الجمعية المصرية للتنمية الشاملة في ختام "كرامة" تستعرض الرؤية المستقبلية وأبرز التحديات
تمكين النساء وتقديم الدعم لهن بات ضرورة ملحة في الواقع الحالي، وراحت أغلب المؤسسات تعمل على تعزيز قدرات النساء ومهارتهن خاصة تلك العاملة على الشأن النسوي.
أسماء فتحي
القاهرة ـ باتت قضية مناهضة العنف ضد النساء ضرورة ملحة للواقع المصري بعد تزايد عدد ضحاياه في الفترة الأخيرة ووصوله لحد القتل وهو الأمر الذي جعل من المشاريع المجتمعية والتي يتسم الجانب الأكبر منها بالعمل على زيادة الوعي الجماهيري أداة تغيير واقعية للموروثات الثقافية السائدة عن صورة المرأة النمطية.
اختتمت الجمعية المصرية للتنمية الشاملة أمس الاثنين 27 حزيران/يونيو، مشروع "كرامة" في مؤتمر استعرضت خلاله أهم التحديات التي واجهت طاقم عمله على مدار نحو 4 سنوات بمنطقة "المرج" بالتعاون مع الجهات المعنية لمناهضة العنف ضد المرأة، كما تم وضع الرؤية المستقبلية وسرد ثمار هذا العمل المتحققة خلال فترة المشروع.
ويعد التمكين الاقتصادي واحد من البرامج الهامة في ذلك المشروع وكذلك الدعم النفسي والقانوني إضافة للتوعية من خلال النقاشات التي تناسب قدرة الفئات المستهدفة على الاستيعاب، فضلاً عن التعامل مع مجموعة من القضايا الشائكة والمنتشرة ومنها الأزمات الجنسية سواء كانت داخل الأسرة أو خارجها وكذلك الابتزاز بمختلف صوره والعنف بأشكاله كما سيتضح في تفاصيل ما تم استعراضه من فريق العمل حول "كرامة" خلال أربع سنوات.
"كرامة الإنسان" مسؤولية المجتمع المدني
أوضحت رئيسة مجلس إدارة الجمعية المصرية للتنمية الشاملة نهال القويسني، أن عملهم يستهدف مساعدة الإنسان ليصبح أفضل، ووصفت مشروع كرامة بالإنجاز الكبير، مشيرةً إلى أن مثل هذه الأعمال تساهم في استقرار المجتمع وتقدمه.
واعتبرت أن دور المجتمع المدني والأهلي يتمثل في دعم الحكومة في البرامج التي تقدمها والتي يصعب وصولها في بعض الأوقات لبعض الفئات بالمجتمع.
أهم ملامح مشروع "كرامة"
تحدثت مديرة مشروع "كرامة" بالجمعية المصرية للتنمية الشاملة نهاد متى، حول محاور العمل على تعزيز قدرات النساء من خلال التدخلات التي تمكنهم من مواجهة التحديات التي تصادفهم في مجتمعاتهم أو أسرهم مشيرةً إلى أن العمل على رفع الوعي كان واحد من ألوياتهم في هذا المشروع فقد تم تعريف المشاركين بالعنف والظواهر والعادات والتقاليد الخاطئة المنتشرة، مؤكدةً أن واحد من أكبر التحديات التي واجهتهم هو محاولة إقناع النساء أن ما يقع عليهم من عنف من قبل الرجال ولا حق لهم في ممارسته لأنه جريمة مع تفنيد بعض الجمل المستساغة لديهم.
واعتبرت أن واحد من قضايا المشروع الهامة كانت التزويج المبكر للفتيات والختان لربطه بالعادات والدين، وعادة ما يستند البسطاء لهذه المرجعيات والمشروع عمل على مراجعة ذلك الأمر ومناقشته، معتبرةً أن العمل على التمكين الاقتصادي كان واحد من أولوياتهم أيضاً بداية من التدريب وصولاً للإقراض.
ولفتت إلى أن واحد من إنجازات المشروع إنشاء مركز دعم المرأة الذي عمل على تقديم المساعدة للنساء سواء النفسي منها أو القانوني من خلال الاستشارات وشرح القوانين، مضيفةً أن أكبر الأزمات التي تم التعامل معها خلال تلقي مشاكل النساء كان الابتزاز الإلكتروني بصوره المتعددة.
الدعم النفسي للنساء ووجوهه متعددة في مشروع "كرامة"
رأت استشارية الدعم النفسي بمشروع "كرامة، منى فتح الباب، أنهم لمسوا أثناء العمل الكثير من الأزمات التي تعاني منها النساء والفتيات على وجه التحديد، وخاصة المتعلقة بالجانب الجنسي والابتزاز وغيرها من المشاكل التي تم التعاطي معها أثناء فترة العمل على المشروع.
