الحرب الروسية على أوكرانيا آخر الأزمات التي تهدد الأمن الغذائي العالمي
يعد تحقيق الأمن الغذائي الشغل الشاغل للدول والأفراد، لكن في ظل الأزمات التي تعصف بالعالم وآخرها، الغزو الروسي لأوكرانيا يقترب الخطر من ملايين الأشخاص حول العالم
مركز الأخبار ـ يعد تحقيق الأمن الغذائي الشغل الشاغل للدول والأفراد، لكن في ظل الأزمات التي تعصف بالعالم وآخرها، الغزو الروسي لأوكرانيا يقترب الخطر من ملايين الأشخاص حول العالم، حيث تسببت هذه الحرب في حدوث تضخم كبير في أسعار المواد الأساسية في العالم النامي، وحدوث نقص بالغذاء في الدول الفقيرة في أفريقيا.
في عام 1974 وخلال المؤتمر العالمي للغذاء عرف لأول مرة مصطلح الأمن الغذائي، ويعرف على أنه مدى توفر الغذاء الكافي في جميع الأوقات، أي حين يتمكن الجميع من الحصول على الغذاء الكافي.
346 مليون شخص في أفريقيا متضررون من انعدام الأمن الغذائي
حذرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أمس الثلاثاء 5 نيسان/أبريل من أن ربع سكان أفريقيا يواجهون أزمة أمن غذائي ناجمة عن الجفاف الشديد والحروب المستعرة وارتفاع أسعار السلع بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا. فنحو 346 مليون شخص متضررون من انعدام الأمن الغذائي.
ووفقاً لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، ومع انخفاض منسوب الأمطار هذا العام وهو الرابع على التوالي، فإن شبح المجاعة يهدد الصومال، بحلول منتصف العام الجاري، في حال استمرت أسعار المواد الغذائية في الارتفاع.
فمنذ شهر تقريباً غادر حوالي 800 ألف صومالي منازلهم بحثاً عن الطعام والماء، وما لم تكثف الدول المانحة استجاباتها سيعاني وفقاً للتقديرات الأممية نحو 1.4 مليون طفل صومالي دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد بحلول نهاية العام.
كذلك ساهمت أزمة المناخ في هذه الكارثة حيث أن وكالات الإغاثة قدرت أنه في شباط/فبراير الماضي، فقدت العائلات الآلاف من رؤوس الماشية التي تعد مصدراً رئيسياً للثروة لقرابة نصف عدد السكان.
أما عن الارتباط بين الحرب الروسية على أوكرانيا وبين الحال الذي وصل إليه الصومال فإنه يعود لاعتماد الصومال على نحو 49 بالمئة، إلى 59 بالمئة من قمحها على الصادرات الأوكرانية، ومن 33 بالمئة، إلى 43 بالمئة من روسيا.
في مالي وبوركينا فاسو اللتان تواجهان الإرهاب، يفاقم الجفاف الوضع أيضاً، ويقدر الصليب الأحمر أن 29 مليون من سكان غرب أفريقيا بحاجة إلى مساعدات غذائية عاجلة، وهو عدد من المرجح أن يرتفع بمقدار أربعة ملايين مع تقدم موسم الجفاف.
وفي كونغو الديمقراطية يواجه حوالي 27 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي الحاد، إلى جانب ما يصل لـ 600 ألف شخص في جمهورية أفريقيا الوسطى.
سلة خبز العالم فارغة
الأمم المتحدة حذرت في وقت سابق من أن الحرب على أوكرانيا تهدد بتدمير جهود توفير الغذاء لحوالي 125 مليون شخص على مستوى العالم، وجاء وصف أوكرانيا بأنها "سلة الخبز للعالم"، وبدا هذا الخطر واضحاً بعد أن بدأ الأوكرانيين بالوقوف في طوابير للحصول على الخبز.
لماذا للحرب كل هذا التأثير؟
ليست أفريقيا فقط المتأثرة إنما جميع الدول النامية تعاني من ارتفاع كبير في أسعار السلع الأساسية، فالعالم يتجه نحو أزمة غذائية حقيقية قد تؤثر على ملايين الأشخاص، فقد أدت الحرب إلى محاصرة حصة كبيرة من القمح العالمي والذرة والشعير في كلاً من روسيا وأوكرانيا، في حين أن كمية أكبر من الأسمدة العالمية عالقة في روسيا وبيلاروسيا مما أدى إلى ارتفاع أسعار الغذاء العالمي والأسمدة.
كما أن إمدادات القمح من روسيا وأوكرانيا تصل لما يقارب من 30 بالمئة من تجارة القمح العالمية، كما أصبحت الأسمدة أكثر كلفة بسبب توقف الصادرات من روسيا وانخفاض الإنتاج في أوروبا بفعل ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي، وهو مكون رئيس في الأسمدة القائمة على النيتروجين مثل اليوريا. بالمقابل أكدت روسيا أن الأولوية في الإمدادات الغذائية ستكون للسوق المحلية.
الصين التي تواجه أسوأ موسم لمحصول القمح منذ عقود بسبب الفيضانات الشديدة، تخطط لشراء المزيد من الإمداد العالمي المتراجع، بينما تشهد الهند التي تصدر عادة كمية صغيرة من القمح زيادة أكثر من ثلاثة أضعاف في الطلب الأجنبي مقارنة بالعام الماضي.
وحتى الولايات المتحدة الأمريكية التي لا تستورد الكثير من الغذاء من روسيا وأوكرانيا، تتوقع ارتفاعاً في أسعار وتكلفة الغذاء، لأن روسيا هي المصدر الرئيس للأسمدة، وهذا سيؤثر على ما تتم زراعته في الأراضي الأمريكية.
وفي أفغانستان واليمن والقرن الإفريقي، حيث يعد انعدام الأمن الغذائي مشكلة في الأساس، تزداد الأزمة الغذائية. كما تصدر روسيا نحو 70 بالمئة من قمحها إلى الدول العربية، حيث ستواجه هذه الدول تحدياً كبيراً لضمان إمداداتها.
إهدار الطعام
رغم أزمة الغذاء إلا أن العديد من الدول وحتى الأفراد يستمرون بهدر الطعام، وعلى رأس هذه القائمة البحرين، ومعظم هذا الهدر يتعلق بالسلع الأساسية التي تمثل حاجة أساسية كالقمح والأرز، حيث أفاد تقرير صادر عن الأمم المتحدة بأن حجم هدر الغذاء لكل فرد من سكان البحرين بلغ 132 كغ، من الغذاء سنوياً.
الدول العربية بالمجمل تتقدم نسب إهدار الطعام في العالم، ويعزو الخبراء استشراء هذه الظاهرة في دول الخليج إلى ازدياد استهلاك الغذاء بنسبة 4.2 بالمئة سنوياً بما يتماشى مع نمو دخل الفرد ونصيب الفرد من الدخل، وطبيعة هذه المجتمعات التي تميل إلى الاستهلاك والإنفاق الكبير على الطعام.
دول الشرق الأوسط التي تعاني أوضاعاً اقتصادية صعبة تستمر بهدر أطنان من الأغذية، ويعود ذلك لغياب التوعية بخطورة هذا العمل.