الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات تعقد مؤتمرها تحت شعار "الثورة النسوية تنتصر على الرداءة والرجعية"

تحت شعار "الثورة النسوية تنتصر على الرداءة والرجعية" عقدت الجمعية التونسية أمس الجمعة 26حزيران/يونيو مؤتمرها الثالث عشر، وأكد المشاركين في المؤتمر بأن الثورة النسوية ستنتصر ضد كل الأفكار الرجعية

زهور المشرقي 
تونس ـ ، وقائلين "مع كل نفس ديمقراطي سنبني نفساً ثورياً جديداً"
خلال جلسة الافتتاح التي حضرتها مراسلة وكالتنا، أكدت رئيسة جمعية التونسية للنساء الديمقراطيات التي انتهت ولايتها، يسرى فراوس، أنها ستترك رئاسة الجمعية لكنها لن تترك الساحات النضالية والدفاع عن قضايا  النساء كعضو وكصوت نسائي حرّ تقدمي تحرري.
وأوضحت أن الفترة النيابية التي ترأستها في الجمعية لمدة ثلاث سنوات كانت مليئة بالنضال والعمل المستمر من أجل إلغاء التمييز ضد النساء وضد المهمَّشات والمهمَّشين برغم كل الصعوبات التي تعترض نساء الجمعية ومن بينها حملات التشويه والتكفير في بعض منابر الإعلام  والمنابر الدينية. 
وأفادت يسرى فراوس التي تحدثت بحماس وثقة، بأن الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات ستواصل نضالها دفاعاً عن حقوق النساء في الأرياف والمدن، إيماناً منها بحق المرأة في العيش بكرامة وفي سلام أسري ومجتمعي.
وشدّدت يسرى فراوس على أن الثورة النسوية ستنتصر ضدّ كل الأفكار الرجعية والظلامية، متّهمة بعض الأطراف بالسعي إلى الرجوع بتونس إلى القرون الوسطى وإلى فترة ما قبل 14 كانون الثاني/يناير 2011(تاريخ انتصار الثورة التونسية)، لافتة إلى أن المساواة في الحقوق والواجبات ومن بينها المساواة في الميراث، هي المطلب الأساسي  في تونس، وقالت "مع كل نفس ديمقراطي سنبني نفساً ثورياً جديداً".
وأكملت حديثها قائلةً "إن جمعية النساء الديمقراطيات هي ملجأ كل امرأة مهما كان توجّهها، وهي البيت الذي  يضم كل النساء على اختلاف مستوياتهن ومواقعهن".
وأوضحت أن "الجمعية احتضنت المرأة التونسية المعنفة والمهمشة في المجتمع، عندما تخلت الدولة عنها"، مؤكدةً العزم على "عدم التخلي عن أي امرأة مهما حصل".
وأعربت عن استنكارها للمشهد السياسي الذي لا يرى في دور المرأة سوى أنها مجرد رقم انتخابي، "إن الانتخابات التشريعية والرئاسية لسنة 2019 لم تُحدث أي تغيير على مستوى تكريس مبادئ حقوق الإنسان والمساواة وضمان العيش الكريم للمواطنات والمواطنين".
 