وأوضحت أنه هناك عدد من التحديات واجهتهم منها الاطمئنان للحديث عن المشاكل مع الغرباء، وكذلك ضرورة الاحتياج للتعامل مع باقي أفراد الأسرة لدعم النساء نفسياً وهو الأمر الذي جعل العيادة تستقبل الرجال والأطفال والشباب أيضاً.
ولفتت إلى أنهم قاموا بعمل تدخلات نفسية على كافة المستويات ومنها الوقائي بالتوعية في جلسات نقاشية تناسب طبيعة ووعي الحضور، كما تم عقد مجموعات حكي، وتم العمل على الجانب التنموي في مهارات النساء سواء في صورة المرأة عن ذاتها أو على مستوى الثقة وغيرها من الأمور، وتم التدخل العلاجي بالجلسات النفسية من جهة وعلى الجانب الآخر اللجوء للأطباء لمن يحتجن للأدوية للتعافي المرضي أو التحويل لمستشفيات إن لزم الأمر.
وأكدت استشاري النوع الاجتماعي وحقوق المرأة ومديرة البرامج بمؤسسة المرأة الجديدة لمياء لطفي، أن العمل مع الجمعية المصرية للتنمية الشاملة يسر الكثير من الخطوات في التعامل مع أهالي المرج أثناء القيام بمشروع "كرامة" لوجود اطمئنان للحديث مع فريق العمل بحكم العمل المتراكم للجمعية هناك والمعرفة المسبقة بها.
وأشارت إلى أن العمل مع الفتيات في سن مبكر يحتاج إلى جهد مضاعف لأن به مخاطرة التعرض لمشاكل من الأهالي نفسهم لأنهم لن يقبلوا بالتغيير الذي يحتاج إلى نقاشات واسعة لإحداثه بين مختلف الفئات، مشيرة إلى أن ذلك كان واحد من التحديات التي تم تخطيها بنجاح.
وأشادت لمياء لطفي، بالقائمين على الدعم القانوني والنفسي في المشروع، لافتةً إلى أنهم كانوا يتعاملون على أنهم "ظهر للنساء" وقدموا الكثير من المساندة لهن بل وعملوا بصدق على مشاكلهم "نحن نؤمن بما نفعله وسعدت بالتواجد في هذا المشروع".
العمل المنزلي الغير مدفوع للنساء في مصر يقدر بنحو 54 مليار جنيه سنوياً
قالت الصحفية والباحثة في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية إيمان عوف، إن الدولة تنحاز ضد النساء لذلك يقع على كاهلهم الكثير من الأعمال والجهد الإضافي، فالمرأة تقضي نحو 34.3 ساعة أسبوعياً في مهام أخرى غير العمل "أعمال منزلية"، مضيفةً أن قيمة العمل المنزلي الغير مدفوع للنساء في مصر يقدر بنحو 54 مليار جنيه سنوياً أي ما يقارب من 12% من الناتج القومي للدولة ذاته.
وأكدت على أنه هناك غياب لبيئة العمل الآمنة التي يمكن للنساء العمل بها، لافتةً إلى أن اتحاد عمال مصر الحكومي أعلن في عام 2014 أن 40% من النساء في أماكن العمل تتعرضن لتلميحات جنسية أو تحرش لفظي، مشيرةً إلى أن الاقتصاد المصري تأثر كغيره بأزمة كورونا وكانت النساء الضحية الأولى.
واعتبرت أن فترات تعطل النساء أطول من الرجال وكذلك معدل بطالتهم، مشيرةً إلى أن قانون العمل لعام 2003، كان به بعض الانحيازات للنساء بوجود نحو 10 مواد خاصة بهن، ورغم عدم تطبيق جانب ليس بالقليل منها إلا أنها موجودة ويمكن العمل على تفعيلها فيما بعد.
لا مبرر للختان أو تزويج القاصرات
واعتبرت المديرة التنفيذية للاتحاد النوعي لمناهضة الممارسات الضارة ضد المرأة والطفل دكتورة رانده فخر الدين، أنه لا يجوز الرجوع للطبيب لمعرفة إن كانت الفتاة يمكن تزويجها في سن مبكر أو لا أو حتى تتم استشارته في ختانها فهذه جرائم واضحة بحق الفتيات الصغار، معتبرةً أن شهادة ميلاد الطفلة لا تعني ملكيتها والتحكم بها بل والجور على أعضائها التناسلية وتشويهها واتخاذ قرارات مصيرية بشأنها كتزويجها بلا إرادة أو وعي كافي للاختيار.
