاشة و التمييز بين الجنسين، وتعد سبباً في انغلاق النساء حيث تحرمن من فرص العمل.

ولفتت إلى أن الأمية تجعل النساء على المستوى النفسي تشعرن بأنهن غير فاعلات في المجتمع، وبالتالي فهذا رهان مطروح على المغرب الذي يطمح إلى تحقيق أهداف النموذج التنموي، كما أنه صادق على مجموعة من الاتفاقيات بهذا الشأن، في حين أنه على مستوى الواقع ينبغي أن تكون هناك سياسات تستند على مرجعية حقوقية تحترم مقاربة النوع.

وحول التنسيق بين مختلف المتدخلين في المجال، بينت أن غيابه يعد من أهم أسباب ارتفاع نسبة الأمية، وخلصت إلى أنه في ظل التنسيق يمكن تحقيق نتائج إيجابية، وبالتالي يمكن المساهمة في الحد من هذه الظاهرة التي يحتل فيها المغرب مراتب جد متأخرة دولياً، وعلى المستوى الوطني فإن جهة مراكش، أسفي تأتي في المرتبة الثانية من حيث ارتفاع نسب الأمية، وهو ما من شأنه أن يخلق تفاوتات اجتماعية كبيرة، مما يطرح رهانات وتحديات لبلوغ التنمية المستدامة والتي تضع الإنسان في صلب انشغالاتها.

 

 

ومن جهتها اعتبرت سلمى أيت موليد إحدى المشاركات في اللقاء وهي مؤطرة في برنامج محو الأمية بقرية إغيل بإقليم الحوز، أن الفقر والهشاشة من أهم أسباب انتشار الأمية في العالم القروي، مشيرةً إلى أنه انطلاقاً من تجربتها في هذا المجال، خلصت إلى أن النساء تبدين رغبة كبيرة في التعلم، حتى يتسنى لهن تغيير حياتهن بشكل أفضل.

ولفتت إلى أنه في البداية استقبلت 45 امرأة قروية، ليرتفع العدد سريعاً إلى 60 مستفيدة، لدرجة أن منهن من أبدت الرغبة في اجتياز امتحان الشهادة الإعدادية والثانوي، وهذا مؤشر على أن النساء ترغبن في محاربة الأمية.

وحول انقطاع الفتيات القرويات عن الدراسة، أكدت أنه بُعد المدرسة عن الدواوير (القرى) هو السبب الرئيسي، حيث أنه بالنسبة لقرية إغيل تبعد المدرسة ثلاثة عشرة كيلومتراً عن القرية، ونفس الشيء بالنسبة للثانوية التي تبعد  29 كيلومتراً، مما يدفع الآباء إلى توقيف بناتهم عن الدراسة وتزويجهن في سن مبكر.

وبدورها اعتبرت زهرة أيت إحدى المستفيدات من برنامج محو الأمية بقرية إغيل (بؤرة الزلزال الذي ضرب الإقليم العام الماضي)، أن التعليم مهم بالنسبة للنساء، وأنها توقفت عن الدراسة في المستوى الثاني من التعليم الابتدائي، بسبب بعد المدرسة عن القرية، مؤكدةً على أنها ترغب باجتياز امتحان المرحلة الإعدادية والحصول بعد ذلك على البكالوريا (الشهادة الثانوية)، حتى يتسنى لها تغيير حياتها إلى الأفضل. 

وحول صعوبة متابعة الدراسة في قريتها، قالت إن مجموع التلاميذ يتجاوز 270 في حين لا تتوفر المنطقة إلا على أربع حافلات فقط، وهو ما يدفع بالآباء إلى توقيف بناتهم وأبنائهم عن الدراسة في مراحل مبكرة. 

وأكد المشاركون في اللقاء، أنه على الرغم من الجهود التي يبذلها المغرب للحد من ظاهرة الأمية، خاصة في صفوف النساء، حيث تعتبر الأمية ظاهرة نسائية، إذ تبلغ نسبة الأميات بجهة مراكش، أسفي 36.2% مقابل 21.5 في صفوف الرجال، وهو ما يضع الجهة في المرتبة الثانية على المستوى الوطني في مؤشرات محو الأمية، وفقاً لإحصائيات المندوبية السامية للتخطيط لعام 2024.

وأشاروا إلى أنه بالرغم من تنوع الاستراتيجيات التي اعتمدتها الحكومة لمواجهة هذه الظاهرة، بدءاً بتعزيز البرامج التعليمية غير النظامية، وصولاً إلى توفير فرص التعليم لدى الكبار، ومساهمة المجتمع المدني بشكل فعال في هذا المجال من خلال تنظيم حملات للتوعية بأهمية التعليم وتقديم دروس وخدمات للتخفيف من الأمية، وبالرغم من كل هذه المبادرات، سواء منها الرسمية أو المدنية، إلا أنه لاتزال هناك تحديات كبيرة تعوق تحقيق الأهداف المنشودة، في ظل ارتفاع نسبة الأمية في صفوف النساء، خاصة داخل العالم القروي.

وخلصوا إلى أن مؤشرات ارتفاع نسبة الأمية في صفوف النساء تحد من ولوجهن للفرص المتاحة ولسوق العمل، كما أنها تكرس مظاهر اللامساواة بين الجنسين، كما أن الأمية تحرم المرأة من حقوقها الأساسية بالمشاركة في الحياة العامة، واتخاذ القرارات التي تؤثر على حياتها، وتحقيق استقلالها الاقتصادي، فضلاً عن أنها تحد من فرصها للولوج للخدمات.

ولفت المتدخلون إلى أن الهشاشة والفقر وانعدام وسائل النقل من بين أهم أسباب انقطاع الفتيات عن التعليم، مؤكدين أن الأمية لا تخص عدم التمكن من القراءة والكتابة فقط، لكنها تخص صعوبة الولوج للمعلمات بشتى أنواعها، كما أن الفتيات اللواتي تنقطعن في سن مبكر عن الدراسة، سرعان ما تتخلفن عن الفرص المتاحة للانخراط في الحياة العامة والمساهمة في التنمية. 

وخلصوا إلى ضرورة تعبئة كل الإمكانات المتاحة، عبر وضع العنصر البشري في صلب السياسات العمومية، من أجل تأهيل المغرب إلى ربح رهان التقدم والإدماج والاستدامة، والقضاء على الأمية في أفق 2029.