"إعلان الرباط" أبرز مخرجات مؤتمر الأممية الاشتراكية
اختتم مؤتمر الأممية الاشتراكية في المغرب باعتماد "إعلان الرباط" الذي أكد على دعم الديمقراطية والمساواة والتنمية المستدامة، وتعزيز السلم الدولي والدعوة إلى مواجهة اليمين المتطرف واحترام أمن الدول.
حنان حارت
المغرب ـ اعتمد مؤتمر الأممية الاشتراكية الذي انطلق خلال اليومين الماضيين، "إعلان الرباط" الذي يدعو إلى اعتماد دستور جديد في سوريا يضمن الاستقرار بعيداً عن التدخلات الخارجية، كما تم الإعلان عن التضامن مع غزة والدعوة إلى حل الدولتين.
جاءت مداخلات الوفد الفلسطيني في إطار القضية الفلسطينية خلال ختامية مؤتمر الأممية الاشتراكية، حيث تم التأكيد على أن الحرب في غزة تعد واحدة من أطول الصراعات السياسية والإنسانية، في دعوة للمجتمع الدولي للاعتراف بالدولة الفلسطينية ودعم حقوق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم المستقلة.
وعلى هامش المؤتمر، تحدثت سلمى صباح الدين عضو إدارة العلاقات الدولية بجبهة النضال الشعبي الفلسطيني، عن وضع المرأة الفلسطينية خاصة في ظل حرب غزة "المرأة الفلسطينية تعاني منذ عقود من اضطهاد وانتهاكات القوات الإسرائيلية وتتعرض لعنف مضاعف بسبب الضغوط الاجتماعية والحرب".
وأوضحت أنه حتى ما بعد الحرب أصبحت الظروف في غزة لا تطاق؛ فالدمار الذي لحق بالقطاع نتيجة القصف المتواصل أدى إلى مضاعفة معاناة النساء والأطفال.
ولفتت إلى أن الوفد الفلسطيني أوصل صوت النساء الفلسطينيات والشعب الفلسطيني خلال مؤتمر الأممية الاشتراكية الذي احتضنه المغرب "إن أهمية تسجيل حضورنا ووجودنا هو التعبير عن إدانتنا لجميع أشكال العنف الذي تتعرض له الفلسطينيات سواء أثناء الحرب أو بسبب العادات والتقاليد الاجتماعية التي تكرس النظام الأبوي في هذه المجتمعات".
وقالت إن الاجتماع كان أيضاً فرصة لنقل معاناة المدنيين في غزة والضفة الغربية، والدعوة للاعتراف بعضوية كاملة لفلسطين في الأمم المتحدة، إلى جانب المطالبة بتنفيذ الحكم بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي لتسببه في عمليات قتل ودمار في غزة والضفة الغربية.
ونددت سلمى صباح الدين بالصمت الدولي إزاء ما يجري في فلسطين خلال هذه الفترة "المظلمة" من تاريخ الشعب الفلسطيني "لابد من أن يكون لنا مشاركة في المحافل الدولية من أجل طرح ومناقشة القضايا المتعلقة بالشعب الفلسطيني، لأنه يتعرض لإبادة جماعية".
أما التغير المناخي وأثره على النساء الليبيات، فقد كان من بين المواضيع التي تم التطرق لها في مؤتمر الأممية الاشتراكية، وهي التغيرات المناخية وأثرها على الشعوب وخاصة النساء، وفي هذا الصدد أكدت ردوة الفارسي نائبة رئيس حركة مستقبل ليبيا، أنه تم التركيز في مداخلة الوفد الليبي على أهمية إشراك المرأة في عمليات بناء السلام والتنمية وتواجدها على طاولة الحوار، "تناولنا وضعيات النساء في أنحاء العالم خاصة اللواتي في مناطق الصراع وأيضاً الدول التي تأثرت بالتغيرات المناخية والكوارث الطبيعية، وما لذلك من تأثير كبير على الحياة، خاصة الكوارث التي عرفتها أفريقيا، وتلك التي خلفت خسائر بشرية ومادية جسيمة وفادحة".
وأوضحت أنه على مستوى ليبيا تطرقت في مداخلتها إلى التغيرات المناخية وآثارها المباشرة في إعصار دانييل الذي تسبب في هلاك مدينة بأكملها وغرق سكانها، لافتةً إلى المعاناة الكبيرة التي تتكبدها المرأة الليبية جراء التغيرات المناخية كونها الحلقة الأضعف في المجتمع، مؤكدةً على دور الليبيات في تدبير أمورهن في ظل مثل هذه الكوارث.
كما اعتبرت عضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني لولا عبد الكريم صالح، أن المؤتمر فرصة للحديث عن معاناة اليمنيات "اليمن تشهد حرباً داخلية بأياد خارجية منذ أكثر من عشر سنوات، كما أن وضع النساء لا يختلف عن وضع البلد المتردي".
