الاحتجاجات الإيرانية تدخل أسبوعها الرابع مع تضامن دولي وعالمي واسع

تستمر الاحتجاجات التي اندلعت بعد مقتل مهسا أميني، مع تضامن عالمي كبير، ومطالب بفرض عقوبات على النظام الإيراني بسبب القمع الشديد الذي يتعرض له المتظاهرين.

مركز الأخبار ـ دخلت الاحتجاجات في إيران، اليوم الخميس 6تشرين الأول/أكتوبر، أسبوعها الرابع، وشملت أغلب مدن إيران وشمال كردستان، مع اتساع موجة القمع والضرب إزاء المتظاهرين، وازدياد الدعم العالمي والتضامن مع المحتجين بترديد شعار "Jin jiyan azadî".

خرجت تظاهرات ليلية أمس الأربعاء 6تشرين الأول/أكتوبر، في عدد من المدن الإيرانية، وخاصة في العاصمة طهران وشيراز، وجزيرة كيش، بالإضافة إلى بلوشستان وسنه، فيما أضرم المتظاهرون النار في إعلانات تحمل صورة للمرشد علي خامنئي في الأهواز.

واشتعلت الاحتجاجات في شوارع "كيش" الوجهة السياحية الأولى في إيران، وهتف المحتجون بشعار الموت للديكتاتور من فوق الأسطح والشرفات وعبر نوافذ المنازل في مختلف شوارع طهران، وأغلقت الطرق الرئيسية لمدينة كرات سرباز في بلوشستان مع تجدد الاحتجاجات الليلية.

ومع مرور حوالي 3 أسابيع على الاحتجاجات الشعبية في إيران ورد الفعل العالمية والشخصيات الفنية الشهيرة وخاصة الممثلين والشخصيات السياسية لمختلف البلدان، لم تتخذ أي حكومة أي إجراء للدفاع عن الشعب الإيراني. هذا على الرغم من أن العديد من الممثلين والنشطاء السياسيين وخاصة أعضاء الحكومات في جميع أنحاء العالم طالبوا بدعم الشعب الإيراني، لكن الحكومات التزمت الصمت أو اقتصرت على إصدار البيانات والشعار الشهير "إدانة".

وكتب ولي عهد إيران السابق رضا بهلوي في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر "تقارير عديدة تتحدث عن انتشار الإضرابات من القطاعات الثقافية والتعليمية إلى القطاعات الخدمية والتجارية. هذه خطوة في الاتجاه الصحيح. الإضرابات العامة بجانب الاحتجاجات ستهزم النظام الإيراني".

كما أعلنت الجبهة الوطنية الإيرانية، من خلال نشر بيان تعليقاً على احتجاجات الشعب الإيراني، أن أفعال النظام تسببت في هذا الإضراب والانتفاضة الشعبية في المجتمع، والمسؤولية الأولى لظهور هذا الانفجار الاجتماعي، مثل كل الثورات، هو النظام.

وأدان البيان معاملة النظام العنيفة للمتظاهرين، واصفا إياها بالكراهية، وكتب أن قمع الشعب لا يؤدي إلا إلى زيادة حجم الاحتجاج وانتشار العنف.

 

تعرض المعتقلات لانتهاكات واسعة

وبحسب بعض التقارير التي حصلت عليها الوسائل الإعلامية، تعرّضت المعتقلات خلال الاحتجاجات الشعبية لانتهاكات واسعة ومختلفة من قبل عناصر الأمن، من بينها تجريدهن من ملابسهن أمام كاميرات المراقبة أثناء التفتيش، كما قام عناصر الأمن أيضاً باستخدام المحادثات الخاصة لأشخاص على مواقع التواصل الاجتماعي مع آخرين واستخدامها كدليل على جرائم ضد المعتقلين.

وأوضحت التقارير أن عناصر الأمن طالبوا المعتقلات اللواتي تم اقتيادهن إلى المعتقل خلع ملابسهن بالكامل، وتم إخضاعهن للتفتيش الجسدي الكامل. وتم هذا الإجراء عند باب غرفة التفتيش وأمام الكاميرا.

كما قام عناصر الأمن بجر عدد من النساء على الأرض أثناء اعتقالهن، بطريقة تم فيها نزع جزء كبير من شعرهن.

 

"النظام الإيراني يستغل الأطفال الفقراء في قمع المتظاهرين"

بعد نشر صور لأطفال تقل أعمارهم عن 18 عاماً يرتدون القبعات والهراوات في بعض شوارع طهران لقمع المتظاهرين ضد وفاة مهسا أميني على يد شرطة الأخلاق، أوضح مئات من أعضاء وأنصار جمعية "الإمام علي" الخيرية في بيان إن النظام الإيراني استغل عدداً من الأطفال الفقراء ل ـ"قمع" المتظاهرين في شوارع إيران مقابل إعطائهم "عدة أكياس طعام".

