الأزمة الغذائية تدفع بالعالم إلى الوراء وسريلانكا تكابد وطأة الأزمتين الاقتصادية والغذائية

يعكس إصدار عام 2022 من تقرير حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم (SOFI) آخر المستجدات حول حالة الأمن الغذائي والتغذية في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك أحدث تقديرات تكلفة اتباع نظام غذائي صحي والقدرة على تحمّل تكاليفه.

مركز الأخبار ـ كشف تقرير للأمم المتحدة أن عدد الأشخاص المتضررين من الجوع على مستوى العالم وصل إلى ما يقارب 828 مليون شخص في العام 2021، ما يقدم أدلة جديدة على أن العالم يتحرك في الاتجاه المعاكس، فيما أكد برنامج الأغذية العالمي على أن السكان يكابدون وطأة الأزمتين الاقتصادية والغذائية في سريلانكا.

يقدم تقرير الأمم المتحدة حول حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم (SOFI) الصادر في العام 2022، أدلة جديدة على أن العالم يتحرك في الاتجاه المعاكس مبتعداً عن هدف التنمية المستدامة المتمثل في القضاء على جميع أشكال الجوع وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية مع حلول عام 2030، وهو الموعد الذي يفترض أن تتحقق فيه أهداف التنمية المستدامة.

وبحسب التقرير يمثل ذلك زيادة بنحو 46 مليون شخص منذ عام 2020، عندما دفعت جائحة كورونا الاقتصاد العالمي إلى دوامة الهبوط، و150 مليون شخص آخر منذ عام 2019.

كما بحث التقرير الطرق التي يمكن للحكومات من خلالها إعادة توجيه دعمها الحالي للزراعة للمساعدة في جعل الغذاء الصحي أرخص ثمناً، مع مراعاة محدودية الموارد العامة المتاحة في أجزاء كثيرة من العالم.

وبحسب التقرير الذي اشترك في إعداده كل من منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) والصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) وصندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الصحة العالمية، تأثر ما يصل إلى 828 مليون شخص بالجوع في عام 2021 و150 مليون شخص في عام 2019.

ونوه التقرير إلى أن نسبة الأشخاص المتضررين من الجوع ثبتت دون تغييراً نسبياً منذ عام 2015، وقفزت في عام 2020 واستمرت في الارتفاع في عام 2021، لتصل إلى 9.8% من سكان العالم بالمقارنة مع 8% في 2019 و9.3% في 2020.

وكان حوالي 2.3 مليار شخص في العالم أي حوالي 29.3% يعانون من انعدام الأمن الغذائي بشكل معتدل أو شديد في عام 2020، وواجه ما يقارب من 924 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي بمستويات حادة بزيادة قدرها 207 مليون شخص في غضون عامين.

وبحسب التقرير استمرت الفجوة بين الجنسين فيما يتعلق بانعدام الأمن الغذائي في الارتفاع في عام 2021، فقد عانت 31.9% من النساء في العالم من انعدام الأمن الغذائي بشكل معتدل أو شديد، مقارنة بـ 27.6% من الرجال، أي أن الفجوة تزيد عن أربع نقاط مئوية مقارنة بثلاث نقاط مئوية في عام 2020.

ولم يتمكن ما يقارب من 3.1 مليار شخص من تحمل تكاليف نظام غذائي صحي في عام 2020، بزيادة 112 مليون شخص عن عام 2019، مما يعكس آثار التضخم في أسعار المواد الغذائية الاستهلاكية الناجمة عن الآثار الاقتصادية لجائحة كورونا، والتدابير التي وضعت لاحتوائها.

وأوضح التقرير أنه يقدر أن 45 مليون طفل دون سن الخامسة يعانون من الهزال، وهو أكثر أشكال سوء التغذية فتكاً، ويزيد من خطر وفاة الأطفال بحوالي 12 مرة، كما يعاني 149 مليون طفل آخر دون سن الخامسة من توقف النمو والتطور بسبب النقص المزمن في العناصر الغذائية الأساسية في وجباتهم الغذائية، بينما يعاني 39 مليون طفل من زيادة الوزن.

كما يبحث التقرير في الطرق التي يمكن للحكومات من خلالها إعادة توجيه دعمها الحالي للزراعة للمساعدة في جعل الغذاء الصحي والمغذي أرخص ثمناً، مع مراعاة محدودية الموارد العامة المتاحة في أجزاء كثيرة من العالم.

وأشار التقرير إلى أنه يتم إحراز تقدم في الرضاعة الطبيعية الحصرية، حيث تلقى ما يقارب من 44% من الأطفال دون سن ستة أشهر الرضاعة الطبيعية الحصرية في جميع أنحاء العالم في عام 2020، مع ذلك لا يزال هذا أقل من هدف الـ 50% الذي حددته أهداف التنمية المستدامة لعام 2030.

ولفت التقرير إلى أنه بشكل عام، لا يتغذى اثنان من كل ثلاثة أطفال على الحد الأدنى من النظام الغذائي المتنوع الذي يحتاج إليه الطفل للنمو والتطور، ويتوقع أن ما يقارب من 670 مليون شخص، سيظلون يواجهون الجوع في عام 2030، حتى لو تم أخذ الانتعاش الاقتصادي العالمي في عين الاعتبار.