وأضافت "النساء مع الأسف هن الحلقة الأضعف في هذه الحرب، فهي تطالهن بانتهاكاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية"، مفسرةً ذلك بأن النساء تعانين من وضع اقتصادي مترد أصلاً، فالحالة المعيشية ألقت بظلالها على المرأة اليمنية التي أصبحت تحمل مسؤولية أسرتها.
ولفتت إلى أن التدهور الذي يعانيه القطاع الصحي أيضاً أرخى بظلاله على النساء في المجتمع اليمني "هناك يمنيات مريضات لا يتوفر العلاج لهن، كما أنهن لا تملكن القدرة أو الإمكانيات للوصول إلى المراكز الصحية لكونهن حوامل أو على وشك الولادة، فمنهن من تفارق الحياة خلال المخاض".
وذكرت لولا عبد الكريم صالح بأن الوضع في اليمن ينبئ بكارثة صحية، وذلك نتيجة انتشار الأمراض التي كانت موجودة قبل 20 عاماً، والتي عادت للظهور نتيجة الحرب والظروف المعيشية التي يعيشها الناس، لافتةً إلى أن المرأة اليمنية تعاني من انتهاكات عديدة تحد من حريتها في التنقل "هناك قرارات صدرت خاصة في مناطق سيطرة الحوثيين بمنع النساء من السفر إلا بحصولهن على إذن من ولي الأمر، وللأسف النساء اللواتي ليس لديهن ولي أمر منعن من السفر، حتى لو كن مضطرات لذلك من أجل العلاج".
وأشارت إلى أنه هناك انتهاكات أخرى تطال النساء في حريتهن "هناك الكثيرات اعتقلن وأخفين قسراً بسبب حديثهن على مواقع التواصل الاجتماعي عن الوضع المعيشي في المنطقة التي يسيطر عليها الحوثيين"، مشيرةً إلى أن المعتقلات تتعرضن لمعاملة سيئة في السجون، فهناك حالات اغتصاب وتعذيب واختفاء قسري، حتى إنه لم يتم الكشف عن مصيرهن أو أماكن احتجازهن.
إن اليمنيات تعانين الأمرين بسبب التغيرات المناخية كما أوضحت لولا عبد الكريم صالح "معروف عن اليمن أنها منطقة زراعية وأغلب الأهالي يعتمدون على المحاصيل الزراعية للحصول على مصدر دخلهم، كما أن نضوب المياه يدفع النساء للانتقال من منطقة إلى أخرى لجلب المياه وهذا يعرضهن لمخاطر الاختطاف والاغتصاب والتحرش".
وحول ظاهرة العنف الرقمي التي تطال اليمنيات قالت لولا عبد الكريم صالح "لا يوجد في اليمن قانون يعاقب على الجرائم الإلكترونية، وهذا ما أدى إلى ازدياد حالات الابتزاز الإلكتروني ضد النساء الذي يؤدي إلى انتحارهن خوفاً من الوصم، ويتم التستر على خبر الوفاة من قبل الأهل، حتى لا يصل الأمر للشرطة، وذلك لأن المجتمع اليمني محافظ"، لافتةً إلى أن ضعف تعامل الشرطة مع مثل هذه القضايا أدى إلى انتشارها بشكل كبير.
أما عن مدى حضور النساء في المشهد السياسي قالت "للأسف الحكومة لا تدعم مشاركة المرأة، فرغم إصدار قرارات بتعيين النساء لكنها تظل قرارات شكلية، بحيث تعين المرأة في مناصب دون أية صلاحيات أو قرارات".
وعن تقييمها لعمل الحركات النسوية اليمنية أشارت إلى إنه خلال العشر سنوات الأخيرة تشهد اليمن ركوداً في عمل الحركة النسوية "بعد الإنجازات الكبيرة التي كانت قد حققتها المرأة اليمنية خلال الفترات السابقة نلاحظ اليوم هناك تراجع كبير بسبب القيود والتحديات التي ذكرت سابقاً، فهذه العوامل أدت إلى ضعف الحركة وتراجع نضالاتها".
وحول أهمية التشبيك والتنسيق مع الحركات النسائية في المنطقة قالت لولا عبد الكريم صالح "يمكن أن يؤدي ذلك إلى تسليط الضوء على معاناة النساء بشكل واضح وأقوى كما يؤدي إلى تطور إيجابي وتحرك حكومي فعال لدعم اليمنيات وإبراز قضاياهن، حتى يكون هناك تحرك دولي لدعم اليمنيين واليمنيات".
وفي ختام حديثها قالت "أتمنى من المجتمع الدولي ألا يكيل بمكيالين في تناوله للقضايا، فالوضع في اليمن سيء ويزداد سوءاً وكل يوم تتشعب القضايا الداخلية وتتطور خاصة مع وجود الهجمات الإسرائيلية، وهذا ينعكس كله على أوضاع النساء، لذلك نتمنى أن يكون هناك تسليط إعلامي أقوى يظهر المعاناة والانتهاكات الموجودة في اليمن".