ونوه البيان إلى أنه "نسمع من بعض الأطفال أن النظام دعا أصدقاءهم وزملاءهم إلى الشوارع لقمع أبناء بلدهم، ليس للدفاع عن الحق، بل للدفاع عن الظلم".

وانتقد الموقعون على البيان بشدة حقيقة أن النظام الإيراني "يزرع بذور الكراهية في قلوب الأطفال بدلاً من الحب والصداقة".

وأضاف البيان أن النظام الإيراني وبدلاً من "تعليم السلام والصداقة للأطفال، وضع القبعات على رؤوسهم والهراوات في أيديهم، في أكثر المشاهد عنفاً".

 

تضامن مع الاحتجاجات بقص الشعر

نوقش في البرلمان الأوروبي استياء واحتجاجات الشعب الإيراني. ورددوا شعار "Jin jiyan azadî"، احتجاجاً على مقتل مهسا أميني وتأييداً لاحتجاجات إيران وشرق كردستان، وقصت النائبة الليبرالية عبير السهلاني شعرها أمام النواب وقالت "إنها تريد أن تظهر أن أصوات النساء مسموعة هناك رغم بعدهن".

وأوضحت عبير السهلاني "شجاعة المرأة الإيرانية مستمرة منذ ثلاثة أسابيع. الكردية والفارسية والأذرية وجميع الإيرانيات على استعداد للتضحية بأرواحهن من أجل الحرية. من الضروري ألا تلتزم دول الاتحاد الأوروبي بالصمت وتتخذ إجراءات. وإلا ستزداد مشاكل المرأة فيما يتعلق بهذا الاضطهاد".

وتحدثت عن أوضاع المرأة في إيران وشرق كردستان المقهورات والمضطهدات، وطالبت الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة باتخاذ موقف.

وأطلقت نجمات فرنسيات أمس الأربعاء 5تشرين الأول/أكتوبر مبادرة لدعم الإيرانيات في ظل الاحتجاجات التي تشهدها إيران منذ وفاة الشابة مهسا أميني. وقصت العديد من الممثلات والمغنيات شعرهن تعبيراً عن تضامنهن مع هذه التحركات الاحتجاجية، كما دعا نحو ألف شخص من شخصيات الفن السابع في فرنسا إلى "دعم انتفاضة النساء في إيران".

وعلى وقع أغنية "بيلا تشاو" بالفارسي، قصت هؤلاء النجمات، منهن البلجيكية أنجيل والبريطانيتان الناطقتان بالفرنسية شارلوت رامبلينغ وجاين بيركين، خصلات من شعرهن أمام الكاميرا، وأعادت بذلك أحد رموز الانتفاضة الحالية في إيران.

وقالت النجمات إن "الإيرانيين وفي مقدمهم النساء، يتظاهرون مخاطرين بحياتهم. هؤلاء الناس يأملون فقط في الحصول على الحريات الأساسية. هؤلاء النساء والرجال يريدون منا دعماً".

كما دعمت حوالي 650 شخصية ثقافية وفنية ألمانية انتفاضة الشعب الإيراني ونشروا رسالة موجهة إلى الشعب الإيراني "الإيرانيون يستحقون التضامن لأنهم لا يملكون سوى أجسادهم وأصواتهم".

وأضافت الرسالة "الأشخاص الذين يشاركون في الاحتجاجات والإضرابات في إيران يحتاجون الآن إلى تضامن دولي واهتمام إعلامي. والأهم أنهم بحاجة إلى دعم سياسي لجعل أصواتهم مسموعة".

 

قتل شابة خلال الاحتجاجات

نيكا شاكرمي شابة تبلغ من العمر 16 عاماً اختطفتها قوات الأمن خلال الاحتجاجات العامة في 20أيلول/سبتمبر، وبعد 8 أيام تم تسليم جثتها للأسرة.

حاولت القوات الأمنية الإيرانية خلال الأيام الماضية إنكار مقتل النظام لنيكا شاكرامي وجعلها تبدو وكأنها جريمة قتل عادية مثل الجرائم الأخرى التي تحدث كل يوم بسبب الاحتجاجات.

لكن آخر الأخبار المنشورة حول تفاصيل وفاتها تظهر أنها كانت جريمة قتل من قبل النظام، ووفقاً لتقارير تعرضت نيكا شاكرامي مراراً وتكراراً للاعتداء والتعذيب قبل وفاتها. كسرت عظام وجهها. كما تمت سرقة أعضاء من جسدها.