وأوضحت أن شهادة الميلاد هي عقد مسؤولية لا يغطي للأهل الحق في اتخاذ القرار عن الطفل إلا بعد وصولها للقدرة الكافية على الاختيار والقرار بشكل واعي، فالأهم هو النضج العقلي والجسماني الفعلي وليست رؤية الأسرة أو الدين أياً كان أو الطب للأمر.
القوانين تنتقص من حقوق النساء وتحتاج لتعديل حتمي
من جانبها اعتبرت المحامية بالنقض والإدارية العليا وعضو مجلس أمناء مؤسسة المرأة الجديدة مها يوسف، أن الدستور نص على إنشاء مفوضية لمناهضة التمييز ولكن على أرض الواقع لا يوجد شيء من هذا القبيل، ولا توجد آلية فعلية تلزم السلطات بتنفيذ الدستور.
ولفتت إلى أن ما يطبق على المواطنين هو القانون وهذا يجعل النظر لوضع المرأة به هام لفهم سبل التعامل معها والرؤية القانونية لها، ففي القانون الجنائي على سبيل المثال يمكننا النظر لجانب العنف الجنسي فبحسب القانون هم ثلاثة أشكال وهي "الاغتصاب وهتك العرض والتحرش"، ولكن رغم وجود عقوبة رادعة للاغتصاب فهي ترى أن هناك إشكالية في تعريفه لأنه يقتصر على "المواقعة من خلال التقاء الأعضاء التناسلية"، وأي خلاف للشكل التقليدي يصبح هتك عرض.
وأوضحت أن اغتصاب الأطفال يدخل في إطار هتك العرض ولا يتم تصنيفه على أنه اغتصاب ومن ثم فعقوبته السجن، وكذلك الاعتداء على الفتاة بآلة حادة وغيرها من الأشكال التي لا تندرج تحت تعريف الاغتصاب مهما كانت بشاعتها.
وترى أن هناك خلل واضح في بعض المواد التي تقنن في بعض الأحيان التعدي على المرأة ومنها مثلاً إجازته للضرب وفق ما جاء من محكمة النقض في أحد القضايا ولكن بدون ترك أثر على جسد المرأة وهو الأمر الذي يستدعي التدخل لحمايتها من بعض المواد التمييزية والتي تسمح بوقوعها فريسة الغير في بعض الأحيان وتنتقص من حقوقها في الكثير الأحيان.
المشروع يساهم في تعزيز كرامة المرأة بتمكينها
وقالت كريمة عبد الرحمن، إحدى الحاضرات أن مشروع كرامة غير إلى حد كبير حياة النساء اللواتي قررن أن يكن جزءاً منه، وكاد يحول حياتهم ويمنحهم السعادة التي افتقدنها في غمرة الالتزامات والمسؤوليات المركبة التي تقع على كاهلهن.
وأكدت أن العلاقة بين الجمعية المصرية للتنمية الشاملة والمتدربات لا تنقطع فيتم متابعتهم حتى تتمكن من الخروج بالإنتاج اللائق، كما أن الكثيرات منهن يبدأن مشاريعهن بعد الحصول على الخبرة الكافية في المجال الذي اخترنه.
ولفتت إلى أن مشروع كرامة يستهدف المرأة بالأساس فيقوم باحتوائها على جميع المستويات منها النفسي بتقديم الدعم الكافي، وكذلك الاقتصادي بتمكينها من العمل وامتهان حرفة لتتمكن من تغيير حياتها واستعادة كرامتها والإعلاء منها بل وتطويرها على الصعيد العام بتعزيز ثقتها بنفسها وكذلك تطوير مساحة علاقتها وتواصلها مع الآخر.
والجدير بالذكر أن الجمعية المصرية للتنمية الشاملة علمت على مشروع "كرامة" على مدار 4 سنوات بالتعاون مع جمعية كمال رمزي - جمعية الجزيرة القديمة - جمعية الوديعة - جمعية المروج - جمعية ديار الأمان - جمعية الفلاحة.
كما نظمت المؤتمر الختامي لمناقشة أهم التحديات التي واجهت مشروع "كرامة" ووضع رؤية مستقبلية للعمل على مناهضة العنف ضد المرأة، بالتعاون مع هيئة باتيك الدولية الفرنسية والوكالة الفرنسية للتنمية، ولفيف من الهيئات الدولية والمؤسسات الشريكة من بينها هيئة Asmae - هيئة AFD - هيئة IECD المعهد الاوربي للتعاون والتنمية - هيئة PPI - هيئة كاريتاس مصر - جمعية نهضة مصر - الاتحاد النوعي لمناهضة الممارسات الضارة - ملتقى تنمية المرأة - مؤسسة المرأة الجديدة.