وأشار التقرير إلى أن هذا الرقم مشابه لعام 2015، عندما تم إطلاق هدف القضاء على الجوع وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية بحلول نهاية هذا العقد في إطار خطة التنمية المستدامة لعام 2030، أي ستكون أهداف التنمية المستدامة قد فشلت في دفع العالم للمضي قدما في مجال مكافحة الجوع.

 

آثار الحرب الروسية الأوكرانية 

وسلط التقرير الضوء على الأثر الضار للحرب الروسية الأوكرانية، والتي عطلت إمدادات الحبوب الأساسية والبذور الزيتية والأسمدة من كلا البلدين، وكذلك سلاسل التوريد الدولية، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار، بالإضافة إلى الغذاء العلاجي الجاهز للاستخدام للأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد.

ويأتي ذلك في الوقت الذي تتأثر فيه سلاسل التوريد سلباً بالفعل بالظواهر المناخية المتطرفة المتكررة بشكل متزايد، لا سيما في البلدان منخفضة الدخل، وقد يكون لها تداعيات خطيرة على الأمن الغذائي والتغذية العالميين كما أوضح التقرير.

وقال رؤساء الوكالات الأممية في مقدمة التقرير "يسلط هذا التقرير الضوء مراراً وتكراراً على تكثيف هذه الدوافع الرئيسية لانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية النزاعات والظواهر المناخية المتطرفة والصدمات الاقتصادية، إلى جانب تزايد عدم المساواة".

وأشاروا إلى أن القضية الموجودة على المحك ليست ما إذا كانت المحن ستستمر في الحدوث أم لا، لكن كيف يجب اتخاذ إجراءات أكثر جرأة لبناء المرونة ضد الصدمات المستقبلية.

بحسب التقرير، تشير الدلائل إلى أنه إذا أعادت الحكومات تخصيص الموارد المستخدمة لتحفيز إنتاج الأطعمة المغذية وتوريدها واستهلاكها، فإنها ستساهم في جعل النظم الغذائية الصحية أقل تكلفة وميسورة أكثر، وأكثر إنصافا للجميع.

ودعا التقرير الحكومات إلى بذل المزيد من الجهود لتقليل الحواجز التجارية، مما سيساعد على خفض أسعار الأطعمة المغذية، مثل الفاكهة والخضراوات والبقول.

 

"أكثر من ستة ملايين شخص في سريلانكا يعانون من انعدام الأمن الغذائي"

وفي أحدث تقييم للغذاء في سريلانكا، قال برنامج الأغذية العالمي إن أكثر من ستة ملايين شخص في سريلانكا يعانون من انعدام الأمن الغذائي حيث لا يزال السكان يكابدون وطأة الأزمتين الاقتصادية والغذائية.

وقال البرنامج أن ثلاث من بين كل 10 أسر في سريلانكا تعاني من انعدام الأمن الغذائي، منها 65.600 تعاني من انعدام شديد في الأمن الغذائي.

وأدت الزيادة الحادة في أسعار المواد الغذائية إلى شل قدرة السكان على الوصول إلى طعام كافٍ ومغذٍ، مع ارتفاع معدلات تضخم أسعار المواد الغذائية بشكل مثير للقلق عند 57.4% الشهر الماضي.

وقال برنامج الأغذية العالمي إن غالبية الأسر التي قام بتقييمها تلجأ بانتظام إلى استراتيجيات للتأقلم قائمة على الغذاء، مثل تناول طعام أقل تفضيلا وأقل تغذية؛ وتقليل كمية الطعام؛ مشيراً إلى أن أسرتين من بين كل خمس عائلات لا تستهلكان وجبات غذائية كافية.

وتستخدم حوالي 200 ألف أسرة استراتيجيات تكيف طارئة لسبل عيشها ومن المرجح أن يؤثر هذا بشدة على أنشطتها المدرة للدخل على المدى المتوسط والمدى البعيد، ويتوقع برنامج الأغذية العالمي أن يتجه المزيد من الناس إلى هذه الاستراتيجيات مع تفاقم الأزمة، فقد بلغ معدل التضخم الرئيسي في حزيران/يونيو الفائت 45.6% وهي الأعلى منذ عام 1954.

وقال برنامج الأغذية العالمي إن استجابته للأزمة مستمرة في البلاد، بدءاً من العاصمة كولومبو، مؤكداً عزمه لدعم ثلاثة ملايين شخص ضعيف من حزيران/يونيو حتى نهاية العام.

وشدد البرنامج أنه سيعطي الأولوية للعائلات التي تتوانى قدراتها الشرائية، وخاصة تلك التي تضم أطفالاً دون سن الخامسة، والنساء الحوامل والمرضعات، والأشخاص ذوي الإعاقة، وسيتم تقديم هذا الدعم من خلال مساعدات الغذاء العينية والتحويلات النقدية والوجبات المدرسية والدعم التغذوي.