وتتعرض عائلة نيكا شاكرمي لضغوط وتهديدات أمنية لإجبارها على الاعتراف بطريقة وفاة ابنتها وفق الرواية الأمنية.

وتم تهديد أقارب نيكا شاكرمي للتأكيد في مقابلة مع وسائل الإعلام الحكومية أنها لم تشارك في المظاهرة، وسقطت من أعلى مبنى؛ وإلا فإن خالتها آتش شاكرمي وخالها سيكونان ضحيتين أيضاً.

من ناحية أخرى، تم اعتقال عطاش شاكرمي، عمها منذ أربعة أيام ولا توجد أخبار عنه. وتحدثت مصادر عن اعتقال عم نيكا محسن شاكرمي خلال جنازتها.

وأعلن المدعي العام في طهران، علي صالحي، مساء الاثنين 3 تشرين الأول/أكتوبر، أنه تم رفع دعوى قضائية أمام النيابة الجنائية للتحقيق في سبب وفاة نيكا شاكرمي، وقال "صدر أمر بالتحقيق في القضية، ويجري اتخاذ التدابير اللازمة في هذا الصدد".

وزعمت وسائل إعلام النظام أن نيكا شاكرمي قرعت جرس باب منزل في شارع "لبافي"، مفترق طرق "أمير أكرم" في منطقة "انقلاب" في الساعة 10:00 مساءً يوم 20 أيلول/سبتمبر ودخلت المبنى بعد فتح الباب. وفي 21 أيلول تم إبلاغ الشرطة بوجود جثة هذه الفتاة في الفناء الخلفي لهذا المنزل.

 

تضامن أكثر من 120 من الحائزين على جائزة نوبل مع الاحتجاجات

استمراراً لتضامن ودعم شخصيات بارزة في العالم لانتفاضة الشعب الإيراني ضد النظام الديكتاتوري، وأعلن أكثر من 120 من حائزي جائزة نوبل في مختلف المجالات، من خلال التوقيع على رسالة، أنهم يدعمون الإجراءات الشجاعة للشعب الإيراني، وينضمون إليه في النضال من أجل تحقيق العدالة والحرية وحقوق الإنسان.

كما ندد الموقعون على هذه الرسالة، وعددهم 124، من حائزي جائزة نوبل، بالعنف الذي تمارسه قوات الأمن الإيرانية ضد النساء والمتظاهرين.

وقالت المحامية الإيرانية شيرين عبادي (أول إيرانية تفوز بجائزة نوبل للسلام) "ندين هذه الأعمال الوحشية ضد النساء والمتظاهرين في إيران".

وأضاف الحائزون على جائزة نوبل في رسالتهم "بصفتنا حائزين على جائزة نوبل، نضيف أصواتنا إلى الإدانة العالمية للأعمال التي أدت إلى مقتل مهسا أميني وقمع دوريات شرطة الأخلاق الإيرانية التي تفرض الحجاب الإجباري".

كما طالب الموقعون على الرسالة بإلغاء جميع القوانين التمييزية ضد المرأة ووضع حد للعنف الحكومي ضد المتظاهرين.

وطالبوا بالإفراج عن المعتقلين وإجراء تحقيق شفاف ومستقل في تعامل شرطة الأخلاق مع مهسا أميني.

كما طلب الحائزون على جائزة نوبل من المجتمع الدولي دعم الشعب الإيراني وتحميل نظام طهران المسؤولية عن التزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان.

 

تعطل القنوات التلفزيونية

تشير التقارير إلى أن بث عدد كبير من القنوات التلفزيونية والإذاعية التابعة للنظام الإيراني على القمر الصناعي "إنتل سات" قد تعطل بسبب قرصنة الكترونية.

وأفادت مواقع الويب التي ترصد حالة ترددات الأقمار الصناعية، أن ترددات 11554 على قمر إنتل سات الصناعي، ويحمل 48 قناة تلفزيونية وإذاعية تابعة لإيران، تعرضت للتعطيل مساء الأربعاء.

كما أعلن عدد من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، الأربعاء، عن انقطاع لعدد من قنوات تلفزيون النظام الإيراني في بعض مناطق البلاد.

تستخدم مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية الأقمار الصناعية الدولية، بما في ذلك قمر "إنتل سات" لتوصيل تردداتها التلفزيونية والإذاعية إلى مناطق مختلفة من إيران.

وأعلنت إحدى مجموعات الهاكرز المعروفة باسم "Anonymous"، مسؤوليتها عن إرسال التشويش على موجات الراديو والتلفزيون الإيرانية، وقالت إنها ستقوم بالتشويش على القنوات التابعة للنظام الإيراني حتى تمتنع طهران من التشويش على القنوات الفضائية الناطقة باللغة الفارسية.