 
وبدوره، حيّا الأمين العام للاتحاد العام التونسي للعمل نور الدين الطبّوبي، مسيرة نضالات المرأة في تونس وصلابة الناشطات بالجمعية وصمود وإرادة نساء تونس المضطهدات المعنفات، اللواتي يعانين الإقصاء والتهميش والخصاصة والفقر في ربوع البلاد.
وأكد أن نضال المركزية النقابية والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، هو نضال واحد من أجل تكريس المساواة التامة بين الجنسين والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، مهنئاً الجمعية بإنجازاتها وديمومتها لمدة 32 سنة منذ انبعاثها سنة 1989.
وأفاد الطبّوبي بأن المنظمة أخذت عهداً على عاتقها بمحاربة العنف ضد النساء لاستئصال مختلف أشكال التجاوزات والعنف المسلط على التونسية خاصة خلال السنوات الأخيرة، حيث أصبحت الإحصائيات مفزعة ومخيفة.
وشدّد على أن المركزية النقابية على أتم الاستعداد للتنسيق مع الجمعية في سبيل كشف الظواهر والممارسات التي تمسّ المرأة وتستهدفها، ضمن الإيمان المشترك بقدسية حقوق الإنسان في تونس وعلى المستوى الإقليمي والدولي.
وأكد الأمين العام أنه مستعد للضغط على الحكومة وإقناعها بالقيام بحملة وطنية شاملة لمناهضة العنف على أساس النوع الاجتماعي، متعهداً بوضع  إمكانيات الاتحاد العام التونسي للعمل لمحاربة كل ما يهدد سلامة النساء  المادية والمعنوية.
وندّد بالعقلية الذكورية التي لم تؤمن بعد بدور المرأة وحريتها وكرامتها، وهي عقلية تسعى إلى الإنقاص من دورها، مبديً ارتياحه لوجود جيل نسوي واع ومجتهد، "أنا اليوم مرتاح البال لوجود نسويات مناضلات.. ستنتصرن آجلا أم عاجلاً للتونسية مهما حاولت الأطراف الرجعية التصدي للمشروع التقدمي التنويري".
وأشار إلى أن النساء انتصرن مراراً ضد كل أشكال العنف والتطرّف، وسينتصرن لأنفسهن وحقوقهن المشروعة ولحريتهن. 
وقال "بالرغم من المكاسب التي حققتها المرأة التونسية، وبرغم حضورها المتميز في ساحات النضال إلا أنها لا تزال غير ممثلة بصفة متساوية مع الرجل في مراكز القرار".
وأشار الطبوبي إلى "ردود الفعل البدائية" للقائمين على السلطة كلما تعلق الأمر بمكسب جديد لفائدة المرأة كحق المناصفة في الانتخابات وحق المساواة في الإرث، داعياً إلى إدماج مقاربة النوع الاجتماعي في مكان العمل والقضاء على العنف والتحرش ومنع أي تمييز ضدها في مواقع العمل، علاوة على التسريع بتوقيع اتفاقيات قطاعية مشتركة تضمن للعاملات حقهن في العمل اللائق والأجر المناسب والحماية الاجتماعية. 
ومن جانبه اعتبر رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان جمال مسلّم، أن حقوق المرأة التونسية ومكتسباتها باتت اليوم مهددة في ظل مدّ رجعي ظلامي خطير اجتاح البلاد، مشيراً إلى أن العمل مستمر مع الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات ومختلف الجمعيات النسوية العاملة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان،  للتصدي لكل المحاولات الظاهرة والمبطنة التي تسعى إلى حمل  تونس إلى مربّع العنف والتطرف والجهل.
وشدّد على أن الرابطة ستكون السند الأول والكبير للجمعية من أجل تكريس شعار "من أجل  المساواة التامة والفعلية بين الرجل والمرأة".
ومن جهته، قال المدير التنفيذي للجمعية التونسية للدفاع عن الحقوق الفردية وحيد الفرشيشي، إنه عرف ناشطات الجمعية عندما كان شاباً يتوق إلى الحرّية ويتحسّس طريقها، وبذلك التواصل الذي أنطلق منذ عام 2000 توضّحت له رؤى الحركة النسوية التقدمية في تونس في الدفاع عن الحريات مهما كانت، وفي انتزاع  الحقوق والسعي والعمل الدؤوب لتحقيق المكاسب.
وتوجه الفرشيشي في كلمته إلى نساء تونس المؤمنات بالحرية في كلمات شاعرية كما وصفها "أن تكوني امرأة ديمقراطية هو أن لا تتركي لليأس باباً، ولا تتنازلي أبداً عما وهبتِ له فكركِ ووقتكِ وحياتك... أن تكوني امرأة ديمقراطية هو أن تحبي النور والحياة". 
وبدوره عبّر رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، عبد الرحمان الهذيلي، عن سعادته بحضور المؤتمر برغم الظرف الصعب الذي تمّر به البلاد مع انتشار الوباء وانتشار رائحة الموت التي تهدد التونسيين اليوم .
وقال الهذيلي "من الشجاعة أن تعقد الجمعية العريقة مؤتمرها في ظلّ هذه الظروف في انتقال ديمقراطي وتغيير لمكتبها عبر انتخابات نزيهة وشفافة من نسويات ديمقراطيات".
وأضاف "إنه عرف مناضلات الجمعية في تحركات احتجاجية لنساء قطاع النسيج خلال أعوام 2001- 2002-2003، وعرفهن شرسات في انتفاضة الحوض المنجمي عام 2008، حيث كنّ في مقدمات النضال دون خوف من النظام  البوليسي". 
وشدّد الهذيلي على أن الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات احتضنت الرابطة حين كان الدفاع عن أبسط الحقوق مهمة صعبة بل مستحيلة، مشيراً إلى أن الجمعية عاشت مسارات نضالية وصعبة ومرهقة وانتصرت بفضل ناشطاتها. 
ولفت المتحدث إلى أن "نسب النساء العاطلات عن العمل تفوق بكثير نسب الرجال، حيث إن المنهج الاقصائي للمرأة بات رؤية كل الحكومات المتعاقبة على السلطة"، مضيفاً أن "صفوف النضال امتلأت بالنساء لنجدهن في كل مكان مدافعات ومناضلات من أجل  بلدهن وأبنائهن وأسرهن وأخواتهن". 
ووصف عبد الرحمان الهذيلي التونسيةَ بـ "المرأة المكافحة المناضلة التي تسعى إلى التصدي للعقلية الذكورية المتصلبة التي تعمل من أجل تغييب دورها وإقصائها"، لافتاً إلى أن "المساواة حقها المشروع حيث إن الواقع الاجتماعي والاقتصادي يفرض المساواة التامة بين الجنسين، وتلعب المرأة دوراً رئيسياً في التنمية في مختلف المجالات برغم استراتيجيات تهميشها".